قبل أن يلفظ المشاهير أنفاسهم، الكلمات الاخيرة.. تعبير عن حالة ذهنية وتلخيص لمواقف انسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 15 شعبان 1423 هـ الموافق 21 أكتوبر 2002 يولد الرجال والنساء ويموتون وخلال المسيرة بين لحظة الميلاد ولحظة الميعاد حيث تفيض الروح، تحدث اشياء وتتنوع المواقف والمواضع قد يكون من اولئك الرجال والنساء من حقق شهرة طبقت الآفاق نتيجة لفعل ما، بعض اولئك الرجال والنساء مضى مخلفاً وراءه اسماً لامعاً، والبعض الآخر مضى وكأن لم يكن هناك اثر لوجوده وامام هيبة الموت والرحيل عن الدنيا، لأي سبب ما وفي اي موقف كان ومهما كان الموت مفاجئاً، ينطق الرجال والنساء المشاهير وغير المشاهير بكلمات قد يكون فيها قدر من الطرافة او الحكمة او الشفقة والخوف او الامل فماذا قال بعض المشاهير وهم على فراش الموت يلفظون انفساهم الاخيرة او يقفون وصدورهم مفتوحة انتظاراً لاطلاق الرصاص أو وهم يقتادون نحو المقصلة. ولعل ابلغ مثال لهذه الكلمات واعظمها اثراً وتعبيراً عن قوة بأس وشجاعة صاحبها، تلك الكلمات التي نطق بها الاسكندر المقدوني الذي فتح اراضي امتدت من مقدونيا الى الباكستان، ولما يتجاوز عمره الثالثة والثلاثين من على فراش الموت، قال القائد العظيم وهو في كامل هيئته العسكرية وعيناه تذرفان الدمع لم تعد هناك بلاد كي افتحها وصدق الرجل فقد كان يحكم الارض ومن عليها. ولم يكن الامبراطور الروماني اغسطس في قمة الهدوء والتماسك وهو ينتظر اللحظة التي تقبض فيها روحه فحسب، بل كان يداعب المحيطين به، ويبادلهم الحديث الى ان حانت اللحظة التي قال فيها: هل احسنت قيادة الامبراطورية؟ ان كان كذلك هيا ابتهجوا وصفقوا فقد اسدل الستار على تلك الكوميديا الرائعة، وكذلك كانت آن بولين زوجة هنري الثامن ملك انجلترا الذي امر باعدامها لرفضها اوامره رفعت المرأة التي كانت زوجة لملك عظيم الشأن عينيها نحو السياف وخاطبته بصوت متحشرج قبل ان يضرب عنقها «اعتقد ان الجلاد ماهر وبارع ويتقن هذه الصنعة، كما اعتقد ان عنقي رقيق للغاية» ثم هوى الجلاد بالسيف وانفصل الرأس عن الجسد، الا ان زوجها الملك هنري الثامن لم يواجه الموت بالتماسك ذاته فقد كان يصيح في وجوه الكهنة حين جاء دوره وهو يقول: لقد ضاع كل شيء ايها الكهنة الملاعين، لقد ضاع كل شيء الآن، العرش والجسد والروح، لقد فقدت كل شيء. أما هانيبال القائد القرطاجي الابرز، والعدو اللدود للرومان والذي عبر جبال الألب على ظهور الأفيال للقضاء عليهم، فقد قال على فراش الموت وهو في حالة من الهزال والضعف البدني «دعونا الآن نزيح المخاوف من اذهان الرومان»، فقد حانت لحظة قبض روح عجوز لا حول له ولا قوة. ولم يخرج وليام هنتر الطبيب البارع عن هدوئه ولم يكن يتهيب تلك اللحظة الرهيبة التي لا مناص من مواجهتها، حين قال وهو على فراش الموت «لو كنت قوياً بما يكفي للامساك بقلم لسجلت كم هو سهل ولذيذ هذا الشيء الذي نسميه الموت، وكم هو سهل ان يلفظ الانسان آخر انفاسه». وكذلك كان حال الجنرال توماس جاكسون، احد قادة الحرب الأهلية الاميركية عندما اصابه احد جنوده بالخطأ، اذ قال «هيا نعبر هذا النهر ونستجم قليلاً تحت ظلال تلك الاشجار الباسقة». مكتشف الجاذبية وعندما كان اسحق نيوتن، العالم الشهير ومكتشف الجاذبية يتمدد على فراش الموت نادى على احد تلاميذه وهمس في اذنه قائلاً: لست ادري كيف ينظر العالم إليّ، اما انا فأشعر وكأنني طفل صغير يتجول على شاطئ البحر وهو يجمع الاصداف وينتقي الاجمل من بينها ثم يلقيها ليجمع اخرى وهكذا بينما يمتد امام ناظره هذا البحر الهائل من الحقائق والاسرار المتجددة». وهكذا كان حال دوايت مودي الباحث البريطاني في الاديان وهو ينتظر اللحظة الحاسمة حين همس قائلاً: «الارض تنحسر رويداً رويداً والسماء تشرع ابوابها، ان هذا هو الموت، فما اجمله وما احلاه، لا توجد سهول ووديان هنا، الطريق ممهدة ومستوية، انني اقف الآن امام ابواب السماء المشرعة، انني ارى براءة وجوه هؤلاء الاطفال الرائعين» وما هي الا لحظة واغمض عينيه راحلاً عن الحياة. ومن الكلمات الاخيرة المعبرة ما نطق به ليوناردو دافينشي المخترع والفنان الايطالي الشهير الذي قال وهو يلفظ انفاسه الاخيرة: لقد أسأت للآلهة والانسانية لأن اعمالي لم تصل الى مستوى الجودة التي كان ينبغي ان تصل اليه. وكذلك ما قاله ونستون تشيرشيل رئيس وزراء بريطانيا ابان الحرب العالمية الثانية وجسده ممدد على فراش الموت حيث قال: «كم كنت غبياً» ملخصاً بتلك العبارة فشله في ايقاف تلك الحرب بعد ان اورد عبارة في سيرته الذاتية يقول فيها: «لقد كان في استطاعتي منع نشوب الحرب». وايضاً ما قاله كارل ماركس الفيلسوف ومؤلف كتاب «رأس المال» وهو يرقد وسط مريديه في انتظار اللحظة التي سيودع فيها الحياة حين اقتربت ممرضة من سريره وسألته ان كان لديه ما يقوله قبل ان يودع الحياة صرخ الفيلسوف في وجه الممرضة وهو يقول: «عليك اللعنة، هيا اخرجي من هنا، ان الاغبياء الذين لم يقولوا ما يكفي هم الوحيدون الذين يقولون كلماتهم الاخيرة». ومن الكلمات الاخيرة الطريفة ما قاله جوته، الشاعر الالماني البارز وهو على فراش الموت اذ فتح عينيه والتفت نحو احد الجالسين حول الفراش ليقول «ضوء.. المزيد من الضوء، انها العتمة»، وكذلك ما قاله جيمس روجرز رداً على استفسار الضابط ان كان يرغب في شيء قبل اطلاق الرصاص عليه وكان رده «نعم اريد قميصاً مضاداً للرصاص» وكذلك ما قاله هنري ويلز البريطاني وهو يصارع الموت اذ صرخ فجأة وهو يقول: «هيا اغرب عن وجهي، فأنا على اتم حال» وبطبيعة الحالة فإن الموت لم يتركه في حال سبيله بل تم قبض روحه. مأمون الباقر

Email