بسبب مقدمة أزهرية لأولاد حارتنا

مثقفو مصر ينتقدون شروط نجيب محفوظ

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعرب عدد من المثقفين المصريين عن رفضهم لموقف الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ المتمثل في اشتراطه موافقة الأزهر قبل نشر روايته »أولاد حارتنا« في كتاب في مصر بعد 47 عاما على منعها.

وكانت دار الهلال المصرية قررت طبع نسخة شعبية من الرواية لنشرها الشهر الماضي احتفاء منها بالذكرى الرابعة والتسعين لميلاد محفوظ.

إلا ان محفوظ عارض نشر الرواية لأنه باع حق امتيازها لمكتبة الشروق التي يملكها رئيس اتحاد الناشرين العرب إبراهيم المعلم.

وفي الوقت نفسه تم الكشف عن ان محفوظ وضع شرطين لنشر روايته »أولاد حارتنا« في مصر، وهما كما يقول الروائي يوسف القعيد »ان يوافق الأزهر على نشر الرواية، وثانيا ان يكتب احد المقربين من جماعة الإخوان المسلمين مقدمة لروايته«.

وأشار إلى اعتقاده بأن مطالبة محفوظ بهذين الشرطين تعود إلى »محاولة تبرئة ساحته من الموقف الذي أثاره علماء الأزهر في شهر سبتمبر من عام 1959 عند بدء نشر الرواية في صحيفة الأهرام على مدار ثلاثة أشهر ومطالبتهم بوقف نشر الرواية وعدم نشرها في كتاب«.

واعتبر الأزهر في حينه ان الرواية التي نشرت في بيروت قبل أكثر من 46 عاما تتعرض للذات الإلهية وللأنبياء.

وهذا ما دفع أجهزة الأمن المصرية إلى تبني موقف معاد للرواية ولكن على اساس مغاير واتهمت فيه محفوظ بالقدح بالزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة آنذاك.

واستمر نشر الرواية رغم ذلك بشكل يومي في الأهرام بدعم من رئيس مجلس إدارتها في حينه محمد حسنين هيكل بعد ان رفض ادعاءات كلا الطرفين، وشرح الموقف الأدبي للرواية لعبدالناصر.

وقال عدة مثقفين وبينهم الروائي جمال الغيطاني انه »ليس من حق دار الهلال ان تقوم بطبع كتاب بدون موافقة صاحبه، وليس لها حق الاعتداء على حقوق مؤلف باع كتابه الى جهة اخرى لتولي نشره« بحسب قول الغيطاني.

الا انهم اتفقوا ومن بينهم المقربون من محفوظ مثل الغيطاني والقعيد على ان »مطالبة نجيب محفوظ برقابة الأزهر تضع سابقة خطيرة، اذ تعطي الأزهر حقا في الرقابة على الإبداع بما يخالف موقف المثقفين المصريين.

خصوصا وان لائحة الأزهر نفسه تؤكد ان لا حق له في المصادرة أو الموافقة إلا بناء على طلب من جهة ما« كما اكد القعيد.وأضاف القعيد ان المؤلف نفسه بهذه الطريقة »يبحث عن رقيب ديني على إبداعه بما يخالف أسس الإبداع«.

من جهته قال الروائي محمد البساطي لوكالة فرانس برس« رغم ان هذا الشأن خاص بمحفوظ، إلا أنني لو كنت مكانه لما أوليت أي اهتمام بموقف الأزهر، فانا كاتب وصاحب رأي وموضوع وفكر وقضيتي ان أوصل ذلك للناس بعيدا عن أية تهديدات«.

ودعا البساطي إلى »وضع حد لسلطة الأزهر وفكر الأزهر الذي أحيانا يكون متخلفا، وهنا دور الكاتب مهم وهذا ما يدفعني لعدم الموافقة على موقف نجيب محفوظ الذي ربما لديه أسبابه الخاصة بعد الاعتداء عليه، وربما كعادته لا يريد ان يغضب أحدا«.

أما الروائي عزت القمحاوي فاعتبر ان »نجيب محفوظ في موقفه هذا وكأنه يخون نصه، لأن الكاتب عندما لا يدافع عن نص كتبه يكون حريا به الا يكتبه أصلا، لأنه في موقفه هذا يكرس سلطة غير شرعية للأزهر للوصاية على الأدب من خارج القانون والدستور«.

وأشار إلى ان موقف محفوظ هو »جزء من سياق عام لدى نجيب محفوظ يتجلى فيه احترام السلطة إلى أقصى حد أيا كانت هذه السلطة«.

وأكد ان شخصية الكاتب الحائز على جائزة نوبل عام 1988 »لم تكن من الشخصيات صاحبة الموقف أو النشاط العام المساند لحرية الإبداع أو للحريات عموما رغم ما يتمتع به منذ وقت مبكر من حصانة الشهرة التي توجت بنوبل«.

واعتبر ان محفوظ »لم يقف موقفا وهو في كامل صحته واصغر سنا في لحظات كان المجتمع في اشد الحاجة إليه لرفع صوته المساند، لكنه لم يفعل«.وتوقف محفوظ نسبيا عن الكتابة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال على أيدي متطرفين إسلاميين عام 1994 حيث أصيب بتهتك في عضلات الرقبة. (أ. ف. ب)

Email