شادية.. تألقت في جميع المراحل وقدمت كوميديا راقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 4 صفر 1424 هـ الموافق 6 ابريل 2003 في كتابه نجوم السينما يتنقل بنا الكاتب كمال رمزي بين حياة وكفاح المع النجوم ويأخذنا في هذه الحلقة إلى عالم الفنانة المعتزلة شادية التي قالت في مناسبة تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي، قبل سنوات بأنها فخورة بتاريخها الفني وتعتز بأعمالها التي قدمتها، وانها سعيدة بأن الجمهور مازال يتذكرها.في بطولة «المرأة المجهولة» لمحمود ذو الفقار 1959، خطت شادية خطوة واسعة إلى الامام.. بل ويمكن القول، بلا تعسف، انها غدت فنانة كبيرة، لا تتقيد في أدوارها بمواصفات معينة، ولكنها تستطيع اداء الشخصيات المركبة، شديدة الصعوبة. قبل «المرأة المجهولة» بعشرة أعوام، ظهرت شادية في ثلاثة افلام، قامت فيها، بلا مقدمات طويلة، بأدوار البطولة.. فيلمان من اخراج حلمي رفلة «الروح والجسد» و«ليلة العيد» ,1949. و«كلام الناس» 1949 لحسن حلمي.. جدير بالذكر ان حلمي رفلة هو اول من قدمها، في دور ثانوي في «العقل في اجازة» ,1948. والواضح انه اكتشف ما تتمتع به شادية من طاقة وامكانات، مما دفعه الى اسناد بطولة فيلمين لها في العام التالي. في اقل من عشرة اعوام، قدمت شادية اكثر من خمسين فيلما.. اي ما يوازي خمسة افلام في العام الواحد.. ولعل هذا الرقم الكبير يدل على ان قدرات وطابع شادية كانا متوافقين تماماً مع احتياجات السينما المصرية في تلك الفترة. تمثلت قدرات شادية في امرين اولهما: وجه رقيق دقيق الملامح مريح القسمات قابل للظهور على الشاشة، فضلاً عن اداء عفوي، تلقائي، صادق وبسيط.. وثانيهما: صوت مميز، منطلق، يفيض بالحيوية، مترع بشقاوة الطفولة وتشيع فيه روح البراءة، صالح لاداء الاغنيات الخفيفة، المرحة، بقدر صلاحيته لاداء الاغنيات الثنائية، لذلك فإنها ظهرت في افلام غنائية مع محمد فوزي، مثل «الروح والجسد» ومع ابراهيم حمودة في «كلام الناس» وعبدالعزيز محمود في «ساعة لقلبك» لحسن الامام 1950، وكارم محمود في «معلش يازهر» لبركات 1950، وشاركت عبدالحليم حافظ بطولة أول افلامه «لحن الوفاء» لابراهيم عمارة 1955، وفريد الاطرش في المرحلة ذاتها. إلى جانب الافلام الغنائية مع معظم المطربين، قدمت العديد من «الاسكتشات» الجميلة، مع اسماعيل ياسين، ومحمود شكوكو، وهي «اسكتشات» فكاهية، تبعث على البهجة، مثل «احنا التلاتة.. سكر نباتة» التي لا يزال صداها ـ شأنها شأن عشرات الاغنيات والثنائيات والاسكتشات ـ يتردد في الذاكرة. تخصصت شادية في اداء دور البنت النقية، التي تستقبل الحياة بقلب مفتوح، تتعاطف مع الآخرين، خصوصاً من كان في حاجة لها، قادرة على العطاء، مهذبة، متسامحة، عذبة.. انها نقيض «شفاعات» او تحية كاريوكا، الشرهة، القاسية، واسعة الحيلة في «شباب امرأة» لصلاح ابو سيف 1956.واذ كانت شادية، نجحت في اداء دور «البنت» المتفجرة بالحياة والحيوية، امام كمال الشناوي، فإنها.. مع عماد حمدي، نجحت في اداء دور الفتاة الرومانسية، الحالمة، التي تهيمن عليها عواطفها، والتي تحب بكل كيانها، والتي تمنح.. بلا حدود. مع الأيام ازداد نضج شادية.. ذهبت الملامح الطفولية، واصبحت نظراتها اعمق، واكثر نفاذاً، واشد قدرة على التركيز.. وبدت حركتها، سواء في السير او اللفتات اكثر رصانة.. ولا شك ان قيامها ببطولة عشرات الافلام، فضلاً عن موهبتها الطبيعية المتوافرة اصلاً، وجديتها، وتعاملها مع كبار المخرجين المصريين، واسناد اداء العديد من الادوار المهمة لها، كلها امور جعلتها تتألق، في مرحلتها الجديدة.من شخصيات نجيب محفوظ جسدت شادية اربع بطلات من رواياته: «حميدة» في «زقاق المدق» لحسن الامام 1963، «نور» في «اللص والكلاب» لكمال الشيخ 1963، «كريمة» في «الطريق» لحسام الدين مصطفى، و«زهرة» في «ميرامار» لكمال الشيخ 1969. تعوض شادية، بأدائها لشخصية «فؤادة» في «شيء من الخوف» لحسين كمال 1969، الكثير من المكونات التي كان يجب ان تتجلى في ادائها لدور «زهرة» في «ميرامار».. انها في «شيء من الخوف» العزيمة تمشي على قدمين، تتجسد فيها القدرة على الرفض، والشجاعة التي لا تحدها حدود.. هنا، تواجه الطاغية «عتريس»، محمود مرسي، الذي يرتعد منه الجميع، فلا تمكنه منها، برغم تهديداته وجبروته.. ولا تلجأ شادية في ادائها لهذه الشخصية إلى «الخطابية» والمغالاة في التعبير.. فهي تتحرك، وتتصرف ببساطة، من دون احساس متورم بالبطولة، مما يزيد من صدق الشخصية.. ان دور شادية في «شيء من الخوف» لا يقل أهمية عن دورها في «اللص والكلاب». ليس من باب التعسف او المغالاة ان توصف شادية بأنها من أفضل الفنانات اللاتي قدمن اعمالاً كوميدية فهي تتمتع بأسلوب جد مميز، ذلك انها تؤدي أدوارها الكوميدية بطريقة بعيدة تماماً عن الهزل او التهريج، بل ويمكن القول بأن المفارقات المضحكة تأتي من خلال التناقض بين الموقف الكوميدي وأدائها «الجاد» له.. ولابد، من باب الانصاف، ان نشير إلى دور المخرج الكبير فطين عبدالوهاب، الذي ساهم في ابراز قدراتها في أربعة أفلام على الأقل: «الزوجة رقم 13» 1962، «مراتي مدير عام» 1966، «كرامة زوجتي» 1967، و«عفريت مراتي» 1968.

Email