سينما

سينما الأطفال العربية صناعة يعوزها الترويج

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها السينما تمثل تجربة لا تنسى حيث قررت إدارة المدرسة أن تأخذنا لمشاهدة أحد أفلام الكارتون وقد أبهرتني الشاشة الكبيرة والأصوات المميزة، فشعرت أني في عالم ثان، وقد عشقت السينما من يومها، لكن أهلي في الغالب لا يوافقون على اصطحابي لفيلم خاص بالكبار وأفلام الأطفال قليلة.

سيف محمد ابن الثانية عشرة عشق السينما منذ تلك الرحلة المدرسية التي فتحت عينيه على عالم آخر من المتعة والمرح، لكنه لا يجد دائماً ما يناسيه من الأفلام، وأحياناً تفوته معرفة أفلام الأطفال الجديدة لأن السينما مخصصة للكبار ولا توجد فيها إلا مساحة صغيرة للطفولة واحتياجاتها.وهو أمر صار معروفاً فمعظم أفلام الأطفال وبرامجهم تستورد من الخارج وبالنتيجة لا توجد سينما مخصصة للأطفال إلا في أطر ضيقة وجهود قليلة تشكل ومضات سريعة منها مهرجان القاهرة لسينما الأطفال، وبعض الجهود الفردية هنا وهناك التي تحاول إنتاج أفلام مخصصة للأطفال.

والسينما تعاني من القصور في توجهها إلى الأطفال وهو ما يعترف به المتخصصون في صناعة الفن وثقافة الطفل، فيذكر المخرج المسرحي محمود أبو العباس انه مع وجود عدد لا بأس به من مسرحيات الأطفال، نجد أن السينما لا تعتني كثيراً بأفلام الأطفال، وهذا الإهمال يأتي من وهم أن الأطفال لا يرتادون السينما كثيراً. وهو أمر غير صحيح إذ أن الأطفال أكثر اهتماماً بالسينما، فالهجمة الكبيرة على صناعة سينما الأطفال الغربية تعني أن هناك قفزة بالوعي في فهم الطفل وتوافقه مع ما أفرزته الحضارة وتطور تقنيات السينما التي يمكن أن ينسجم معها الطفل ويستمتع بها ويستفيد منها في توسيع مداركه ومعارفه.

وفي الوطن العربي هناك جهود لدعم سينما الأطفال نجدها في مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال وكذلك هناك توجهات في مهرجان دبي السينمائي لتوفير حصة خاصة لأفلام الأطفال سترى النور قريباً إن شاء الله، ولكن ما يجعل صناعة أفلام الأطفال العربية متراجعة هو الكلفة العالية لصناعتها، فهي بحاجة إلى تقنيات متطورة وسقف عال من الرصد المالي لها لتقديم صناعة متقنة .

وهو أمر لا يقبل عليه المنتجون خوفاً من الخسارة في حال عدم نجاح الفيلم وضعف الإقبال عليه، وبشكل عام لا يمكن أن ننكر أن هناك إهمال واضح لكل ما يخص ثقافة الطفل والاهتمام به، عدا ما نجده في بعض المؤسسات التي تعني بالطفل والأسرة ككل.

وللكاتبة منى سعيد المتخصصة بثقافة الطفل رأي آخر في هذا المجال، حيث قالت: توجد أفلام عربية كثيرة للأطفال لكنها غير شائعة لأن تلك الصناعة حديثة العهد عندنا ولا تجد الترويج المناسب أو التسويق الصحيح، ولكن خلال تجربتي في العمل في مجال الأطفال أستطيع التأكيد على وجود حركة قوية لإنتاج سينما الأطفال.

وقد وجدت خلال مراجعتي للأفلام التي ستعرض في مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال أن الإمارات تشارك في فيلم اسمه أصيلة، إضافة إلى وجود أفلام وثائقية وأفلام رسوم متحركة بتقنيات عالية، فلا أحد ينكر أن الحاجة كبيرة جداً وربما أكثر من الحاجة إلى إنتاج سينما للكبار، لأن الأفلام يمكن أن تقدم دوراً تربوياً يوازي دور البيت والمدرسة.

والرسوم المتحركة أصبحت الآن تنتج أفلاماً للأطفال من عمر سنتين أي منذ بداية الوعي، حيث تواكب السينما حياة الطفل منذ البداية، وربما تتقدم في الوعي على الأسرة لأنها تقدم رؤية ثقافية ناضجة قد لا تكون موجودة عند الأهل لذا يمكن أن تكون سينما الطفل مصدراً مهماً من مصادر التربية وتعليم الأسس السليمة للحياة.

ومن الناحية الاجتماعية تناقش الباحثة الاجتماعية الهام الحاج موضوع سينما الأطفال والأفلام الموجهة لهم قائلة: بصراحة أظن أن إنتاجنا للأطفال في كل المجالات في عالمنا العربي قليل سواء أدب الأطفال أو مسرح الطفل أو السينما الموجهة للأطفال .

والتي تكاد تكون غير موجودة أصلاً، إلا في بعض التجارب الخجولة السورية واللبنانية على ما أذكر، فقد اكتفينا بدبلجة بعض الإنتاج العالمي لأفلام الكرتون السينمائية من مثل «حكاية لعبة، حياة حشرة، نيمو، ميه وواحد مرقش ومرقش وغيرها والتي قام بدبلجتها عدد من المبدعين المصريين .

حيث قدمت بطريقة إبداعية جميلة تميزت بروعة تنفيذها وكم الابهار والقيم الإنسانية العظيمة التي احتوت عليها من مثل حب الوطن، التعاون، قيمة الأشياء، الصداقة، الحب، الحرية، وغيرها من قيم غاية في الأهمية، كذلك هناك الأعمال المترجمة لبعض الأفلام العالمية الموجهة للأطفال والتي كانت في بعضها بعيدة عن قيم مجتمعاتنا وخصوصيتها، لذلك أنا مع أن تكون هذه الأعمال مدروسة بشكل أكبر يقوم عليها اختصاصيون مؤهلون ومستأمنون على أجيالنا.

والأهم من ذلك أن يكون هناك إنتاج عربي لأفلام موجهة للأطفال وهذا أؤكد عليه أنا مع السينما تلك لأني أرى أن دور الأسرة يتراجع مع انشغال الأهل والأم العاملة ودخول الخادمة الغريبة المربية ودخول النت وتراجع القراءة، ونحن نحتاج لتلك السينما لكي تشارك في تنشئة أطفالنا طبعاً.

لكننا نحتاجها ممتعة مسلية فيها معلومة ومعرفة، وانفتاح على الآخر والعالم، وفيها تربية جمالية وموسيقية، إضافة إلى تقديمها لتجارب إنسانية تربي أولادنا وهم مستمتعون فتوصل لهم القيم العظيمة وهم تحت تأثير الدهشة البصرية.

محمود أبو العباس

الهجمة الكبيرة على صناعة سينما الأطفال الغربية تعني أن هناك قفزة بالوعي في فهم الطفل وتوافقه مع ما أفرزته الحضارة وتطور تقنيات السينما الحديثة.

منى سعيد

أستطيع التأكيد على وجود حركة قوية لإنتاج سينما الأطفال، إذ توجد أفلام عربية كثيرة للأطفال لكنها غير شائعة لأن تلك الصناعة حديثة العهد عندنا.

دبي ـ دلال جويد

Email