رافقه منذ بدايته ويواصل الحضور

عرفان رشيد: المهرجان بيت السينما العربية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نجح مهرجان دبي السينمائي الدولي خلال عقده الأول، في إطلاق عنان الحراك السينمائي الذي يشهده الخليج حالياً، تحول معه المهرجان إلى وجهة لصناع السينما العالمية وبيتاً للسينما العربية، كما سماه الناقد السينمائي عرفان رشيد، مدير البرامج العربية في المهرجان، والذي أكد لـ«البيان» أن المهرجان شهد خلال عقده الأول ميلاد مئات الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية في الإمارات والخليج، مشيراً إلى أنه كان السبّاق في الدعم الإنتاجي لأفلام المخرجين الشباب.

يحتفظ عرفان رشيد بمعرفة جيدة بكواليس «دبي السينمائي»، فقد رافقه منذ بدايته وحتى الآن، وكان شاهداً على اختيار غالبية أفلام دوراته السابقة، ويرى أن «بلوغ المهرجان عامه العاشر وبالمستوى المتصاعد الذي ميّزه، فيه دليل واضح على أهميّة ونجاعة الفكرة التي أطلقت العنان لحراك سينمائي وثقافي كبير، حمل الإمارات لتحتل المرتبة الأولى في تسلسل أعداد المتفرجين الذين يشاهدون الأفلام في صالة سينمائية».

تقديرات رشيد تشير إلى أن المهرجان أحدث فارقاً على الساحة السينمائية المحلية والإقليمية والدولية، معتمداً بذلك على التصاعد المتواتر لعدد الأعمال السينمائية الإماراتية والخليجية والعربية، والمشاهدين، خلال المهرجان وطوال العام.

 وقال «ميلاد مئات الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية في الإمارات والخليج، وحضورها في المهرجانات العالمية مثل فينيسيا وبرلين ولوكارنو وساندانس، والجوائز التي حققتها بعضها مثل «سبيل» لخالد المحمود و«ميسّي بغداد» لساهيم عمر خليفة و«وجدة» لهيفاء المنصور، يبين لنا مقدار التغيير الإيجابي الذي أحدثه المهرجان خلال عقده الأول».

مساحة جيدة

قد تكون المساحة الجيدة التي منحها المهرجان للسينما العربية ودعمه لها، السبب الذي دعا رشيد لمنحه لقب «بيت السينما العربية»، إن لم يكن البيت الوحيد لها، مؤكداً أن «دبي السينمائي» هو الوحيد الذي يخصص خمساً من برامجه الأساسية لهذه السينما، ويمنحها 4 من جوائزه الأساسية، هي المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة، والمهر العربي للأفلام الروائية القصيرة، والمهر العربي للأفلام الوثائقية..

إضافة إلى المهر الإماراتي». وأضاف: «إذا أخذنا في الاعتبار غزارة ما يصلنا من أفلام، وصعوبة الاختيار من بينها للمسابقات والبرامج الأخرى، فمن الجائز اعتبار حضور فيلم ضمن برنامج «ليالٍ عربية» و«أفلام خليجية»، وهما من دون مسابقة، جائزة بحد ذاتها».

وكما يمثل المهرجان نافذة لعرض الأفلام العربية، فهو منفذ مهم لدعمها، وبحسب رشيد، فقد كان السبّاق إلى دعم أفلام المخرجين الشباب، والأقل شباباً أيضاً إنتاجياً، عبر إطلاقه جائزة ملتقى دبي السينمائي الدولي لدعم المشاريع السينمائية منذ مراحلها الأولى، ومن بعدها جائزة «أفلام قيد الإنجاز»، والتي تحوّلت منذ 3 سنوات إلى مشروع دعم تحت مسمى «إنجاز» تصل إسهاماته إلى نحو مليون درهم في العام..

وتمكن من دعم عدد كبير من الأفلام في مراحلها الإنتاجية الأخيرة، مشيراً إلى أن المهرجان أسهم في إيصال الفيلم العربي إلى مسابقات المهرجانات العالمية، كما فيلم «عمر» للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة «نظرة ما» بدورة مهرجان كان السينمائي الأخيرة.

تنوع عربي

تنوع المنطقة العربية انعكس جلياً في الأفلام القادمة منها، ما يفرض صعوبات جمة على مبرمجي الأفلام العربية بالمهرجان، في ما يتعلق باختيار الأفلام المشاركة فيه، إلا أن رشيد، مقتنع بقاعدة «الفيلم الجميل يسهل مهمة أية لجنة»، وقال: «المنطقة العربية زاخرة بالأعمال الجيّدة شكلاً ومضموناً، ويكفي القول إنني شاهدت خلال العام الجاري أكثر من 550 فيلماً عربياً، بين روائي ووثائقي قصير وطويل. وهو رقم كبير في ظل مصاعب الإنتاج وقلة الموارد ومتاعب الإنجاز والرقابات المختلفة والمخاطر التي يواجهها السينمائيون العرب في بلدانهم».

وتابع: «وبلا شك أن الفيلم الجميل يسهل مهمة لجان الاختيار والتحكيم، ولكن الصعوبة الأكبر تظل مرتبطة بعملية الاختيار من بين كمية الأفلام الجيدة الكبيرة، ورغم أننا نعمد إلى توسيع البرنامج بعدد إضافي، إلا أننا كثيراً ما نشعر بالحيف لعدم تمكننا من استضافة جميع من يستحقون الحضور معنا، فالبرامج تظل محدودة وعلينا الاختيار في نهاية المطاف».

 الفنيون .. صُنّاع في كواليس الأفلام

ساهم مهرجان دبي السينمائي الدولي، في تعزيز فرص الالتقاء والتباحث الاحترافي بين الفنيين الإماراتيين والعالميين في مجال الديكور السينمائي، المونتاج، التصوير، وصناعة الموسيقى التصويرية، حيث شكلت الملتقيات والندوات النقاشية ضمن برنامج المهرجان إحدى مساحات تداول مستقبل الفنيين المحليين، وأوجه استثمار جهودهم في المجال، بالرغم من قلة إقبال المهتمين في السينما على تلك الصناعة في كواليس الأفلام الإماراتية.

وشكل "دبي السينمائي" نافذة للاطلاع على أهم تحدياتهم المرحلية، وإبراز إنجازاتهم إعلامياً، وإتاحة فرص متجددة للعمل خارج الإمارات، ما يساهم في وضع أسمائهم ضمن قائمة صنّاع العمل الفني السينمائي المحلي.

مسؤولية السينمائيين

يبرز السينمائي أحمد حسن أحمد، في مشهد صناعة الأفلام محلياً، بشكل احترافي وعملي، حيث عمل مديراً فنياً في أفلام إماراتية مختلفة، نالت العديد من الجوائز في عدة مهرجانات دولية. يتواجد أحمد بصورة مستمرة في مهرجان دبي السينمائي الدولي، عبر مسيرته السينمائية لأكثر من 10 سنوات مضت، وتحديداً منذ تأسيس مسابقة "أفلام من الإمارات" عام 2001..

وفي حواراته عن السينما، يؤكد أحمد دائماً أن الحدث السينمائي الإماراتي عموماً، و"دبي السينمائي" بشكل خاص، يُحمّل السينمائيين الإماراتيين مهمة كيفية الحفاظ على هذا المنجز وتطويره. لافتاً إلى أن السينما في الإمارات عانت أخيراً بعضاً من التدهور الفني نتاج قلة وعي بعض المخرجين بالعمل الجماعي المتخصص. وفي أحد تصريحات أحمد لـ "البيان" عن تفاعل الفنيين مع ندوات المهرجان، قال:

"سابقا، كنت أفضل الجلوس ومتابعة الأعمال، وحضور الندوات، دون التحدث فيها. كنت أريد وقتها أن أتعلم فقط، أما اليوم فأستطيع القول أنّي أملك القدرة الموضوعية على إطلاق رأيي حول مكامن القوة والضعف حول فنيات الأعمال السينمائية وخاصة الديكور".

صناعة الصورة

علي بن مطر، نموذج إماراتي شاب، عمل في مجال المونتاج وإدارة تصوير الأفلام لبعض الأعمال السينمائية الإماراتية أخيراً، بتطلعات مستقبلية تحترم معايير التقنية الاحترافية للصورة. ويعتبر بن مطر المونتاج مونولوج ينسج أقدار المشاهد وأزمنة تداخلها، وينتج عنها أعمال فنية تحتمل روح من الترفيه البصري. مؤمناً أن المخيّلة الساحرة بالزخم الإنساني والثقافي والمعرفي للغة الإنسان تمثل المعيار الأسمى في توجيه التقنية لصناعة الصورة.

يشارك بن مطر في مهرجان دبي السينمائي، منذ ولوجه عالم التصوير والمونتاج، ويحرص على التفاعل مع الأفلام المشاركة، قائلاً عن تجربته: "العلاقة التي تربطني بالمخرج، تجعلني دائما قريباً من العمل، أتفهم السيناريو وأقرأ قدرات الممثلين، ما يعزز النظرة العامة لكل مشهد وزوايا الالتقاط، وصولاً إلى المونتاج"، مؤكداً أن الحدث السينمائي في دبي، عزز مشاركته في ندوات ناقشت آليات عمل الفنيين السينمائيين ومستقبلهم في المنطقة الخليجية.

 سفيرة الثقافة

مع الدورة العاشرة، تبدو نظرة رشيد وفريقه واسعة، فيما يتعلق بقسم الأفلام العربية الذي يتطلعون إلى الوصول به لأعلى قدر ممكن، وبحسب رشيد، فالسينما سفيرة ثقافتنا في العالم. وقال: «نسعى إلى دعم جميع المبادرات الدولية التي تتيح الحضور للسينما العربية ومبدعيها، وفي تقديري أن «دبي السينمائي» هو «عصا الزانة» التي نريد للسينمائيين العرب الاستعانة بها للوصول إلى الجمهور العالمي.

ولذلك عادة ما تكون سياستنا الإعلامية قُبيل المهرجان، خلاله وبعده، مُنصبة على ترويج الفيلم العربي وصُنّاعه». وواصل: «تطوير القسم عملية متواصلة، ونسعى إلى تطوير العلاقة التفاعلية بين الجمهور والأفلام ومبدعيها عبر الحوارات التي تلي العروض».

 موسيقى سينمائية

بدأ الموزع والملحن الموسيقي طه العجمي العمل في مجال صناعة المؤثرات الصوتية في عام 2000، ومن بين أبرز الأفلام الإماراتية التي شارك فيها والتي حصدت جوائز محلية وعالمية هي: الدائرة، بنت مريم، تبناك، الريح، سبيل. يعتبر العجمي من الوجوه قليلة الحضور بشكل شخصي في مشهد الحدث السينمائي، بالرغم من مشاركته الفاعلة في تنفيذ الموسيقى التصويرية لمختلف الأفلام الإماراتية، التي شاركت في مهرجان دبي السينمائي الدولي..

مؤكداً أن صناعة المؤثرات والموسيقى في الفيلم الإماراتي جزء تفاعلي ساهم في نجاحه، وحضوره في الملتقيات السينمائية المحلية والعالمية. ولفت أن "دبي السينمائي" يظل واجهةً لطرح مسوغات العمل لتعزيز الكوادر العاملة خلف الكواليس، لما يمتلكه الحدث من مكانة رصينة ومنهجية تطويرية يشهدها السينمائيون بشكل سنوي.

Email