دراما

«الخوف والعزلة» يقود الحب في دروب مزيفة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

دخلت الأعمال الدرامية السورية هذا الموسم في تفاصيل المجتمع السوري لدرجة تمت فيها تعرية مختلف الظواهر الاجتماعية والأخلاقية متجاوزة الخطوط الحمراء المتفق عليها ضمنيا مع المشاهد كمسألة الخيانة الزوجية وإقامة علاقات غير مشروعة بين الشباب، ولا شك أن إجراء كهذا سلاح ذو حدين؛ فهو قد يعزز من أهمية الدراما الاجتماعية في الشارع العربي والسوري من جهة، وقد يجعل الناس تتهم الفن والتمثيل بأنه يفضح العلاقات السرية للمجتمعات.

ويبرز مسلسل (الخوف والعزلة) الذي عرض ضمن خارطة رمضان الدرامية لهذا العام عن نص للكاتب الشاب فادي قوشقجي وإخراج سيف الدين سبيعي كأحد تلك الأمثلة التي تحكي عن فسيفساء المجتمع الدمشقي، وهو من بطولة كل من عبد المنعم عمايري، كاريس بشار، رامي حنا، ميلاد يوسف، ميسون أبو أسعد، رفيق سبيعي، ثناء دبسي، سليم صبري، سوسن أرشيد، خالد القيش، كفاح الخوص، زهير عبد الكريم، نجاح سفكوني، والكثير من الفنانين في الدراما السورية.شارة العمل قدمت حلا فنيا لافتا مستعينة بالحرف الأول من أسماء أبطال العمل الأربعة والذين هم ( أكرم ولميس وحسام وبسمة)، ليكون الحب هو المفردة التي تجمعهم مع بعضهم البعض، والتي ستخلق لهم مشكلات في المستقبل بسبب وقوعهم جميعا ضحايا لهذا الحب، والمفارقة أن أهم الشخصيات التي هجرها الحب في هذا العمل هم هؤلاء الشخصيات الأربع.

ويبدو محور الحب هو ما ألف بين محاور المسلسل، بل هو المحور الناظم لمختلف العلاقات التي تمضي في فضاءات الحكاية الأم، والمهم هنا هو أن العائلة التي فقدت الأبوين مبكراً اعتمدت على وجود العمة، التي تؤدي دورها الفنانة ثناء دبسي، بينهم وهي بدورها تفانت في حب زوجها، إلا أنها طلقت منه فعاشت بين أولاد أخيها أما وأبا لهم تساعدهم في الكثير من الأوقات على تجاوز أزماتهم الحياتية والإنسانية، ويكبر الأولاد ويبدأون بتحقيق مشاريعهم الخاصة والمهنية.

ومن خلالها يتعرفون إلى شركاء جدد في حياتهم.وتبدو مأساة لميس هي الأصعب، تؤدي دورها كاريس بشار، حينما تعشق زوج صديقتها لكونها كانت تدرس ابنتها فتنشأ تلك العلاقة في الظل، لا ترى الشمس في أجواء غير شرعية، وتكبر تلك العلاقة إلى أن تكتشف الزوجة ما فعلته صديقتها بزوجها، وتقع الصغرى بسمة ضحية مؤامرة يكيدها لها أحد الشباب.

فتتعرف إليه وتعجب به وتزوره في بيته وتقام بينهما علاقة غير شرعية، وحينما يحصل هذا الشاب على مبتغاه تراه ينسحب من كل الوعود التي أطلقها بالارتباط والزواج ويترك بسمة أسيرة تلك الأحلام والوعود الكاذبة.

ولم تقف العائلة عند هذا الأمر بل بليت بالشقيق الأكبر، الذي يؤدي دوره عبد المنعم عمايري، وهو شخص حالم مصاب بعقد نفسية وهو مهيأ دائما ان يظهر له والده بطيفه ليناقشه في قضاياه ويعيث أكرم خرابا في البيت، حيث يتأزم ويؤزم من حوله وتحديدا حينما يعلم بالمشكلات التي عانت منها أختاه والتناقض انه يواعد صديقة له دون ان يتمكن أن يعيش معها حياة كاملة بسبب عقدة رجولة فيه مما يجعله أسير عجز لم يوضح النص ان كان حقيقيا ام لا.

يسجل للمخرج سيف الدين سبيعي قدرته على تقديم اقتراحات وحلول فنية تتلاءم وطبيعة القضية التي يعرض لها، وعموما يعتبر الطاقم التمثيلي الذي عمل معه طاقما احترافيا، وهو لم يعتمد على جمال البنات اللواتي اختارهن للعمل معه بقدر ما لعب على روح النص والأفكار بجعله وقودا لأرواحهن وإظهار الطاقة الكامنة داخل كل واحدة فيهن، وبالتالي لن يستطيع العمل أن يرسم معالم الجمال دون أن يدخل في أرواح تلك الشخصيات.

ويبدو اللعب على الشق الروحي في شخصيات العمل الرهان الذي يجعل من سيف الدين سبيعي يخوض معركته مع هذه الدراما بقصتها التقليدية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الشخصيات توافقت مع رغبة المخرج فلجأت لأداء مسرحي من وحي التلفزيون والدراما التلفزيونية؛ فحققت انجازا طيبا لجهة الجديد في التعاطي مع الدراما التلفزيونية والشراكة التلفزيونية المسرحية في آن معا.

المخرج اجتهد للكلمة والصورة في هذا العمل، حيث يظهر لنا ان هناك وحدة فنية وأسلوبية تميز عمل سيف ليكون هذا العمل مفتاح دخوله في الدراما المعاصرة بعد ان قدم سلسلة الأجزاء من مسلسل الحصرم الشامي والذي يعرض على القنوات المشفرة.

(الخوف والعزلة) عمل يضاف إلى رصيد الدراما السورية موحيا من عنوانه الجوانب السلبية والايجابية التي حفل بها العمل وقدمها على مائدة حوار طويل مهدت له الدراما لينتقل بين الناس تاركا إجابات بحجم الحب والخيبة.

دبي ـ جمال آدم

Email