إنتاج هندسي ضخم مملوء بالجلال والجمال والسحر

بيوت دمشق القديمة استوديوهات حية للدراما

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حاز البيت العربي الدمشقي القيمة الأسمى، إذ اجتمع فيه التصميم الممتاز، والتعبير الرائع فكان إنتاجاً هندسياً ضخماً مملوءا بالجلال والجمال والسحر يختفي خلف جدران صماء تتشابه بمنظرها الخارجي، ومن أبوابها المطلّة على شوارع المدينة الضيقة وغير المنتظمة، يدلف الإنسان إلى ممر طويل ملتو أو منكسر يشكل منطقة انتقال وسطى بين حيزين مختلفين من الفراغ من حيث درجة الحرارة والخصوصية والثراء المعماري، وينتهي بباب ثان في أحد جانبيه يؤدي إلى فناء البيت الداخلي.

في الفناء الداخلي يذوب المرء في فضاء مفتوح على السماء مباشرة حيث المدى الطبيعي الذي لا تشوبه قسوة بعيداً عن كل عوامل الطبيعية الخارجية، فبين جدرانه تجري كافة نشاطات العائلة وتمتد على مساحاته كل ما يبهج النفس ويوفر شروط الراحة من مزروعات ومسطحات مائية، ووسط هذه العناصر كلها يتسرب عنصر جمالي آخر ربما لا يكون ملموساً ولكنه حاضر بالقوة ذاتها التي نتحسسها في عناصر البيت المادية، والكلام هنا عن الإحساس الفعلي بالأمن والسكينة والسلام والحميمية الذي يشعر به زائر البيت الدمشقي وهو يتنسم عبق الماضي وصيغ الجمال الدافئة في فناء البيت وقاعاته.

في عام 1900 سجل في دمشق القديمة من تلك البيوت 16832 منزلاً، لاتزال تحتفظ منها المدينة القديمة حتى الآن بنحو نصف هذا العدد، وقد ساهمت مواصفات تلك البيوت الجمالية، بلفت أنظار أعين المستثمرين إليها، فتوجهوا إلى داخل أسوار المدينة القديمة باستثمارات اقتصادية وثقافية، وجدت من يشجعها مع حقيقة أن نسبة البيوت المهجورة من عدد البيوت السابقة كانت بحدود 15 بالمئة، بينها ما كان آيلا للسقوط، ومنها ما تحول إلى مستودعات تجارية.

وهكذا شهدنا عمليات ترميم لعدد كبير من البيوت، لتستثمر بموجبها بمشاريع سياحية وثقافية وأخرى اقتصادية كمطاعم ومقاه وفنادق وصل عدده اليوم بحدود 100 مطعم و20 فندقاً تراثياً و6 صالات فنية و20 خانا من أصل 137 كانت موجودة في الماضي. وذلك بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، إضافة إلى قيام 36 من الفنانين التشكيليين بشراء بيوت كانت آيلة إلى السقوط في حي الأمين وتحويلها إلى مراسم وأماكن عرض وجلسات فنية، بحسب (سانا) أيضاً.

ولعل أبرز ما في هذه المشاريع الاستثمارية كانت في إعادة توظيف البيوت القديمة كمطاعم وقد بدا بارزاً أن تسمى كثير من هذه البيوت بأسماء أغان للسيدة فيروز، منها مطاعم «عالبال»، و«سيلينا»، و«دروب الهوا»، و«صباح ومسا».

وعلى خط الاستثمار قامت الحكومة السورية باستملاك وترميم عدد من بيوت دمشق القديمة لتكون بمثابة متاحف حية عن بيوتات الشام وسحرها، و إضافة إلى وظيفتها الأساسية كمتاحف، راحت تشغل هذه البيوت بفعاليات ثقافية واجتماعية مثل قصر العظم الذي صار واحدا من أماكن العروض الفنية ولاسيما الموسيقية منها، أو مكتب عنبر الذي تلقى فيه محاضرات ثقافية.

إلا أن الاستثمار الأمثل لتلك البيوت كان في تحولها إلى استوديوهات قدمت فيها أشهر الأعمال الدرامية السورية، على نحو باتت تعرف بيوت الشام من مسلسلاتها ومن أشهر هذه البيوت:

قصر العظم

شيد قصر العظم والي دمشق أسعد باشا العظم، وقد أعادت المديرية العامة للآثار في سوريا ترميم القصر وبنائه، وحولته إلى متحف للتقاليد الشعبية عام 1954، ويعد قصر العظم واحدا من أكثر الأماكن التي تم تصوير مسلسلات درامية سورية، لعل أشهرها اللوحات الدرامية المتعلقة بالفترة العثمانية التي قدمها الفنان ياسر العظمة في سلسلة مرايا.

بيت نظام

هو واحد من بيوت دمشق الجميلة، ولا يعرف بالضبط تاريخ لبناء البيت أو اسم صاحبه الأصلي ويعود اسمه إلى آخر عائلة سكنت هذا البيت في النصف الأول من القرن العشرين، قبل أن تستملكه محافظة دمشق عام 1974م وتحوله إلى بناء أثري مفتوح أمام الزوار.

ومن أشهر المسلسلات التي تم تصويرها في بيت نظام مسلسل «باب الحارة» وفيه تم تصوير مشاهد منزل عائلة أبو عصام، والبيت ذاته كان بيت الزعيم سلطان أبو الحسن في مسلسل «أهل الراية» إضافة إلى عدد كبير من المسلسلات.

مكتب عنبر

يقع مكتب عنبر شرقي الجامع الأموي في دمشق، وهو منزل بناه على الطراز الدمشقي أحد أثرياء المدينة يوسف عنبر وتم تحويله إلى مدرسة ليكون واحداً من أقدم المدراس في سوريا.

وأحد البيوت الدمشقية القديمة التي لم يتم عليها أي تعديل كثيراً وهو مقر لجنة حماية مدينة دمشق القديمة، وفي بيت عنبر صورت العديد من لوحات مسلسل «مرايا»، إضافة إلى تصوير مشاهد عائلة أبو حاتم في المسلسل الشهير «باب الحارة».

بيت السباعي

يعود بناء بيت السباعي لأواخر القرن الثامن عشر، و هو واحد من بيوت دمشق الجميلة، يقع على مقربة من بيت نظام..والبيت هو الآخر تم اختياره كمكان تصوير لعدد من المسلسلات كان آخرها مسلسل «الدوامة» للمخرج المثنى صبح، وفيه تم تصوير معظم مشاهد بطلة العمل الرئيسية ناديا حمزة.

دمشق - ماهر منصور

Email