كواليس

ريم القرق.. أول عربية تدخل موسوعة «غينيس»

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

طفلة صغيرة كانت.. تدون حلمها الأبعد وهي على مقاعد الدراسة، ففي فترة المدرسة كانت تؤمن أن الهدف البعيد لن يطال إلا بالتثبيت، وذلك يعني بالنسبة لها أن تكتب تفصيلاً لتعرف من أين تبدأ.. ذلك بالتحديد ما تعلمته من والديها، وهما اللذان رسما في مخيلتها كيف تحدد أهدافها، ثم تضع الخطط اللازمة لتحقيقها، وذلك دون أن يغفلا أمراً مهماً وهو التميز في كافة أحوالها، لذلك كانت موضوعية ودقيقة في رسم الهدف وتثبيته على الورق، وتحقيقه حدثاً واقعياً يصرخ في فضاء التميز دون حدود.

ريم صالح القرق، فتاة إماراتية تبلغ من العمر 25 عاماً، حينما كانت في المدرسة كتبت على ورق مذكراتها التي كانت تبدو عفوية « سأبحث عن عمل يميزني وأدخل به موسوعة جينس العالمية»، وساقتها الأيام والسنون والشهور وهي تطالع ورق الطفولة بعين الإصرار والطموح، وقبل فترة وجيزة حققت ريم صاحبة الحلم القديم، رقماً قياسياً عالمياً لإنجازها أكبر لوحة فسيفساء في العالم، وتمكنت بحلم وإصرار من تسجيل اسمها في مقدمة صفحات الطبعة العربية من كتاب جينس للأرقام القياسية للعام 2009، من خلال لوحة فسيفساء خشبية حملت اسم «رؤية الصحراء».وربما لا تقل أهمية عن دخول موسوعة غينيس، حقيقة أخرى تعيشها الإماراتية ريم القرق، وهي أنها الأستاذة الجامعية الإماراتية الأولى والوحيدة في جامعة زايد، حيث تحمل شهادة الماجستير في إدارة الرعاية الصحية والتغذية البشرية، وتعمل في تدريس الطالبات مساقات أسس التغذية، وهذا الأمر أيضاً، هو ثمرة حلم آخر دونته وهي صغيرة في سجلها الطفولي البريء، الذي لا يزال يتكتم على أحلام أخرى تحفز ريم على السير نحو المستقبل مستكشفة أسباب أخرى للتميز، علها تحققها أمراً واقعاً.

وبالعودة إلى الحدث الأبرز وهو موسوعة غينيس العالمية، فقد قالت ريم لـ «الحواس الخمس» أنها عكفت على تشكيل اللوحة الكبيرة مدة 4 شهور متواصلة، وقد بدأت بها في صيف 2008 وتعمدت إنجازها في الثامن من نوفمبر الذي يصادف اليوم العالمي للاحتفال بالأرقام القياسية.

وتضيف ريم أن البداية كانت باتصالها بالقائمين على أمر الموسوعة هنا في الإمارات، للسؤال عن أكبر لوحة مسجلة لديهم، وبعد الحصول على المعلومات التي أرادتها، فوجئت بمعلومة لم تتوقعها، وهي أن الموسوعة لم تسجل إلى الآن أي إنجاز لامرأة عربية، وهو ما دفعها للعمل بشكل مركز ومتواصل لاقتحام هذا العالم الذي ظل مغمضاً عيناه عن المرأة العربية، إلى أن جسدت ريم حلمها المكتوب على لوحة فسيفسائية معبدة بقطع خشبية تروي حلم دبي والصحراء، وبذلك كانت المرأة العربية الأولى التي تدون اسمها في كتاب لا تسترخي صفحاته لغير المتميزين.

منذ البداية أرادت ريم صورة إماراتية معبرة، إلى أن ساقها الإصرار إلى صورة وجدتها لدى شركة «صحارى فيجن»، ثم أخذت موافقة الشركة لتكبيرها إلى الحد الذي يمكنها من تدوين اسمها نجمة في سماء الأرقام القياسية، ثم سرعان ما تمكنت من تكبير الصورة إلى مساحة 75,3 أمتار مربعة، محطمةً بذلك الرقم العالمي الأول بزيادة متر مربع، ومحققة أول دخول لامرأة عربية في عالم جينس للأرقام القياسية، لا سيما وأن ذلك كان حلماً يسكن مخيلتها منذ كانت صغيرة في المدرسة.

وعلى مدار 4 شهور متواصلة استخدمت ريم 18 ألفاً و231 قطعة خشبية، أرادتها بألوان الصحراء لتعكس فيها روح وطبيعة المكان، مشيرة إلى أن أهلها ساعدوها في إتمام اللوحة على مدار 4 شهور متواصلة، حيث ظل العمل يسير بوتيرة واحدة من الإصرار إلى أن بلغت به حلمها القديم، الذي أضحى كما تقول بصمة إبداع تسجل لصالح طموحها القوي نحو المزيد والمزيد.

العمل الذي أسمته رؤية الصحراء، يحمل في طياته الروح الأجمل للإمارات كدولة ولدبي كمدينة وإمارة حالمة، يبرز من جهة البنايات العملاقة على شارع الشيخ زايد، وهي صورة للواقع، ومن الجهة المقابلة تشع الصحراء برمالها الذهبية وفوقها ثلاثة أقمار، وذلك تعبير عن الحلم والرؤية الإماراتية.

وأكدت القرق أنها اختارت بالتحديد لوحة «رؤية الصحراء» لغاية في نفسها، وهي تسليط الضوء على بعض الواقع والحلم الإماراتي، وبمجرد أن تحرك في داخلها طموح الصغر، تزاحمت في ذهنها الأفكار لتنطلق من عالمها الخاص نحو العالم الحقيقي، ولتسجل رقماً عالمياً لم تسجله من قبل أي امرأة عربية، وهذا بالنسبة لها الشرف الأكبر الذي تفتخر به كابنة وفية للإمارات، كما توضح صانعة الاسم في موسوعة جينس للأرقام القياسية، ريم القرق.

أرادت ريم لنفسها فعل كثيراً من أسباب التميز وهي لا تزال في مقتبل العمر، حيث أضحت أول أستاذة جامعية، وأول فتاة عربية تدخل موسوعة جينس وهي لم تتجاوز بعد الـ 25 عاماً.

حيث تقول: ليس بالضرورة أن يترك الإنسان بصمات له عندما يبلغ الخمسين عاماً، ففي كل وقت ومناسبة المجال مفتوح لترك بسمة تختلف في شكلها بحسب طبيعة الواقع، فالأهم بالنسبة لريم هو أن يسعى الإنسان على الدوام لكتابة حلمه على الورق، لكون أن الحلم يفلت من صاحبه بسرعة مذهلة، وذلك الإجراء كفيل بأن يقرب كل صاحب حلم من الواقع الذي يطمح إليه.

وتضيف ريم القرق أن الأجيال المتعاقبة تلمس تغيراً جذرياً بين ليلة وضحاها، ولذلك على الإنسان ألا يبقى ثابتاً وساكناً، ولا بد أن يظل محور هذا التغير وموجهه نحو الطريق الأصوب في ظل المتغيرات العالمية المتلاحقة، والواقع أن الشيء الوحيد الثابت لدينا اليوم هو التغيير، فلماذا لا نكون أساساً متينا لهذا الواقع، والكلام هنا لريم القرق، الفتاة الإماراتية صاحبة أكبر لوحة فسيفساء من القطع الخشبية في العالم، وذلك للعام 2009.

الرقم 1 الأجدر بمواصلة الرهان والسباق

تؤمن ريم بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهي إن لم تكن الأول فلا داعي من وجودك في السباق، وريم تعشق هذا الرقم بجد وإخلاص، وهي تبني عليه طموحاته المستقبلية.

وبالنسبة للوحة الفسيفساء، تؤكد ريم أنه راودتها في البداية فكرة أن تصنعها من الشوكولاتة، لكنها ترددت خشية من أن تستهلك كميات كبيرة للوحة، تقابلها كميات أكبر من نصيب الأفواه، وهو ربما ما يعيقها بعض الشيء من مواصلة تحقيق حلمها، أما القطه الخشبية فكانت أيضاً في محلها من حيث ألوانها الصحراوية، وهي البني والبيج والبرتقالي.

بقي أن نقول إن ريم القابضة على الرقم واحد، عمرها 25 عاماً، متزوجة ولها ابنة وحيدة، الآن باتت تقترب أكثر من حلم آخر، وهو دراسة الدكتوراة التي ستكون إما في الولايات المتحدة الأميركية، أو في المملكة المتحدة، ولديها إصرار آخر وهو تأليف الكتب المتخصصة، لا سيما في مجال التغذية، والكتابة الصحافية للمجلات والجرائد.

تلك الأحلام هي بعض مما تدون ريم في دفترها الصغير منذ كانت طالبة في المدرسة، الآن حققت بعض مهم منها، ولا تزال تنقصها الظروف المواتية لتحقيق الغالبية الأخرى المتبقية، فيما أحلام جديدة تولد بين ليلة وضحها بالتأكيد ستجد ريم لها مكاناً فوق سطور دفترها الصغير.

دبي ـ عنان كتانة

Email