اختلاف الأدوات لايمس الحس الفني وروح الإبداع

الرسم التقليدي والرقمي في رؤى الرسامين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ظل المبدع هو القادر على ترسيخ الكون في خلق نهايات متعددة لأشكال وصور لا نهائية، وبقيت المفارقة هل التجديد في أدوات الرسم الحديث يسهم في تعزيز روح الفنان ورسالته في اللوحة، أم أنها تجرد اللوحة من إحساس الفنان الفعلي وتقاسيم انفعالاته وتجربته الشعورية؟ أم أنها مسألة مادية وأداة يستخدمها الفنان لا تمس جوهر الحس الفني للرسام؟ إنها تساؤلات متعددة يتبناها المتذوق للفن التشكيلي والرسم بأنواعه، فكيف يجيب عنها الفنانون؟ في تحقيق أجرته معهم (البيان) حول الفوارق بيت تجربة الرسم التقليدي وأداة الفرشاة واللون واللوحة الورقية، وتجربة الرسم الرقمي وجهاز الحاسب الآلي والقلم الإلكتروني والشاشة، اتفقوا أن اختلاف الأدوات لا يلغي العملية الفنية، فالمهم هو ذلك العمل الذي يلامس الروح ويحتفظ بحسه الفني مهما كانت الأدوات.

 

معاناة اللوحة

عبر الفنان التشكيلي محمد يوسف، عن وجهة نظره الخاصة، معتبراً الرسم التقليدي هو الأكثر التصاقاً بالروح والجسد، لأنه أكثر نقلاً لمعاناة الفنان الحقيقية مع اللوحة، حيث قال «إذا لم تتلمس أطراف أصابعك اللوحة، ونقلت بها معاناتك، فلن تكون لوحة فنية حقيقية». مبيناً أن الرقمي يعود إلى مفهوم الحاسب الآلي واستسهال في إنتاج العمل الفني، والذي لا يعتبره فناً بالمعنى الأصح. موضحاً أن الرسم الرقمي لخص الكثير من الفنانين، بعكس التقليدي الذي يتيح مساحة أكبر للتعبير، سواء على اللوحة الورقية أو الحجر أو الخشب وغيرها من المواد المختلفة. وقال يوسف إنه يعيش صداقة وعلاقة وجدانية مع أدواته قبل أن يرسم بها.

 

مسألة وقت

الفنان التشكيلي جلال لقمان، بوصفه أول فنان رقمي في الإمارات كما قال، أكد أن رسالة الفنان تصل إلى المتلقي والمتذوق للعمل مهما كانت الأداة المستخدمة في العمل، معبراً أن المسالة ترجع لمصداقية الفنان، وقدرته على التعبير عن مشاعره بصورة فنية صحيحة. ولفت أنه في موضوع فيزياء اللون المستخدم في الرقمي يمكن التحكم بها والتعامل معها بصورة حسية وحرفية وبنفس المستوى التقليدي، كما أضاف أن البرامج الرقمية تملك ما يزيد على 17 مليون لون وآلاف الفرش بأشكالها المختلفة، وتكون أحياناً غير موجوده في الألوان العادية، مبيناً أنه يستطيع تقنياً أن ينشف الألوان ويبللها بصورة سريعة وانسيابية. مؤكداً أنه عادة ما نخاف من الأشياء الحديثة كممارسة الفن عن طريق جهاز الحاسوب. ولكنها تبقى مسألة وقت، مع العلم أن هذا الفن في بلدان أخرى يملك متاحف خاصة، ويدرس ضمن أكاديميات معترف بها، إضافة إلى كونه يعرض في مزادات عالمية ويتنافس الأشخاص على اقتنائه.

 

المواد الخام

الفنان التشكيلي خليل عبدالواحد، يرى أن الفرق بين الفن التقليدي والحديث هي المواد الخام والأدوات المستخدمة في عمل اللوحة الفنية. مبيناً أنها مهما اختلفت فإنها لا تضر بالعمل الفني، بل تسهم في تطوير وتعدد توجهاته. مشيراً أن الفن الرقمي له مزايا عدة كاختصار الوقت والمجهود، واستخدام الأدوات المادية، ويكتفي فقط الرسام بطباعتها ويكون المتحكم بعدد النسخ منها. وقال عبدالواحد إنه يجب أن تكون هناك أسياسيات لدى الفنان في فكره وانطلاقته، ولكن لا ضرر من استخدام التكنولوجيا وتطويعها في خدمة مفهوم االعمل الفني. معتبراً أن الرسم الرقمي لا يعارض الفن التقليدي، بل يعتبر ضمن المدارس المتعددة في الفن، التي لها متتبعوها ومتذوقوها.

عالمين مختلفين

فيما يرى الفنان التشكيلي فريد محمد الريس، أنهما عالمان منفصلان ومختلفان، حيث اعتبر أن الفن التقليدي أقرب له من الفن الرقمي، وهذا لا يعني بأنه يلغي وجود الآخر، بل يرى بأهمية معرفته والتعامل معه. مبيناً أنه في مسألة التقنية والحرفية فإنه يؤمن باستخدام اليد وخلط الألوان حتى نكون قد حققنا قدر أعلى من البراعة في إنتاج اللوحة الفنية، وملامستها بصورة فعلية.

 

حق الاقتناء

الفنان التشكيلي سمير الكراد أثناء حديثه عن مصداقية الفن ومدى قربه للفنان باختلاف الأدوات المستخدمة فيه، بين أن تلمس اللوحة والفرشاة تمد العمل بروح الرسام وتعاريج أنفاسه على اللون والفكرة والخط. معللاً الاستخدام التقني بكونه يقدم العديد من الخيارات وسهولة انتقاء المواد، إلا أنه لا يزال يخضع لتعاليم الجهاز أكثر من خضوعه لمشاعر الفنان، وقال إنه يتعامل مع الورقة ويتفاعل معها بصورة أكبر من الشاشة. مؤكداً فكرة الملكية الفكرية، وحق الاقتناء للنسخة الأصلية التي تفتقد في الرسم الرقمي. وحول خلاف عامل الزمن الذي يقضيه الرسام في التقليدي والحديث يوضح الكراد أنه لا يحدد القيمة الفعلية للإنتاج الفني، لأن المدة الزمنية في الاشتغال عليها ليست هي التي تحدد قيمتها.

 

كبسة زر

 

الفنانة التشكيلية سمية السويدي، قالت إن الفنان هو من يخلق أي شيء من لا شيء، وبأي وسيلة كانت، مبينة أن الرسم الرقمي ليس كما يتوهم أغلب الناس بأنه مجرد كبسة زر على الجهاز يتم عن طريقها عمل كل شيء، بل على العكس يحتاج هذا الرسم إلى موازنات ودقة وإحساس الرسام باللوحة وتذوقه لها، كما قالت إن فناني «الديجتل» لديهم خيارات عدة في تحويل الصور وتركيبها وفق أنماط فنية عدة.

Email