دراما

80% من أحداث مسلسل الاجتياح توثيقية وشهادات من الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

قصة الحب التي عاشها المقاوم الفلسطيني مصطف مع الفتاة الإسرائيلية القادمة إلى مدينة حيفا، في مسلسل الاجتياح الذي يروي حكاية مرحلة مقتضبة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتتركز في معركة جنين التي جرت في أبريل من العام 2002، ضمن أحداث انتفاضة الأقصى الثانية، أثارت عاصفة من الردود ووجهات النظر لدى الصحافيين والمراقبين، الذين شهدوا لقاءً مع المنتج الأردني عدنان عواملة، رئيس مجلس إدارة المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية، الجهة المنتجة للمسلسل.

اللقاء عُقد في سينما سيني ستار في مول الإمارات، بحضور عدد من الصحافيين والطلبة، حيث استضاف معهد إس إيه إي منتج المسلسل عدنان عواملة الحائز على جائزة إيمي الدولية للعام 2008، عن فكرة العمل الذي تدور أحداثه حول الواقع المر للشعب الفلسطيني، وما يعانيه من دمار وقتل وتشريد وفوضى واحتلال.

الحب في ظرف تفوح منه رائحة الحرب والقتل، بين مقاوم فلسطيني ينتمي إلى أرضه، وفتاة إسرائيلية ابنة عائلة تقود الحرب على جنين، كان مثار جدل بين الحاضرين، الذين أبدوا نقداً بدا إلى حد ما لاذعاً، لكون أن حبكة تلك القصة لا تدخل في سياق الواقع المعاش، ناهيك عن كون الطرف الآخر هو مناضل فلسطيني تلاحقه قوات الاحتلال الإسرائيلية، وبالتالي يبدو الحب في ذلك الظرف بالتحديد في غير مكانه، نظراً لصعوبة التواصل بين الفلسطيني والإسرائيلي، في وقت كان الطرفان يبحثان عن القتل والرد.

أما المنتج عدنان عواملة، فقد رد على هذا الانتقاد بدبلوماسية لائقة، مبدياً تقبله لوجهات النظر المختلفة، وقال: قد يحدث ذلك، وفي حال لم تكن تلك القصة واقعية بالمطلق، فقد تترك للكاتب مساحة للتشويق، وقد تكون تلك القصة جاءت من هذا المنطلق، لتؤكد أن الفلسطيني لا يبحث عن الإرهاب والموت، بل تعني له الحياة بمعناها الإنساني الشيء الكثير.

وكشف عدنان عواملة عن أن 80% من مجريات المسلسل كانت واقعية وحقيقية وتمثل عملاً وثائقياً، أما كاتب العمل رياض سيف فهو فلسطيني عايش الواقع في الضفة الغربية في فترة الانتفاضة الثانية، واستمع إلى شهادات حقيقية من أناس عايشوا الاجتياح بتفاصيله الدقيقة، وبالتالي كانت الرواية واقعية بنسبة كبيرة، وهو ما أهل فريق العمل والممثلين تحديداً، لأن يؤدوا أدوارهم بتقمص مطلق للشخصية، حتى بدا الأمر وكأنه واقع معاش.

وبحسب ما أوضح منتج العمل، فقد بلغت ميزانية المسلسل نحو 3 ملايين دولار، واستمر التصوير مدة 110 أيام بواقع 19 ساعة يومياً، وهو جهد لم يحدث من قبل، ودافع الاجتهاد ذلك تلخص في أن فريق هذا المسلسل، بدوا في صورة اندماج حقيقي مع العمل، الذي أبدعه إخراجياً التونسي شوقي الماجري.

تصوير العمل جرى في 3 مناطق من سوريا، هي درعا والشام وبعض المخيمات الفلسطينية هناك، وبدا الموقع قريب جداً من الواقع لدرجة أن الصورة امتزجت فيها ملامح التمثيل مع الحقيقة، وهو أحد أسرار نجاح العمل وحصوله على جائزة أميركية دولية كأول مسلسل عربي.

المنتج عدنان عواملة أوضح أن إضاءة المسلسل التي بدت قاتمة بعض الشيء، في مختلف تفاصيل العمل، هي رؤية للمخرج ليخدم بها العمل، فيما إدخال الجيش والمعدات العسكرية الثقيلة إلى ساحة التمثيل، فهو حدث لم يكن للمرة الأولى، بل سبق وأن أدخلت معدات عسكرية أردنية وسورية في أعمال كثيرة مضت.

أما الصعوبات الفنية والمادية التي واجهت فريق عمل المسلسل، فقد لخصها عواملة بصعوبات اختيار الأماكن التي تصلح للتمثيل، وصعوبات الخطورة في التعامل مع الجيش السوري والأسلحة.

حيث كان الدور الأكبر لتجسيد الحروب والسلاح هو للقوات السورية، مشيراً إلى خطر التعامل مع التفجيرات، ولكن إرادة الله أنقذت الجميع، ولم يصب أي من أفراد العمل طيلة أيام التصوير، حيث ان مختلف أشكال النيران، التي وجدت في المسلسل كانت حقيقية مطلقاً، ولم تدخل فيها ألعاب الكمبيوتر أو غيرها..

والأهم بنظر عدنان عواملة، هو أن مسلسل الاجتياح هو توثيق لقضية فلسطين، والعمل بمجمله رصد أسلوب ونمط حياة العائلات الفلسطينية هناك بأدق التفاصيل، ناهيك عن كونه نقل واقعاً دموياً، صنعته آلة الحرب الإسرائيلية في مخيم جنين، كما يروي أحداث حصار كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، والأهم حصار مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وما رافق ذلك من تهديم وتخريب في (المقاطعة) بمدينة رام الله.

وفي سينما سيني ستار الكائنة في مركز مول الإمارات في دبي، وبعد عرض مقتضب لأحداث المسلسل، شهده طلبة معهد إس إيه إي الجهة المنظمة للقاء، ألقى عدنان عواملة محاضرة قصيرة تحدث فيها عن مسيرته الفنية، التي بدأت قبل إنشاء المركز العربي في العام 1983.

وبعد انتهاء اللقاء أكد منتج الاجتياح أن هذا المسلسل أحدث فرقاً كبيراً، وعندما حاز جائزة إيمي أوورد الأميركية، كانت المفاجأة لدى الغرب والعرب أيضاً، لا سيما في قوة العمل، التي لفتت انتباه صناع السينما والدراما الغربيين الذين أبدوا إعجابهم بالممثلين الأقوياء في العالم العربي من جهة، واستغرابهم لهذا الكم الهائل من المعلومات والواقع الذي يخفى عنهم.

وأشار عواملة إلى أن الصهيونية العالمية تقف وراء إخفاء الحقائق، ونقل الصورة المشوهة للعالم الآخر، لذلك كان الاجتياح صرخة في وجه الكذب والاحتيال الصهيوني، وذلك في ظل التقصير العربي والإعلامي الحكومي تجاه قضية فلسطين العادلة.

دبي ـ عنان كتانة

Email