هروب الأبناء من منازلهم .. بداية انحرافهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 9 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 10 مايو 2003 تعد ظاهرة هروب الأولاد من منازل ذويهم وجنوحهم ظاهرة سلبية تحمل الكثير من الخطر على مستقبل الأسر ومجتمعاتنا وقد يكون الانفتاح والتطور السريع سبباً في ذلك حيث نال تطور الاداء التجاري ومضاعفة الاموال الدرجة الأولى ، في سلم أولويات الكثير من ارباب الاسر، ولم تعد تسعفهم اوقاتهم لاحكامهم السيطرة على جميع افراد الأسرة. ولسنا نتجاهل دور التربية السلبية التي تكرس مفهوم تلبية جميع الحاجيات وطلب الاهل الرضا من ابنائهم فقد ساعد هذا الاسلوب في التربية الابناء على التمرد في حال لم توفر لهم الامور التي اعتادوا عليها أو لم تلب طلباتهم وكذلك انشغال الام بالتسوق والزيارات والخصوصيات المتعددة على حساب تربية الاولاد ومراقبتهم، وتكرر مشاهد العنف الاسري الذي يحدث بين الزوجين وانعكاساته على الابناء اضف الى ذلك تهيؤ الكثير من الاماكن المستفيدة من هروب الابناء من اسرهم لاستقبالهم والترحيب بهم، انها امور كثيرة تدفع الابناء للنزوح عن اسرهم والهروب منها. تحاول «دنيا الناس» معالجتها عبر هذا التحقيق.فاطمة محمد علي موظفة تقول: اصبحنا نسمع في الآونة الأخيرة الكثير من القصص التي تتحدث عن هروب الابناء من المنزل وليس الامر محصورا في الاولاد فقط بل تجاوز حتى سمعنا ان الفتاة الفلانية هربت وأن الفلانية ضاعت وما الى ذلك واعتقد ان ذلك يرجع في الاصل الى البداية وهي التربية السليمة الصحيحة التي تُبقي على تماسك الاسرة وانضباطها ومن أكثر الاشياء اهمية في هذه التربية السليمة هي سلوكيات الوالدين امام اطفالهما لان الابناء يتعلمون أكثر المفاهيم من الآباء فالولد يشبه مستقبلا أباه والبنت تشبه امها ولو مارس الاب الكذب مثلا او السرقة فسيكذب الابن دون شك او سيسرق فيفقد الطفل في داخله احترام والده ولا يعد يقيم له وزناً وهذا قد يعرض الطفل الى صدمة نفسية قد لا تظهر الا عندما يكبر وبالتأكيد سيتضرر الطفل اخلاقيا وسلوكيا لانه يعيش مع اب يكذب أو يسرق او يغش وسينشأ مفتقدا للقيم الاخلاقية السامية ومن الامور المهمة في التربية ايضا مراقبة الاهل لابنائهم والتفرغ لهم لانهم في حال الانشغال عنهم لا يرون ما يفعلون وبذلك قد يجنحون ويرتكبون الاخطاء ويعتادون عليها حتى تصبح سلوكاً من سلوكياتهم دون ان يدري بهم الاهل او يعرفوا عنهم وقد يعرف البعض من الاهل ما يفعله ابناؤهم الا انهم لا يملكون الوقت الكافي لتصحيح اخطائهم او تربيتهم وبذلك تتفكك الاسرة حتى يأتي اليوم الذي يبلغ فيه الطفل سن المراهقة التي تجعله نفسياً وجسدياً قريباً من الخطأ فتراه قد انساق مع زميل فاسد أو صديق سيء، الى خارج المنزل والى خارج الحي حتى لا يعرف الاهل عنه شيئاً ويبدأ بازعاج الاهل بطلباته فساعة يطلب المال وساعة يطلب كماليات واذا لم تلب طلباته يبدأ بشق عصا الطاعة والخروج عن رأي الاهل والهروب وعدم الخوف من والديه ولن تنفع عندها الاساليب المعتادة كالضرب أو التهديد وغيرهما، وقد تؤثر وظيفة المرأة بشكل غير مباشر على أن يصل الطفل يوماً من الايام، الى هذه الدرجة من التمرد ولكن يكون الامر شاذاً فأكثر النساء الموظفات يرين ابناءهن وقد تربوا احسن تربية وقليلاً ما تسمع عنهم ما تسمعه عن ابناء الاسر التي لا تعمل الام فيها بل تضيع وقتها على آمور اخرى دون فائدة فهي لا تنتبه لاولادها ولا تؤدي دوراً ايجابياً في حياتها للمجتمع اما الموظفة فإحساسها بالتقصير والخوف على ابنائها يدفعها الى مضاعفة الجهود والخوف عليهم ومراقبتهم وتأديبهم على حساب صحتها وراحتها. أسباب كثيرة جمال الدسوقي: موظف يقول: جعلت متطلبات الحياة أمر تربية الاولاد يصعب شيئاً فشيئاً ولم يعد يجد المرء الوقت الكافي لمراقبة اولاده وملاحقتهم وتحذيرهم وتأديبهم كما كان ذلك متوفراً في السابق فالعمل المتواصل من اجل توفير الحياة ومتطلباتها وتوفير المصروف وأقساط الايجار والمدارس وغيرها يجعلك حقا تغفل عن ابنائك حتى تستيقظ فجأة وتجدهم قد تمردوا عليك والسبب انك لم تكن تعتني بهم وقد تسد الأم الفراغ الذي يتركه الاب ولكن هذا لا يتوفر لكل ام فالتربية ليست سهلة وخاصة تربية الاولاد فاذا لم تكن هناك مراقبة من قبل الاب على تصرفات الاولاد وارشادهم وترغيبهم ساعة وترهيبهم اخرى فإن الامر سيخرج من يد الاهل وقد يكون الدلال سبباً لخروج الاولاد عن طاعة الاهل وهذا في معظم الاحيان وقد يكون الفقر وعدم تلبية حاجات الشاب من قبل والديه سبباً لترك المنزل لاعتقاده انه سيعمل ويستقر عن اسرته وهو في سن صغيرة وقد تدفعه المشكلات الاسرية الى الهروب من البيت وعدم التقيد باوامر الاب او الام، انها امور كثيرة يجب الحذر منها واخذها بعين الاعتبار. خطأ الطرد محسن عبدالراضي مدرس يقول: تشكل الضغوط التي يمارسها الاهل على الابناء سبباً رئيسياً في هروب الأولاد تخلصاً من هذه المضايقات فعندما يشعر الابناء ان هناك متنفساً ما خارج بيتهم فإنهم لا يترددون في الهروب الى ذلك المكان مما هم فيه وهنا تلعب التربية والالتزام بتعاليم الدين الحنيف دوراً مهماً في ردع الابناء عن مثل هذا التصرف فضلاً عن اختيار الاصدقاء الصالحين فمهما شكّل هذا الضغط من الوالدين على ابنائهما يجب على الابن ذي التربية الصالحة ان يعالج هذه الضغوط مع والديه وهو ضمن الاسرة ولا يخرج عن دائرة بيته واسرته فإذا ما خرج عن كنفهما تلقفته يد السوء والغدر من الرفقاء السيئين او عديمي الضمير كما نسمع بين الحين والآخر عن اناس استغلوا غياب الاهل أو هروب الابن من بيت اهله واخذوا يعلمونه الادمان او يسوقونه الى الفواحش حتى يصبح اسيراً لهم ثم يبدأ بترويج ذلك السوء معهم وهذا كله لغياب دور الاهل الرئيسي سواء لعدم اكتراث الاهل بأبنائهم أو لهروبهم من بيت ذويهم وأما بالنسبة لي فأنا مع ان يفتح الاهل اسلوب الحوار مع ابنائهم وهذا امر مهم للغاية واذا ما فعل احدهم خطأ ما اجلس اليه واشرح له وجهة نظري والخطأ الذي ارتكبه وانبههه الى مدى خطورته واستعمل معه كافة الاساليب سواء الترغيبية او الترهيبية في سبيل ردعه عن خطئه واستمع اليه واحاول تلبية رغباته ان كانت ضمن المعقول وهناك مشكلة احب ان انوه اليها وهي ان هناك بعض الآباء يقومون بطرد ابنائهم من المنزل بسبب خطأ اقترفوه وهذا قمة الخطأ فمهما بلغ خطأ الولد من الجسامة لا يصل الى حد طرده خارج البيت وانا على يقين ان خارج البيت بالنسبة للأولاد وخاصة في مثل هذا الزمان هلاك لهم وما دام الامر محصوراً بنطاق الاسرة فإنه ممكن العلاج وليس مستحيلاً استئصاله او الخلاص منه والسؤال هو ماذا يستفيد الاب عندما يقوم بطرد ابنه من المنزل؟ انه بالطبع لن يردع الابن عن تصرفاته ولن يصححها بل سيزيد الامر سوءاً على سوء. وعي السلطة الضابطة جاسم محمد المطوع ـ متخصص بالشئون الاسرية ـ يقول: لا اخفي عليكم انه عرض عليّ ست حالات هروب او خروج لمدة طويلة دون موافقة الوالدين خلال شهر اكتوبر من عدة عوائل خليجية لشباب بين 13 و 18 سنة من العمر وهذه الاسر سوية اي ان الابناء يجدون دوراً تربوياً مناسباً من قبل الوالدين او على الاقل محاولة لرعايتهم الا انهم اختاروا التمرد والخروج من سلطة الوالدين وعمل ما يحلو لهم دون خوف او احترام او تحسب لما قد يحدث لهم من عواقب وانا لا ادّعي انه يمكن علاج هذه الحالات من خلال مقال بل ان الامر بحاجة الى وعي وانتباه من قبل السلطة الضابطة في الدولة والبيئة والذات ولعل الشرح التالي يعطي صورة اكثر وضوحاً: في السابق لم يكن بامكان الابن الخروج من البيت والغياب مدة طويلة دون استئذان لأنه كان يلعب مقابل البيت او يخرج مع والده الى العمل او المسجد او حتى اللعب عند البحر مع الاصحاب وظل الحال على هذا الى سنوات قريبة وان غضب الابن على اهله لم يجد من يؤويه فالكل يعيده الى اهله وان زاد الامر فقد يبات عند عتبة الدار واذا كبرت المشكلة يهاجر او يسافر، ويعيش في احدى الدول الخليجية المجاورة اما الان فتعددت وسائل الايواء دون ان تخضع لرقابة حكومية حادة مثل بعض الفنادق او صالات التسالي وصالات الانترنت والمقاهي وغيرها التي تفتح ابوابها 24 ساعة وتسمح لشباب دون سن الـ 18 سنة للسهر والمبيت الى اليوم التالي وهذا هو السبب الاساسي الذي يشجع الشباب على المبيت خارج المنزل والامرالثاني هو سماح اهل الصديق لمبيت الهارب عندهم دون محاولة معرفة السبب سواء من البيت او الشاليه او حتى المخيم والامرالاخير هو سوء العلاقة بين الابناء الذكور والاباء والتي قد تصل الى حد عدم الاحترام او المراعاة التربوية المطلوبة وهنا انصح بالتالي: منع تواجد الشباب بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً في اي مكان عام سابق الذكر دون صحبة ذويهم او احد الوالدين. عدم السماح للاقران المبيت في بيوتكم الا بموافقة والديهم. عرض الابن المتمرد على اخصائي تربوي بصحبة والده للوقوف عند هذه المشكلة لعلاجها. تثقيف الشباب في النظام الدراسي بما يتعلق بقانون الاحداث. قيام الجهات الحكومية المعنية بدور حازم مع الشباب المتجول ليلاً. الصحة النفسية احمد توفيق هلال يقول: ان سلامة الصحة النفسية للطفل تلقى على عاتق الوالدين فالطفل في سنواته الاولى يكون سهل التشكيل والتأثر بما حوله فإما ان ينشأ مليئاً بالعقد والاضطرابات النفسية واما ان ينشأ معافى نفسياً وثمة اشياء تؤدي الى الجنوح يتوجب على الوالدين وضعها نصب اعينهم ليضمنوا السلامة لأبنائهم من اهمها الاساليب والطرق التي يتبعها الآباء في تنشئة وتربية ابنائهم فمنهم من يتخذ من اسلوب القسوة منهاجاً مستديماً للتربية معتقداً خطأ ان القسوة هي الطريق الصحيح لتعديل السلوك الخاطئ ويتأكد له هذا الاعتقاد لما يراه في اطفاله من خنوع واستسلام خوفاً من انزال العقوبة بهم الا ان هذا الاسلوب غالباً ما يلحق الاذى والضرر بالطفل بل يعرضه للمشكلات دون علم الآباء فينشأ الطفل مضطرباً غير قادر على طاعة والديه ويحمل الحقد ضدهما ويتمنى فراقهما ومنهم من تتحكم فيهم عواطفهم فيستسلمون امام تعنت اطفالهم واصرارهم على اشباع رغباتهم فينتهجون منهج اللين والتدليل فينشأ الطفل على سلوكيات خالية من الضبط ويعتاد على تلبية رغباتهم فور طلبها في اي وقت وبأية صورة ويشعر الطفل بالسعادة داخل اسرته الا انه سرعان ما يتعرض للاحباطات عندما يصطدم بالمجتمع الخارجي المختلف في سلوكياته وعواطفه عن والديه. ويضيف: وغالباً ما تضع الخلافات العائلية الطفل في صراع داخلي للانحياز الى احد الطرفين فضلاً عن الصراع الذي ينشأ بين الوالدين للفوز بالطفل في صفه كل هذا يعرض الطفل لضغوط نفسية شديدة ومتناقضات بين اوامر الوالدين لدرجة قد تدفعه للهروب والجنوح عنهما ولذلك فإن الوفاق بين الوالدين في تربية الاطفال له دور كبير في ضمان السلامة والصحة النفسية للطفل فنمو الطفل نمواً انفعالياً سليماً وتكيفهم الاجتماعي يتقرر حسب درجة اتفاق الوالدين واشتراكهما وتوحد اهدافهما في تدبير شئون الاطفال لذا يجب على الوالدين ان يزيدا من توافقهما في بعض المواقف السلوكية الحساسة وبخاصة امام اطفالهما بل انه من الضروري اشراك الطفل في هذا الاتصال عندما يرغب الوالدان في تحديد قواعد السلوك الخاصة بالطفل او تعديلها فمن خلال هذه المشاركة يشعر الطفل ان عليه ان يحترم ما تم الاتفاق عليه لأنه اسهم في صنع القرار والجدير ذكره انه يجب على الوالدين عدم وصف الطفل بأنه سيئ في حال خروجه عن هذه القواعد ولكن يجب اشعاره بأن سلوكه هو السيء لأنه وصف الطفل بأنه سيئ يجعله يشعر انه مرفوض لشخصه ما يؤثر على تكامل نمو شخصيته وتكيفه الاجتماعي مستقبلاً وقد يفشل الوالدان في ضبط او تعديل سلوك الطفل وهو صغير خوفاً من الحاق الضرر به او لاسباب تتصل بالوالدين بالذات كاسلوبهما او طبيعة نفسيتهما ما يدفع الطفل للحياة على هواه وتكون النتيجة عدم سيطرة الاهل عليه مستقبلاً. اسلوب الحسنى عنايات مصطفى شومر ـ اخصائية نفسية تقول: نتحدث اليوم عن تمرد الابناء ـ وهي قضية خطيرة ونتائجها اخطر ـ فإذا لم ننتبه اليها ستحدث مشاكل لا يعلم مداها الا الله. فمنذ البداية ونحن نربي ابناءنا في السنوات الاولى من اعمارهم علينا ان نتلافى نقطة الطاعة العمياء التي لم تعد موجودة الان، فأطفالنا ليسوا حيوانات بالسيرك يرهبها سوط المدرب وتخاف من نظرة عينيه. اطفالنا ان عاملناهم في الصغر بهذه الطريقة وجاءت فترة المراهقة ـ ورأى الصبي معاملة والد زميله له بالحسنى ورأت الصبية معاملة اهل زميلة لها بالحسنى ـ يبدأ التمرد الذي لن يشمل الوالدين والمنزل وانما سيشمل المدرسة والمعلمين ايضاً. والان اصبح بمقدور الصبي المتمرد ان يلجأ لمنزل صاحبه وهذا افضل الاحوال. ولكن ماذا لو لجأ الصبي الى مجموعة من اصدقاء السوء واخذته بالحسنى والعطف والحنان ثم علمته اشياء سيئة كتعاطي المخدرات ـ مثلاً ـ وبعد ذلك تستخدمه كمروج وتعامله بأشد قسوة وبسلاسل من حديد ولا يكون مصيره الا الادمان أو الموت؟! فعلى الوالدين او المعلمين ان يتعلموا ويدركوا ان هناك من يتلقى شبيبتهم الغضة ليعلموها ويدربوها على ارذل الاعمال. ولا نستثني من ذلك الفتاة فهناك ايضاً ذئب يتربص بها لحظة تمردها على اهلها لينقض عليها ناشباً فيها مخالبه فتصبح ضائعة تائهة. ولذا علينا اخذ اولادنا بالحسنى منذ بداية تكوينهم وتعويدهم على ديمقراطية الحوار وان نتيح لهم الفرصة لابداء آرائهم حتى لا ننشئهم على التمرد والرفض فما كانوا يقبلونه صغاراً لن يتقبلوه كباراً. وستبدأ قصة التمرد بالرد السخيف على الوالدين والمعلمين ثم بالهرب من المدرسة ثم الهروب من المنزل. وهذا ان ارادوا اثباتاً للشخصية اما ان يصبروا ولا يتمردوا فذلك سيخلق منهم شخصيات جبانة ضعيفة متخاذلة لا تواكب الغد الذي يحتاج الى شباب متعلم هادئ قادر على اقامة حوار سليم بصدق ومشاعر ثابتة وشخصية قوية لا متمردة. جمال فيصل الطويل ـ باحث اجتماعي يقول: ان ظاهرة تمرد الابناء على الكبار من مدرسين واولياء الامور بدأت تطفو على السطح وقد قرأنا عنها قصصاً كثيرة وعرفنا الكثير من انواع التمرد وصولاً الى ضرب الابناء للآباء والمدرسين.. او المشاركة مع اصدقائهم في ضرب الاب كما سمعت بالامس القريب في احدى الروايات وربما يبدأ التمرد من كلمة لا او من رفض الاوامر ويمكن ان يتصاعد نحو ايذاء النفس او الغير او تحطيم الاثاث او الهروب من المنزل او تشويه سمعة الوالدين عند الاصدقاء او غير ذلك؟ ولابد من التوعية للطرفين في هذا الموضوع اذ ان بر الوالدين مطلوب من الابناء وكذلك فإن فن الحوار والتربية الصالحة مطلوبة من الآباء ولابد من تسليط الضوء عليها ولهذا السلوك اسباب منها ما هو خاص بالاعلام والفضائيات ومنها ما يخص القيم والمناهج والدور التربوي للمدارس ومنها ما يخص المساجد ودورها في تعزيز القيم الاخلاقية والاجتماعية، فالمراهقون بشكل عام نجد عندهم نزعة تمرد وكثيراً ما يعتبر الشاب او الفتاة بأن منعه من تصرف او مشوار او سلوك او طريقة تعامل هي ليست من شأن الآباء بل ممكن ان تكون ردة الفعل قاسية ولو كانت بعبارة (ليس من شأنك)، وهنا نطالب الآباء بأن يبنوا منذ الصغر قيم الاحترام وبر الوالدين ولكن مادمنا تركنا ابناءنا في رعاية الخادمات والمربيات فلن نصل الى الغرس الصالح فالتهور في قيادة السيارات وعدم احترام الانظمة واللوائح المدرسية ولا تعليمات الأباء كلها مظاهر تمرد وعدم تحمل المسئولية وعدم وجود القدوة ادى لعقوق الوالدين وما نراه من مظاهر التمرد، ويبقى للأسرة الدور الأول والاساسي والمهم مهما اعتمدت على الغير من مدرسة وغيرها، فالاسرة غير المستقرة والتي تكثر عندها الخلافات والمشاجرات بين الوالدين هي احد الاسباب التي تدعو الشاب لعدم الاحترام وعدم الالتزام واحياناً القسوة المفرطة لها دور في ذلك والدلال الزائد ايضاً. كما ان مشكلة خروج الابن من المنزل وعدم العودة واللجوء لصديق كي ينام عنده وليتلقفه الشارع بكل ما فيه من ملاه وفنادق ونوادي انترنت مشكلة كبيرة.. لكن ما المطلوب من الاب وما المطلوب من الابن؟ وما المطلوب من الصديق الذي لجأ الى منزله الشاب الذي تمرد وخرج من منزل ذويه؟ فالمطلوب من هذا الصديق ان يتصل بوالد صديقه لزرع الطمأنينة في نفسه وليعلمه بأن ولده عند هذا الصديق.. ومن واجبه ايضاً ان ينصح صديقه بالعودة لمنزل ذويه.. ومن واجب الاب ألا ينام حتى يعرف اين ابنه ويطمئن عليه ويستخدم كل السبل للوصول لابنه، ويحاول احتواء الموقف وحل المشكلة حتى لا يتلقفه اصدقاء السوء وهم كثر وينتظرون تلك الفرصة كي يضموه اليهم ولتبدأ رحلة الانحراف مع هذا الشاب.. والمطلوب من الابن ان يعي تماماً العلاقة بين الوالدين والابن وان يعرف معنى بر الوالدين وكيف ان رضا الله عز وجل مرهون برضا الوالدين وان يحترم ويسامح الا يخرج من المنزل مهما حصل وان يعرف قيمة الاعتذار والتسامح.. ويجب ان يكون واثقاً بأنه لا يوجد مكان افضل من منزل الاسرة. ان بر الوالدين مطلوب في حياتهما وبعد مماتهما ايضاً وما اكثر الاحاديث والآيات الكريمة التي تدعونا لبر الوالدين. وباختصار فكما ان بر الوالدين جزء يسير من حقوقهما فالعقوق يعني انكار هذا الحق. والهروب من المنزل بداية انحراف ان كان بسبب قسوة الوالدين او عقوق الابن، والانحراف يعني جميع انماط السلوك التي لا تتفق مع المعايير الاجتماعية

Email