ديكور

الأثاث الفرنسي ترف الملوك ونبض الفنون الكلاسيكية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تاريخ الأثاث قريب الصلة بتاريخ الثقافة الإنسانية؛ فمنذ آلاف السنين كان الأثاث الجميل يصمَّم ليلائم ذوق الملوك، والنبلاء، وغيرهم من الأثرياء.

وقد استخدم هؤلاء الأثاث ليبرزوا قدرهم ورتبهم، لا لحاجة عملية. ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي أخذت طبقة وسطى من الناس تظهر بالتدريج في الأقطار الغربية. واحتاجت هذه الطبقة إلى أثاث مريح يلائم مساكنها، وبحلول القرن التاسع عشر حَدَّد ذوقُ المشترين من الطبقة الوسطى أساليب وطرز الأثاث، وأغلب الأثاث الذي يُصنع اليوم صمم ليكون عملياً، ومريحاً، وسهل الصيانة، ولا يكلف إنتاجه كثيراً. ويُصنع كثير من هذا الأثاث في مصانع أو ورش كبيرة تستخدم أحدث التقنيات. ويوجد بعض الأثاث في شكل مجموعات معدَّة للتركيب يمكن أن يركبها المشتري في بيته.

وفي السياق نرى أن تشبيه الغربيين المنزل الفرنسي بالمعرض لم يأت من فراغ، فمعروف عن الأسرة الفرنسية الكلاسيكية اهتمامها بتأثيث منزلها بالتصاميم الجميلة والمتنوعة، وذلك نتيجة تأثير موروث ثقافي واجتماعي تعود جذوره إلى ما قبل العصور الوسطى.وفي هذه السطور سنتحدث عن تصاميم الأثاث التي كانت سائدة في عصر أسرة البريون (لويس 13، لويس 14، لويس 15، لويس 16)؛ فقد امتزج في عصر لويس الثالث عشر التأثير الأجنبي بالذوق الفرنسي، واتسم أثاث ذلك العصر بالعظمة الملكية التي تتفق وعظمة لويس الثالث عشر، وقد استخدمت في عهده المناضد المستديرة والمثمنة والمستطيلة والبيضاوية، واستخدمت موائد الطعام التي تشد فيتسع حجمها، كذلك توافرت كراسي الراحة (الشيزلنج).

وقد تميز ذلك الأثاث بامتلائه بالخيزران، وانخفاض ساند الكراسي وملء القواعد بالقش، وبالنسبة للحفر والزخارف فقد كانت تستخدم طريقة الحفر الهولندية (الماركيزي) وكان يتم التطعيم بالأصداف وقواقع السلاحف ومن الوحدات الزخرفية التي كانت سائدة خرط الخشب والتراكيب البرونزية المذهبة والخلايا العميقة (الحفر الغائر العميق) والحشوات ذات الأشكال الهندسية.

أما الأخشاب المفضلة للاستعمال؛ فهو خشب الأبنوس، وكان ينشر إلى شرائح رقيقة تلصق على أرضيات من خشب الكمثرى، وكان خشب الأبنوس يطعم بالعاج تخفيفاً من حدة سواده.

في حين اهتم لويس الرابع عشر بالفنون بشكل كبير، وكانت فرنسا في عهده أغنى البلاد الأوروبية، وقد أسرف في تجميل قصوره حتى غدت أبهى القصور الملكية في أوروبا، حيث استعان بالفنانين النابغين لزخرفة وتأثيث قصور فرساي، وبالتالي تسلمت فرنسا زمام الفن خلال فترة حكمه، ومنها اقتبست الدول الغربية فنونه وحذت حذوها في الزخرفة والتأثيث.

وقد كان الأثاث المستخدم في عهد لويس الرابع متميزاً بالعظمة والأبهة، وتغلب على خطوطه الاستقامة، حيث كانت تستخدم الخطوط المنحنية في حدود ضيقة.

وهذا الطراز من الأثاث كان ذا صبغة ملكية بحتة، أما طبقة الفلاحين والعمال فلم يكن لهم أثاث يذكر.

المقاعد: كان تصميم المقاعد يركز على راحة الجالس، فابتكرت الكراسي ذوات الجناحين (البرجير) وتأكيداً لراحة الجالس كان يتم تنجيد جميع أجزائها الداخلية والخارجية، كما أبد ع المصممون آنذاك الأريكة المعروفة بالصوفا أو الأريكة التركية، أما كراسي الراحة الطويلة (الشيزلنج) فتمتاز بأنها وليدة الرفاهية والثراء.

كما شاع استخدام الكرسي العادي والكرسي ذي الذراعين (الفوتيه) والكرسي المزدوج والمقعد المطوي والمقاعد الخالية من الظهر مثل التابوريه ويسمى بوف، ومثل الباتكيت وتشبه الكنبة العادية.

المناضد: تتعدد أنواع المناضد والطاولات؛ فمنها «الترابيزة» الوسط، ومنها منضدة الشاي والقهوة، ومنها ما يعرف بطقطوقة السجائر، وكان هناك ما يعرف بطاولة اللعب، ومائدة الزينة للسيدات كما تنوعت المكاتب والحاملات ومنها حاملات الثريات وأواني الزهور وغيرها، وقد تشابهت أرجل المناضد وقوائم الكراسي سواء مربعة القطاع أو المخروطية أو المنحنية.

واستعملت الأرجل المنحنية في أواخر عصر لويس الرابع عشر، واستخدم نوع من المناضد يقام على عمود أوسط سميك يحمله ثلاثة أو أربعة أرجل منحنية قصيرة، وهذه الأنواع المختلفة من المناضد لا تزال شائعة الاستعمال في مختلف أنحاء العالم سواء ما كان منها على النمط الحديث أو القديم.

وبالنسبة للخزائن والدواليب؛ فقد شاع استعمال الشيفونيه والكمودينو الذي يعد نموذجاً مصغراً عن الكومود.

الوحدات الجمالية والزخرفية: وقد اشتملت على الطيور والحيوانات ورؤوس الأسود ومخالبها، والجرفين والهولات والدلفين، الأقنعة والزهور والوريدات، أوراق النباتات الحلزونية وفروع وأوراق الأكنت، والنباتات المائية، أوراق الزيتون وأيضاً الأشرطة الزخرفية والهندسية والزخارف المعمارية، والأقمشة المدلاة والجامات والزخارف العربية والوحدات المتساقطة.

أما الأخشاب المستعملة فهي أخشاب الجوز والأبنوس واللوز والبقس والكمثرى واستخدم في التطعيم العاج وعظام الحيوانات والأصداف البحرية وقواقع السلاحف والفضة والنحاس.

ومن جانب آخر اتجه طراز لويس الخامس عشر نحو منحنيين مختلفين، ففي أوائل العهد اتجه نحو أسلوب الركوكور الروتيني، وفي أواخر العصر اتجه نحو الفن الكلاسيكي الجديد بمبادئه وزخارفه الرصينة التي تنسب إلى لويس السادس عشر، ولكنه من الناحية التاريخية يتبع طراز لويس الخامس عشر، ويتألف الأثاث من خطوط محدودة، ويخلو من الزوايا القائمة (السوك) وتزينه السبائك الزخرفية من البرونز المذهب، وكثيراً كانت تعلو المناضد أقراص من الرخام.

المقاعد: انتشر استعمال المقاعد على اختلاف أنواعها؛ كالكرسي العادي والكرسي ذي المتكأين، وكرسي الراحة الطويل «الشينزلينج» والأرائك ومنها الصوفا المقتبسة من فكرة الكنبة الإسطمبولي.

المناضد والمكاتب: وإن تعدد أشكالها إلا أنها لم تشذ عن القاعدة الأساسية التي سارت عليها بقية قطع الأثاث آنذاك، فخطوطها الخارجية منحنية وزواياها ملفوفة وتزين بالماركيزي والسبائك البرونزية المذهبة والحشوات المصنوعة من الصيني الفاخر والمعروف بالسيفر.

التنجيد والفرش: للمرة الأولى في تاريخ الأثاث تم اختراع أسلاك التنجيد اللولبية المعروفة (بالسست)، وهذا يساعد في توفير الراحة للجالس، واستخدمت المنسوجات القطنية والساتان والتافتا والأقمشة المطبوعة، واستعملت المقاعد الملئية بالخيزران.

الخزائن والدواليب: كانت خزانة الأدراج من أهم الخزائن التي شاع استعمالها في ذلك العصر، كما استعمل الكنصول والصوان ودولاب الزاوية.

الوحدات الجمالية والزخرفية: استخدم المصممون قشر الأخشاب الثمينة، والتطعيم الماركنزي وكذلك التطعيم بسبائك من البرونز المذهب.

وكان الأثاث يدهن بطبقة من اللاكية الصينية والياباني، ومن بين الوحدات التي تزين الأثاث، باقات الزهور والوريدات وأوراق النباتات وفروعها وأغصان الأشجار والأشخاص.

أما الأخشاب المستعملة فهي أخشاب الورد والخشب الملكي وخشب الجميز والخزامي، وقد كان الماهوغني من الخشب السائد في صنع الأثاث وقتئذٍ.

وكان لويس السادس عشر والملكة ماري أنطوانيت على جانب كبير من الذوق الفني وكانا بحق من رعاة الفن والفنانين، ولقد بذل هؤلاء الفنانون جهداً كبيراً لأحياء طراز لويس السادس عشر.

المقاعد: في الوقت الذي كانت أرجل الكراسي في عصر لويس الخامس عشر منحنية نجدها مستقيمة دون استثناء في طراز لويس السادس عشر، ولكن بأشكال عدة:

منها الرجل المربعة القطاع الملهوية، ومن مزايا الكراسي في ذلك العهد، أنها مصنوعة من خشب الزان، ومدهونة باللون الرمادي المشعر بالأبيض، أما الأرجل فكانت مخروطية والجزء العلوي منه مخشن والسفلي مبسطم.

الخزائن والدواليب: كان الكمود من أهم قطع الأثاث التي شاعت في عصر لويس السادس عشر، وهي مصنوعة من خشب الماهوغني.

الوحدات الجمالية والزخرفية، استمر في هذا العصر استخدام العناصر الزخرفية المستخدمة في العصور السابقة: كالسبائك الزخرفية والماركنزي واللاكيهات، وكانت الألوان المفضلة وقتئذٍ هي البيضاء والزرقاء والخضراء والرمادية.

وعادت الزخارف إلى حظيرة الفن الكلاسيكي، ما يذكرنا بالزخارف التي كانت شائعة في طراز لويس الرابع عشر، أما الوحدات الزخرفية فقد اقتبس بعضها من الحياة الريفية كالنباتات وسنابل القمح والزهور والفواكه والحيوانات وكذلك الآلات الزراعية كالفأس والجاروف وغيرها.

وبالنسبة للأخشاب المستعملة فقد كان الماهوغني هو السائد في ذاك الطراز، واستخدم فيها أشغال التطعيم والماركنزي، وأخشاب الأبنوس والورد والتوليب والجميز والبقس والجوز، واستعمل كذلك العاج في نفس الغرض.

رشاقة الزخارف

تميز عصر لويس الرابع عشر، بالفخامة والعظمة والتأثر بالفن الصيني من حيث استخدام الألوان الزاهية والحفر الكثيف بأشكال الحيوانات والقصص الخرافية والأزهار، وبالرقة والرشاقة في تنفيذ الزخارف، حيث زاد الاهتمام بالمكاتب وغرف النوم بكل قطع أثاثها.

أسلوب الروكوكو

صُمِّم أثاث الروكوكو لينسجم مع التصميم المعماري العام للغرفة؛ فكان الحرفيون يصممون الطاولات والمرايا، والمقاعد الطويلة والأسرَّة لتدخل في المشكاوات التي يضعها المعماري على الحيطان، وعرف ايضاً باسم أسلوب لويس الخامس عشر.

قصر فرساي

سطوة تصميم الأثاث الفرنسي بدأ من عهد لويس الرابع عشر وهو أعظم ملوك فرنسا وحكم 72 عاماً، وبسط سيطرة فرنسا على الكثير من الدول، وفي عهده أصبحت فرنسا مركزاً ثقافياً لأوروبا، ونظراً إلى حبه للجمال فقد أمر ببناء أعظم قصر في أوروبا، قصر فرساي.

دبي - رشا عبدالمنعم

Email