ابتعد 16 عاماً وعاد ليتفوق على زملائه، خليل مرسي : فخور بتحولي من مهندس زراعي الى ممثل

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 15 شعبان 1423 هـ الموافق 21 أكتوبر 2002 ارتبط اسم الفنان خليل مرسى بأدوار ضابط البوليس أو وكيل النيابة في ذهن مشاهدي التلفزيون رغم أنه لم يجسد هذه الشخصيات إلا في عدد محدود من المسلسلات لكنه إينما ذهب يتعامل معه الجمهور من هذا المنطلق، ويبرر خليل مرسى هذا بأن ظروف عرض مسلسل «أبو العلا البشري» الذي قدم فيه لأول مرة دور وكيل النيابة كانت هي «السبنسة» فقد عرض المسلسل في فترة كانت مصر تمر فيها بظروف سياسية معينة وفرض فيها حظر التجول ولم يكن أمام الناس إلا الجلوس في البيوت ومشاهدة التلفزيون فكان طبيعيا أن يشاهدني كل الناس في هذه الشخصية وأعتقد أنني نجحت في تجسيدها لدرجة أن الناس صدقتني. المهم أن الفنان خليل مرسى الذي تميز في أدوار أخرى مثل العمدة في مسلسل «المجهول» والمعلم الشرير في «لن أعيش في جلباب أبي» وفي مسرحية « لعبة الست» و«الحلاج» في إحتفالية المسرح القومي ظل بعيداً عن التمثيل رغما عنه 16 عاما بناء على أوامر والده الذي رفض التحاقه بمعهد الفنون المسرحية، لكن خليل مرسى لم ينس حلمه القديم وعاد بعد 16 عاما ليلتحق بالمعهد وليتفوق وينضم للمسرح القومي ثم يحصل على الدكتوراه في أساليب الإخراج في مسرح صلاح عبد الصبور وليعمل كخبير مسرحي بقسم المسرح في كلية الآداب جامعة حلوان ثم رئيسا لقسم المسرح في جامعة 6 أكتوبر. ـ في البداية سألنا خليل مرسى كيف قضى 16 عاما بعيدا عن التمثيل؟ ـ بالطبع كانت هناك أربع سنوات قضيتها في كلية الزراعة - جامعة عين شمس كنت أمارس خلالها التمثيل في المسرح الجامعي دون علم والدي وبعد التخرج التحقت بالجيش، وكان التجنيد أيامها غير محدد المدة بسبب ظروف الحرب وظللت بالجيش حوالي ست سنوات فقد التحقت بعد نكسة 1967 وشاركت في حروب الاستنزاف وفي حرب أكتوبر 1973 وخرجت عام 1974 بعد أن تحقق لنا النصر، وطبعا باعتباري من خريجي كلية الزراعة تم تعيني في وزارة الزراعة «إدارة العلاقات الخارجية»، وسافرت من خلال هذه الإدارة إلى روما للعمل مع منظمة الزراعة والأغذية «الفاو»، ثم سافرت إلى هولندا للعمل في مركز الزراعة الدولي وعدت عام 1980 لأدخل المعهد، لكن خلال فترة تواجدي في إيطاليا وبعد أن اتقنت اللغة التحقت بأكاديمية «دانتي اليجيري» ودرست فيها المسرح لمدة عامين قسم الاخراج والتمثيل وكنت حريصا على مشاهدة معظم المسرحيات الموجودة في روما في تلك الفترة. ـ وكيف التحقت بمعهد الفنون المسرحية في هذه السن؟ ـ مسألة التحاقي بالمعهد كانت صعبة جدا لأنني عندما تقدمت بأوراقي بعد حصولي على الثانوية العامة بـ 16 سنة وطبعا معظم المتقدمين كانوا صغار السن مقارنة بي ولذلك انقسمت لجنة الاختبار أو القبول إلى قسمين ما بين مؤيد لقبولي ومعارض له، وكان عدد المتقدمين للاختبار حوالي الف شخص ثم تصفيتهم إلى مائتين ثم إلى 25 كانوا هم كل المقبولين في قسم الاخراج والتمثيل وكنت أنا واحداً منهم، وأذكر أن اللجنة التي أمتحنتني كان بينها عمالقة أمثال عبد الرحيم الزرقاني وكمال ياسين وسعد أردش وجلال الشرقاوي واستمر اختباري حوالي ساعة ونصف قدمت فيها 25 مشهداً بينها عشرة بالفصحى و15 بالعامية في حين أن كل طالب كان ملتزماً بتقديم مشهدين فقط أحدهما بالعامية والآخر بالفصحى، وأذكر أن الراحل عبد الرحيم الزرقاني قال بعد الاختبار وقبولي أنك سوف تظلم دفعتك وكان يشير بذلك إلى فارق الخبرة، وكان من بين زملائي في الدفعة هشام عبد الحميد وأشرف زكي. ـ لماذا كان الإصرار على دخول مجال التمثيل؟ ـ لأنني منذ كنت في الصف الثالث الإبتدائي كنت أعشق التمثيل وأقلد المدرسين والشخصيات القريبة منا وشاركت في النشاط المسرحي في مدرسة المدينة الجامعية الابتدائية بالدقي حيث كنت أقيم ثم في مدرسة الدقي الاعدادية. وإزداد نشاطي في المسرح عندما التحقت بمدرسة السعيدية وكانت المدرسة تولي اهتماما كبيرا لنشاطي المسرحي وكان لدي إصرار شديد على الاتجاه لهذا المجال عبر القناة الشرعية وهي معهد الفنون المسرحية، لكن والدي رحمه الله اعترض بشدة، فقد كان صعيديا متزمتا ويعمل في مجال المقاولات وغير مقتنع بمسألة التمثيل، وكان يريد لأولاده أن يصبحوا في مناصب قيادية ووظائف حكومية، وقد باءت كل محاولاتي معه بالفشل وفي النهاية اضطررت للالتحاق بكلية عادية واخترت الزراعة، وظل الحلم يراودني طوال 16 عاما، وعندما تقدمت للمعهد كان لدى إصرار شديد على تغيير مسار حياتي من مهندس زراعي إلى ممثل واستاذ لمادتي التمثيل والإخراج بجامعة حلوان ثم رئيسا لقسم المسرح بجامعة 6 أكتوبر وأحمد الله أنني وفقت في تحقيق معظم أحلامي، فقد كان حلم التمثيل وتدريس التمثيل والإخراج يراوداني كثيرا. قبل فوات الاوان. ـ ألا تعتقد أن هذه الفترة أبعدتك كثيرا عما كنت تحلم به؟ ـ بالعكس أعتقد أن إصراري الشديد عوضني عن هذه الفترة وأنا لا أرى فارقا كبيرا الآن بيني وبين زملائي الذين التحقوا بالمعهد بعد حصولهم على الثانوية العامة، أما في بداية الإلتحاق بالمعهد فقد كان الموقف مختلفا والفارق واضحا حيث كان بعضا من أساتذتي زملاء لي في المرحلة الثانوية والاعدادية لكن ذلك لم يؤثر في بل أعطاني دفعة للتفوق وتعويض ما فاتني وأذكر أن صديق العمر الفنان الراحل مخلص البحيري سبقني إلى هذه التجربة وكان رحمه الله طبيبا بيطريا يعشق التمثيل ونجح في تغيير مسار حياته أيضا وأعتقد أن كل المشاهدين يذكرون شخصية سيد كشري التي لعبها في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي» أمام نور الشريف وعبله كامل. ويكفي أنني كنت الأول على الفي متقدم لاختبارات المعهد و الأول على دفعتي، الطريف أنني عندما تخرجت كنت متزوجا ولدي ثلاثة أولاد. ـ التحاقك بالمعهد كان الخطوة الأولى لتغيير مسار حياتك فما هي الخطوة التالية؟ ـ تفوقي في المعهد رشحني للانضمام إلى أسرة ممثلي المسرح القومي وطبعا كان حلماً كبيراً بالنسبة لي فانتقلت من العمل بوزارة الزراعة كمهندس زراعي إلى فنان بالمسرح القومي ومن هنا كان التحول الحقيقي واستمرت علاقتي بالمسرح القومي عشر سنوات حتى انتقلت للعمل كخبير مسرح في قسم المسرح بكلية الآداب - جامعة حلوان. ـ متى بدأت مشوارك مع التلفزيون؟ ـ البداية كانت مع المخرج محمد فاضل الذي رشحني للعمل معه في مسلسل «وقال البحر» عام 1981 وصورناه في عمان، بعدها أسند إلى دور وكيل نيابة في مسلسل « أبو العلا البشري » وهذا الدور كان بداية معرفة الجمهور بي ثم توالت الاعمال وكانت شخصية مرسى في مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي» مع المعلم سردينة وعبد الغفور البرعي من المحطات الهامة في مشواري كذلك دور «العمدة» في مسلسل «المجهول» كان من العلامات المضيئة في حياتي الفنية لأنه كان متنوعا في الأداء فقد بدأ جبارا وانتهى به جبروته إلى الجنون،وشخصية الصياد في مسلسل «هارون الرشيد» والذي توهم أنه سيكون السلطان. أهم المحطات ـ وما هي أهم محطاتك في المسرح القومي؟ ـ أهمها مسرحية « أهلا يا بكوات » عام 1989 فقد كان هناك اجماع على تميز أدائي أنا وصديق العمر مخلص البحيري، فقد كان الجمهور يذهب لمشاهدة نجمي العرض حسين فهمي وعزت العلايلي لكنهم يستمتعون أيضا بأداء خليل مرسى ومخلص البحيري، قدمت للمسرح القومي عدداً من العروض المتميزة أذكر منها «الزير سالم» إخراج حمدي غيث «ومصرع جيفارا» وحكايات صوفية وأخرجت فيه أمسية بردة البوصيري وأديت واحداً من أجمل أدواري في إحتفالية يوم المسرح المصري وهو دور « الحلاج » الذي كنت أتمنى دائما أن أقدمه، وبالرغم من أنني جسدت الشخصية لمدة ليلة واحدة فقط فإن كل الذين شاهدوا العرض مازالوا يذكرون «الحلاج». ـ ألا أن مسرح صلاح عبد الصبور له تقدير خاص داخلك لماذا؟ ـ أولا لأنني عاشق لكل ما كتبه صلاح عبد الصبور للمسرح وهو صاحب فضل على لأنني تميزت في الأداء بسبب مسرحياته الشعرية وثانيا لأن هذا الرجل قدم كل هذا الإبداع وتوفي وهو في الخمسين من عمره فما بالنا لو كان عاش أكثر، لذلك اخترت المسرح الشعري عند صلاح عبد الصبور ليكون موضوع رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها من رومانيا تحت عنوان «أساليب الاخراج في مسرح صلاح عبد الصبور. دراسة نقدية وعرض تطبيقي» وكانت هذه الرسالة سببا في التعريف بشعر صلاح عبد الصبور ومسرحه في رومانيا وترجمت رواياته الخمس التي اخترتها كنماذج لرسالتي من الإنجليزية إلى الرومانية وهي «مأساة الحلاج» و«الأميرة تنتظر» و«مسافر ليل» و«قبل أن يموت الملك» و«وليلي والمجنون» وأعتقد أنني كتبت رسالة وافيه عن هذا الرجل وأتمنى أن أقدم رائعته «مأساة الحلاج» كاملة. ـ أصولك الصعيدية هل تعطيك تميزا في الأعمال الناطقة بهذه اللهجة؟ ـ بالتأكيد لأنني أجيدها رغم أنني من مواليد حي الدقي بالجيزة إلا أن اللهجة متوارثه وأستحضر في هذه الاعمال شخصيات أعمامي وأولاد أعمامي وهم يتابعون هذه الاعمال جيدا ويعجبهم أدائي لذلك أنا أنتقي هذه الاعمال ولا اقبل منها إلا الأدوار الإيجابية لأنهم يغضبون بشدة لو قدمت شخصية الصعيدي بشكل سلبي، وكانت شخصية دياب الغنايمي في مسلسل «الوحي» من الشخصيات التي اعجبتهم جدا. ـ في الاعمال الكوميدية أحيانا يرتدي الفنان لباس سيدة ليضحك المشاهدين فهل تقبل ذلك لو عرض عليك دور بهذه المواصفات؟ ـ بالطبع لا مهما كان الدور أو الاغراءات، تركيبتي لا تسمح بذلك، ثم أن الاضحاك له وسائل كثيرة جدا وأنا شاركت مع محمد صبحي في بطولة ثلاث مسرحيات كوميدية ولكن دون إبتذال أوإسفاف فمسرحه يعتمد على كوميديا الموقف وليس النكته أو الحركة والحمد لله ان كل من شاهدني أمثل في المسرح الخاص قال إنني لم أتلون بما يقدمه القطاع الخاص، وقال عني أحد النقاد إن خليل يمثل للقطاع الخاص بروح مسرح الدولة. ـ هل يغضبك أن يذكرك الناس دائما في ادوار الضابط أو وكيل النيابة؟ ـ إطلاقا فأنا أحب هذه النوعية وأحاول التجديد فيها ليس في التلفزيون فقط وإنما في السينما أيضا فقد قدمت مع نادية الجندي شخصية ضابط مخابرات في فيلم «مهمة في تل أبيب» وضابط مباحث مع نجلاء فتحي في فيلم «إحذروا هذه المرأة»، حتى في المسرح جسدت شخصية ضابط أمن دولة مع أحمد بدير في مسرحية «دستور يا أسيادنا» المهم أن اقدم بجانب هذه الشخصيات أنواعاً أخرى حتى لا أحاصر في هذه الحلقة الضيقة. ـ هل سيتجه أحد من أولادك لهذا المجال؟ ـ لا أعتقد فابنتي الكبيرة مهندسة وتزوجت منذ فترة قريبة وابني يدرس بكلية التجارة أما ابنتي الصغرى منة الله فلديها مواهب فنية أخرى في العزف على الأورج والرسم، وهم يمارسون على دور النقد فقط. ـ ما هي أحدث أعمالك؟ ـ أشارك حاليا في بطولة مسرحية «الليلة الثانية بعد الألف» على مسرح الهناجر أمام الفنانة القديرة أمينة رزق وسامي العدل وصفاء الطوخي وأجسد فيها شخصية الوزير قمر الدولة الذي يدير كل شئ في المملكة لحسابه ويطمع في تولي السلطة بعد تنازل السلطان عن الحكم، كما أشارك في بطولة مسلسل، «سيف الدولة الحمداني» وهو مسلسل تاريخي أجسد فيه شخصية رجل سياسة تركي اسمه «بجكم» وله طموحات أيضا في الحكم. القاهرة ـ مكتب «البيان»:

Email