كان ارتداء المرأة للسروال قبل إيف سان لوران بمثابة فضيحة اجتماعية، لكن المصمم الشاب جعل من بزة «السموكينغ» النسائية أو«توكسيدو» خياراً أنثويا مستحباً، لا يزال مستمرا بتألقه حتى اليوم. يقول بيار بيرج شريك ايف في الدار تعليقا على الموضوع»: «في الوقت الذي نجحت فيه «شانيل» في تحرير جسد المرأة، منح ايف سان لوران المرأة القوة، عندما وضعها في ملابس الرجال».

قبل أيام رحل المصمم الفرنسي لوران الذي لمع اسمه بعد موت كريستيان ديور المفاجئ 1957 علماً أنه بدأ العمل كمساعد له عام 1954. درس تصميم الأزياء في «كٌُم لم ٌف وفٍقمْ س؟َليكفٌ لم ٌف بفُِّّم ُُِِّّّْم» ونال الجائزة الأولى في مسابقة تصميم دولية. كان أول ثوب صممه ايف لدار ديور فستاناً مخملياً ناعماً مع عقدة من الساتان وحمل اسم «soiree de Paris» نشرت صورة لعارضة أزياء تدعى دوفيما على غلاف مجلة «هاربير بازار» الأميركية الأمر الذي أكسبه شهرة واسعة. امسك الشاب إيف سان لوران الذي لم يكن قد تجاوز 21 سنة زمام الأمور في الدار.

وغدت صورته على شرفة باريسية واحدة من أشهر اللقطات التي أخذت له، بعد النجاح المبهر بإطلاقه ما عرف باسم «Trapeze Line» الذي جعل الصحافة الفرنسية تصف إيف بأنه منقذ فرنسا، وربما كان القصد إنقاذه دار ديور الفرنسية من الإفلاس. وقدم ايف ست تشكيلات خلال عمله لدى ديور، لكن الشاب أصيب بانهيار عصبي بعد عشرين يوماً على استدعائه للخدمة في الجيش الفرنسي على اثر حرب استقلال الجزائر. نقل إلى مصح حيث عولج نفسياً والعلاج بالصعقات الكهربائية. استيقظ المصمم من مصابه عام 1962، وكان قد سرح من ديور. ثم أنشأ دارا للأزياء حمل اسمه بالاشتراك مع بيار برجيه الذي ساهم في التمويل، فشغل منصب المدير، بينما تولى إيف شؤون التصميم والإبداع. وسرعان ما تحولت الدار إلى إمبراطورية يجوب شعارها المؤلف من ثلاثة أحرف متشابكة كل أنحاء العالم.

منح ايف النساء حرية جديدة من خلال إضفاء نفحة من الحداثة على الأزياء وابتكار الألبسة الجاهزة، التي شملت أيضا الأزياء الرجالية. يقول في هذا المجال: «حاولت أن أظهر أن الأزياء فن، لذلك تبعت مشورة معلمي كريستيان ديور، وقصة الآنسة شانيل الخالدة. صممت لمرحلتي، وحاولت أن أخمن ما سيكون عليه المستقبل».. لذلك تحفظ أزياء ايف سان لوران تاريخاً اجتماعياً يرصد تبدل أحوال المرأة.

يروى أن سيدة المجتمع النيويوركية نان كيمنير تسببت بفضيحة عام 1968 عندما حاولت ارتداء بزة «توكسيدو» من ايف سان لوران إلى عشاء في مانهاتن بمطعم «لا كوت باسك الفخم»، رفضت إدارة المطعم إدخالها فما كان منها إلا أن خلعت سروالها لتدخل بالسترة التي ظهرت وكأنها فستان قصير جدا.

لم يجد تصميم «التوكسيدو» نهاية في عالم الموضة ففي عام 1994 أرغمت محكمة فرنسية المصمم الأميركي رالف لورين على دفع مبلغ 2,2 مليون فرنك فرنسي، بعد ان وجدته مذنبا في نسخ احد تصاميم ايف وعرضه ضمن تشكيلته لخريف وشتاء 1992 ـ 1993.

ورغم كل ذلك، لم يقتصر إبداعه على «التوكسيدو» فالرجل الذي لقب بصاحب «الأقدام السوداء» لم يخش أحداث صدمات في عالم الموضة. ففي عام 1970 خرجت تشكيلة أزياء «هوت كوتور» بملامح الأربعينات ما أثار النقاد. بعدها ظهر ايف عاريا في إعلان لعطر ايف سان لوران للرجال، وعام 1979 وصفت تشكيلة «الباليه الروسية» بأنها ثورية!

مسيرة طويلة في إبداع الموضة

*ولد ايف ماتيو سان لوران في 1 أغسطس 1936 في مدينة وهران الجزائرية من أب كان يرأس شركة تأمين، غادر إلى فرنسا في سن 17.

* قدم عام 1958 أول مجموعة تحمل توقيعه لدار كريستيان ديور بعد وفاة الأخير، حملت اسم «ترابيز» وحققت نجاحاً باهراً.

* أسس عام 1961 دار ازياء ايف سان لوران بالاشتراك مع بيار برجيه.

* قدم عام 1966 أول بزة سموكينغ نسائية. وأنشأ أول متجر للألبسة الجاهزة باسمه في باريس.

* احتفل عام 1983 بمرور 25 سنة على انطلاقه بإقامة معرض استعادي في متحف متروبوليتان في نيويورك.

* في يناير 1993 اشترت «إيف سان لوران مجموعة «الف سانوفي» الصناعية الفرنسية دار الأزياء.

* شهد عام 1998 احتفال ايف بالذكرى الأربعين لبدء مسيرته في عالم الأزياء، في حدث ضخم شاركت فيه 300 عارضة أزياء على ارض «ستاد دو فرانس» قبل المباراة النهائية لكأس العالم بين فرنسا والبرازيل.

* في عام 1999 اشترت «غوتشي» متجر الألبسة الجاهزة وماركات العطور الخاصة بايف سان لوران.

* قرر ايف مع بلوغه سن 65 الاعتزال، فانسحب من عالم الأزياء، بتقديم آخر عروضه في 22 يناير2002 ضم مبتكرات أربعين عاماً. وأوقفت بعدها دار الأزياء نشاطها.

* في 2004 أصبحت الدار مؤسسة بيار برجيه-ايف سان لوران.

* توفي ايف سان لوران في الول من يونيو بعد صراع مع سرطان الدماغ. ويوارى الثرى اليوم في باريس.

إعداد: كارول ياغي