أنفاس

الصيد بالصقور هواية عمرها 4000 سنة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الصقر طائر جميل وذكي وشجاع ويتمتع بصفات تليق بالرجال فاستطاع أن يستحوذ على إعجابهم منذ العصور القديمة، فقد عرف الصيد بالصقور عند السومريين والبابليين والفراعنة، وقد وجدت صور وكتابات تبين معرفة الحضارات القديمة بصيد الصقور، وهي هواية عالمية عرفت في بلدان الشرق والغرب، ولها في الإمارات حظوة خاصة، فهي جزء من تراث عشقه أبناء الصحراء وتعلقوا به، فصار الشباب اليوم يتبارون في اختيار الصقر المميز والسفر إلى بلدان مختلفة لاختيار أماكن الصيد المناسبة.

ومحمد بن سعيد الكتبي واحد من الشباب الذين عشقوا الصيد بالصقور في سن مبكرة، يقول: بدأت باقتناء الصقور وممارسة الصيد منذ أن كنت في السابعة عشرة من عمري، فهذه الهواية جزء من تراثنا وجدنا شيوخنا يهتمون بها ويقتنون الصقور ويأخذونها معهم في رحلاتهم للقنص، وقد كانت الناس تسمي أبنائها على أسماء الصقور اعجابا بها وبقوتها، وهذا دليل على أن التعامل مع الصقور بخصوصية لم يكن جديدا على مجتمعنا. ومن أنواع الصقور المعروفة في ذلك الوقت «الحر» ويكون لونه اشقر وهو كبير الحجم، إضافة إلى «الشاهين» الذي يكون لونه أسود، و«الوكري» ويكون لونه بني. وبدأ تهجين الطيور المخصصة للصيد حيث ظهرت أنواع متعددة منها «السيبيري» و«جرودي» و«سيناري»، وتستخدم كذلك إناث الصقور للصيد حيث تستخدم انثى الحر وتسمى «القرموشة» وأنثى الشاهين وتسمى «خميسية».

ويتناول الكتبي مواعيد القنص ومواسمه قائلا: تعد شهور الشتاء هي المناسبة للصيد بالصقور، حيث يكون موسم هجرة الطيور وتكاثرها، إضافة إلى أن الصقور الحرة التي تأتي من بلدان باردة يناسبها أن تطارد فرائسها في أجواء باردة حيث تكون قوية ومستعدة للقنص، وفي الغالب تنظم رحلات للصيد بالصقور إلى بلدان مناسبة مثل باكستان وسوريا وايران والعراق، حيث يكون صيد الحبارى مطلبا لممارسي الصيد بالصقور. ويتحدث ياسر عبد الرحيم عن الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الصقر ليكون مناسبا للقنص قائلا: يجب أن لا يكون الصقر كبيرا في السن حيث يتم اختيار الصقور اليافع القوية للقنص.

كما يفضل اختيار الصقر الوحشي أي الذي لم يتربى في مزرعة، لأن الصقر الوحشي الذي يعيش في البراري يكون مدربا على الصيد لحاجته للطعام، ومهارته واضحة لممارسي الصيد بالصقور، بينما يحتاج صقر المزرعة إلى وقت طويل للتدرب على قنص الطرائد، وقد سميت الصقور طيورا جارحة لأنها تتناول اللحوم، وفي موسم الصيد تجوع الصقور قليلا لتقوم بالقنص على أكمل وجه، فالصقر يصيد لأنه جائع، وهو الأمر المتناغم مع الطبيعة.

وللصيد بالصقور عدة أدوات يعرفها الصقارون ويحرصون على توفيرها، وهي البرقع الذي يمثل غطاء صغيرا لعيني الصقر ويناسب حجم الوجه ويصنع من الجلد، حيث يكون مزخرفا وملونا ليعطي جمالا حين يضعه الصقار على وجه الصقر ويربطه برباط خاص به، وهو يحجب نظر الصقر حتى الوقت المناسب للقنص، وفكرة غطاء العين هذه عربية أخذها الأوربيون فيما بعد لأن الصقر يمكن أن يبقى طائرا يبحث عن الطرائد ما لم تعصب عيناه فهو يستطيع أن يرى بوضوح مسافة تسعة كيلومترات.

ويجب على القناص أن يرتدي القفاز لكي يمكنه نقل الصقر من دون أن يؤذيه الطير بمخالبه، والقفاز هو قطعة من القماش السميك محشوة من الداخل بالخيش، أو القماش الطري المكسو من الخارج بالمخمل والفتحتان مكسوتان بالجلد الطري أو البلاستيك الرقيق والمنجلة في مجمل صنعها سميكة وقوية تحمي يد الصقار، وهي لينة لا تؤذي مخالب الطير، ويسميها الصقارون المنقلة أو المنجلة.

وتكون فيها فتحة تسمح للصقار أن يخرج أصابعه ويطعم صقره، وكذلك توجد أدوات أخرى للقنص منها الوكر الذي يمثل قاعدة من الحديد والخشب تصمم على شكل السهم تغرس في الأرض ليقف عليها الصقر، و«المخلاة» هي حقيبة توضع بها عدة الصقر وأدوات القنص، ولجذب الطائر أو تدريبه يستخدم «التلواح»، الذي يكون عبارة عن أجنحة حبارى مربوطة يلوح بها للصقر فيعود ظنا منه أنها حبارى حقيقية.

أما السُبُوق فهو خيط سميك يجدل من البلاستك عبارة عن خيط سميك ملون وأحياناً يصنع من البلاستيك، يبلغ طوله حوالي ثلاثين سنتيمترا تربط به أرجل الطير بالوكر أو القفاز، أما «المرسل» فهو الجزء الثاني من السبوق وهو خيط أسمك قليلا من سابقه يستخدم لمنع الطائر من الهرب يكون أطول من السبوق، إذ يصل طوله الى 120 سنتيمترا.

وقد أصبح القناصون اليوم يستخدمون أجهزة تحدد الاتجاهات تكون مرتبطة بالأقمار الصناعية كما وضعت للصقور أجهزة تعقب لاسلكية يمكن عن طريقها معرفة مكان وجود الصقر حال عدم عودته، وصار الاهتمام بالصقور وأدواتها أكثر تطورا فقد أنشت في الدولة مستشفيات لعلاج الصقور كما تم تهجين الصقور لانتاج سلالات قوية قادرة على القنص بشكل أكثر دقة وحيوية.

ويشير محمد الكتبي إلى أن الصقور تصيد أنواعا مختلفة من الطيور منها الحبارى والكروان والدجاج البري والحمام وغيرها، والشاهين يصيد الطرائد الصغيرة بينما يمكن للصقر الحر أن يصيد الغزلان حيث تمتلك الصقور سرعة هائلة تصل إلى 189 ميلا في الساعة ويستطيع أن ينقض على فريسته بسرعة كبيرة فيضرب الغزلان في الوجه والعينين ويشل حركتها، ويجعلها لا تستطيع مقاومته،.

وهذا ما يجعله مثيرا للإعجاب ويتعلق به الصقارون، فهو يتميز بقدرات لا تتوفر في الطيور الأخرى، وفي الماضي كان الرجل يصطحب للقنص صقوره للقنص، مع كلاب الصيد السلوقية، وكلا النوعين يحظى باهتمام خاص في الدولة، إذ توجد وثائق تثبت هويتها وملكيتها لصاحبها.

وعادة يخرج الرجل مع صقر واحد أو اثنين بينما يمكن أن يحمل كبار القوم أكثر من ستة صقور معهم فهم يقومون برحلات طويلة إلى بلدان مختلفة بحثا عن الحبارى التي تكون مرغوبة جدا في القنص، وهناك من يشتريها بأثمان مرتفعة حين يتعذر قنصها في البلاد، والصيد لا ينتظر منه الربح وانما هو هواية تربط الإنسان بالطبيعة وبالطيور وتنشئ علاقة بين الصقر وصاحبه تجعلهما متلازمين لا يفترقان، فكل منهما يسعى إلى هدف واحد هو القنص.

دبي - دلال جويد

Email