تحتفي في عام التسامح بقائمة أفلام نوعية

السينما الكورية تنسج وشائج العلاقات الثقافية بالإمارات

■ أحد مشاهد فيلم «المهمة السرية» الذي عرض بمهرجان الأفلام الكورية 3 | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ 3 سنوات، والمركز الثقافي الكوري في الإمارات، يواظب على تنظيم مهرجان الأفلام الكورية، بالتعاون مع سفارة جمهورية كوريا في أبوظبي، إذ يحاول المركز من خلالها تخفيف حرارة الصيف اللاذعة، عبر جرعة سينمائية عالية الجودة، تحمل تواقيع مخرجين كوريين، بعضهم يتمتع بوزن ثقيل على خريطة صناعة السينما العالمية، وآخرون عملوا على تأسيس مكانة خاصة للسينما الكورية على الخريطة العالمية.

الدورة الثالثة من المهرجان، والتي ودعت الجمهور المحلي، مع نهاية الأسبوع الماضي، أطلت هذا العام، حاملة بين ثناياها «التسامح»، تلك القيمة التي تحتفي بها الإمارات العام الجاري، الذي خصصته بالكامل لهذه القيمة التي تعكس من خلالها الدولة الحب والسلام اللذان دأبت على تقديمهما للعالم.

افتتاح الدورة 3 من المهرجان، تم على وقع أحداث «الشاهد البريء» للمخرج لي هان، فيما أطل المهرجان حاملاً معه ثلة من الأعمال الكورية والإماراتية، التي وضعت جنباً إلى جنب، لتجسيد التسامح على الأرض، والانفتاح على الآخر، حيث جاءت دورة المهرجان هذا العام، احتفالاً بمرور 100 عام على حركة الاستقلال.

وإنشاء حكومة كوريا المؤقتة، لتعرض أفلاماً درامية ثقيلة الوزن، وأخرى تحمل بين مشاهدها أحداثاً تاريخية مقتبسة من حركة التاريخ الكوري، لتبدو السينما الكورية بفضل تنوع أعمالها وحكاياتها وتوجهاتها، أشبه بـ «قوة ناعمة» قادرة على نسج وشائج العلاقات الثقافية مع الآخر، وهي عين أخرى على المجتمع الكوري، تظهر تفاصيل ثقافته، وحياته اليوميه، وهمومه، وتاريخه الطويل، لتضعها تحت الشمس.

احتفاء

قوة الأفلام التي عرضها المهرجان في صالات «فوكس سينما» في «ياس مول» بأبوظبي، وشاركت في دعمها حملة السينما الإماراتية، فتحت العيون على تاريخ السينما الكورية، التي استطاعت في مايو الماضي، أن تحقق نصراً لافتاً في مهرجان كان السينمائي، بعد تتويج فيلم «باراسيت» للمخرج بونج جون، بالسعفة الذهبية.

وهو النبأ الذي لم يمر مرور الكرام على الجميع، لكونها المرة الأولى التي تحقق فيها السينما الكورية مثل هذا النصر، وهو ما رأى فيه النقاد، احتفاءً بإنتاجات السينما الكورية، التي أثبتت عبر السنين مدى ارتفاع مستوى جرأتها، وهو ما يثبته فيلم «باراسيت»، الذي يطرق بونج جون، من خلاله أبواب السياسة، عبر رصده لقصة عائلة فقيرة من فئة الطبقة الدنيا تحاول تحسين وضعها الاجتماعي عبر التسلل إلى أسرة غنية للعمل كخدم لديها، علماً بأن بونج جون، كان قد أطل قبل عامين على سجادة كان الحمراء، بفلميه «سنوبرغر»، و«أوكجا»، حيث الأخير كان مدعوماً من شبكة «نتفليكس».

ورغم أنها المرة الأولى التي تحقق فيه السينما الكورية، مثل هذا النصر، إلا أن بونج جون لم يكن المخرج الكوري الأول الذي يأخذ سينما بلاده نحو الأفق الدولي، فقد سبقه نحو المنصة الدولية مخرجين كثر، تمكنوا بعد عام 2000 من تأسيس مكانة لافتة للسينما الكورية على الخريطة العالمية.

جيل جديد

من يطالع أفلام السينما الكورية حالياً، لا يمكن له أن يتخيل مدى القفزة التي حققتها خلال العقدين الماضيين، مقارنة مع ما كانت تقدمه في ثمانينات القرن الماضي، حيث كانت لا تزال الصناعة تمشي «على مهل»، و«ببطء» شديدين، لم تكن معها قادرة على تحديد مكانتها على الخريطة الدولية، وهو ما تجاوزته بعد عام 2000.

حيث دعيت الكثير من الأعمال الكورية للمشاركة في مهرجانات السينما العالمية، واستطاعت أن تحقق فوزاً تلو الآخر، ووفق ما يشير إليه الناقد الكوري هوه مون-يونغ، في إحدى مقالاته، فقد «جذب جيل جديد من المخرجين الذين عرضوا بواكير إنتاجاتهم في النصف الأخير من عقد التسعينات، مثل هونغ سانغ-سو، وكيم كي-دوك، وبارك تشان-أوك، وبونغ جون-هو، أشخاصاً كثيرين من بين الجماهير الأجنبية»، لمشاهد الأعمال الكورية.

فيما يبين مون ـ يونغ، أن سياسات الحكومة لتشجيع الأفلام وصناعة السينما في كوريا، كانت من أبرز الأسباب التي دفعت السينما الكورية نحو الأمام، لتحقق بذلك نجاحات لافتة، بدليل «ضخامة الأرقام» التي تسجلها على شباك التذاكر، مبيناً أن نظام «الكوتا» الذي أقرته الحكومة الكورية، كان صارماً، حيث فرضت في 2006 على كل صالة سينما، أن تعرض أفلاماً كورية لمدة 73 يوماً على الأقل كل عام، إلى جانب تعدد مصادر الدعم لدى صناع الأفلام الكورية، مثل مجلس الأفلام الكورية، ولجان الأفلام الإقليمية، والحكومات المحلية، ومهرجانات الأفلام الدولية.

التغير الذي شهدته السينما الكورية مطلع القرن 21، أسهم في فتح العيون على صناع السينما الكورية، كما حدث مع المخرج ليم كون ـ تيك، الذي فاز في 2002 بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كان السينمائي، عن فيلمه «النار المرسومة»، وفي 2009 فاز بجائزة لجنة التحكيم عن فيلم «العطش»، كما فازت جون دو-يون بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «أشعة الشمس السرية» للمخرج «لي تشانغ - دونغ».

Email