ألمانيا تعرض 150 لوحة لبويترو حول أبوغريب

ألمانيا تعرض 150 لوحة لبويترو حول أبوغريب

ت + ت - الحجم الطبيعي

رأى الفنان الكولومبي فيرناندو بويترو صور حالات التعسف المرتكبة من قبل الجنود الأميركيين في سجن »أبوغريب« وبدأ على الفور بالرسم. اختيار بويترو، على طريقته، أوضاعاً عادة ما تبقى محجوبة عن نظر المجتمع.

واشتغل بلغته الفنية التعذيب وتلك الجريمة المرتكبة بحق الإنسانية. والنتيجة هي معرض قوامه 150 عملاً وصلت إلى ألمانيا أخيراً وستبقى هناك حتى 17 أبريل المقبل بعد أن مرت بإيطاليا.

هذه العينة الفنية تعرض في جنوب ألمانيا بالقرب من مدينة شتوتغارت، وذلك إلى جانب مجموعة كبيرة من أعمال بويترو السابقة. وهذا المعرض أضيفت إليه لوحات جديدة لأن بويترو رسم المزيد من اللوحات منذ ذلك الحين، وفقاً لما ذكره الناطق باسم المتحف الألماني الذي يحتضن حوالي 60 لوحة تتناول الموضوع العراقي.

لكن موضوع تناول العنف والعنف نفسه لن يتوقف عند هذا الحد، بل سينمو أكثر، حيث يواصل بويترو اهتمامه بالبحث عن تفسير للعنف الذي يوثقه ويرى فيه صداماً بين الحضارة والوحشية، حسبما أوضح في مقابلة مع محطة »بي بي سي«.

ولابد من التذكير بأن العنف المنتشر في كل مكان في بلاده الأصلية منذ حوالي قرن من الزمان كان دائماً يحيط بالفنان المولود عام 1932 في مدينة »ميديين« الكولومبية.

أما أسلوبه الفني المميز، فإنه غارق في الجسيمة والظريفة إلى الحد الأقصى، في حين أن أبطاله هم من السياسيين والمتدينين والعسكريين والنساء والرجال العاديين. ولقد وجد بويترو في تاريخ الفن ما يحتاجه من مفردات للتعبير.

وتجلت تلك الرؤية في صور الباباوات والملوك والطبقة البرجوازية في العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر وصور فيلازكويز ودوريرو ورفائيل، التي استند إليها لبناء أسلوب إبداعي خاص وإظهار الوجه الحقيقي للظلم الاجتماعي وذلك منذ ستينات القرن الماضي ومن منظور النظرة الأولى الفرحة والحقيقة.

العراقيون المعذبون، الذين يظهرون في صور بويترو الأخيرة، يتميزون بالبدانة أيضاً. لكنه يراهم معلقين ومسحولين بأعين مغطاة ومقيدين بالأصفاد ولا حول لهم ولا قوة.

وتظهر لوحات بويترو أجساداً عادية وضحايا للتعسف الجنسي فقدوا براءتهم وكرامتهم. لكن هؤلاء المعذبين يبدون غائبين تقريباً ولا يظهر منهم إلا بعض من ملامحهم ومتعلقاتهم والأشياء المحيطة بعمليات تعذيبهم مثل جزمة أو يد أو كلب أو شلال من البول الذي ينهال على أجسامهم. أما الحجم الطبيعي للشخصيات والزنازين، فإنه يرفع درجة المؤثرات المرئية للوحات الزيتية.

ويعتقد بويترو بأن الفن »لا يملك سلطة تحريك شيء«، وفقاً لما قاله الكولومبي لمحطة »بي بي سي«، لكنه أضاف أن الفن يتمتع »بسلطة في الزمن والذكرى والشهادة« .

وأشار بويترو إلى أن الفنانين، الذين تميل أعمالهم إلى التجريد أكثر من التصوير »ليس لديهم إمكانية تناول شيء من قبيل هذه الوحشية في أبوغريب لأنه للتمكن من تناول شيء واضح وملموس هناك حاجة لأن يكون الفنان فناناً تصويرياً«.

ويقول ماريو فارغاس لوسا، وهو مؤلف أحد الأبحاث المنشورة في الكتالوج المرافق لمعرض بويترو، إنه في أعمال الفنان الكولومبي »لا مكان للموت والانحطاط والعنف والوحشية ولا للعنف قطعاً«. لكن بويترو رفع الصوت أو قلم الرصاص عالياً، لأنه أحس بمزيد من الغضب كلما كان يقرأ المزيد حول الوحشية المعاشة في الزنانين العراقية.

فلقد شعر »بالسخط والاستنكار« وهذا الوضع »غير المقبول والذي لا مكان للتسامح معه« حرك أعمال بويترو وألهمها خلال العامين الأخيرين.

باسل أبوحمدة

Email