برامج متعددة لتقويم سلوك المصابين بالتوحد

ت + ت - الحجم الطبيعي

نظراً لحدة المشاكل السلوكية التي يعاني منها الاطفال المصابون بالتوحد فقد ازدادت الحاجة لاستخدام الطرائق السلوكية، والتي لها الفضل الكبير، في تحسن العديد من الاشخاص المصابين بالتوحد، مع العلم ان هذه الطريقة في العلاج منبثقة من نظرية التعلم. وقد صممت البرامج السلوكية من قبل اخصائيين نفسيين ومجموعات العناية التي تقوم برعاية الطفل التوحدي اذ تستند هذه البرامج الى اجراءات تهدف الى تقويم السلوك المضطرب بازاحة العوامل التي ادت الى ظهوره «تعديل السلوك» وابدالها بعوامل مساعدة على ظهور سلوكيات ايجابية اكثر تكيفاً «تشكيل السلوك». وتقوم فكرة تعديل السلوك على مكافأة السلوك الجيد او المطلوب بشكل منتظم مع تجاهل مظاهر السلوك الاخرى غير المناسبة وذلك في محاولة للسيطرة على السلوك العدواني والفوضوي وافضل الطرق تلك التي تعتمد الثواب او المكافأة المعنوية مثل تشجيع السلوك المرغوب به عند الطفل باعطائه اكثر انتباهاً والابتسامة له عندما يقوم بسلوك صحيح والعكس عندما يكون سلوكه غير مرغوب به. وقد استخدمت ايضاً اجراءات تعزيزية مثل تشكيل السلوك والتوجيه من اجل زيادة السلوكيات الصحيحة وتعليم الطفل تدريجياً التقليد والكلام والقراءة والكتابة مما يؤدي الى تعليم السلوك الاجتماعي ويستخدم في البداية مثل الطعام واحتضان الطفل الى ان يتعلم الاستجابة للمدعمات الاجتماعية مثل التأييد او الموافقة، كما ان الاساليب الحديثة للعلاج السلوكي لا تقر مبدأ العقاب كوسيلة للحد من السلوك غير الصحيح انما يتم ذلك من خلال وقف العوامل التي ربما كانت السبب في تشجيع الطفل على مثل هذا السلوك واستبدالها بمهارات اكثر ايجابية. حيث عمل «لوفاس» استاذ الطب النفسي في جامعة لوس انجلوس الذي يدير حالياً مركزاً لدراسة وعلاج التوحد، والذي قام في علاج بعض مشكلات اللغة عند الاطفال المصابين بالتوحد معتمداً على تدريب هؤلاء الاطفال على تنمية السلوك غير اللفظي من خلال تقليده، وما ان يبدأ الطفل بتقليد بعض الانماط السلوكية فإنها تؤخذ عليه نقطة بداية اي الأساس الذي سوف يقام عليه بناء السلوك التالي الاجتماعي وتعليم اللغة. ولجأ بعض المعالجين في تعليم اللغة الى تعليم لغة الاشارة بوصف ان هذا التعليم هو هدف في حد ذاته وخطوة اولى لامكانية الكلام العادي. وتوجهت المعالجة السلوكية الى الوالدين بالمساندة والارشاد والتدريب وخاصة في تطوير اللغة ودعم عملية التعليم والتعلم، ولذلك اعدت طرقاً علاجية لتدريب الوالدين بوصفهما معالجين مشاركين في علاج الطفل بهدف الحفاظ على السلوك التكيفي الجديد المتعلم وتعميمه. المعالجة النفسية بناء على الفرضيات السببية للتوحد والتي طرحها التحليل النفسي فقد كانت هناك محاولات مختلفة لمعالجة التوحد فقد استخدم المحللون النفسيون مفاهيم متنوعة من التحليل النفسي واستخدام تقنياته في علاج التوحد عند الاطفال. والمفهوم الأساسي كان «التحويل» وهو العملية التي من خلالها تظهر الرغبات غير الواعية للمريض تجاه الشخص الآخر «المحلل» وهنا تستخدم ادوات ومواد اللعب اثناء الجلسة العلاجية تساعد المحلل في الكشف اكثر عن رغبات الطفل واحتياجاته النفسية، والعلاج النفسي يعتمد بدوره على اعادة ترتيب علاقة الطفل ووالديه كي يصبحوا اكثر انفتاحاً على مشكلته واكثر تقبلاً وتدعيماً لطفلهما واكثر استجابة لمشاعره وتحسين طرق تعامل الاهل مع اطفالهم التوحديين حتى يتمكن هؤلاء الاطفال من النمو العاطفي المتوازن، مما يفسح المجال امام نموه النفسي والانفعالي بوصف ان هذه المعالجة هي الأساس لذلك النمو، فالعلاج النفسي طويل الامد استخدم لتشجيع الدفء الانفعالي والاستجابة الانفعالية واختراق الحاجز العاطفي الذي يفصل الطفل عن العالم الخارجي. ان تقديم الارشاد والدعم النفسي المساعد للأهل والطفل معاً والتدخل النفسي خلال الفترات الصعبة وفترات الاكتئاب له اهمية كبيرة في حياة الطفل التوحدي، ولابد من الاشارة الى ان الفائدة من أساليب العلاج النفسي تبقى محدودة اذا استخدمت مع الاطفال التوحديين الذين يعانون من صعوبات لغوية حيث يكون البديل في مثل هذه الحالات الأساليب غير اللفظية كالعلاج باللعب والذي بدوره اثبت اهميته في مساعدة الاطفال التوحديين على التعبير عن مشاعرهم وضبط حالات القلق التي تنتابهم وتمكينهم من اللعب بطريقة ابتكارية وابداعية. المدخل التعليمي الاجتماعي نظراً لما يعانيه الطفل المصاب بالتوحد من مشكلات في عدم التواصل مع الآخرين والانعزال الاجتماعي، صممت العديد من البرامج التعليمية لمساعدة هؤلاء الاطفال للانخراط في المجتمع والتواصل مع الآخرين. حيث يؤكد هذا المدخل العلاجي على اهمية تدريب المهارات الاجتماعية وتعزيز آثارها الايجابية من خلال التأكيد على اهمية الانفتاح الذي يستلزم التدريب خارج الفصل التعليمي كتعليم مهارات التسوق في بقالة او جمعية وتعليم مهارات احترام دور الآخرين. ومن المظاهر الاساسية التي تميز الطفل التوحدي عن غيره من الاطفال العاديين هو عدم قدرته على اقامة اي نوع من العلاقات الاجتماعية حتى مع الناس المحيطين به لذلك يجب التركيز على هذا الجانب وتشجيع اي سلوك يقوم به الطفل على هذا الصعيد وذلك من خلال الطرق التالية: ـ التركيز على النشاطات الجماعية التي توفر الجو للمشاركة الاجتماعية مثل النشاط الرياضي او اللعب الجماعي والرقص الجماعي مثل مسك الايادي على شكل حلقة دائرية. ـ تشجيع مشاركة الاهل نشاطات طفلهم من خلال تخصيص يوم أو يومين بالاسبوع في المدرسة بحيث يكون الاهل مع طفلهم في الصف ولبعض الوقت مما يخلق جواً من الألفة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين. ـ تشجيع الطفل التوحدي المشاركة في المناسبات الاجتماعية مثل الحفلات والمسابقات التي توفر جواً من التواصل الاجتماعي، مما يشجع الطفل الخروج من عزلته ومن الجو الروتيني الذي يعيشه. اذ ينبغي على الطفل التوحدي ان يتعلم كيفية التفاعل الاجتماعي مع الآخرين بشكل ملائم، حيث يتم تعليمه كيف يستعمل الباص للتنقل فإن التعليمات المبنية على التدريب والانصياع للأوامر الاجتماعية مهمة جداً لاعدادهم للدخول في هذا المجتمع. وهناك اتجاه آخر يؤكد ان الطفل التوحدي يجب ان تتاح له الفرصة المناسبة كي يختلط بغيره من الاطفال الاسوياء وتسمى هذه العملية طريقة «الدمج» والتي تنادي بدورها بتعليم الطفل التوحدي في اقل البيئات تقيداً اي في المدارس العادية وضمن الصف العادي وقد يكون الدمج جزئيا اي ان يلتحق الطالب المصاب بالتوحد ببعض المواد الدراسية بالصف العادي. ومن ناحية اخرى يمكن ان يكون الدمج كاملاً او ذلك حسب درجة الاصابة ويشترط من تكون درجة التوحد لديه من النوع البسيط بحيث تراعي الحاجات الخاصة لديه وفي الوقت نفسه يجب مراعاة حاجات الطلاب الآخرين العاديين في الصف. توضح الابحاث الحالية تأثير الاطفال العاديين في تعليم المهارات الاجتماعية ومهارات اللعب للاطفال التوحديين واللعب المباشر معهم، وهذا يؤكد اهمية اعطاء الفرصة للطفل التوحدي للاستفادة من خبرات غيره من الاطفال العاديين من خلال ما يقدم للطفل من برامج متقدمة ومدروسة. يتعين في ضوء ما سبق القول ان نجاح بعض اساليب التدريب والتأهيل والتفاعل التربوي والاجتماعي مع حالة من حالات الاطفال التوحديين لا يعني بالضرورة نجاحها مع كل الحالات المماثلة حتى ولو كانت حالات لأطفال توحديين. ذلك لان لكل طفل توحدي خصائصه المحددة التي تميزه عن غيره من الاطفال ولكل منهم ظروفه وقدراته ونوعية ودرجة اعاقته وله ما يناسبه من اسس ومناهج واساليب للتدريب والتأهيل. تدريب وارشاد ومن البرامج التي تستخدم لتأهيل اضطراب التوحد برنامج تيتشي. استخدم هذا البرنامج اريك سكوبلر في الولايات المتحدة الاميركية مع عدد من زملائه في ولاية كارولينا الشمالية، وقد شملت تطبيقات هذا البرنامج معظم جوانب الخدمات اللازمة المتخصصة بالاطفال المصابين بالتوحد والقائمين على رعايته، حيث يسمى هذا البرنامج «علاج وتربية الاطفال التوحديين وغيرهم الذين يعانون من اعاقات في التواصل». وتشمل الجوانب العلاجية لبرنامج اللغة والانماط السلوكية ويتم التعامل معها بشكل فردي، اضافة الى تقديم الخدمات الاستشارية للمدارس والمراكز التي تقدم خدماتها للاطفال التوحديين، ويركز هذا البرنامج بصورة خاصة على اهالي الاطفال المصابين بالتوحد وذلك من خلال برامج التدريب والاستشارة الموجهة للاهل، او من خلال الخدمات الارشادية لهم ويحظى هذا البرنامج بخدمات عالية على مستوى التشخيص والتقييم في الولايات المتحدة. وهناك برنامج مشابه له في بريطانيا طوره كل من «باتريشا هاولن» و«مايكل روتر» يسمى برنامج العلاج المنزلي حيث يقدم هذا البرنامج خدمات العلاج السلوكي وتوفير الدعم لأهالي الاطفال المصابين بالتوحد. يقوم مركز دبي للتوحد على تقديم المساعدة للاشخاص المصابين بالتوحد واهاليهم والقائمين على رعايتهم وذلك بتقديم كافة المعلومات والطرق المستخدمة في رعاية وتأهيل هؤلاء الاطفال. مركز دبي للتوحد

Email