أحمد ماهر: فيلم «المسيح» مشروع خطير يستحق المغامرة

أحمد ماهر: فيلم «المسيح» مشروع خطير يستحق المغامرة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أحمد ماهر مخرج ومؤلف مصري شاب أثار الكثير من الجدل في الآونة الأخيرة بفيلمه المسافر الذي شارك في مهرجان (فينسيا) في دورته الأخيرة، وحقق نجاحا عالميا رغم الانتقادات وردود الفعل السلبية التي لحقت بالعمل.

وسواء كان هناك اتفاق أو اختلاف على هذا المخرج وفيلمه فيكفيه إقناعه لوزارة الثقافة المصرية بالعودة إلى الإنتاج السينمائي بعد غياب طويل، وبجانب ذلك قيامه حاليا بالإعداد لفيلم آخر يعده مغامرة كبرى عن المسيح، يتحدث من خلاله عن إقامة العائلة المقدسة في مصر.. من المسافر إلى «المسيح» كان الحوار مع أحمد ماهر.. وهذا نص الحوار. * بداية.. كيف كان تنفيذ «المسافر» من خلال وزارة الثقافة؟ ـ جاءت الفرصة عندما قرأ كل من وزير الثقافة المصري فاروق حسني وعلي أبوشادي مسؤول الرقابة السابق عن سيناريو الفيلم، ثم تم عرضه على لجنة دعم السينما، وحصل على أعلى تقدير ووافق الوزير على إنتاجه، ويعتبر أول إنتاج لوزارة الثقافة بعد توقف 40 عاما عن الإنتاج السينمائي.

* لماذا لم تنتج شركتك الخاصة الفيلم؟ ـ كان من الممكن أن أقدم العديد من الأفلام في إيطاليا، لكنني فضلت أن يكون أول فيلم لي في مصر، وكانت الفكرة تلح عليّ بشدة، وبالفعل بدأت في كتابة الفيلم، لكنني اكتشفت أن ميزانية إنتاجه كانت أكبر من إمكانات شركتي، وعلى الرغم من أنه كان من الممكن أن تدخل شركات إيطالية في إنتاجه، فإنني فضلت أن يُنتج هذا الفيلم من خلال وزارة الثقافة، فقد تم عرض الفيلم من قبل عليها بمشاركة إنتاجية لشركة (جود نيوز)، التي تحمست له كثيرا وكان سيقوم ببطولته آنذاك الفنان الراحل أحمد زكي، لكن كانت وفاته عقبة أمام استكمال المشروع مع الشركة، فتوقفت وسافرت إلى إيطاليا وتابعت شركة الإنتاج الخاصة بي ومشروعاتي هناك.

* ما الذي أغرى وزارة الثقافة بإنتاجه؟ ـ وُجه إلى وزارة الثقافة اتهام بأنها لا تساند السينما، وعلق الوزير على ذلك، بقوله إن هناك بحثا عن سينما حقيقية تستحق المساندة، فلا فائدة من إنتاج أفلام يستطيع القطاع الخاص أن ينتجها، وعندما قرأ الوزير السيناريو قال إنه يرى أن هذا الفيلم متميز، ويصعب على الدولة ألا تسهم في إنتاجه، وقرر أن ينتج هذا الفيلم، كما أكد أنه لا يهم أن نكسب منه، ولكن المهم أن يشارك في المهرجانات الكبرى التي اختفينا عنها لأنها مهمة وزارة الثقافة.

* ما الذي تتناوله فكرة المسافر؟ ـ يدور حول ثلاثة أيام في حياة شخص ما، في ثلاث مدن مختلفة لها علاقة بالماء. أولا بورسعيد من خلال سفينة ضخمة في قناة السويس عام 1948، ثم يوم في الإسكندرية عام 1973 في منطقة على البحر، ويوم ثالث في القاهرة عام 2001 في مكان على النيل.

هجوم عمر الشريف

هل كتب الفيلم لـ «عمر الشريف» بشكل خاص؟

كنت أتصور الشريف منذ البداية على أنه الشخصية الرئيسية للفيلم، ولم أكن أعرف أنه هو الذي سيجسد الشخصية، وعندما كان سيقدمه الفنان أحمد زكي بعد أن قرأه قال لي: هذا الفيلم لم يكتب لي لكن أحب أن أقوم بأدائه، ففرحت برأيه وقراره، وقد كنت سأجري بعض التعديلات في السيناريو لو كان زكي بطل الفيلم، وبالمناسبة قال لي إنه سيؤدي دور البطولة في هذا الفيلم ثم يموت.

لم أكن أحاول أن أصل إلى عمر الشريف، لكن عندما توقف الفيلم عدت إلى الفكرة الأساسية، وهي أن يقوم هو ببطولته، وكنت أتمنى أن يقدم كل المراحل العمرية للشخصية، لكنه فضّل أن يقدم المرحلة الأخيرة فقط، وفي النهاية رأيت أنه كان لا يصلح أحد للقيام بالدور سوى عمر الشريف.

إذن لماذا غضب عمر الشريف من الفيلم بعد عرضه في مهرجان فينسيا؟

أتعجب كثيرا لما يقال؛ لأنه لا توجد مشاكل بيني وبين الفنان عمر الشريف، فكل ما نشرته إحدى الصحف، نفاه الفنان عمر الشريف؛ لأنه لم يحدث شيء مما قالته الجريدة، وعلاقتي بعمر الشريف قوية، ولم يحدث أي خلاف في فينسيا كما قيل، لكن كان هناك تصريح للشريف وتم تضخيم الموضوع، لكنه أبدى إعجابه بالفيلم ورأى أنه حقق الهدف منه، لكنه خشي ألا يلقى النجاح التجاري.

كيف كان رد فعلك بعد عدم حصول فيلمك على أي جوائز في المهرجان؟

ليست كل الأفلام التي تشارك في مهرجانات تحصد جوائز، وفيلم المسافر ليس وحده الذي لم يحصل على جوائز، وأريد أن أوضح أن المشاركة في المسابقات الدولية للمهرجانات الكبرى- في حد ذاتها- جائزة خاصة.

فحين يرفع علم مصر في المهرجان بعد غياب أكثر من 30 عاما عن المشاركة في المهرجانات الكبرى الدولية فهذا أمر مهم، وأفخر بأني المخرج الوحيد بعد يوسف شاهين في تاريخ السينما المصرية الذي شارك في مهرجان فينسيا، ولا يجب أن ننسى أننا قد حصلنا على جائزة اليونسكو، وهي جائزة موازية للمهرجان.

لماذا لم يتم عرض المسافر في مهرجان القاهرة السينمائي الفائت كما كان مقررا؟

مهرجان القاهرة في دورته قبل الفائتة طلب الفيلم، لكني لم أكن قد أنهيت تصويره، وقررت بعدها أن أشارك به في مهرجان فينسيا، وكان اشتراكه في مهرجان القاهرة سوف يمنع مشاركته في فينسيا.

وفوجئت العام الفائت، يوم افتتاح مهرجان القاهرة 2009، بأن الفيلم تم تحديد موعد عرض له في المهرجان دون الرجوع إليّ أو إلى وزارة الثقافة، وفي اليوم الذي كان مقررا فيه عرض الفيلم كانت نسخة الفيلم الوحيدة تعرض في مهرجان لندن، وبالتالي لم يتم عرضه.

رأي الجمهور

كيف تفسر الهجوم على الفيلم في بعض الصحف بعد عرضه في مهرجان فينسيا؟

لم يشاهد الفيلم صحافيون سوى الذين كانوا موجودين في فينسيا، وهم قليلون، منهم سمير فريد، آمال عثمان، طارق الشناوي، وهؤلاء نقدوا الفيلم، ومع ذلك أقدرهم؛ لأنه نقد حقيقي سواء كان مع الفيلم أو لا.

أما هؤلاء الذين هاجموا الفيلم، فهم صحافيون غير مؤهلين للنقد؛ لأن هناك فرقا بين الناقد الفني وصحافي الفن، ولم أجد فيما كتبه االصحافيون نقدا حقيقيا للفيلم، وأنا في انتظار رأي الجمهور حين يعرض الفيلم خلال الفترة المقبلة.

لماذا رفضت العمل في نيويورك واخترت استكمال الدراسة؟

سافرت في بداية عام 1993 إلى روما في بعثة، وكنت أول مخرج يحصل على جائزة روما الكبرى، وهي جائزة أوروبية تمنح للمتميزين في العالم، وقد حصلت عليها عام 1992، وعلى أساسها سافرت إلى روما، وكان حصولي عليها نظير مجموعة من الأفلام القصيرة التي قدمتها في مصر.

وفي ذلك الوقت كانت أمامي فرصة للعمل في السينما في نيويورك؛ إذ عرض عليَّ مدير معهد نيويورك أن ينتجوا لي أفلاما بعد أن شاهد بعض الأعمال التي قدمتها في ألمانيا، وكنت في حيرة شديدة لكني اخترت استكمال الدراسة رغم أن العرض كان مغريا؛ فقد كانت دراستي الأولى في مص.

واستكملت الدراسات العليا في إيطاليا، وهناك عملت أيضا في السينما، وكتبت عدة سيناريوهات، وقدمت أفلاما قصيرة وأفلاما تسجيلية، وقضيت فترة في عمل المونتاج والاستشارات الفنية، وقمت بتدريس الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو إلى أن أسست شركة إنتاج قدمت من خلالها بعض الأعمال في إيطاليا، ومنذ ذلك الوقت بدأت رحلتي مع الإنتاج أيضا.

أزمة حقيقية

ما الفرق بين مصر وإيطاليا في الإخراج؟

الفرق كبير بين مصر وما يحدث في العالم كله، وليس إيطاليا فقط، فنحن متقدمون على مستوى التكنولوجيا، لكن على المستوى الفكري هناك أزمة حقيقية، فعلى الرغم من حدوث نوع من القفزة التقنية في المعدات والأجهزة لم يحدث ما يوازيها على تقدم أفكارنا، وهذا نتيجة تدهور المجتمع ثقافيا وفكريا، ولأن بعض المنتجين والقائمين على الصناعة مهتمون بكل ما هو حرفي على حساب ما هو فكري.

هل أنت من مؤيدي فكرة سينما المؤلف؟

ليس بالضرورة أن يكون المخرج مؤلفًا أو العكس، لكن لا بد أن تكون وجهة نظر المخرج موجودة في الفكرة، ويجب أن يكون مشاركا في كتابة السيناريو، لكن أن يتحول المخرج إلى دور تنفيذي حرفي يفقده ماهيته كمخرج فهذا أمر مرفوض وغير مفيد لصناعة الفيلم؛ لأن المخرج في الأساس صاحب رؤية، وقادر على تحقيقها بحرفته وقدرته على التعبير.

ماذا عن فيلمك الجديد «المسيح»؟

كنت قد قررت بعد فيلم المسافر أن أتوقف عن تقديم أي عمل في مصر، لكن عرض عليّ فيلم «المسيح» وأنا في فينسيا وجاء ذلك باتصال تليفوني، ولم أتردد خاصة أنه مع المنتج محمد جوهر، وتشاركه في إنتاجه شركة إنجليزية، وقد أرسل لي السيناريو وقرأته وطلبت بعض التعديلات.

وتمت الموافقة عليها، وسيشارك فيه ممثلون عالميون وعرب ومصريون، ويدور الفيلم حول فترة وجود العائلة المقدسة في مصر، ويكشف الدور الذي لعبه المجتمع المصري تجاه العائلة المقدسة، ومن ناحية أخرى يكشف حال المجتمع المصري والتسامح الذي يتمتع به في الفترة الحالية.

ألم تقلق من تقديم هذا الفيلم، خاصة أنه سيثير جدلاً كثيراً؟

منهجي في الإخراج تحدي المألوف، وهذا الفيلم مشروع خطير، لكنه يستحق المغامرة؛ حتى يعيد التأكيد على فكرة التسامح والتعايش مع الغير، وأعتقد أن لديّ الخبرة لتقديم فيلم مصري بمواصفات عالمية عن المسيح مثلما يراه الشرق والغرب، وسيظهر المسيح وهو طفل، والأبطال الرئيسيون هم السيدة مريم، ويوسف النجار، وتجرى حاليا تعديلات على السيناريو، ويستغرق التحضير له ما يقرب من 8 أشهر، وبعدها يمكن أن نبدأ التصوير الذي يستغرق عاما كاملا في أكتوبر المقبل.

Email