تستعيد فرقة «إنانا» للمسرح الراقص في عرضها «صلاح الدين» الذي قدمته في افتتاح مهرجان معرض دمشق الدولي، لحظات حاسمة من حياة القائد التاريخي صلاح الدين، إذ تميل لالتقاط تفاصيلها المتعلقة بمعاركه ونضاله من أجل تحرير الأرض .

والتي كرسته في التاريخ رمزاً للتحرر والنضال، مغيبة قي الوقت ذاته تفاصيله الحياتية الاجتماعية والعائلية، فنشهد الحروب التي خاضها واستعداده لها وصراعه مع الصليبيين وانتصاراته، وما ترافق، وهذه الفترة من خرق هؤلاء للهدنة التي وقعها معهم وتصرفات أمرائهم الطائشة، ولاسيما لجهة اعتدائهم على الناس الأمنيين.

العرض الذي سبق وقدمته فرقة «إنانا» على مسرح دار الأوبرا يقوم بشكله الفني على الجمع بين الحدث الدرامي والمسرح الراقص، وهو شكل لطالما اعتمدته فرقة إنانا في تجربتها الفنية الطويلة، هي ليست تجربة جديدة على عروض فرقة إنانا، على كل حال، ولكنها في عرض «صلاح الدين» تتقدم خطوة لجهة استعارة المشهدية السينمائية لبعض المشاهد الدرامية إلى جانب اللوحات الراقصة والمشاهد التمثيلية.

وذلك عبر شاشة كبيرة تتصدر المسرح، قام بتنفيذها المخرج السينمائي نبيل المالح بالتعاون مع مخرج العرض جهاد مفلح، وهو الأمر الذي اعتبره المخرج المالح في البيان الصحفي للعرض «إغناء واستكمالاً للمشهدية البصرية»، دون أن يكون مطلوباً منها أن تسرد الحدث، ف«ما يسرد الحدث هو ما يجري على الخشبة..»، وبالتالي فإن «الشكل السينمائي المقدم تابع للعرض المسرحي وللراقص الذي يعتبر أساس العرض».

ولا يدعي المخرج المالح ابتكار حالة الشاشة السينمائية على خشب المسرح، فهو أمر معروف في العالم، إلا أنه شدد على أهمية هذا الخيار مسرحياً، وذلك، حسب المخرج المالح، «لكون هذا النوع الفني قائم على الفرجة، فالشاشة السينمائية حققت إضافة مشهدية نوعية وإبهار بصري، وهذا مطلوب في الفرجة المسرحية».

الصورة السينمائية والتمثيل الحي على المسرح، الرقص والموسيقى، توليفة فنية بدت متوافقة مع بعضها البعض ضمن صيغة فنية واحدة جمعها المخرج ومدير الفرقة جهاد مفلح بهدف توصيل فكرة عرضه الراقص «صلاح الدين» بأشكال مبتكرة.

وإن كان المخرج الشاب يعتمد على راقصيه بالدرجة الأولى لإيصال أفكاره، إلا أنه ومع تعدد عروضه وصل إلى مرحلة تكوين شراكات فنية مع عدد من نجوم الدراما السورية الذي سبق وشاركوه في أكثر من عرض.

على صعيد المضمون الفكري لن يكون «صلاح الدين» الموضوع السياسي الأول الذي تتناوله «إنانا»، إذ لطالما اعتمدت الفرقة، ومنذ بداياتها على موضوعات تاريخية ذات إسقاطات راهنة.

ولاسيما تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية التي لم تغب عن أغلب عروض فرقة إنانا، وهو الأمر الذي يؤكده مدير الفرقة مفلح بقوله: إن «معظم أعمال الفرقة تحمل إسقاطات سياسية على الواقع الفلسطيني والعربي»، لافتاً إلى «أننا قدمنا التراث الفلسطيني بأجمل صورة..».

المشاهد التمثيلية في عرض صلاح الدين أداها نخبة من نجوم الدراما السورية: عبد الحكيم قطيفان، عبير شمس الدين، رامز أسود، نوار بلبل وحسام الشاه وعادل علي وغسان عزب، ويقول الفنان عبد الحكيم قطيفان الذي جسد شخصية صلاح الدين في البيان الصحفي للفرقة:

«وجودنا كممثلين في هذا العمل هو تكثيف لحالات درامية تعبيرية موجودة في الرقص، وفسحة استرخاء للراقصين تفسح لنا المجال كدراميين لنقول بالحوار ما لا يقال بالرقص، أو ما يترك علامات استفهام إذا ما قيل بالرقص، ومع عرض صلاح الدين يخوض الفنان قطيفان مع فرقة إنانا تجربته الثالثة فقد سبق وشاركها العمل في عرضيها «ضيفة خاتون» «مسقط في عيون العالم».

بدوره اعتبر الفنان عادل علي والذي سبق وشارك الفرقة في عروضها مسقط في عيون العالم وأمير البحار وضيفة خاتون وصقر قريش إضافة إلى صلاح الدين، أن عروض إنانا تحمل هدفاً توعوياً وتربوياً وتاريخياً سياسياً، مشدداً على أن المشاهد الحوارية أتت متممة ومكملة لما يقدم من رقصات على الخشبة، بالإضافة إلى شاشة العرض السينمائي التي أضافت للعمل بعداً جمالياً.

صلاح الدين التجربة الثانية للفنان الشاب حسام الشاه مع إنانا فقد سبق وعمل معها في عرضها بيت الحكمة، ويرى الفنان الشاب بمشاركته فرصة «لأتنفس قليلاً متعة المسرح مع هؤلاء المبدعين وسط زحام التصوير التلفزيوني».

بينما رأى الفنان غسان عزب أن «الجانب التقني واللياقة البدنية التي يتمتع بها الراقصون والأداء الدرامي الذي قدمه الممثلون خلق نوعاً من التكامل على الخشبة». وعبر الفنان الشاب رامز الأسود عن سعادته لوجوده ضمن عرض الفرقة.

دمشق-ماهر منصور