إبداع متنوع أنزل الفن من برجه العاجي ليتلقفه الناس، سلطان القاسمي يفتتح معرض الراحل اندي وارهول في الشارقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 15 شعبان 1423 هـ الموافق 21 أكتوبر 2002 افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مساء أمس بمتحف الشارقة للفنون معرض أعمال الفنان الاميركي الراحل اندي وارهول احد أبرز رواد ومؤسسي الفن الشعبي الاميركي «البوب آرت» والذي يقام بالتعاون ما بين دائرة الثقافة والاعلام وبترجيت شينك صاحبة احدى الصالات الفنية التي كان لها الدور في اقناع مالكي هذه الاعمال باعارتها لصالح هذا المعرض الذي ابتدأ جولته في أبوظبي مروراً بدبي وصولاً إلى الشارقة التي تتفرد بعرض احدى اكثر لوحاته شهرة وهي لوحة «مارلين مونرو». حضر حفل الافتتاح عدد من الشيوخ ورؤساء الدوائر وجمع من الشخصيات الاعلامية والثقافية والاجتماعية. ويتضمن المعرض الذي يعتبر من أبرز المعارض التي أقامتها دائرة الثقافة والاعلام على مجموعة من الأعمال ذات الخامات المختلفة والتي تقدم بانورامية عامة على تجارب آندي وارهول عراب ثقافة البوب الذي مثلت شخصيته ظاهرة لم تتكرر منذ ظاهرة بيكاسو. ومن أبرز هذه الأعمال واكثرها شهرة وشعبية «لوحة مارلين مونرو» احدى تجاربه التي تعكس علاقته المركبة بالشهرة وهي مزيج من الحب والكراهية فهو الذي كان يقول «ان الناس المشهورون يصبحون بعد فترة مشهورين لأنهم ببساطة مشهورين». ولطالما كان يكره الحظ الوافر الذي يرافق خطوات المشاهير ولعل هذا الامر كان ردة فعل على طفولته الفقيرة التي عاشها في مدينة بيتسبيرغ ومعاناته الصحية التي رافقته طوال حياته وإلى ان توفي في عام 1987 جراء ردة فعل قوية على دواء البنسلين بعد خضوعه لعملية جراحية بسيطة في المرارة. تمتاز أعمال وارهول بفلسفة خاصة تمثل أبرز الخطوط العامة للفن الشعبي وهي ان الفن عليه ان يرتبط بالحياة وأن يكون من واقعها اليومي دون الانشغال بمحاولة الاختباء أو تجاوز هذا الواقع، ولذلك فإن الأساليب الرفيعة تظل خارج اطار الفن الذي يرمي إلى تأكيد اليومي باعتباره المجال المخصص لفهم الحياة وهذا هو الأساس الوحيد للرضا الفردي والاجتماعي. لم يخترع وارهول الفن الشعبي فقد سبقه إلى ذلك روي ليشتنشتاين، لكنه استطاع وعبر فترة قصيرة وعبر حضوره وغزارة انتاجه وتنوعه بين الرسم والنحت والتصوير والافلام ان يضع بصمته الخاصة والمؤثرة في سياق الاطاحة بفورة الرسم الميلودرامي، فكان الاقدر على انزال الفن من برجه العاجي بشكل كامل مؤسسا لمنهجه الابداعي والأسلوبي الخاصين واللذين تأثر بهما المئات من الفنانين الذين جاءوا فيما بعد بالطريقة ذاتها التي تسربت فيها أفكاره إلى الثقافة اليومية لتتشبع بها حتى وصلت إلى درجة أصبحت فيها أسلوباً يومياً للحياة وحاضراً بقوة ودون ان يكون ملاحظاً أو مستغرباً. لا شك ان وارهول لم يكن مرغوباً به من قبل النقاد وأولئك الفنانين الكلاسيكيين الذين شعروا بأن ثمة ما يهدد وجودهم وينسف القواعد الفنية والفكرية التي يقفون عليها وأمام موجة العداء التي واجهها زاد انتاجه واتجه نحو انتاج افلام قصيرة ليؤكد أفكاره كفيلمه الشهير «النائم» الذي صور فيه رجلاً نائماً لمدة خمس ساعات متواصلة مع شخير لا يتوقف. وإلى جانب الأفلام اخترق وارهول المسارح والمدرجات الجامعية معرياً الفن من أدنى جمالية مفتعلة، كان كل شيء يقدمه فظاً ومباشراً وجارحاً إلى درجة كبيرة وخاصة فيما يتعلق بعلاقة الناس بالسلع التجارية، وكأنه كان آنذاك يقرأ ما سيغدو عليه العالم في وقتنا الراهن. وبصورة عامة ان معرض الذي وارهول المستمر لغاية 20 الشهر المقبل خطوة تضاف إلى جهود الشارقة الثقافية، وفرصة نادرة لعشاق الفنون البصرية لمشاهدة مجموعة من الأعمال الأصلية لأحد أهم رموز الفن العالمي. كتب حازم سليمان:

Email