يمكن أن يؤدي الفنان السوري رشيد عساف العديد من الأدوار، لكن ما يلمسه المشاهد أن عساف، لا بد أن يضيف إلى الدور شيئاً ما من روحه وشخصيته، ما جعله متميزاً على مدار مسيرته الفنية، ومحترفاً باختيار أدوراه، وهو يحرص دائماً على عدم الظهور المجاني في الأعمال الدرامية التي لا تضيف له فنياً.

بدايته كانت في مطلع الثمانينات، بعد انتقاله من العمل في المسرح القومي، إلى التلفزيون، وبرع في أدوار كثيرة مثل: «البيادر»، و«دائرة النار»، و«رأس غليظ»، وغيرها الكثير، الأمر الذي جعله متكئاً على تاريخ فني يتجدد في كل عمل مستقبلي.. حول جديده بدأنا معه الحديث، فبادرنا بالقول: لديّ أعمال جديدة أفضل الحديث عنها في وقتها، لكنها متنوعة ما بين الاجتماعي والتاريخي، وربما البدوي.كيف تتعامل مع أدوارك رغم اختلافها؟هناك أدوار اجتماعية أستطيع القول إنها السهل الممتنع، لأنها صعبة، فمن ناحية هناك عفوية، ولكن لا بد أن أضيف على ملامح الشخصية، من داخلي، على سبيل المثال إذا أردت تجسيد شخصية مهندس يعمل في شركة، أحاول أن أجد في الحياة الواقعية شخصاً بهكذا مواصفات، وألتقط منه ما لديه، وأضيف من داخلي عليه، إنه بالفعل دور السهل الممتنع.

وبالنسبة للأعمال التاريخية، فقد أديت الأدوار التي تمتلك الصفة القيادية مثل هارون الرشيد وصلاح الدين، وهنا أقرأ عن المرحلة التي عاشت فيها الشخصية وما قبلها وبعدها، عندما مثلت صلاح الدين عدت إلى كتب سهيل زكار فهو أفضل من كتب عن الحروب الصليبية، وقرأت بدقة مواصفات الشخصية، ومن أجل الاقتراب منها أكثر، أجري إسقاطاً على الواقع، وأقارنها بشخصيات قيادية عدة معاصرة، ومن ناحية أخرى يأتي دوري كممثل بإبراز هذه الشخصية.

هل يؤثر فيك الدور بعد الانتهاء من العمل؟

هذا لا يحدث عادة، فأنا أعود إلى شخصيتي العادية في الحياة، هذا ما يفعله الفنان المحترف عادة وهناك سر في الدماغ، ربما هو الذي يجعلني أنتقل من دور إلى آخر بسهولة.

تألقت كممثل لكن لماذا لم تخض تجربة الإخراج إلى الآن، وهل تفكر بهذا مستقبلا؟

مع العلم أنني مصنف في نقابة الفنانين بمسمى مخرج، لكنني لم أقم بعملية الإخراج إلى الآن، وربما لو جربت لن أوفق في المراحل الأولى، فلماذا أرضى أن أكون العاشر في الإخراج وأنا الأول بالتمثيل؟..

ومن دون ذكر أسماء هناك ممثلون تحولوا إلى مخرجين وكانوا نجوماً بالفعل، لكن عند الإخراج أصبحت الصحافة تهاجم شخصهم بالاسم، وهذا ما ينتقص من حضورهم كممثلين. وبالمقابل هناك ممثلون ينجحون إذا كان هناك ضخامة في الإنتاج، لكنهم تراجعوا كثيراً في مجال التمثيل، عندما أقرر أن أعمل مخرجا سأكون قد تركت التمثيل.

إلى أي مدى تؤثر ثقافة الفنان على علمه، وكيف تعمل على تعزيز ثقافاتك؟

أقرأ بمجالات كثيرة تتعلق بالسياسة والتاريخ والأدب، والممثل المتسلح بشيء من الثقافة، لا بد أن تنعكس على شخصيته وعمله.

الكثير من الناس يتساءلون عن اتجاهك للعمل في المسلسلات التاريخية أكثر من غيرها فلماذا؟

لأن الكثير من المنتجين يعرضون علي أدواراً تاريخية، وبالأخص أدوار القادة، ربما يفكرون من ناحية أداء اللغة وشخصيتي، ويمكن الآن أن أقدم عملاً تاريخياً يحمل الكثير من الإسقاطات، والمسلسلات التاريخية تمنح الفنانين الشهرة، ونذكر في هذا المجال مسلسلات الفانتازيا التاريخية مثل «الكواسر» و«الجوارح» وغيرها..

لو عرض عليك دور للتمثيل في مصر، ماذا سيكون ردك؟

عرض علي فعلاً التمثيل في مصر منذ أكثر من 15 سنة، حيث جاءني المنتج الراحل رياض العريان برفقة الممثل هاني الروماني، وعرض علي أن أمثل في عمل «ياسين وبهية» بدور ياسين لما أتمتع به كما وصف من شكل رجولي، وقاس نوعاً ما، اعتذرت ولم أرض وقلت له: إذا ذهبت هل تضمن لي العمل باستمرار فقال لا، كنت وقتها في بداياتي وكان همي أن أنجح محلياً، ومنذ سنتين عرض علي أحد المنتجين دوراً فسألته: هل هو دور سوري في مسلسل مصري؟ فأجاب: لا.. مصري، قلت له: ليترك هذا العمل للمصري فهو أفضل مني.

وذات مرة مازحت الفنان أحمد بدير، وقلت له: هل من الممكن أن تمثل بمسلسل سوري مثل «باب الحارة»، الآن أصبحت القضية أكبر ولم يعد هناك صفة ما للمسلسل، كما أصبح المسلسل السوري أكثر شهرة من المصري، وباعتراف المصريين أنفسهم، فطريقة معالجة العمل يجعله قريباً من الأسرة المغربية، والخليجية، ولهذا أعتبر أن المسلسلات وصلت إلى الناس، لكن المشكلة في العمل السينمائي.

ما المشكلة في العمل السينمائي، وكيف انعكس هذا عليك ؟

شاركت في أفلام مثل «الحدود»، و«أمطار صيفية»، و«التقرير»، وغيرها.. «إذا كانت تجربتي قليلة بحكم أنه لا يوجد صناعة سينمائية، كانت مزدهرة في السابق أكثر باعتبار أن سوق السينما لم يقتصر على سوريا، بل على دول الجوار مثل لبنان والأردن والعراق، لكن بسبب الظروف السياسية لم يعد هذا السوق مزدهراً كما كان، وكانت مشكلتنا سابقاً في اللهجة، لكن الآن أصبحت اللهجة مفهومة، ومن الممكن أن تصل إلى كل الناس، نتيجة حضور الدراما السورية وجديتها وقوة حضور العمل. وأعتقد أن الصناعة السينمائية ستعود بتوجيهات من جهات حكومية عليا«.

ما رأيك بالدراما السورية؟

هناك خوف عليها إذ لم يوضع لها قوانين ويتم استيعابها، ضمن خطة اقتصادية، إذ من الممكن أن تدمرها بعض القطاعات الخاصة المباعة إلى الخارج، والتي تفرض بعض الأفكار المعادية، كما أن كثافة الأعمال لا تلاقي سوق العرض، ما قد يؤدي إلى الكساد، خاصة بوجود محطات تحدد ما تعرض.

أخيراً كيف تنظر إلى الدراما الخليجية؟

تطورت الدراما الخليجية، وحققت حضوراً ملفتاً، ولكن الخوف من التشابه، لأنها تطرح المواضيع ذاتها، التي لا تخلو من البكاء.

أبوظبي ـ عبير يونس