دراسة أعماق المحيط تكشف أسرار طبقات الجو العليا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 19 شعبان 1423 هـ الموافق 25 أكتوبر 2002 من المفارقة ان يكتشف العلماء اسرار طبقات الجو العليا عن طريق دراسة تكوينات أعماق البحار. فقد اكتشف الباحثون من فحص الصخور البركانية من اعماق المحيطات انهم يستطيعون تقدير كمية ثاني اكسيد الكربون المخزون تحت سطح الارض وقد يؤدي ذلك الى فهم تأثير البراكين على الطقس والمناخ. فحص علماء من جامعة فلوريدا قطعاً من البازلت (صخور بركانية) الذي يتكون بعد ان تبرد الحمم البركانية من على عمق 12 ألف قدم تحت سطح المحيط الهادي على طول تكوين جبلي جغرافي يعرف باسم سلسلة جبال وسط المحيط. واكتشف الباحثون في هذه الصخور البازلتية آثاراً لثاني اكسيد الكربون ومركبات اخرى تعود الى قشرة الارض الداخلية وهي مصدر غالبية النشاط البركاني ووفرت هذه الصخور للعلماء رؤية نادرة عند تكوين القشرة الداخلية للأرض وما يمكن ان تطلقه في الغلاف الجوي عن طريق البراكين، لأن التكوينات في هذه المنطقة صعبة الوصول لم توجد ابداً بحالة جيدة من قبل. ويقول مايك بيرفت استاذ الجيولوجيا بجامعة فلوريدا ان غالبية الحمم البركانية المحيطية تنطلق نحو السطح بعد ان تفقد الغازات التي تحملها ونحن في حاجة الى معرفة التكوين الحقيقي لقشرة الارض الداخلية من الناحية الجيولوجية والكيماوية وقد يكون هذا النوع من المعلومات مفيداً في الحديث عن دور القشرة الارضية في ظروف الغلاف الجوي وكيف يمكن ان تؤثر في المناخ. غاز ثاني اكسيد الكربون يتصاعد أساساً من الصوبات الزراعية ويحتفظ بالحرارة ويساهم في احترار الارض وتوقع العلماء من فترة طويلة ان تكون الثورات البركانية سبباً في تصاعد ثاني اكسيد الكربون وغيره من الغازات في الغلاف الجوي وتسبب اتجاهاً نحو ارتفاع الحرارة وقد يكون ذلك التأثير كبيراً لدرجة انه يسبب انقراض بعض الانواع بالكامل. وقد تساعد الصخور البازلتية في الاجابة على هذا السؤال عن طريق توفير بيانات ومعلومات للباحثين حول وضع ثاني اكسيد الكربون تحت الارض. عندما ترتفع الحمم البركانية نحو سطح الارض وتتدفق بعد ذلك من فوهات البراكين، تفقد الغازات التي توجد بها لأن ضغط الارض الذي كانت تحته يتلاشى او ينخفض وبالتالي تتقلص المكونات الغازية التي بها عند وصولها الى السطح لأنها تتطاير. يشبه بيرت ذلك بفتح زجاجة مياه غازية ويقول ان ثاني اكسيد الكربون وبخار المياه وثاني اكسيد الكبريت والهيليوم والكلور وغيرها من المواد الطيارة لا توجد الا بكميات بسيطة جداً في البازلت مما يجعل من الصعب على علماء الجيولوجيا تحديد كميات ونسب هذه المواد في قشرة الارض الداخلية غير ان قاع المحيط بيئة رائعة وفريدة من هذه الناحية فالمياه هناك باردة والضغط مرتفع وبالتالي تحافظ هذه الظروف على وجود المواد الطيارة (الغازات) في الحمم التي تتحول الى الحالة الصلبة بعد خروجها وبالتالي استطاع الباحثون ان يدرسوا التكوينات الجيولوجية لقاع المحيط البعيد من اجل معرفة تركيب القشرة الداخلية للأرض بدقة اكبر. عينات البازلت التي حصل عليها بيرت وزملاؤه كانت على عمق يخضع لضغط يصل الى 350 ضعف الضغط عند سطح المياه ولم تحتو هذه العينات على فقاعات مما يشير الى ان المواد الطيارة (الغازات) ظلت بداخلها فضلاً عن انها كانت حديثة التكوين وبذلك تصبح مثالية لهذه الدراسة واكتشف الباحثون من هذه العينات انها تحتوي على بلورات صغيرة تحتوي على قطع صغيرة من الحمم الخالصة وقام الباحثون بقياس كمية المواد الطيارة في هذه العينات باستخدام تكنولوجيا حديثة يمكنها تحليل كميات ضئيلة. وقال بيتر مايكل استاذ العلوم الارضية بجامعة تولسا ان علماء آخرين في الجيولوجيا استطاعوا قياس بعض المواد الطيارة من قبل مثل الكلور (في عينات البازلت) لكن التكنولوجيا المستخدمة هذه المرة تعطي صورة فريدة عن مستويات ثاني اكسيد الكربون في هذه الصخور واضاف ان هذا امر هام لأن سلسلة جبال وسط المحيط هائلة الحجم ويبلغ طولها 40 ألف ميل ويحدث فيها نحو 85% من النشاط البركاني في العالم وبالتالي اذا كانت عينات البازلت التي جلبوها للسطح هي بازلت من هذه السلسلة بكل صفاتها فيمكن ان تساعد في معرفة معدل امداد باطن الارض للغلاف الجوي بثاني اكسيد الكربون عن طريق البراكين.

Email