«رومبا».. خادم منزلي يستهل عصر الروبوت المفيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 10 شعبان 1423 هـ الموافق 16 أكتوبر 2002 بعيداً عن كتب الخيال العلمي وافلام هوليوود، حان الوقت الآن لتتعامل بنفسك مع الروبوت، وجها لوجه، وعلى ارض الواقع. آن الاوان لكي تلتقي «رومبا» وهو روبرت تنظيف منزلي جديد، ابتكره مختبر الذكاء الصناعي بمعهد ماساشوستس الاميركي. وظيفة رومبا بسيطة ومتواضعة، بالمقارنة مع ما نشاهده على شاشات السينما، فهو مصمم لشفط الاوساخ من ارضية المنزل فيما انت منشغل بانجاز اعمال اخرى. لكن «رومبا» يمثل ايضاً علامة فارقة في تكنولوجيا الروبوتات، فهو اول روبوت مصمم للعيش في المنزل والقيام بعمل مفيد يطرح بالاسواق بسعر 199 دولاراً فقط، اي نفس سعر المكنسة الكهربائية متوسطة الحجم تقريباً. والروبوت «رومبا» خرج الى الدنيا عبر ثلاثة آباء: رودني بروك، مدير مختبر الذكاء الصناعي في معهد «ام اي تي» مع اثنين من طلابه الخريجين السابقين وهما كولين انجيل وهيلين غراينر. ويعتبر بروك اعظم عالم روبوتات في العالم. وهو مشهور بايجاد مقاربات متطورة ومدهشة لمسائل عسيرة الحل. وقد استخدمت تقنيات في ابتكاره في بناء مسبار وكالة الفضاء الاميركية ناسا الذي صعد الى المريخ على متن المركبة باثفايندر. وامضى بروك فترة الثمانينيات في بناء روبوتات تجريبية مثل «جنكير» و«اتيلا» وكائنات صغيرة سداسية الارجل محملة بالمعالجات الحاسوبية والمجسات الحساسة. وكانت تلك الروبوتات جميلة المظهر وتكلفتها باهظة، لكن على المستوى العلمي لم يكن لها قيمة تذكر. ويقول انجيل: تدخل عالم الروبوتات وانت تتصور انك ستغير العالم ثم تكتشف انك لن تغير العالم بروبوت تكلفته مليون دولار، وفي عام 1999 قام انجيل وغراينر ومعهم بروك بتأسيس شركة «اي بروك» على امل بناء روبوتات عملية للحياة اليومية. دروس قاسية لكن في البداية كان عليهم ان يتعلموا بعض الدروس القاسية حول تلك المخلوقات الصعبة التي تعرف بالبشر. فالروبوت في جوهره، كمبيوتر له جسم، لكن شركة «اي روبوت» ارادت تسويق روبوتاتها بوصفها تجهيزات منزلية . وتبين ان الناس اكثر اهتماماً بمستوى تجهيزاتهم المنزلية من اهتمامهم بأجهزة الكمبيوتر. لكن التجهيزات المنزلية ينبغي ان تكون رخيصة وبسيطة ويمكن الاعتماد عليها، اذ لن يقبل احد على شراء مكنسة كهربائية بقيمة الفي دولار تحتاج الى دكتور في الهندسة لتشغيلها. وكان خروج فريق بروك من برجهم العاجي بمثابة صدمة ثقافية لهم. حيث يقول انجيل: «كان علينا معرفة الكثير من الامور عن المواد البلاستيكية. كان علينا ان نتحرى عن طرق عمل المصانع في الشرق الاقصى. وتعلمنا اننا اذا لم نجلس على الطاولة ونتجادل طويلاً حول كل دولار يتم انفاقه، لن نفهم ابداً طبيعة التعامل مع المنتجات الاستهلاكية. وكان على فريق «اي روبرت» ايضاً ان يبحثوا في موضع لا يتطرق إليه معظم العلماء وهو تنظيف ارضية المنزل. وجثم هؤلاء على ركبهم لاستنباط كيفية تجمع ودوران الغبار من وجهة نظر فيزيائية. وتستهلك المكانس الكهربائية كميات كبيرة من الطاقة، لذلك اراد بروك وفريقه ابتكار نوع جديد من انظمة شفط الهواء، يقتصد في استهلاك الكهرباء ليتيح للروبوت رومبا العمل على بطاريات قابلة للشحن. وامضى العلماء نهاراً كاملاً في احد المتاجر المتخصصة في التجهيزات المنزلية لمراقبة المكانس الكهربائية المختلفة في حالة عمل. وبعد 12 عاماً و30 نموذجاً اولياً تجريبياً ولد الروبوت المنزلي رومبا بوزن 25 كغ وعرض 35 سم. وهو يبدو اقرب الى سرطان البحر منه الى الانسان من حيث المظهر. فقط اضغط على زر التشغيل وستجده يبعث الى الحياة بقدر مدهش من الرشاقة والنشاط وكأن له شخصية مستقلة. ونظر رومبا محدود، لذلك فهو يتجول في انحاء الغرفة عشوائياً الى حد ما مغطياً مساحات بخطوط لولبية متباعدة، ثم يتبع حواف الجدران متفاديا العراقيل التي تعترض طريقه بمناورات رشيقة وذكية. يرسم الروبوت طريقه مستخدماً مجموعة قواعد بسيطة تدعى «التوجيه بالاستكشاف» كانت الشركة قد طورتها اصلاً لروبوت عسكري مصمم لتطهير حقول الالغام. واعتماداً على هذه القواعد، يقوم رومبا اولاً بتحديد حجم الغرفة. وعدد العقبات المعيقة التي يواجهها خلال تجواله، ويستفيد من ذلك لاحقاً للتأكد من تنظيف سائر انحاء الغرفة عدة مرات قبل ان يطلق عدة اصوات مبتهجة تمهيداً لاطفاء نفسه. وبسبب شكله لا يستطيع رومبا منافسة الخادمات في تنظيف زوايا الغرفة التي لا يستطيع الوصول اليها. لكن يمكنك تسهيل مهمته بترتيب الاشياء المتراكمة كيمفا اتفق في الغرفة واغلاق الابواب قبل اعطائه اشارة الانطلاق. وعن ذلك يقول انجيل: انه روبوت، وليس آينشتاين» لكن رومبا يقوم بالمهمة بشكل جيد ما لم يكن العمل شاقاً جداً وعلى اي حال فانه يوفر عليك عناء ووقت التنظيف المنزلي. ويأمل انجيل ان رومبا في المستقبل سيقدم خدمات جليلة لصاحبه توازي خدمات آلة غسل الصحون. وقد طرح «رومبا» للبيع مؤخراً في متاجر بيع التجزئة في الولايات المتحدة وايضاً عبر موقع «رومبافاك كوم» على الانترنت، وبذلك خرجت اول طلقة في ثورة الروبوتات الحقيقية وبدأ السباق لبناء اول روبوت شخصي ناجح. علي محمد

Email