القصص الحق ـ يونس والحوت وفعل الخيرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 23 رمضان 1423 هـ الموافق 28 نوفمبر 2002 يقول الله تعالى :« وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين »[الأنبياء:87-88]. (وذا النون) هو : صاحب الحوت نبي الله يونس بن متى عليه السلام وكان فى بلد تسمى «نينوى» وهى من الموصل فى العراق وهى التى تحدث عنها النبى صلى الله عليه وسلم مع عداس حينما أخبره إنه من «نينوى» فقال له :«أنت من بلد العبد الصالح يونس بن متى ». وفى الحديث : «حتى النملة فى جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير». وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحب أخيه يونس حباً جماً وكان كثير الثناء عليه فقال ابن عباس : عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :« ماينبغى لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى ونسبه إلى أبيه» أخرجه البخارى. وعن أبي هريرة في قصة المسلم الذى لطم وجه اليهودى حين قال : «لا والذي اصطفى موسى على العالمين. قال البخارى في آخره :« ولا أقول إن أحداً أفضل من يونس بن متى ». أخرجه البخارى ومسلم. لما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من «الطائف» والتقى «بعداس» غلام ابنى ربيعه النصراني ووضع عداس قطفاً من عنب أمام رسول الله.. مد النبي يده إليه قائلاً : باسم الله ثم أكل فقال عداس : إن هذا الكلام مايقوله أهل هذه البلدة ! فقال له النبي : من أى البلاد أنت ؟ قال : أنا نصراني من «نينوى» فقال رسول الله : أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟ قال له : ومايدريك مايونس؟ قال رسول الله : ذلك أخي كان نبياً وأنا نبى فأكب عداس على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجليه يقبلهما. لقد بعث الله تعالى يونس عليه السلام إلى أهل «نينوى» من أرض الموصل وكانت عاصمة دولة أشور تلك الدولة التى بسطت سلطانها على معظم بلاد آسيا وكانت من أغنى وأعظم المدن الشرقية فى ذلك الزمن وأدت سعة الرزق بها وغناها الفاحش إلى ضلالها بارتكاب الموبقات والمعاصى بالإضافة إلى هذا فقد كان أهل نينوى يعبدون الأصنام ولا يؤمنون بالله تعالى فدعاهم يونس عليه السلام إلى الله عز وجل فكذبوه وتمردوا عليه وأصروا على كفرهم وعنادهم فلما طال ذلك عليه من أمرهم ظن عليه السلام أنه قد أدى الرسالة وقام بالمهمة التى أمره الله بها فخرج من مدينتهم مغاضباً ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث وظل سائراً حتى أتى إلى ساحل البحر فوجد سفينة على أهبة السفر فطلب من أصحابها أن يركبوه معهم السفينة ففعلوا. ركب عليه السلام السفينة فلجت بهم فى البحر واضطربت وماجت بهم وجاءها الموج من كل مكان وثقلت بما فيها وكادوا يغرقون فتشاوروا فيما بينهم على أن يقترعوا فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يسمحوا به فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضاً فشمر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه فأبوا عليه ذلك ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضاً لما يريده الله به من الأمر العظيم. قال تعالى:«وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم» [الصافات :139-142]. فلما وقعت عليه القرعة ألقى في البحر فبعث الله تعالى حوتاً عظيماً من البحر فالتقمه وأمره الله تعالى أن لا يأكل له لحماً ولا يهشم له عظماً وقال له ليس لك برزق فأخذه وابتلعه ولما استقر يونس عليه السلام فى جوف الحوت حسب أنه قد مات فحرك جوارحه فتحركت فإذا هو حي فخر لله ساجداً وقال : «يارب اتخذت لك مسجداً في موضع لم يعبدك أحد في مثله» وسمع عليه السلام تسبيح الحيتان للرحمن وتسبيح الحصى لفالق الحب والنوى ورب السموات السبع والأرضين السبع ومابينهما وماتحت الثرى فعند ذلك قال ماقال بلسان الحال والمقال كما أخبر عنه ذو العزة والجلال الذي يعلم السر والنجوى ويكشف الضر والبلوى سامع الأصوات وإن ضعفت وعالم الخفيات وإن دقت ومجيب الدعوات وإن عظمت حيث قال فى كتابه المبين المنزل على رسوله الأمين :( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) [الأنبياء:87]. إن يونس عليه السلام لم يصبر على تكاليف الرسالة فضاق صدراً بالقوم وألقى عبء الدعوة وذهب مغاضباً فأوقعه الله فى الضيق الذي تهون إلى جانبه مضايقات المكذبين ولولا أن تاب إلى ربه واعترف بظلمه لنفسه ودعوته وواجبه لما فرج الله عنه هذا الضيق ولكنها القدرة حفظته ونجته من الغم الذي يعانيه. واصحاب الدعوات لابد أن يتحملوا تكاليفها وأن يصبروا على التكذيب بها والإيذاء من أجلها إن الداعية أداة في يد القدرة والله أرعى لدعوته وأحفظ فليؤد هو واجبه في كل ظرف وفي كل جو والهدى هدى الله. عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :« اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة أخى يونس بن متى» قال : قلت يارسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال:«هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله تعالى :(فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) فهو شرط الله لمن دعاه بها.

Email