في نقاش جرى مع الإعلامي راشد الخرجي، في أحد الموضوعات الإعلامية، بين استياءه من مشاهدته أحد الإعلانات التي قدمها شاب إماراتي، حيث ذكر في الإعلان من منطلق تدعيمه مثلا إماراتيا دارجا هو «ما يحك جلدك إلا ظفرك»، إلا أن الشاب قال: «ما يحك لحمك إلا ظفرك»!

ونوّه الخرجي إلى ضرورة الاستخدام الصحيح لأمثالنا الشعبية التي لا غنى لنا عنها في حياتنا اليومية، كما تتحتم الضرورة في توظيفها بكلماتها الصحيحة، وفي إطارها المناسب، والأمثال بصفة عامة جزء من حياة الأمم والشعوب، تستلهم التاريخ، وتتضمن الموروث، وتعبر عن الفكر والثقافة.

وتعد الأمثال نماذج الحكمة لما غاب عن الأسماع والأبصار لتهدي النفس، فمن تدبير الله لعباده أن ضرب لهم الأمثال من أنفسهم لحاجتهم إليها ليعقلوا بها، ويدركوا ما غاب عن أبصارهم وأسماعهم، ولا يغفل عاقل ما تتميز به الأمثال أيضا بوجه عام من ناحية البلاغة أهمها التشبيه، والإيجاز، والاستعارة والكناية، والسجع على أنواعه.

وفي هذا الإطار ناقش «الحواس الخمس» مع مجموعة من الشباب الإماراتيين أهمية توظيف الأمثال في حياتهم العامة، والذين أوضحوا أن الأمثال الشعبيةألا تعبر عن قيم ثقافية وموروثات إنسانية قديمة مكتسبة ومعتقة بخلاصة الخبرات والتجارب الحياتية، وظلت هذه الخلاصة متوارثة على مدى الأجيال تؤثر في الفكر والبناء الشخصي والمجتمعي.

قيم فاضلة

محمد عبدالله آل علي يقول إن هناك الكثير من تلك الأمثال الشعبية تحث الفرد والمجتمع على المحافظة على التقاليد الراسخة، والقيم الفاضلة مثل الشهامة والكرم والمروءة وغير ذلك المضامين الإنسانية، مُضيفا أنه على الرغم من صمود ذلك الإرث إلا أنه أصيب بالتراجع بين الأجيال الجديدة الذين قل ارتباطهم بالموروثات الشعبية في رحلة البحث عن التطور.

وأصبحت هناك الكثير من التحولات الفكرية والثقافية في ظل الانفتاح الثقافي على العالم الواسع، وإذا كان المثل يأتي مستخلصا من التجربة والحكمة، فلابد أن يكون هناك تجدد فكري تخرج منه أمثال حديثة لأن الأمثال نوع من الثقافة لا تخص جيل معين لإنها وعاء ومخزون معرفي للأجيال.

مضيفا أنه في أحد الأيام تعرض لموقف مع شخص كان يظن أنه صديق، واضطر لأن يقول له مثل: «الحيلة ما توصل دار»، وهي تعني أن من يظن أنه بالحيلة وليس بالعمل النزيه يمكن أن يفوز وينجح فإنه مخطئ، فالمحتال لن يصل إلى غاياته ولو تخيل له ذلك.

روح الفكاهة

أما حمدة الظهوري فتوضح أن القالب الذي يوضع فيه المثل بما فيه من إيجاز، واختصار تغلب عليه روح الفكاهة والخفة والظرف، هو أهم الأسباب التي تساعد في انتشار المثل وسرعة تداوله، وهي تحرص على قول الكثير من الألفاظ التي تتناسب مع المواقف الحياتية التي تمر بها.

حكم كثيرة

كما تبدي الحاجة أم محمد رأيها في الموضوع قائلة: الأمثال حكمة ومخزون يعبر عن ثقافة الشعب الإماراتي وعراقته، وأمدتنا بالكثير من الأمثال الشعبية التي تحفظها عن ظهر قلب. وذكرت منها: «اليمر يخلف رماد»، والذي يقال تعبيراً عن أن الجمر يعطي رماداً، وبالتالي يمكن لرجل صالح أن يخلف ابناً ضالاً لا خير فيه.

ومنها أيضا «المسافر له في البحر طريق»، وهو، كما أوضحت، مثل يقال لتشجيع الناس على المضي قدماً عندما يواجهون أوقاتاً عصيبة في حياتهم، وعليهم الاعتماد على الله الذي يسهل الأمور ويذلل الصعاب.

دبي - جميلة إسماعيل