استغاثة الهزاني

استغاثة الهزاني

ت + ت - الحجم الطبيعي

محسن بن عثمان الهزاني من أمراء منطقة الحريق بنجد وأكبر شعرائها واشتهر بالغزل وكان لا يعرف إلا به وأراد الله لمدينة الحريق أن ينقطع عنها المطر لمدة تزيد على ثلاث سنين فبدأت الحيوانات تهزل ثم تموت وشحت الأرزاق فاستسقى الناس راجين من الله المطر فصلوا الاستسقاء، ولم يكن شاعرنا محسن معهم ولكن المطر ظل محبوساً فتحير الناس ولم يعرفوا ما يصنعون أمام هذه الكارثة.

فلما رأى الشاعر ما حصل بقريته وهي تشكو ألم الجفاف حتى ظهر الشحوب على وجوه الناس ظل يفكر لماذا لم يستجب الله وقد صلوا صلاة الاستسقاء فكان مما قرأ حديثاً معناه: لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع لم تمطروا، فخطرت له فكرة أن ينظم قصيدة يجمع فيها أسماء الله الحسنى ويذهب مع ضعاف الناس لصلاة الاستسقاء.

ومن الصباح نادى محسن الهزاني مشايخ القرية وكبار السن فيها، وفي الطريق مر على حلقة مدرس تحفيظ قرآن و كانوا يسمونه المطوع، فأخذ بعض الصغار من الحلقة فتبعه جمع من ضعاف الناس والنساء وذهب بهم إلى الصحراء فقال لهم أنا سأدعو وأنتم أمنوا وكانت القصيدة جاهزة عنده، فأنشد قصيدة طويلة عصماء تعد من أجمل ما كتب الشعراء في التوسل بأسماء الله وصفاته وفيها من الوصف العجيب للسحاب والسيل والمطر ما يتوقف عنده كبار الشعراء ولا يستطيعونه وخاصة إذا سمعتها بصوت الراوي محمد الشرهان ومطلع هذه القصيدة العجيبة:

دع لذيذ الكرى وانتبه ثم صلْ

واستقم في الدجى وابتهل ثم قلْ

يا مجيب الدعا يا عظيم الجلال

يا لطيفٌ بنا دائمٌ لم يزلْ

واحدٌ ماجدٌ قابضٌ باسطٌ

حاكمٌ عادلٌ كل ما شا فعلْ

ظاهرٌ باطنٌ خافضٌ رافعٌ

سامعٌ عالمٌ ما بحكمه ميَلْ

أولٌ آخرٌ ليس له منتهى

جل ما له شريكٍ ولا له مثلْ

بعد لطفك بنا ربنا افعل بنا

كل ما أنت له يا إلهي أهلْ

يا مجيب الدعا يا متمَّ الرجا

أسألك بالذي يا إلهي نزلْ

به على المصطفى مع شديد القوى

وأسألك بالذي دك صلب الجبلْ

الغنى والرضا والهدى والتقى

والعفو والعفو ثم حسن العملْ

وأسألك غاديا ماديا كلما

لجّ فيها الرعد حل فينا الوجلْ

وادقا صادقا غادقا ضاحكا

باكيا كلما هلّ مزنه هطلْ

المحثّ المرثّ المحنّ المرنّ

هاميا ساميا آنيا متصلْ

فأسقى الله بلدة الشاعر وأعشبت الأرض بعد سنوات الجفاف وفرح الناس برزق الله، ويقال ان الهزاني ترك الغزل ولزم التقوى بعد هذه القصة وأذكر هنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما نصر الله عز وجل هذه الأمة بضعفيها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم.

فاحرص أخي القارئ الكريم على مساعدتهم وطلب الدعاء منهم إن كانوا صالحين واحذر من كسر خواطرهم أو التسبب بالأذى لهم.

babalmaaref@yahoo.com

Email