نافذة

فريدة محمد علي سيدة المقام و«شمس العراق»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حين تغني الفنانة العراقية فريدة محمد علي تنجذب إليها القلوب، وتنصت الآذان، وهي تستحضر الفن العربي الأصيل عبر المقامات العراقية، التي قدمت ألوانا منها وصل عددها إلى عشرين مقاماً، مما جعلهم يطلقون عليها «سيدة المقام».

ترافق فريدة فرقة المقام العراقية بقيادة شريكها في الفن والحياة الفنان محمد حسين كمر، الذي يعمل على استلهام ألحانه من المقامات العراقية، ما يجعل بصمته واضحة على العمل. شاركت فريدة في إحياء حفل ختام «مهرجان من الشرق» الذي نظمته أخيرا هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وفيه غنت المقامات من وحي التراث العراقي. ومن هنا كانت بداية الحديث مع الفنانة فريدة التي كشفت عن علاقتها بالمقامات بالقول «إن غناءها صعب للغاية ويحتاج إلى مساحات متنوعة، وجهد مضاعف، وأميل إلى كل المقامات العراقية، ولكن أحبذ أحيانا مقام «الحجاز ديوان» الذي يصنف من المقامات الصوفية، ويستوعب المزيد من التنقلات».

بعيداً عن العراق ... البداية كانت في العراق عن تلك المرحلة، تقول فريدة: «درست في معهد الدراسات الموسيقية، وكان أول ظهور لي في العام 1985 في يوم الفن، وبعد التخرج قمت بالتدريس في المعهد ذاته، وذلك بعد أن اختبرني الفنان الراحل منير بشير، ووجد لدي الموصفات التي تؤهلني للتدريس». ولكن ظروف العراق غير المستقرة دفعت بفريدة لمواصلة تجربتها في هولندا منذ العام 1997. حول تلك المحطة من حياتها توضح فريدة قائلة: «إن هجرتنا إلى هولندا جاءت نتيجة الظروف الصعبة التي عاشها العراق، وهذه الظروف من الطبيعي أن تؤثر على الإنسان العادي فكيف الأمر مع الفنان، الذي يحتاج إلى جو معين للإبداع، في تلك المرحلة تلقيت دعوة من «دار ثقافات العالم في هولندا» وبالفعل رأيت حينها أن الفرصة مناسبة خارج العراق، للتحرك والانتشار، خاصة وأن الجهة تهتم بالتراث الذي لابد أن نحافظ عليه من الاندثار».

وأشارت سيدة المقام العراقي إلى أن محطة هولندا شكلت بداية جديدة، بعد مرحلة التأسيس في العراق.

وقالت: « كانت البداية صعبة للغاية، لم أكن أعرف كيف سيتفاعل الجمهور الأوروبي مع تجربتنا، لكني وجدته أنه يتابعنا بالكثير من الشغف والإنصات، وخاصة في تلك الحفلات المتشبعة بالأجواء الصوفية».

وفي هولندا غنت فريدة (صوت الرافدين)، كما يقال عنها في بعض الأحيان، في عيد ميلاد ملكة هولندا وكان لها حضور مميز عبرت عنه بالقول: «من دواعي سروري أن تختارني ملكة هولندا، لأغني في يوم عيد الملكة، حيث استمعت لموسيقانا، ولم تخف إعجابها بالتراث العراقي، مما جعلني أشعر بالفخر، وخصوصا في وضعنا الحالي ونحن نحمل اسم العراق ونشد من أزره ».

وبعد حوالي العشر سنوات من الغياب، كان لفريدة موعد جديد مع جمهور العراق عن ذلك الحفل قالت: «تلقيت قبل سنتين دعوة للمشاركة في حفل يقام في بغداد، ولظروف أمنية تحول الحفل إلى كردستان، كانت عودتي فرصة لرؤية الأهل والأصدقاء، رغم أني أتمنى أن أعود من جديد لأغني على مسارح بغداد».

فنون أصيلة

وتجمع أغاني فريدة أو «أم كلثوم العراق» كما يطلق عليها الأوروبيون والأميركيون، بين أكثر من حالة إبداعية الشعر، واللحن العربي الأصيل والصوت المتنوع المتجدد مع كل مقام جمعته فريدة في ألبومات طرحتها مثل «الرحيل»، و«بغداد الأزل»، و«إشراقات» وغيرها، أما آخرها كما ذكرت فهو ز«شمس العراق»، قالت عنه: يضم الألبوم الذي تعرف عليه الجمهور في أبوظبي مجموعة من القصائد المغناة مثل قصيدة «شمس العراق» للشاعر محمود درويش، و«أوراق خولة» للشاعر ادونيس، وقصيدة «أنخدوانا الكاهنة السومرية» للشاعرة أمل الجبوري، وقصيدة «حبيب الأمس» للشاعر أسعد الغريري.

وتتحدث فريدة عن ألبوم طرحته تضمن بعض أغنيات أم كلثوم مثل «أنت عمري» وتقول: «أسمع لأم كلثوم وبالفعل غنيت لها».

وقال الفنان حسين كمر يسمون فريدة في الغرب أم كلثوم العراق، وبالفعل إن صوت فريدة ينتمي إلى خامة صوت أم كلثوم.

وعن الأغنيات التي تستهويها قالت فريدة: «أسمع كل صوت وأداء جيد أميل لصوت الراحلة رجاء بلمليح، وشيرين، وكنت أستمع إلى الأغاني الفارسية القديمة، وأتفاعل معها خاصة أن والدي كان مترجما للغة الفارسية، ووالدتي إيرانية الأصل، وكانت تعجبني المساحات الواسعة في صوت المغنيات الإيرانيات حتى تبدو في بعض الحيان وكأننا نستمع إلى أوركسترا».

وتنتقي فريدة المميز من الأصوات، وإن كانت الفضائيات تكرس لأصوات متواضعة وهذا ما دفعها لتكرار قولها: «نناضل من اجل فننا، ونتحلى بالتفاؤل، وإذا لم نتحلَ به يجتاحنا اليأس والإحباط، وهذا لا يتناسب مع الفنان».

وتتابع فريدة قائلة: «نحن بحاجة إلى مؤسسات تنظم مهرجان للموسيقى العربية الأصيلة، في وقت تتعب فيه العين من مشاهدة الأغنيات على الفضائيات، فكيف حال الأذن وهي تسمع، حتى ان الجيل الجديد تعود على هذا النمط، ولأجل أن نطلع هذا الجيل على تراثه وتاريخه الموسيقي، ولهذا على المؤسسات المعنية أن تهتم بطرح الفن الجاد، وإن حدث هذا أحيانا يجمعون حينها مطرب محدود الصوت، يغني أغنيات سطحية ذات إيقاع سريع، مع مطرب يحمل الأصالة».

ومن هنا رأت في مهرجان «أنغام من الشرق» تكريسا للفن العربي الجاد، وفرصة للتواصل مع الجالية العراقية، والجمهور العربي، الذي يتشوق إلى سماع المقام.

وعن تفردها ونجاحها في غناء المقام فسرت فريدة ذلك بالقول: غناء المقام يحتاج إلى جهد وصبر، وكنت استمع إلى المقام الواحد من مدارس عدة، وفنانين مثل ناظم الغزالي، ويوسف عمر، وعدد من المطربين القدامى، وذلك بهدف خلق أداء وأسلوب خاص بي، وبالفعل نجحت في هذا.

شراكة فنية

فريدة متزوجة من قائد فرقة المقام العراقي محمد حسين كمر الذي كان أستاذها في المعهد، وهو يعزف في الوقت ذاته على آلتي الكمان والجوزة، هذا الزواج وطد الشراكة الفنية.

المقام العراقي

الراحل ناظم الغزالي من تلامذة الفنان محمد القبنجي في المقام الذي يعد أسلوباً غنائياً عراقياً، يتميز بخمسة أركان مهمة وهي التحرير، والقطع والوصل، والجلسة و«الميانات» والتسليم. وتسمى الفرقة التي تصاحب في الآلات الموسيقية «التشالغي» البغدادي.

أرقام:

اختارت مجلة سونك لاين الانجليزية ألبوم المغنية فريدة «إشراقات» واحدة من أفضل عشر اسطوانات في العالم، عام 2007، وذلك بعد أن كانت قد اختارت في العام 2000 اسطوانة بعنوان مقامات ومواويل عراقية.

أبوظبي ـ عبير يونس

Email