الجلطات الوريدية يمكن الوقاية منها بسهولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 20 ذو الحجة 1423 هـ الموافق 21 فبراير 2003 تعتبر الجلطات الوريدية من أكثر امراض الدم شيوعاً وتكمن أهميتها في النقاط الثلاث التالية: أولاً: تكون هذه الجلطات قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة بما فيها الوفاة وثانياً: لأنه يمكن الوقاية منها ومنعها بسهولة، وثالثاً: لأنه يمكن اكتشاف الأشخاص المعرضين للإصابة بها قبيل حدوث الجلطة في حالة كون سبب الجلطة من الأسباب الموروثة. الجهاز الوريدي يتكون الجهاز الوريدي في الأطراف (الساق والذراع) من أوردة سطحية ظاهرة تحت الجلد ويمكن في العديد من الأحيان مشاهدتها بالعين المجردة، ومن أوردة عميقة مدفونة بين أو تحت العضلات تصعب رؤيتها أو حتى حسها. والجهاز العميق هو الأهم من حيث جمعه للدم وتوريده له للأدوية الرئيسية التي تصب في القلب. ولكون الدم يمر بإتجاه معاكس للجاذبية، تتوزع داخل الأوردة العميقة مجموعة من الصمامات بشكل شمسية مقلوبة تسمح بمرور الدم عكس الجاذبية ولكنها تقوم بمنع الدم من الرجوع باتجاه الجاذبية. وعند حدوث الجلطات في الأوردة العميقة فإنها تحدث عند هذه الصمامات. ولكون الجسم قادرا على أن يذيب هذه الجلطات بالنظام الفسيولوجي فإن نفس هذا النظام لايذيب الجلطة فقط وإنما قد يذيب الصمام أيضاً ومن هنا تكمن أهمية علاج الجلطة الوريدية بشكل سريع لمنع ذوبان هذا الصمام. ففي حالة ذوبانه فإنه يسمح للدم بالرجوع بإتجاه الجاذبية مما يؤدي إلى الأعراض المتأخرة للجلطة الوريدية المتمثلة أسباب زيادة (فرط) تخثر الدم: هناك سببان رئيسيان لزيادة تخثر الدم، وقد يجتمع السببان في نفس الشخص أو قد يحدث أحدهما بشكل منفصل عن الآخر. فإما أن تكون هناك أسباب موروثه أو أسباب مكتسبة. الأسباب المكتسبة هناك عدة أحوال قد تعرض الشخص للإصابة بالجلطات الوريدية، وتزيد خطورة ونسبة التعرض في وجود سبب موروث لفرط تخثر الدم. وأهم هذه الأحوال: 1. العمليات الجراحية وخاصة في الركبه، والورك، وتجويف الحوض، والبطن، أو أية عملية جراحية تحتاج لتخدير عام تطول مدته عن النصف ساعة. 2. السمنة. 3. الإصابة ببعض الأمراض كالسرطان وبعض الأمراض الخمجية، وبعض أمراض الدم وأمراض الأوعية الدموية والأمراض الإلتهابية. 4. السفر أو الجلوس لفترات طويلة دون تحريك الأرجل. 5. تعاطي بعض الأدوية وخاصة عند الأشخاص الذين لديهم إستعداد وراثي للإصابة بالجلطات الوريدية، ومن أهم هذه الأدوية هي الأدوية المانعة للحمل. 6. الحمل. الأسباب الموروثه هناك عدة أسباب موروثه تم إكتشافها قد تعرض الشخص المصاب أو الناقل لخطر الإصابة بالجلطات. في الغالبية العظمى من الحالات تكون الجلطات وريدية سواءً إقتصرت على الوريد نفسه أو إنتقل جزء من الدم المتخثر إلى الرئه أو حصلت الجلطة في الأوعيه الدموية الرئويه. وهناك نسبه قليلة من الحالات تكون فيها الجلطات في الشرايين فقط. وفي الغالبية العظمى تظهر هذه الجلطات للمرة الأولى إذا ما إقترن السبب الموروث بأحد الأسباب المكتسبة المذكورة سابقاً. وغالباً ما يزداد خطر التعرض للجلطات الوريدية عند الأشخاص الوارثين لفرط تخثر الدم مع تقادم السن. وأهم الأسباب الموروثه والمعروفه للآن هي: 1. مقاومة عمل بروتين سي المنشط وغالبية الحالات تكون ناتجة عن خلل موروث في العامل الخامس من عوامل التخثر يؤدي إلى مقاومة هذا العامل لعمل بروتين سي المنشط وبالتالي يؤدي إلى فرط تخثر الدم. وقد سُمّي هذا العامل المختل بعامل خمسة لايدن وذلك نسبة لمدينة لايدن الهولندية التي اكتشف فيها. ويورث هذا العامل بشكل متغلب، أي أن الشخص المتلقي لموروثة واحدة (جين) سواءً من الأب أو الأم يكون معرض الخطر الإصابة بالجلطات الوريدية. غير أن خطر الإصابة يتضاعف عدة مرات في حال تلقي الشخص لجينين مختلفين أحدهما من الأم وآخر من الأب. وهذا السبب يعتبر شائع الحدوث بين الأردنيين حيث دلت دراسة مسحية أجراها د. عبد الله العبادي بأن قرابة 13% من الشعب الأردني يحمل أحد الجنينين المختلين أو كليهما. 2. نقص المقاوم الثالث لمادة ثرومبين وتعتبر مقاومة عمل مادة الثرومبين وإبطال مفعول هذه المادة من الأشياء المهمة التي تمنع من تخثر الدم بشكل غير طبيعي. وتناط مهمة مقاومة عمل مادة الثرومبين بعدة عوامل أهمها مادة تدعى المقاوم الثالث. وفي حال نقص هذا المقاوم أو وجود خلل فيه يقلل من مفعوله، فإن الشخص معرض لخطر الإصابة بالجلطات الوريدية. وكثيرا ما تظهر الجلطة للمرة الأولى عند المرأة التي تتعاطى أدوية منع الحمل أو عند الحمل أو الولادة الأولى. 3. نقص بروتين سي ، حيث تعتبر هذه المادة مهمة لمنع التثخر حيث يؤدي تنشيطها في الحالات الطبيعية إلى تكسير بعض عوامل التخثر الأساسية مما يؤدي إلى توقف التخثر. وفي حالات نقص أو خلل هذا البروتين يقل أو يتوقف تكسير عوامل التخثر المذكورة مما يؤدي إلى حدوث الجلطات. ويورث نقص بروتين سي بشكل متغلب، ولكن خطر الإصابة بالجلطة يزداد في الحالات التي يرث فيها الشخص جينين مختلين. 4. نقص بروتين إس ويعتبر هذا البروتين عاملاً مساعداً لعمل بروتين سي أعلاه: ويورث بنفس الطريقة. 5. خلل مادة بروثرومبين. 6. أسباب موروثة أخرى وهي نادرة الحدوث منها خلل أو نقص في مادة بلاسمينوجين، مادة a2 pI المظاهر السريرية قد تحدث الجلطة الوريدية بدون أعراض خاصة عند الأشخاص الذين لا يعطوا عناية خاصة للتغيرات في أجسامهم، ولكن في الغالبية العظمى من الأشخاص تظهر أعراض قد تتفاوت في شدتها من شخص لآخر وحسب موقع الجلطة. أ. أعراض الجلطة الوريدية في الجهاز الوريدي العميق. وأعراض الجلطة الحادة: 1. ألم في مكان الجلطة والتي غالبا ما تكون في الساق إما تحت الركبة وإما فوقها. 2. إنتفاخ في المنطقة السفلى لمكان الجلطة، فإذا حدثت الجلطة في منطقة الفخذ، فإن الإنتفاخ يكون في منطقة الرجل التي تحت الركبة، وأما الجلطة الوريدية في أوردة الحوض فتؤدي إلى إنتفاخ الساق بالكامل حتى الورك. وأما جلطة وريد تحت الترقوة فتؤدي إلى إنتفاخ الذراعين، وأما جلطة وريد الإبط فتؤدي إلى إنتفاخ في الذراع ولكن بشكل أقل من جلطة وريد تحت الترقوة. 3. حدوث احمرار وتغيرات جلدية أخرى في منطقة الجلطة، وأحيانا قد يحدث انقطاع للتروية الدموية في المنطقة المصابة مما يؤدي إلى حدوث الغرغرينا. 4. إذا ما هاجرت الجلطة واستقرت في الرئة، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث انسداد كبير مفاجئ في شريان الرئة مما قد يؤدي إلى الوفاة المفاجئة، وقد يحدث هذا بشكل واضح عند الأشخاص الراقدين في المستشفى أو ممن يلازمون الفراش لفترات طويلة. وأما إذا كانت الجلطة المهاجرة صغيرة الحجم، فتؤدي إلى انسداد شريان رئوي أصغر، وهذا يؤدي إلى الأعراض المصاحبة مثل السعال المتكرر المصحوب بالدم، ضيق النفس، ألم في الصدر، وتسارع في التنفس، وازرقاق لون الأطراف والشفاة واللسان. 5. هناك علامات سريرية مصاحبة يلحظها الطبيب مثل ألم عند الضغط في مكان الجلطة أو عند القيام بإجراء يؤدي إلى شد الوريد، حس الوريد والذي قد يصبح مثل الوتر، وجود أوردة سطحية محولة، ارتفاع في حرارة الطرف المصاب، احمرار في الطرف المصاب علامات الجلطة المهاجرة وعلامات أخرى كثيرة. 7. أما إذا مر الوقت بعد حدوث الجلطة دون أخذ العلاج المناسب فقد يبقى الطرف المصاب منتفخاً وقد تتعرض ببعض مناطق الجلد للضمور وأحياناً للتقرحات وقد تظهر الأوردة المحولة كدوالي. وقد تزداد شدة هذه الأعراض عندما يجلس الشخص لفترات طويلة (إذا كانت الجلطة في الساق) أو عند وقوفه لفترات طويلة أو عند زيادة الوزن. أما أعراض الجلطة في الأوردة السطحية فتتمثل بوجود إحمرار في الجلد مع ألم وارتفاع في حرارة المكان المصاب وأحياناً حرارة الجسم، وهي لا تكون بنفس خطورة الجلطات التي تحدث في الأوردة العميقة وذلك لأنها لا تؤدي إلى جلطات مهاجرة. عند حدوث الأعراض والعلامات الواضحة، فمن السهل تشخيص الجلطة الوريدية، وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء بعض الفحوص الشعاعية لتأكيد الجلطة أو تأكيد مكانها وامتدادها، ومن هذه الفحوص، صور خاصة بالأمواج الفوق صوتية، صور الوريد بالمادة الظلية، صور الرنين المغناطيسي، صور بالمواد المشعة. كما يتطلب الأمر إجراء بعض الفحوص المخبرية لمعرفة أسباب الجلطة (إن وجدت) وقد يتطلب الأمر إعادة هذه الفحوص بعد مدة نظراً لتأثر نتائج بعضها بالجلطة الحادة. وأما الجلطات المهاجرة للرئة، فيتم الكشف عنها بواسطة الصور النووية أو المحورية ويمكن أن تظهر حتى في صور الأشعة العادية للرئتين. العلاج أ. علاج جلطة الأوردة السطحية: ويكتفى هنا بالمسكنات والإجراءات الموضعية، حيث تزول الأعراض بعد فترة وجيزة. ب. علاج جلطة الأوردة العميقة: ويحتاج الأمر هنا إلى تدخل سريع، فإذا كانت الجلطة في الأوردة تحت الركبة، فيتطلب إعطاء المريض مميعات الدم وأولها الهيبارين، حيث يمكن إعطائه بالوريد أو تحت الجلد. وأنا أفضل إستخدام الأنواع الحديثة من الهيبارين المسماه بالهيبارين خفيف الوزن. وبعد فترة قصيرة يتم إعطاء المريض مميعاً بشكل حبوب ويوقف دواء الهيبارين عند الوصول لدرجة التميع المرغوبة، ويستمر المريض بتناول دواء التمييع لمدة متفاوتة حسب السبب ولكنها في الغالب تستمر لمدة تزيد على شهرين أو ثلاثة شهور. وأما إذا كانت الجلطة في أوردة ما فوق الركبة، فقد يتطلب الإجراء إعطاء مذيب للجلطة من نوع ستربتوكاينس إذا ما تم اكتشاف الجلطة في أول 48 ساعة. وقد يتطلب إعطاء هذا المذيب في الوريد لفترة تتراوح من 12 ساعة وحتى 48 ساعة، وذلك حسب التجاوب. وبعد المذيب، يتم إعطاء الهيبارين والحبوب المميعة كما هو مشروح أعلاه. وأما إذا هاجرت الجلطة إلى الرئتين، فقد يتطلب الأمر إجراء مداخلة جراحية لزرع مصفاة خاصة في الوريد تمنع من هجرة الجلطة أو في بعض الخيارات سد الوريد البطني السفلي، وذلك في حالات الجلطة المهاجرة والمتكررة. كما يستدعى الأمر اعطاء المريض المميع الهيباريني والحبوب ولكن لمدة أطول لا تقل عن الستة شهور. وهناك بعض الحالات التي تستدعي أن يأخذ المريض الدواء المميع مدى الحياة. وقد يتطلب الأمر إجراء مداخلة سريعة في حالة الجلطة المهاجرة لشريان الرئة وذلك لنزع الجلطة أو قد يستدعي الأمر اعطاء المذيبات المذكورة أعلاه أو الأنواع الجديدة من المذيبات. ج. علاج المضاعفات المتأخرة للجلطة: لا يوجد حل مرض لمضاعفات الجلطة المتأخرة والمتمثلة في الإنتفاخ المزمن للساق أو الذراع، وينحصر العلاج بإرتداء الجوارب الشادة وتجنب الأسباب التي تزيد من الأعراض. وقد يتطلب الأمر إجراء مداخلات جراحية لإستئصال الدوالي الوريدية. د. أمور علاجية أخرى: قد يتطلب الوضع إعطاء المصاب بعض المسكنات ومنعه من المشي أثناء وجود الألم. كما قد يتطلب أن يرتدي المريض بعض الجوارب الشادة الحمل والولادة تتعرض المرأة في الكثير من الأحيان للإصابة بجلطة الأوردة العميقة أثناء الحمل أو بعد الولادة، ومن هنا لابد أن تقوم المرأة بملاحظة أية تغيرات في الساقين وعرض نفسها على طبيبها في الحال. وإذا أصيبت المرأة بالجلطة الوريدية أثناء الحمل، فيتم اعطاؤها دواء الهيبارين ولا يجوز إعطاء الحبوب المميعة نظرا لكونها تؤدي إلى تشوهات في جسم الجنين. وأما إذا أصيبت المرأة بالجلطة بعد الولادة، فبالإمكان علاجها كالشخص العادي. وتصاب بعض النساء بجلطات صامته مميته بعد الولادة بوقت قصير (في الأيام الأربعة الأولى)، وسبب ذلك حدوث جلطة في أوردة الحوض أو الفخذ لا تعطي أعراض واضحة ولكنها تهاجر بعد فترة للرئة وتؤدي إلى إنسداد مفاجئ في شريان الرئة الرئيسي مما يؤدي إلى الوفاة. ولابد من التنويه هنا بضرورة إعطاء المرأة بعد الولادة مباشرة أدوية الهيبارين الحديثة للوقاية من الجلطة وذلك لمدة عدة أيام اذا لم يوجد سبب يمنع من إعطائها. أ.د. عبدالله عويدي العبادي أخصائي امراض الدم والسرطان

Email