الامان النفسي يكسب الطفل الثقة والصحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 5 شعبان 1423 هـ الموافق 11 أكتوبر 2002 عندما يحظى الأطفال بالحنان والاهتمام المسئول، يميلون أكثر للإحساس بالأمان والثقة بصحبة البالغين الذين يهتمون بهم،الباحثون يطلقون على هذا النوع القوي من العلاقات «ارتباط الثقة»، وهى أساس كل علاقات طفل المستقبل،و نحن دائما ندرك إن الطفل ينموا بقوة عندما يشعر بالأمان والثقة. من ذلك نستخلص أن الارتباطات المبكرة للأطفال حقيقة تؤثر بشكل إيجابي على طريقة تفكير الطفل و نموه. هل الحب فقط كافٍ؟ ليس بالضبط مجرد الحب،إنها طريقة التعبير عن حبك: لمساتك، أحاديثك، ابتساماتك، ملاطفتك، غنائك كهذه المؤثرات هى ما تحيط عقل طفلك الصغير وتساعد فيما بعد على صياغة مهارات التعلم والتصرف. تكتسب الأطفال خبراتها فى العلاقات عن طريق إحساسها، الأطفال الرضع يكتسبون خبراتهم من طريقة نظرتك لعينيهم ويلاحظون تعبيرات وجهك،هم يسمعونك و أنت تهمس وتغنى وتتحدث وتقرأ،هم يشعرون بك عندما تحتضنهم أو تهدهدهم،ويعتادون على رائحتك المألوفة. اللمسات لها أهمية خاصة: الاحتضان والهدهدة يحثون المخ على إفراز هرمونات ضرورية للنمو. البحث في الارتباطات الأستاذ الدكتور « ل . ألان سردف » و زملاؤه فى جامعة «مينيسوته» اكتشفوا أن الأطفال عندما يحصلون على الحنان والاهتمام يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بمن يمنحهم هذا الاهتمام وبذلك يستطيعون التكيف مع الأوقات العصيبة بسهولة عندما يكبرون، ويكونون اكثر رغبه فى التعلم ويستطيعون التكيف بشكل افضل مع الأشخاص الآخرين، ويتقدمون فى دراستهم افضل من هؤلاء الأطفال الذين يفتقدون هذا النوع من الارتباطات الوثيقة. تلميحات الطفل لا يستطيع الطفل أن يستخدم الكلمات ليعبر عن أحاسيسه أو أفضلياته أو احتياجاته ولكنه يرسل إشارات للبالغين المهتمين بأمره. ومن بين هذه الإشارات والتلميحات نذكر الأصوات التى يصدرونها والطريقة التى يتحركون بها وتعبيرات وجههم والطريقة التى تلتقى بها نظراتهم بعين البالغين، يشعر الطفل بالأمان عندما يحاول آبائه أو المهتمين بأمره أن يفهمه هذه الإشارات ويتجاوبون معها بسرعة. يبدأ الطفل فى الشعور بالثقة عندما يبتسم فيجد من يرد عليه بالابتسامة، أو عندما ينزعج فيجد من يخفف عنه، أو عندما يشعر بالجوع فيجد من يطعمه. إن الآباء الذين يهتمون عن قرب باحتياجات أطفالهم بالإشارة أو للاطمئنان يساعدونهم على أن يتعلقوا بالآخرين بأمان. ولكن ألا يؤدى كل هذا الاهتمام إلى إفساد طفلي الوليد؟ قد يتراءى لك ذلك، إلا أن الدراسات قد أوضحت أن الطفل الوليد الذى يجد من يتجاوب معه بسرعة وحنان عندما يبكى، يبكى أقل وينام أكثر أثناء الليل. وقبل كل شيء يجب أن نضع فى اعتبارنا أن هذا الطفل الوليد قد غادر لتوه مكاناً دافئاً ومريحاً حيث كان بإمكانه أن يسمع دقات قلب أمه المنتظمة وحيث لم يشعر أبداً بالجوع أو بالبرد، فقبل ميلاده كان كل شيء منتظم، فإذا شعر الطفل بعد ميلاده بالجوع أو بعدم الارتياح أو الانزعاج فى بيئته الجديدة فإن أجهزة مخه المسئولة عن الاستجابة للتوتر تبدأ فى العمل فتفرز هرمونات التوتر. يعبر الطفل عن حزنه بالبكاء فإذا استجاب له الشخص الذى يرعاه نوفر له الطعام أو الدفء أو الراحة فإذا بالطفل يهدأ وتتوقف أجهزة المخ المسئولة عن الاستجابة للتوتر عن العمل ويبدأ فى صنع شبكة خلايا المخ التى تساعد الطفل على أن يتعلم كيف يهدئ نفسه. إنك لا تفسد وليدك بالتدليل إذا استجبت لاحتياجاته. الرعاية والاستجابة للتوتر أوضح الدكتور ميجان جونار أستاذ الفلسفة فى جامعة مينيسوتا أن الطفل الذى يحظى خلال الثلاثة أشهر الأولى من ميلاده بالحنان والرعاية المسئولة يفرز «كورتيزن» هرمون التوتر بقدر أقل من غيره فإذا توتر بالفعل فإنه يوقف رد فعله بسرعة أكبر من غيره، وهذا يعنى أنه يصبح أكثر قدره على تهدئة نفسه والتعامل مع القلق. كما أوضح الدكتور الطبيب بروس بيري وزملائه فى كلية طب باج لور أن الأطفال وحديثى الولادة الذين يتعرضون لسؤ المعاملة الإهمال يستجيبون بقوة للتوتر حتى مع عدم حدوث ما يمكن أن يسبب توتراً شديداً. تحدث، اقرأ، غنى لطفلك اختلق بعض القصص والحكايات من الأحداث اليومية، انشد بعض الأغنيات عن الأشخاص والأماكن التى يعرفها طفلك، أوصف لطفلك كل ما يحدث خلال الروتين اليومى، كل هذه الأحاديث سوف تمنح طفلك قاعدة صلبة تساعده على التعلم فى المستقبل. لماذا تقرأ أو تتحدث مع طفلك قبل أن يتعلم الكلام؟ قد يبدو لك أن هؤلاء الأطفال الصغار لا يفهمون ما نتحدث عنه ولكنهم يفهمون. بالفعل هؤلاء الصغار لا يستطيعون أن يدركوا بعد معانى الكلمات إلا أن قدرتهم اللغوية تنموا من خلال هذه الأحاديث المبكرة، عندما يسمعك طفلك الوليد تردد بعض الكلمات مراراً وتكراراً فإن الجزء المسئول عن اللغة والتحدث فى مخه يتطور. وكلما زاد المحصول اللغوى الذى يسمعه الطفل من خلال هذه الأحاديث كلما نمت وتطورت أجزاء المخ المسئولة عن اللغة بالإضافة إلى أن حديثك وغناءك وقراءتك لطفلك أمور تساعد على تطور مخه، فهي أيضاً فرصة رائعة ليزداد قربك منه. يمكنك أن تقرأ الكتب المصورة والحكايات لطفل صغير جداً حتى لو كان طفلاً وليداً، عندما يبلغ الطفل ستة أشهر فإنه يعبر عن شعوره بالإشارة عندما تتسع عيناه وتتحرك أزرعه وأرجله إذا نظر إلى كتاب ملئ بصور الأطفال أو بصور أشياء مألوفة لديه. لقد أكدت الدراسات أن الطريقة التى تقرأ بها لطفلك تشكل اختلافاً بالنسبة له، فإذا قرأت القصص والحكايات بطريقة تشجع الطفل الأكبر سناً أى الذى يستطيع أن يتحدث ولو بقدر ضئيل بأن يجيب على أسئلتك بأن يشير إلى ما يراه فى الكتاب المصور، بأن يخبرك عما يظن أن قد يحدث فى الحكاية بعد ذلك، أو بأن يكرر القوافى واللوازم، قد تكون رواية نفس القصص والحكايات وغناء نفس الأغنيات مراراً وتكراراً أمراً مملاً بالنسبة لك ولكنه ليس مملاً بالنسبة لطفلك. الطفل يتعلم من خلال التكرار وهذا لا ينطبق على اللغة وحدها. العادات والطقوس يعرف الطفل الذى بدأ يخطوا أولى خطواته أن موعد نومه قد حان لأن أمه قد شدت الستائر أو أنشدت له أغنية كما تفعل دائما، ويعرف طفل آخر موعد حضور أبيه ليأخذه إلى المنزل قد اقترب لأن السيدة التى ترعاه قدمت له العصير والحلوى. إن الطقوس والعادات اليومية المرتبطة بمشاعر البهجة تعيد للطفل الشعور بالاطمئنان، إن تكرار التجاوب الإيجابية يخلق روابط قوية بين الخلايا العصبية فى المخ ويزود الطفل بالشعور بالأمان. إنها أيضاً تساعد الطفل على تعلم ماذا يتوقع من محيطه، وكيف يفهم العالم من حوله ومثل هؤلاء الأطفال يتفوقون على غيرهم فى الدراسة. فى الشهور الأولى من الحياة يكون الآباء كل عالم الطفل، فالتفاعلات بين الآباء والطفل تشكل أساس كل المعارف اللاحقة وبمجرد أن ينموا الطفل ويستطيع الحبو والمشى يبدأ فى استكشاف العالم خارج المهتمين به. يجب على الآباء تشجيع هذا الاستكشاف ويكونوا متفاهمين عندما يعود الطفل إليهم للحصول على الأمان. اللعب متساوى فى الأهمية مع تجارب المعرفة، حيث أن كثيراً منا يظن أن التعلم هو مجرد الحقائق المكتسبة، الحقيقة أن الأطفال يتعلمون من خلال اللعب. فقط راقب طفل يكاد يمشى وهو يلعب وسيكون من السهل عليك ملاحظة كمية المعارف والخبرات التى يكتسبها. الطفل والتلفزيون التليفزيون وحده لا يمكن أن يعلم الطفل اللغة، كما لا يستطيع تعليمه الاتصال والمخاطبة مع الآخرين، فقد الدراسات أوضحت أن الأطفال المتفوقين دراسياً والأكثر قدرة على التعلم،تحدد عائلاتهم الوقت الذى يقضونه فى مشاهدة التليفزيون كما ينتقون أنواع العروض التى يمكن للطفل مشاهدتها. عروض التليفزيون تكون مبهجة بالنسبة لهم ولكن هناك العديد من العروض الأخرى يمكن أن تسبب اضطراب لهم أو حتى تخيفهم. كن متشدد مع سلوكيات التليفزيون عند أطفالك، لا تستخدم التليفزيون كجليسة أطفال، وكلما أتيحت لك الفرصة اجلس وشاهد البرامج مع أطفالك وتكلم عما تراه.

Email