ضمن الشخصيات الأبرز سينمائياً، القاهرة تكرم عاشق الأندلس كارلوس ساورا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 22 شعبان 1423 هـ الموافق 28 أكتوبر 2002 في إطار تكريم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لأبرز الشخصيات اللامعة والمؤثرة في السينما العربية والعالمية، تكرم الدورة الحالية هذا الأسبوع المخرج الاسباني الشهير كارلوس ساورا والذي شارك فيلليني وجودار وبونيويل وانطونيوني في صياغة سينما مبدعة، سينما شراعها الخيال ومجدافها يقلب في مياه الابداع لتبحر السفينة نحو شطآن جديدة، يرنو البشر نحوها أملين في استبدالها بواقع حياتهم الملتهب بعد الحرب العالمية الثانية، وبداية ذوبان الثلوج واقتحام هدوء القمر وجرح فكرتنا الرومانسية عنه. وفي دراسته المتميزة، التي قدمها هذا العام للمهرجان الناقد المعروف د.حسن عطية والتي يصف فيها ساورا بأنه عاشق الأندلس وعالمها الذي مازال يحمل الروح العربية وبصمات حضارة كان لها يوما الهيمنة على كل العالم، ويقدم لنا فيها مسيرة هذا الفنان الذي ولد عام 1932، وبدأ حياته الفنية كمصور فوتوغرافي محترف، ثم بدأ في الدراسة الأكاديمية بمعهد البحث والتجريب السينمائي، والذي أصبح مدرسا به فيما بعد، وبدأ عالمه السينمائي أواخر الخمسينيات، محاولا التقريب بين الاتجاهين الايطالي والفرنسي، في فيلمه الأول الصعاليك 1959، متجها نحو شوارع مدريد وضواحيها الفقيرة، ملتقطا مجموعة من الممثلين غير المحترفين، ليقدم من خلالهم قصة شباب يعيش على هامش الحياة، يسرق كي يحيا، ويفشل حين يود أن يتجاوز واقعه، كما فشل الفيلم ذاته في اقتحام عالم السينما التجارية المعتمد على أفلام الصالونات المزخرفة، والديكورات الورقية الضخمة، وينتظر ساورا سنوات خمس، حتى يقدم فيلمه الروائي الثاني البكاء من أجل لص 1964، وهو صورة بيوجرافية للص أندلسي يدعى خوسيه ماريا، ثم يلتقي في العالم التالي بالمنتج المعروف إلياس كريخيتا ويقدم معه الصيد 1965، ويعرض قصة مجموعة من الأصدقاء تقودهم هواية صيد الأرانب البرية ذات يوم الى منطق مقفرة، حاربوا يوما بها، خلال الحرب الأهلية، مما يفجر في أعماقهم صراعا حادا، ينتهي بقتل كل منهم للآخر، ثم ثلاثية مخصصة لتحليل العلاقة بين الرجل والمرأة، في ظل المناخ البورجوازي، وهي شراب النعناع المثلج 1967، و الاجهاد يكون ثلاثة.. ثلاثة 1968، ثم الجحر 1969، وتتميز هذه الثلاثية بظهور كاتب السيناريو المتميز رافائيل اثكونا والذي سيتعاون لزمن طويل مع المخرج في تقديم أبرز أعماله، وأيضا بظهور جيرالدين شابلن كممثلة لكل أفلام الفترة التي كانت زوجة فيها لساورا، بل ودخولها كمشاركة في كتابة السيناريو، لأول وآخر مرة في حياتها، في فيلم الجحر. ومع بداية السبعينيات، يحقق ساورا ثلاثية أخرى، تقدم تحليلا عميقا لآليات السلطة لذات الشرائح البورجوازية، التي تزداد رجعية وتخلفا وانغلاقا على الذات، مع مرور الأيام، وتحتوي الثلاثية على أفلام حديقة الملذات 1970، و آنا والذئاب 1972 ثم ابنة العم آنخيليكا 1973، وفي آخر أيام فرانكو يبدأ ساورا في تقديم ثلاثية ثالثة وجديدة له، يعتمد فيها على سيناريوهات يكتبها وحده، فيقدم لنا فيلمه مهد الغربان، 1976 عن عالم الطفولة، وإليسا.. ياحياتي 1977 عن استغراق الآباء في ذكريات لا مجدية بعيدا عن ابنائهم، و العيون المعصوبة 1978، عن التعذيب الممارس على الإنسان، وكيف يقتل الحب في أعماقه. وبداية من الثمانينات، ينهي ساورا ارتباطاته بـ كريخيتا وبعالمهما الحميمي والعائلي الذي صنعاه معا، وسينماهما الواقعية الرمزية، وذلك بفيلمي: بسرعة.. بسرعة 1980 الذي يعالج فيه موضوعا مشابها لفيلم الصعاليك، وان كان الزمن لم يعد هو ذاته، ثم الساعات الحلوة 1981 الذي بدا كمحصلة نهائية لرؤيته عبر مجموعة أفلامه السابقة، وكمحاولة لاعادة بناء أفضل اللحظات الماضوية على أرضية الواقع الآتي، وبعده يتجه الى عالم الموسيقى والمسرح، فيقدم ثلاثيته الرابعة والأكثر شهرة عالميا: عرس الدم 1981، عن نص مسرحية جارثيا لوركا المعروف، و كارمن 1983 عن نص أوبرا جورج بيزيه المعد عن رواية بروسبير ميرميه و الحب المسحور 1986، عن باليه بذات الاسم للموسيقار الشهير مانويل دي فايا والافلام الثلاثة تدور في اجواء البروفات المسرحية، حيث يختلط فيها اللعب بالجد، والتمثيل بالحقيقي، ويصمم رقصاتها كلها المصمم والراقص الأشهر انطونيو جاديس. قبل أن يفرغ ساورا من تقديم رؤيته الجديدة الكاملة في الثلاثية الموسيقية المشار اليها، قدم عام 1984 فيلمه الأرجل الخشبية، عائدا به الى العالم الحميمي القديم، دون ان يترك العالم المسرحي والموسيقي لمرحلته الجديدة. غير انه فجأة يغير المرحلة باكملها، ليقدم فيلمه الضخم الدورادو 1987 الذي يدور حول اخفاق حملة البحث عن منطقة الدورادو، يوتوبيا الذهب المفقود في أمريكا. ثم ينهي ساورا الثمانينيات بفيلمه الليلة الظلماء 1988، ويدور حول شخصية الراهب الشاعر خوان دي لاكروث ويفتتح التسعينيات بفيلمه المتميز آه.. كارميلا ثم يقدم فيلمه التسجيلي ماراثون 1992 عن سباق المارثون داخل الدورة 25 الأوليمبية، التي عقدت في برشلونة في صيف 1992، ثم فيلمه أطلق النار 1993، وهو أول فيلم بوليسي في حياة ساورا السينمائية، معد عن قصة الايطالي جورجيو سيربانينكو ويدور حول حياة لاعبة سيرك ايطالية، تتعرض للاعتداء الوحشي عليها، خلال عروض السيرك بمدريد، فتقوم بالانتقام ممن اعتدى عليها، وتموت محاصرة من الشرطة ببيت ريفي. في عام 1996، يقدم فيلمه تاكسي عن واقعة عنف حدثت بالفعل في الواقع، و باخاريكو 1996، ثم يعود لعالمه الموسيقى الاثير، فيقدم تانغو 1997 عن تلك الأجواء الساحرة للموسيقى الأرجنتينية الشهيرة، ثم يقدم لنا عالم أبرز رموز الفن الاسباني، وهما الفنان التشكيلي العالمي فرانثيسكو دي جويا في فيلم بعنوان جويا في بورديوس 1999، وقام بتجسيد شخصيته الممثل الشهير فرانثيسكو رابال ثم فيلمه المتميز عن فنان السينما المعروف لويس بونيويل باسم بونيويل ومائدة الملك سليمان عام 2000، ومؤخرا قدم الحكاية الاسطورية الشهيرة حول عاشقة يوحنا المعمدان والمحرضة على قتله، في فيلم يحمل اسمها سالومي عام 2002، قامت ببطولته الباليرينا المعروفة عايدة جوميث بعد ان قدمت مادة هذا الفيلم مسرحيا بفرقتها واخراجها الفني، بينما قام كارلوس ساورا نفسه بالاخراج المسرحي للعرض، الذي صاغ بنيته الكويوجرافية خوسيه انطونيو وحصل الفيلم على جائزة أفضل اسهام فني في مهرجان مونتريال الكندي في ذلك العام. القاهرة ـ فوزي سليمان:

Email