مسرح

مسرح التلفزيون المصري يستعيد روح الستينات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أكثر من أربعة وثلاثين عاماً من الغياب ووسط ترحيب كبير من المسرحيين، يعود مسرح التلفزيون إلى الوجود، بعد قيام المسؤولين عن التلفزيون في مصر بالتعاقد مع الفنان محمد صبحي على إنتاج 6 مسرحيات لنصوص عالمية وعربية، والمخرج جلال الشرقاوي لإنتاج ثلاث مسرحيات.

إضافة إلى 8 مسرحيات تحت الإعداد حالياً كبداية حقيقية للنهوض بالحركة المسرحية من جديد®. تعالوا نتعرف على بداية مسرح التلفزيون وطبيعة الجهود المبذولة لإحيائه.يمثل مسرح التلفزيون في مصر مدرسة فنية كبرى تخرج فيها عظماء النجوم وكبار فناني الكوميديا في مصر مثل عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس ومحمد عوض وعبدالمنعم إبراهيم وغيرهم من النجوم الذين عرفهم الجمهور عبر مسيرة هذا المسرح الذي بدأ عام 2691 أي في العام التالي لإنشاء التلفزيون المصري.

وتجيء عودة هذا المسرح وسط جدل عنيف حول وضع المسرح المصري حالياً الذي وصفه أغلب النقاد بأنه يواجه انهياراً تاماً ويحتاج إلى وقفة جادة لإنقاذه، معتبرين أن عودة مسرح التلفزيون إلى الحياة من جديد هي الحل والوسيلة الجادة والمنقذة للمسرح في مصر، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته أن نجاح التجربة من جديد تتطلب توفير ميزانية كبيرة وضم كتاب مؤهلين وكبار ومفكرين وفنانين لهذا المسرح وأيضا بالضرورة أن يكونوا مؤمنين بالفكرة ومدركين قدر وقيمة مسرح التلفزيون.

وعلق المخرج المسرحي عصام السيد على هذه الجهود بقوله إنها ستفتح الطريق أمام المسرحيين لتقديم مسرح مصري مميز لاستعادة روح مسرح الستينيات الذي شهد أعظم الأعمال المسرحية في تاريخ مصر.

كان مسرح التلفزيون قد بدأ في عام 9126 بثلاث فرق مسرحية هي الحرية، والنهضة، والسلام، وفي العام التالي لتأسيس المسرح انضمت 7 فرق جديدة من بينها الكوميدية، والشعب، والنصر، والتحرير.

وأكثر ما لفت الانتباه وقتها أن مسرح التلفزيون كان قد قدم 23 مسرحية عام 3691 عرضت خلال فصلي الشتاء والصيف، وهذا العدد من المسرحيات في عام واحد أفرز واقعاً جديداً في مفهوم المنافسة بين الفرق التي يضمها مسرح التلفزيون، حيث كانت تتبارى في تقديم الأفضل.

ولكن رغم هذا التاريخ المشرف لمسرح التلفزيون كان يواجه أيضاً نقداً حاداً في كثير من الأحيان، وهذا ما برره عصام السيد بأن قوة المنافسة وكثافة الأعمال أدتا إلى اهتمام كبير من النقاد، وخلقتا انتماء روحيا من بعضهم لعدد من الفرق التابعة لمسرح التلفزيون.

خطة واضحة

فيما رأى الكاتب بهيج إسماعيل ضرورة أن يقوم المسرح الجديد وفق خطة واضحة يشارك فيها خبراء ومسرحيون حقيقيون يكون همهم الأول استعادة المسرح المصري الحقيقي ثم إعادة مسرح التليفزيون إلى وضعه الطبيعي وتاريخه المعروف.

وحذر اسماعيل من اختيار موظفين لإدارة مسرح التلفزيون في عهده الجديد، مشيراً إلى تجارب سابقة أقعدت بهذا المسرح الذي كان في أوج نشاطه من خلال موظفين لا علاقة لهم بالمسرح أو الفن عامة.

ولم يسلم مسرح التلفزيون من بعض النقاد الذين لم يروا فيه عبر تاريخه غير أنه فاشل، وهو ما رفضه الكاتب فيصل ندا، مؤكدا أن مسرح التلفزيون هو المسرح الوحيد المجمع عليه من حيث الأهمية والتاريخ، وقال إن مسرح التلفزيون يعد من أهم مناهج المسرح في مصر والعالم العربي، مشيراً إلى أن عودة مسرح التلفزيون تعني عودة المسرح الحقيقي والخروج من دائرة الارتجال والفوضى.

ووسط هذا الاستقبال الكبير لخبر عودة مسرح التلفزيون أبدى بعض المهتمين بالمسرح تخوفهم من مستقبل هذا المسرح، خاصة أنه كان قد أنشئ وقتها مع بداية التلفزيون المصري؛ بهدف ملء فراغ ساعات البث التلفزيوني، ونجح في هذه المهمة وأفرز كوادر من الفنانين والمخرجين والكتاب هم اليوم كبار النجوم في مجالاتهم، ومن بين هؤلاء الناقد أحمد عبدالرازق الذي عبر عن قلقه من مستقبل هذا المسرح خاصة في ظل امتلاء خارطة البرامج في التلفزيون حاليا بالمواد الإعلامية والإعلانية.

مما يؤكد أن مسرح التليفزيون لن يكون له ذلك الوجود القديم إلا إذا قدم أعمالاً على خشبة المسرح وليس على شاشة التليفزيون، ولذلك الأمر يحتاج إلى أفكار جديدة ورؤية خاصة للانطلاق بهذا المسرح من خلال أهداف عديدة.

نفس الرأي أيده البعض من المهتمين بالمسرح لكنهم أكدوا عدم تحفظهم على إعادة هذا المسرح المهم الذي من الممكن أن يتم توظيف بعض أعماله للتلفزيون وبقية الأعمال يمكن أن تقدم على المسارح والمهرجانات، بالإضافة إلى رعاية الوجوه الجديدة من خلال تواجد الخبرات الكبيرة في هذا المسرح.

مسرح الدولة

ونبه الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن بأن اختفاء مسرح التلفزيون لفترة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود أدى إلى تراجع مستوى المسرح في مصر، لذلك فان عودته بمثابة تحريك للمياه الراكدة، وفتح ملف المسرح المصري من كل جوانبه، خاصة فيما يتعلق بالمسرح حاليا الذي وصفه أغلب النقاد بأن أعماله مثل »سلق البيض«، وأكدوا عدم تطوره باعتماده على مواقف غير منطقية وتقديم كوميديا سطحية لم تعد تجذب المشاهد.

بالإضافة إلى الأسعار الخرافية التي يطرحها المنتجون كرسوم لمشاهدة أعمالهم والتي أصبحت تزيد على المائتي جنيه للفرد الواحد أحيانا.

نجاح التجربة

يتفق مع هذا الرأي الفنان المنتصر بالله الذي وصف أغلب عروض مسرح الدولة حاليا بأنها تقوم على الارتجال والفوضى ولم تتقدم رغم ما توفر لها من إمكانيات عكس مسرح التلفزيون في الستينيات الذي أنتج مسرحيات هادفة لا تزال حتى الآن خالدة وراسخة في وجدان المشاهدين، واستطاع هذا المسرح خلال تلك الفترة أن يقدم أفضل نجوم الكوميديا حالياً ولم يستطع الجيل الجديد منافستهم.

وأشاد المنتصر بالله بإعادة مسرح التلفزيون والتعاقد مع الفنانين محمد صبحي وجلال الشرقاوي، وقال: هما عملاقان وقادران على إنتاج أعمال يمكن أن تعيد مسرح التلفزيون بالشكل المطلوب، خاصة أن هذه الأعمال سيقوم بها متخصصون لهم تاريخهم المسرحي الذي يضمن نجاح التجربة بكل تأكيد.

القاهرة - دار الإعلام العربية

Email