محمود ياسين: التكنولوجيا أثرت في إحساس الجمهور بالسينما

محمود ياسين: التكنولوجيا أثرت في إحساس الجمهور بالسينما

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يشكك أحد في تأثير السينما في الجمهور، فلاتزال هي المتحكم الرئيسي في ذوق الجميع على مدى الأزمان، وتأثيرها الثابت في الجمهور لن يتغير بمرور الأيام، ولكنه متفاوت، فأحياناً تكون مؤثرة بالسلب في حالة انحدار الدين، والتركيز على الأفلام التجارية التي لا تقدم مضموناً لكن في الغالب يكون لها تأثير ايجابي لأنها مع كل فيلم تعطي قيمة إيجابية معينة، لذلك ستظل السينما هي الصناعة الأولى في العالم.

هذا ما يؤمن به الفنان محمود ياسين الذي يرى أن السينما ليست هؤلاء النجوم الذين يظهرون على الشاشة، ولكنها جيش كامل وراء الكاميرات يسعى لكتابة التاريخ.محمود ياسين، ممثل مصري شهير، له تاريخ طويل من الأعمال الفنية في السينما، أنتج وألف وأخرج ومثل فيها حتى اعتبرها حياته وتزوج من خلالها الفنانة المعتزلة شهيرة التي رافقت طريقه السينمائي لأكثر من 73 عاماً.آمن النجم الكبير بالسينما وجعلها همه الأول، فهو دون فناني جيله لا يرى حرجاً في مساعدة الشباب وتقديم أدوار صغيرة على الرغم من عمره السينمائي الطويل مؤمناً بأن الفن رسالة، ورسالته خدمة الجمهور وحثه على الصواب.

يقطن ياسين في شارع الهرم أمام جهاز السينما واستوديوهاتها، ويعتبر هذا الشارع هو عمره، ففيه أهم الاستوديوهات التي شهدت تصوير معظم أفلامه منذ أن كان الفيلم على شريط »53 مللي« حتى جعلته التكنولوجيا بالصورة الديجيتال على شكله الحالي، لذلك ليس غريباً أن تجد في مكتبته جهاز (دي في دي) يستخدمه يومياً للمشاهدة والاستمتاع بأفلامه التي قضى بها عمره برفقة زوجته وابنيه عمرو ورانيا. ولكونه أحد فرسان السينما في عصرها الذهبي ونجماً متألقاً لم ينطفئ بريقه على الشاشة بعد، كان ل»الحواس الخمس« معه هذا اللقاء الذي استعرض فيه تأثير السينما فيه واتجاهاته، وآراءه في تطور مسيرة السينما ووضعها الراهن مقارنة بحالها وظروفها سابقاً.

الاستخدام السيّئ

(لم يظهر مفهوم الفيلم المقلوب إلا عندما ظهرت التكنولوجيا، وتم استخدامها بأسلوب خاطئ، فنحن لا ننكر أن التكنولوجيا أحدثت سرعة في نقل الأعمال إلا أنها أثرت على إحساس الجمهور بالسينما الجديدة).

في البداية يؤكد محمود ياسين أن السينما ستظل هي الصناعة الأولى في العالم، فعلى حد تعبيره ليست السينما هؤلاء النجوم الذين يظهرون على الشاشة، ولكنها جيش كامل وراء الكاميرات لا تتمكن أي مهنه أو صناعة من استيعابه، موضحاً أن السينما لها ركائز معينة منهم العمال والفنيون والممثلون والمخرج والمؤلف وغيرهم من عناصر، فكل هؤلاء هدفهم »التسعون دقيقة« التي تظهر أمام الجمهور في السينما، وإذا تقاعس عنصر واحد فقط منهم فباقي فريق العمل سيتوقف.

ويتذكر ياسين حال السينما قديماً عندما كان المخرج صلاح أبو سيف يقوم بتصوير أفلامه في فترة تتجاوز الأربعة أشهر، وبين أفلام المقاولات التي يتم تصويرها في 3 أسابيع في ظل وسائل التكنولوجيا، ويقول ياسين إن التكنولوجيا أثرت سلباً على مستوى الأفلام نفسها، فيكفي أن المخرج الآن يظل جالساً في مكانه، يجلس أمام كاميراته الحديثة وينهي المونتاج في نفس الجلسة.

ولا ينكر أيضاً أن التكنولوجيا أحدثت سرعة في نقل وتصوير الأفلام إلا أنها أثرت على إحساس الجمهور بالسينما الجديدة، فلم يعد كما كان من مرتادي السينما، بعدما أصبح للفضائيات والفيديو وال»الدي في دي« تأثير السحر عليهم.

هيمنة أميركية

(السينما المصرية تضيع من بين أيدينا فبعدما كنا ننتج ما يزيد على المائة فيلم في السبعينات ننتج حالياً في العام ما يتجاوز قليلاً العشرين فيلماً فقط، في ظل اهتمام زائد من قبل الجمهور والمثقفين بالسينما الأميركية).

يؤكد محمود ياسين أن السينما المصرية في أزمة حقيقية، ويرجع ذلك لأسباب بعينها أهمها عدم التواصل مع الوسائل التكنولوجية الموجودة في العالم، فدولة مثل أميركا تنتج سبعمائة فيلم في السنة، نتيجة توافر الأموال والتواصل الجيد مع الوسائل التكنولوجية الجديدة الرقمية.

بينما نحن في السينما المصرية لا نستطيع توفير ذلك حتى لو اشترينا الوسائل التكنولوجية لأنه لا يوجد لدينا متدربون ولا إمكانيات، فالزمن لم يعد يسمح للمتواضعين علمياً بملاحقه العصر.

سحر السينما

(أرى أنني كفنان لابد أن أساعد الشباب وأقف معهم، فالقصص الاجتماعية بها فئة الشباب، وبها فئة الشيوخ، وإذا ابتعدت عنها أكون أهدرت حق السينما التي قدمت فيها مائة وسبعين فيلماً في ستين سنة سينما).

يعترف ياسين بأن سحر السينما أصبح للشباب فقط وعلى النجوم الكبار أن يراعوا أن يكونوا مؤثرين مع هؤلاء الشباب، فأنا كفنان لا يمكنني أن أرفض عملا في مساحة قصيرة، مدعياً أن الشباب فقط هم من يذهبون إلى السينما وليس لي فائدة أن يروني فيها، وهذا غير صحيح لأننا في السينما لدينا دور الجد أو الأب وغيرهما من الأدوار الكبيرة، ولو رفضت دورا مؤثرا في الأحداث في فيلم ما فمن سيؤديه إذا كان يحتاج إلى سني.

ويشير كذلك إلى أن »السينما فن لا يمشي إلا في ركاب الشباب« ويؤديها الشباب، ويتذكر هنا أنطوني كوين، هذا الفنان العملاق الذي قدم عملين هما فيلم »الرسالة« الذي تم إنتاجه من نسختين؛ واحدة بالعربية وأخرى بالإنجليزية.

وقدم أنطوني بعدها فيلم »عمر المختار« الذي يحكي قصة عمر المختار، وكان الفاصل بينهما خمسة عشر عاماً تقريباً، وخلال هذه الفترة رفض أنطوني كل الأدوار الصغيرة التي عرضت عليه، وبذلك ترك من يده فرصاً مهمة لإضافة أعمال إلى تاريخه.

الملاذ الأول

(السينما هي وسيلة الترفيه الرئيسية في العالم كله، وهذا أمر متعارف عليه، فمنذ معرفتنا الأولى بالسينما كانت هي الملاذ الأول للجمهور حيث يدخل السينما فقط ليضحك وينسى همه).

يرى محمود ياسين أن السينما ستظل على الرغم من المشاكل التي تواجهها وسيلة الترفيه الأولى في العالم، ويتذكر ياسين بعد نكسة يونيو أنه صدر أمر رسمي من الرئيس جمال عبد الناصر بزيادة أعداد الأفلام في هذه الفترة وأن تحتوى على مضمون ترفيهي وظهرت وقتها أفلام استعراضيه وفكاهية لتكون وسيلة للترفيه، ولايزال الجمهور حتى الآن يبحث عن الترفيه.

أهم الأعمال font>

(من الأفلام التي يحتفظ بها ياسين في مكتبته، ويحب أن يشاهدها برفقة زوجته »نحن لا نزرع الشوك«، »أين عقلي« و»الجزيرة« فعلى حد قوله تمثل الأفلام الثلاثة تاريخه الفني كله منذ بدايته وحتى الآن).

يركز محمود ياسين على فيلم »أين عقلي«، الذي تم إنتاجه منتصف السبعينات من إخراج عاطف سالم، قصة وسيناريو إحسان عبد القدوس، وشاركه بطولته الفنانة سعاد حسني ورشدي أباظة وعماد حمدي، ويتحدث الفيلم عن الدكتور »توفيق« محمود ياسين، الذي يتزوج بعد عودته من أوروبا ب»عايدة« سعاد حسني.

وقبل الزواج تتحدث له عن عذريتها التي فقدتها بعد قصة حب جارفة مع خطيبها إلا انه باعتباره رجلاً متحرراً ومثقفاً يتغاضى عن ماضيها، لكنه سرعان ما يصاب بأزمة نفسية عندما يكتشف على أرض الواقع أنها ليست عذراء، حيث يقع في صراع رهيب بين التقاليد المحيطة به وبمجتمعه، وبين وضعه الجديد كدكتور مثقف ومتحرر.

يؤكد ياسين أن الفيلم كانت له ردود فعل كبيرة عند الناس، فقد كان من أبرز الأفلام التي تناولت قضية العذرية عند المرأة العربية بل يعدها أكثرها جرأة، فلايزال الكثيرون يتحرجون من الحديث في هذه القضية الشائكة.

وكل هذا يحسب للمخرج عاطف سالم، الذي بذل جهداً كبيراً للسيطرة على موضوع حساس كهذا، كما نجح في استخراج الطاقات الفنية لدى جميع الممثلين في الفيلم خاصة سعاد حسني والفنان الكبير رشدي أباظة.

ولا يمكن أن ينسى ياسين أيضا فيلم »نحن لا نزرع الشوك« الذي أنتج في بداية السبعينات، من إخراج حسين كمال، وبطولة شادية وصلاح قابيل عن رواية الكاتب يوسف السباعي، حيث يقول:

إن هذا الفيلم اشتهر وصنف من أكثر الأفلام حضوراً وعرضاً وإيراداً، كونه برع في تجسيد الحياة المصرية والأسرية بوجه خاص داخل المجتمع المصري في السبعينات، مشيراً إلى أن شادية برعت في تجسيد شخصية سيدة التي تعاني من العذاب بعد وفاة والدتها نتيجة معاملة زوجة أبيها القاسية.

فيلم (أفاتار)

(الثورة التي أثارها حوله فيلم »أفاتار« كانت سبباً رئيسياً في مشاهدتي لهذا الفيلم، وقد شاهدته أكثر من مرة في السينما وفي المنزل على أقراص مدمجة، ويشكل بالفعل نقلة فنية في دنيا الفن السابع).

يتحدث الفنان محمود ياسين عن آخر الأعمال التي شاهدها في السينما، فيذكر الفيلم الأميركي »أفاتار« الذي تم إنتاجه هذا العام، وتخطت إيراداته ملياري دولار، من بطولة سام ورثينجتون وزوي سالدانا وسيجورني ويفر وميشيل رودريجيز، ويقول:

تدور أحداث الفيلم حول إرسال أحد أفراد مشاة البحرية المصاب بالشلل إلى كوكب (باندورا) في مهمة فريدة من نوعها، ليظل هذا الجندي حائراً بين اتباع أوامر قائده وبين حماية العالم الذي يعيش فيه، وتكمن قوة هذا العمل »أفاتار«.

كما يقول »ياسين« في كشفه ملامح الهيمنة الأميركية ورغبة الأميركان في السيطرة على دول العالم الثالث، كما أن هناك بعداً آخر للعمل يتمثل في الطريقة التي حصلت إسرائيل فيها على الأرض الفلسطينية.

القاهر - دار الإعلام العربية

Email