"رحلة الكلمة والنغم".. وثائقي يجول في دروب جابر جاسم

ت + ت - الحجم الطبيعي

حيز كبير يستحوذ عليه الفنان الراحل جابر جاسم في الذاكرة الإماراتية، التي لا تزال حافظة لإرثه الفني، فبعد مرور سنوات طوال على فقدان "صوت الوطن"، لا يزال الراحل حاضراً في أغنياته وأرشيفه وصورته، وصوته الذي ملأ الدنيا وأثير الإذاعات الخليجية، فعلى امتداد مسيرته الفنية، استطاع الفنان الراحل جابر جاسم، أن يؤسس لحالة فنية فريدة، منح فيها الأغنية الإماراتية اعتباراً وقيمة عالية، بأن أسكنها في المراتب العالية، بفضل إيقاعاته الثرية، ونغمة صوته، وطبيعة اختياراته الفريدة لقصائد تحمل تواقيع قامات شعرية عالية، على رأسها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

جابر جاسم يعود مجدداً إلى الواجهة بعد 17 عاماً على رحيله، عبر برنامج خاص يحمل عنوان «جابر جاسم.. رحلة الكلمة والنغم»، يحمل في الإخراج بصمات عبد الله حسن أحمد، الذي يمضي من خلال البرنامج الوثائقي، في طريق لم يسبق أن وطأه، فجل أعمال عبد الله سينمائية الهوى والطابع، ليبدو أن البرنامج تجربة جديدة وثرية لصاحب فيلم «ولادة»، والذي أكد في حديثه مع «البيان»، أن أهمية البرنامج تكمن في كونه يوثق لرحلة حياة فنان اجتمع على حبه كثيرون في الإمارات والخليج. وقال: «ما يميزه ليس فقط كونه توثيقاً لرحلة فنان، بقدر ما يمتلكه من قدرة على النطق بقصص إنسانية تتعلق بالراحل، واستحضار مشاهد عدة تروي حكاية نهوض الإمارات»، مبيناً أن حلقات البرنامج الـ 13، تتضمن حضوراً لافتاً لتاريخ الإذاعة في الدولة، وأن لكل واحدة منها خطها الخاص.

أهمية

حلقات قليلة من البرنامج بُثت حتى الآن على قناتي «بينونة» و«الإمارات»، تجلى فيها إبداع عبد الله، الذي رافق الراحل جابر جاسم في رحلة نغم جميلة، حيث قال عن البرنامج: «للفنان جابر جاسم، أهمية عالية في التأسيس للأغنية الإماراتية، وتقديمها للجمهور بطريقة صحيحة، فهو يعد أحد أبرز الذين أثروا في مسيرة هذه الأغنية، واستطاع أن ينقلها نحو مستويات عالية، خاصة من ناحية الإيقاع واللحن، حيث لا تزال بصمته واضحة حتى يومنا، فهو من أبرز الذين غنوا للوطن وتغنوا فيه، كما أنه عمل مع جملة من الشعراء الذين يمثلون قامات عالية في التاريخ الإماراتي، وعلى رأسهم، والدنا المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

يشير عبد الله إلى أنه سعى لإخراج البرنامج على طريقة "الديكودراما"، الجامعة بين الوثائقي والدرامي. وقال: "هذه هي المرة الأولى التي أعمل فيها على توثيق سيرة ذاتية لفنان، عمل منذ بداياته مع قامات شعرية عالية، وله أرشيف ثري، سواء كان مسموعاً أو مرئياً، ومعظمه بحالة جيدة، والبعض الآخر كان بحاجة إلى عملية ترميم بسيطة، وذلك بلا شك ساعدنا كثيراً على صياغة حلقات البرنامج". وأشار عبد الله إلى أنه اعتمد في سيناريو البرنامج على أرشيف الفنان نفسه، وكتاب "جابر جاسم ـ رحلة الكلمة والنغم"، للباحث مؤيد الشيباني، الذي تعاون معه في إعداد حلقات البرنامج. وقال: "توليت كتابة سيناريو البرنامج بنفسي، بالتعاون مع شقيقي محمد حسن أحمد، وفضلت أن أقدمه بطريقة «الديكودراما»، حتى أستطيع إعادة إحياء الإرث الفني للراحل، إلى جانب أن هذه الطريقة مكنتني من إعادة تسليط الضوء على تاريخ الإذاعة في الدولة، لا سيما أن حلقات البرنامج تسير وفق أحداث وقصة معينة، وتبدأ بمشاهد لمذيع في أحد الاستوديوهات الإذاعية، يتولى سرد سيرة الفنان الراحل، ويتخلل ذلك مشاهد كثيرة وشهادات عدة لها علاقة بالراحل وبأرشيفه وحفلاته الغنائية". وتابع: "خلال البرنامج يمكن للمشاهد أن يلمس أيضاً وجود عملية توثيق مهمة لمرحلة الإذاعة في الإمارات، منذ بداية السبعينيات وحتى التسعينيات، ومدى تأثير ذلك في المجتمع والنخبة الثقافية فيه، خاصة أنه لا يكاد يمر مشهد من دون وجود أثر للإذاعة التي لعبت دوراً كبيراً في بناء نخب ثقافية بالدولة".

خطوة مهمة

المطلع على تفاصيل البرنامج الذي يتضمن أكثر من 100 أغنية للفنان الراحل، لا بد أن يلمس أهمية الشهادات التي قُدمت في حق جابر جاسم، لا سيما أنها جاءت على لسان ثلة من العارفين بالشأن الفني، وبأهمية جابر جاسم وتأثيره في تاريخ الأغنية الإماراتية، وعلى رأسهم الباحث مؤيد الشيباني، وحبيب الصايغ وغيرهما. وقال: "أعتقد أن وجود مثل هذا البرنامج يعد خطوة مهمة، خاصة أنه يتحدث عن أحد القامات الفنية العالية في الدولة، من خلال شهادات مختلفة، أصحابها كان لهم احتكاك ومعرفة جيدة بالفنان الراحل وبتأثيره وإرثه". وأضاف: "البرنامج منحني فرصة جميلة لاستعراض جملة من القصص الإنسانية الخاصة بالراحل، والتي لا يعرفها كثير من الناس، فضلاً عن تقديم عرض لأغنيات لم تلقَ حظها من الانتشار"، مشيراً إلى أن "تجربة جاسم الإنسانية كانت ذات قيمة عالية".

كلمات دالة:
  • جابر جاسم،
  • الإذاعات الخليجية،
  • الأغنية الإماراتية،
  • الشيخ زايد
Email