الدراما العراقية مطالبة بتوحيد العراقيين كما فعلت كرة القدم

محمود أبو العباس:الدراما العراقية مطالبة بتوحيد العراقيين كما فعلت كرة القدم

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

محمود أبو العباس، اسم فني عراقي مهم يحمل على كتفيه تجربة تمتد إلى أكثر من ثلاثين عاماً كرس فيها صورة الفنان الملتزم والمبدع المعلم، الذي يترك بصمته في تلاميذه مثلما يتركها في أعماله الفنية. هو فنان شامل أبدع في الإخراج والكتابة والتمثيل. «الحواس الخمس» التقى محمود أبو العباس في حوار بدأه بمشواره الفني وعرج بنا إلى أهم المحطات الفنية في حياته.

بدأ الفنان العراقي، محمود أبو العباس، رحلته الفنية منذ سن مبكرة، إذ قدم أول عمل له وهو في الحادية عشرة من عمره، يتذكره وهو يبتسم قائلاً «شاركت في مسرحية (أوديب الذي قتل الوحش) من إخراج محمد وهيب، وكان دوري على المسرح يتكون من جملة واحدة، وفي كل مرة أقولها كان الجمهور ينفجر ضاحكاً، وقد حببتني تلك التجربة في التمثيل ليصبح هدفاً في حياتي».ويمتلك محمود أبو العباس تاريخاً مميزاً في مجال المسرح والتلفزيون فقد أخرج ومثل عدداً كبيراً من الأعمال المسرحية والدرامية، كان آخرها مشاركته في المسلسل الخليجي (هديل الليل) الذي يتحدث عن تجربته فيه قائلاً: هذا المسلسل من تأليف أمين صالح وإخراج مصطفى رشيد، وقد صورنا أجزاء منه في حتا ومناطق أخرى، وأجسد فيها شخصية مهمة في المسلسل هي شخصية رئيس عصابة تسكن في الجبل اسمه خزعل، وقد رشحني لهذا الدور الفنان القدير أحمد الجسمي المنتج المنفذ للعمل.

هل تجد أن هذا الدور يناسب قدراتك الفنية، وتجربتك في التمثيل، وفي الإخراج؟

في البداية حين أعمل ممثلاً أتناسى كوني مخرجاً لأن المخرج يراني بعينه أكثر مما أرى نفسي، وفي (هديل الليل) وجدت النص مكتوباً بشكل جيد؛ فأمين صالح كاتب بحريني كبير وأفكاره رائعة، إضافة إلى أن العمل ممتع جداً مع المخرج مصطفى رشيد، لذا أجد أن هذا المسلسل يتلاءم مع تجربتي في مجال الأعمال التلفزيونية.

لو تحدثنا عن الدراما العراقية ألا تجد أن الأعمال التلفزيونية لم تحقق المستوى المطلوب؟

الأعمال التلفزيونية مرتبطة بالقنوات الفضائية، والدراما التلفزيونية العراقية تعاني مشكلات في التمويل الذي قل إلى حد كبير، وكثير من الفضائيات تسعى إلى تمويل الأعمال السهلة، خصوصاً الكوميدية التي انقسمت إلى قسمين منها الكوميديا ذات التوجه السياسي، أو الكوميديا السلبية التي تنفصل عن الأحداث.

للأسف صارت الأعمال التلفزيونية العراقية تنحصر في فكرة واحدة هي فكرة الدمار والخراب، وهو أمر طبيعي لأنها تنطلق من واقع حال، لكن مسؤوليتنا تحتم علينا أن نقدم وجهاً أكثر نصوعاً وأكثر قرباً من حضارة البلد، وهناك بعض القصص الإنسانية تدعو إلى تماسك العائلة العراقية، لذا يجب أن يكون دور الدراما التلفزيونية هو جمع العراقيين مثلما فعلت كرة القدم، فنحن نحتاج إلى تكريس الدراما على أن تكون واقع حال متطور للواقع العراقي بدلاً من أن تكون أداة تسجيله.

هل تعتقد أن الفنان العراقي يمكن أن يسهم بشكل فاعل في دعم الدراما العراقية؟

الدراما تحتاج إلى استقرار وشاطئ أمان لتزدهر، والفنان العراقي يجب أن يكون مؤمناً على حياته حين يذهب إلى العراق، لكن عدم وجود الأمان جعلت الأعمال الدرامية تفتقد الأجواء العراقية في التواصل مع الحياة في العراق، والكتابة عنها من معايشتها، لكن معظم الفنانين اليوم مضطرون إلى تسجيل أعمالهم خارج العراق فتبدوا أعمالهم منقطعة عن النكهة العراقية، وليس هناك ما يمكن أن يحل هذه الإشكالية سوى توفر الأمان في البلد لتزدهر الدراما به.

لكننا نجد أنك شاركت في مسلسلات تقدم تاريخ العراق الحديث، فكيف يمكن تقيم دور الأعمال التاريخية في تلك المرحلة؟

الدراما التاريخية هي الدراما التي تفتح أبواب الماضي، الذي قد لا يعرف الجيل الحالي عنه شيئاً، وهي تقدم الشخصيات المعروفة تاريخياً بصورة إنسانية.

وتسعى إلى تطويع الدراما لملامسة الواقع. فحين قدمنا مسلسل (الباشا) تم تصوير مرحلة تاريخية مهمة أظهرت كثيراً من التفاصيل التي لم تعد تثير الإنسان العراقي بفعل ظروف الحرب وتبعاتها، والدراما التاريخية إذا فتحت لها ستؤكد وجود إمكانيات كثيرة على صعيد المتن الحكائي ومستوى الأداء، والمشكلة تكمن في فقر التمويل فلا تتوافر إنتاجية كافية لتغطية تكاليفها، لذا تظهر فقيرة في جماليات المكان والأزياء وغيرها من تفاصيل العمل الفني.

هل تنوي تقديم أعمال تاريخية أخرى؟

هناك اتفاق بيني وبين صلاح كرم لتقديم شخصية شاعر عراقي مهم، سيتم التصريح باسمه مستقبلاً، وقد قدمت سابقاً شخصيات شعراء عراقيين منهم الشاعر جميل صدقي الزهاوي، وأتوقع أن يكون مسلسلاً متميزاً يقدر شخصية هذا الشاعر.

يمكن وصفك بالفنان الشامل كونك ممثلاً ومخرجاً وكاتباً، حدثنا عن آخر أعمالك في الكتابة؟

كنت حولت رواية (النخلة والجيران) للكاتب المرحوم غائب نعمة فرمان إلى سيناريو مسلسل تلفزيوني، لكني توقفت لسببين أحدهما أن زميلاً لي في العراق هو علي حسين قد كتب النص للتلفزيون في الوقت نفسه.

إضافة إلى إشكالات مع أسرة المؤلف حول الحقوق المادية، وهو أمر له علاقة بمنتجي العمل، لكن تلك الإشكاليتين حلتا؛ فمعالجتي للرواية تختلف تماماً عن معالجة زميلي، لذا أتوقع أن يقدم هذا العمل في مرحلة قادمة بشكل يليق بالدراما العراقية، وهناك سيناريو مسلسل (ميراث القطط) الذي كان نصاً مسرحياً من تأليفي حولته إلى مسلسل تلفزيوني بانتظار التنفيذ.

أين يشعر محمود أبو العباس بقوة أدائه في المسرح أم التلفزيون؟

المسرح أكثر قرباً لنفسي لأنه مؤسسة اجتماعية تعقد صداقة نبيلة بينك وبين الجمهور؛ فالجمهور هو الذي يشكل إيقاع الفنان على المسرح، بينما تنقطع هذه الصلة في التلفزيون؛ فالفنان يقف أمام عيون الكاميرا، وعليه أن يتخيل جمهوره، لذا أرى في التلفزيون تعبيراً منقطعاً.

دبي - دلال جويد

Email