«متحف المراكب» من بردي الفراعنة إلى تراتيل غرق «تايتنك»

«متحف المراكب» من بردي الفراعنة إلى تراتيل غرق «تايتنك»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إنها ابنة الماء.. من البردي صنعت، من كل أنواع الأخشاب جاءت حكايتها؛ لتجري في الماء حاملة الإنسان من مكان إلى آخر، ولأنها كانت تحمل الرسائل ومواد الحياة من عالم محدود إلى عالم لا نهاية له، فكانت تستحق أن يخلدها مكان ما، يرصد تاريخها منذ البداية إلى عصرنا الحاضر.

إنها المراكب، تحفة الأساطير، وناقلة الأحلام، وصناديق الموت والحياة. »الحواس الخمس« زار متحف المراكب بالقاهرة؛ وجاء بالتفاصيل التالية.في متحفها داخل القرية الفرعونية نرى منها أشكالا وأحجاما مختلفة صنعها قدماء المصريين، سواء لأغراض التجارة أو الإبحار، ونجد أنفسنا- بعد أن نستقل مركبا- أمام أحد المراكب الفرعونية التي صنعت من نبات البردي، وتسمى مركب »رع« منسوبة إلى الإله »رع«.وكان يستخدم عند قدماء المصريين في عمليات الصيد، إلى أن جاء عالم مصريات نرويجي يدعى »نورها يردل« في العام 1969 أراد إثبات أن المصريين القدماء استطاعوا استخدام مراكب البردي ليس في النيل فقط بل أيضا في البحار والمحيطات، فقام بإعادة صناعة مركب »رع« من أوراق البردي داخل هضبة الأهرام، وبدأ الإبحار به في المحيط الأطلنطي بطاقم من 7 أفراد بجنسيات مختلفة.

إلا أن الرحلة- كما تقول مرشدة المتحف ابتسام محمد- قد فشلت بسبب غرق المركب بعد خمسة آلاف كيلو متر في المياه، لكن العالم النرويجي قام بمحاولة ثانية العام 1970 بصناعة مركب ثانٍ، »رع 2«، بدولة المغرب، وأبحر به مرة أخرى في المحيط الأطلنطي بطاقمه نفسه عبر المحيط، ووصل إلى المكسيك على مركب من البردي في 57 يوما.:مراكب الشمس:في متحف المراكب نرى مركبا فرعونيا اعتبره خبراء المتاحف مرحلة جديدة في صناعة المراكب، إنه »مركب الشمس«، الخاص بالملك خوفو، أحد أفراد الأسرة الرابعة، فقد عثر الأثري المصري كمال الملاخ العام 1954 على هذا المركب في الناحية الجنوبية للهرم الأكبر.وتم نقله لمتحف مركب الشمس بجانب الأهرامات، وكان الغرض الوحيد من مراكب الشمس هو الإبحار إلى العالم الآخر، فيما يوصف ب»حياة البعث« وليس في حياة الملك.:مراكب تجارية:وتتواصل حكاية ابنة الماء عبر 3 دول في العصر الفرعوني، وهي الدولة القديمة، والدولة الوسطى، ثم الدولة الحديثة، وهذه الدول الثلاث ضمت 30 أسرة فرعونية، وكانت مراكب العصور الفرعونية مصنوعة من نبات البردي، وذلك لضمان حفظ البضائع بداخلها.

وعلى جانب آخر من متحف المراكب نشاهد مراكب مختلفة الأغراض، وأشهرها مركب الملكة »حتشبسوت«، التي كانت تستخدمه في حملاتها التجارية إلى بلاد »بونت«، الصومال حاليا؛ وكل الرحلات التجارية بهذه المراكب للملكة حتشبسوت مصورة على جدران المعبد الخاص بها في الدير البحري بمدينة الأقصر جنوب مصر.

مراكب توت عنخ آمون

ويتوقف بنا المركب داخل المتحف؛ لنصعد إلى مراكب »توت عنخ أمون« التي يبلغ عددها 35 مركبا، أشهرها »المركب الذهبية«، و»السفينة الملكية« التي نرى على سطحها جماليات أبدعتها أنامل فرعون مصري.

وتستمر بنا الرحلة؛ لنصل إلى النهاية؛ حيث نشاهد مركبا آخر لحاملة المسلات، وهو مركب كبير الحجم كان يخصص لنقل المسلات المصنوعة من أحجار الجرانيت من محاجر أسوان حتى المعبد عن طريق السحب بواسطة أكثر من 30 مركبا صغيرا تربط بالحبال في قواعد السفينة.

مركب كيلوباترا

وعلى قدر جمالها الذي سحر أنطونيو، فقد صُمم مركب أنيق للملكة كيلوباترا، ينطق بكل لغات الجمال، فهو نوع من المراكب الأثرية النادرة التي تخلب العقول؛ لنقف أمامه متأملين حركات ملكة الجمال صعودا وجلوسا ونزولا خلال رحلاتها الخاصة، ومن حولها الحرس يلتفون لحماية ملكتهم الفاتنة.

القياسة

وهو نوع من المراكب المصرية، لكنه حديث العهد، يطلق عليه »القياسة«، وهو من المراكب التجارية التي صممت خصيصاً لنقل البضائع والحبوب من مدينة رشيد إلى أسوان والعكس، إلا أنه لم يستمر طويلاً، فقد أبحر في آخر رحلة له العام 1960.

يخت »المحروسة«

وفي رحلتنا داخل المتحف نصعد إلى أشهر المراكب في العصرين القديم والحديث، وهو »يخت المحروسة«، الذي صمم في عهد الخديوي إسماعيل وكان خاصا به، ومن بعده الخديوي عباس حلمي الثاني.

ومن عجيب الأقدار أن يصعد كل منهما في يوم ما على سطحه؛ ليهبطا في »منفيهما« خارج مصر، إلى أن تبعهما الملك فاروق- على متن المركب ذاته- معزولاً عن عرش مصر منفياً إلى إيطاليا.

ولكونه »محروسا« من رياح وعواصف البحار، كما كان يعتقد ركابه، فقد استخدمه الرئيس جمال عبدالناصر، ولم يستقل هذا اليخت أي رئيس مصري آخر حتى هذه اللحظة، وبالبحث عن سبب ذلك، لم يستطع أحد من خبراء متحف المراكب أن يقدم لنا تفسيرا لذلك.

وعلى شاطئ آخر ترسو بنا سفينة القرية الفرعونية؛ لنصعد هذه المرة إلى مراكب أوروبية الصنع مثل »الجوندولا«، وهي من وسائل المواصلات الشهيرة بجزيرة فينسيا الإيطالية، ثم نجد سفينتين مصنوعتين من الحديد في العام 1862 أثناء الحرب الأهلية الأميركية.

تراتيل الغرق

وبجانب المراكب نتأمل نموذجا لسفينة »تيتانك«؛ أشهر السفن التي تم بناؤها في القرن العشرين، التي غرقت في أول وآخر رحلة لها العام 1912 بعد اصطدامها بجبل جليدي، ومات بداخلها 1500 شخص، ونشاهد بجانب السفينة الغارقة فرقا غنائية تعزف التراتيل على لحن الغرق.

دبي- الحواس الخمس

Email