وفد من ندوة الثقافة والعلوم يقف على مواقعها في الشارقة وأم القيوين

مليحة والدور.. آثارموغلة في التاريخ

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قام أعضاء ندوة الثقافة والعلوم بدبي، مؤخراً، برحلة ثقافية ميدانية إلى بعض المواقع الأثرية في الدولة، اطلعوا خلالها على بعض المواقع التاريخية في منطقتي مليحة بإمارة الشارقة، والدور في إمارة أم القيوين.

ضمت الرحلة الثقافية الميدانية أعضاء ندوة الثقافة والعلوم، وفي مقدمتهم معالي محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، وبلال البدور وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، والدكتور صلاح القاسم مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون.

آثار موغلة في القدم

وقال معالي محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي: «تحفل الإمارات بآثار موغلة بالقدم، تعود إلى آلاف السنين، بعضها يعود إلى الألف الثالثة والألف الثانية قبل الميلاد، كما يعود تاريخها إلى المرحلة اليونانية، وإلى المرحلة البيزنطية، وبدايات المرحلة الإسلامية».

مضيفاً «أن هذه الآثار متفرقة على مختلف بقاع الدولة وتحصل في بعض أنحاء الإمارات على رعاية وعناية من قبل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، ونأمل أن تحظى بقية المواقع على نفس الرعاية»، ودعا إلى تعريف الأجيال الجديدة بهذه الآثار من خلال المناهج الدراسية والبرامج الإعلامية من خلال تنظيم الزيارات الميدانية لهذه المواقع لربط النشء الجديد بتاريخه وتراثه، مؤكداً «نأمل أن تتزايد عمل الفرق الدولية الآركولوجية في مسحها وتنقيبها في دراستها للآثار وإشراك الكوادر الوطنية فيها»، كما دعا إلى تطوير الخدمات المتحفية لعرض هذه الآثار للجمهور.

حصن مليحة الأثري

وقد قام عيسى يوسف مراقب المسح والتنقيبات الأثرية بإدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، بمرافقة الوفد إلى حصن مليحة الأثري، حيث قدم شرحاً مفصلاً عن الحصن، الذي اكتُشف في العام 1990.

بعد أن قامت البعثة الأثرية الفرنسية بإجراء عدة حملات تنقيبية حتى العام 1999، ويذكر بأن القسم الأكبر من المبنى كان مختفياً تحت طريق الذيد/ المدام، ولذلك أمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتغيير مسار الطريق إلى جهة أخرى لتسهيل مهمة التنقيب واستكشاف جميع مرافق المبنى، ويتكون الحصن من ثمانية أبراج. وتحدث عيسى يوسف مراقب الآثار والتنقيبات عن أهم المكتشفات في مرافق الحصن.

حيث تم العثور على 3 أجزاء من قوالب صك العملة، ما قد يضيف بعداً سياسياً واقتصادياً للحصن ومركزاً للقوة والنفوذ، وكذلك العثور على مجموعة من المجوهرات وأوعية مصنوعة من حجر الكلورايت، وكسر زجاجية ومباخر ولقى مصنوعة من البرونز والحديد وأنواع مختلفة من الفخاريات، وأوان فخارية مستوردة من وادي الرافدين والهند وباكستان ومن شرق افريقيا، ما يشير إلى أنها كانت منطقة مزدهرة بالصناعة والتجارة.

مدفن أم النار

كما تم زيارة مدفن أم النار، في مليحة، الذي سميت بهذا الاسم نسبة إلى مدافن أم النار بأبوظبي، وهو مدفن دائري الشكل مبني فوق سطح الأرض، له جدار خارجي يتكون من أحجار مصفوفة ومنحوتة، حيث كان الموتى يدفنون فيه بشكل فردي أو جماعي إلى جانب ممتلكاتهم الثمينة.

تم اكتشاف القبر من قبل البعثة الأثرية المحلية التابعة لإدارة الآثار في الشارقة في العام 1988 داخل إحدى مزارع النخيل، وقد شيد وفق الطراز المعمول به خلال فترة أم النار، وكان مخصصاً لأغراض الدفن الجماعي، ويتكون من بناء دائري يبلغ قطره 12.85 متراً، وهو بذلك يعتبر ثاني أكبر قبور فترة أم النار بعد قبر شمل الذي يقاس قطره بـ 14 متراً، شيد على أساس دائري الشكل من حجارة غير منتظمة، وقد تم العثور في داخل حجر الدفن على بقايا عظمية ومجموعة من لقى أثرية تحمل الصفات المألوفة لفترة أم النار مثل الأواني الفخارية المصنوعة من الفخار ذي اللون الرمادي المحزز المستورد، وأوعية حجرية مزخرفة وسكاكين برونزية ورؤوس رماح وحلي زينة شخصية.

جبل بحيص

واطلع وفد الثقافة والعلوم على بعض المواقع الأثرية التي تقع في جبل بحيص، الذي يعود تاريخه إلى العصر الحجري، حيث تحدث عيسى يوسف عن المنطقة وعن سكانها الذين اعتمدوا حرفة الرعي والصيد والأدوات التي كانت تستخدم في تلك الفترة، وتحدث عن اكتشاف كمية من خرز الحلي والأصداف والعظام وأدوات الزينة، ولفت إلى أنه تم العثور على 64 خرزة لؤلؤ مثقوبة، والتي تعتبر حبات اللؤلؤ الأقدم في العالم، كما تحدث عن فترة الازدهار التي عاشتها المنطقة.

حيث تم اكتشاف أدوات لتجبير العظام وأدوات لثقب الجمجمة لاستئصال الأورام في الدماغ، كما في بعض الجماجم البشرية، إضافة إلى العلاقات التجارية بين المنطقة وبين البلدان الأخرى والعملات النقدية آنذاك، والمعتقدات الدينية القديمة وعادات الدفن عند سكان المنطقة.

 

دعوة للتوثيق وإبراز المواقع الأثرية والتعريف بها

قال سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم: «إن هذه الزيارة كانت مطروحة في ندوة الثقافة والعلوم، وتم التعرف من خلال هذه الرحلة الميدانية على تاريخ منطقة مليحة وموقع الدور، اللذين يعدان من المواقع الأثرية المهمة في دولة الإمارات»، ودعا إلى العمل على توثيق جميع المواقع التراثية في الدولة وإبرازها وتعريف الجمهور وطلبة المدارس والجامعات بها نظرا لأهميتها ومكانتها التاريخية.

حيث قال: «للإمارات تاريخ ضارب في القِدم، ويجب تسليط الضوء على هذا التاريخ وإبرازه ووضعه على اللائحة العالمية بحيث تكون دعاية لدولة الإمارات على المستوى الحضاري والثقافي والعلمي».

كما أكد في حديثه على أهمية دور النخبة المثقفة من خلال هذه الرحلات الميدانية لدورهم في تعزيز دفة الثقافة وصون الذاكرة الحضارية، وتشجيع طلبة المدارس والجامعات وحث القائمين على التعليم في الدولة على تنظيم زيارات ميدانية للمواقع الأثرية للتعرف على تاريخها وحضارتها والاحتكاك بالمتخصصين في المواقع الأثرية للاطلاع والتعرف عليها عن قرب، كما أعرب عن شكره للجهود التي تقوم بها حكومة دولة الإمارات وحكومة الشارقة وحكومة أم القيوين في العناية والاهتمام بالآثار، وكل ما من شأنه الارتقاء بالحراك الثقافي في الدولة، وقد أشار السويدي إلى زيارات مرتقبة ستقوم بها ندوة الثقافة والعلوم مستقبلاً في أماكن مختلفة من الدولة.

وفد الندوة

ضم الوفد أعضاء ندوة الثقافة والعلوم، إلى جانب معالي محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، وبلال البدور وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، والدكتور صلاح القاسم مستشار هيئة دبي للثقافة والفنون، وكلاً من: الدكتور عبدالخالق عبدالله، والدكتور جمال البح، محمد بطي العبدولي، وعبدالله جاسم المطيري، وحمد الغرير، وجمال الغرير، ومحمد الغرير، وعبدالرزاق العبدالله، وعلي شهيل، وسالم سيف، وأحمد محمد المر.

 

«الفاية» يحوي آثاراً تعود إلى 125 ألف سنة

وقف وفد ندوة الثقافة والعلوم على موقع جبل الفاية بإمارة الشارقة، واطلع على مكانته التاريخية، حيث يعود إلى 125 ألف سنة، إذ تم اكتشاف أدوات تدل على الهجرة البشرية من قارة أفريقيا في الأزمنة القديمة، واستقرارها لفترة في المنطقة قبل مواصلة مسيرها باتجاه الشرق، معبراً عن أهمية هذا الاكتشاف الذي جعل العديد من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث تتناوله بشكل موسع، كما تحدثت عنه أكثر من 700 مجلة متخصصة في الآثار.

 

جولة في معرض السيارات القديمة

قام الوفد بزيارة إلى معرض السيارات الكلاسيكية التي يمتلكها المواطن خليفة الغفلي في منطقة فلج المعلا في إمارة أم القيوين، اطلعوا خلالها على عدد من السيارات القديمة التي كانت تستخدم قديما في الإمارات، وقد قام الغفلي بتقديم نبذة عن المعرض التراثي، الذي يضم أسطولاً من السيارات الكلاسيكية يبلغ 200 سيارة. كما استضاف الغفلي أعضاء ندوة الثقافة في خيمة عربية بمقر المعرض في جلسة اطلعوا فيها على عدد من الصور التراثية توثق تاريخ الإمارات.

 

موقع الدور الأثري

اختتم الوفد جولته الميدانية بزيارة موقع الدور الأثري الذي يقع في إمارة أم القيوين، حيث قام هاني عطية الآثاري في دائرة الآثار والتراث بأم القيوين بتقديم شرح مفصل عن المنطقة، وذكر بأن تاريخها يعود إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد وبداية القرن الأول الميلادي، وتحدث عن فريق التنقيب العراقي الذي نقب في المنطقة عام 1973، كما تحدث عن تنقيب البروفيسور ايرني هيرنك من جامعة غينث البلجيكية الذي وصف المبنى الموجود في المنطقة بـمعبد الإله السامي (الشمس) استناداً إلى الحوض المكتشف فيه ونقش اسم الشمس عليه باللغة الآرامية، كما تحدث عطية عن مذابح تقديم القرابين الثلاثة في الموقع.

Email