الأميرة هيا بنت الحسين : أحب السياسة رغم أنها توجع الرأس

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل ان تغادر بيروت قالت لعشرات المحيطات بها من سيدات المجتمع والاعمال والهيئات الاجتماعية: «سأعود قريباً» لم تشأ الاميرة الاردنية هيا بنت الحسين ان تعطي المزيد من تفاصيل، فتكتفي بالرد على من يسألها: متى الزيارة الاخرى لبيروت، وهل من مهمات محددة لها؟ قائلة: لبنان مثل الاردن في قلبي، ارغب في ان اقيم فيه دائما، سأعود ولدي عمل معين، لكن الاعلان عن كل شيء في وقته افضل. عبارات تتكرر دائما مع الأميرة هيا، وهي سبق ان قالتها في اواخر صيف عام 1999 عندما شاركت ببطولة للفروسية في بيروت آنذاك، وتكشف احدى صديقاتها اللبنانيات المقربات، وهي طالبة في الجامعة الاميركية في بيروت ان: «الأميرة هيا تحلم بمشروع انساني عربي، وقد تتخذ بيروت نقطة انطلاق له، ويهدف الى مساعدة الفقراء والمحتاجين والمعاقين والمشردين وذوي الحاجات الخاصة، تريد الاميرة ان تكون سفيرة للخير والانسانية في عالمها العربي. تقول صديقاتها في بيروت: انها اميرة قلباً وقالباً، أميرة الشكل والجوهر، والحسب والنسب، والطموح الانساني، والسلام، والمحبة، والخير، اكره ما يضايقها ان ترى اثنين يتشاجران او يختلفان على امور مادية، تقول انها تحب كل شيء في الحياة، حتى السياسة رغم «انها تجلب الوجع للرأس» «تعلق الأميرة الشابة» الاهم في رأيها ان يكون هذا الحب نابعاً من رؤية انسانية وحضارية وايجابية للأمور. اما بالنسبة للأميرة هيا فإن للبنان موقعاً خاصاً لديها، فتقول موضحة: «أحببت لبنان كثيراً وأحببت الحياة والناس فيه، لم اشعر بأنني غريبة وبأن هناك رسميات بيننا. سرت في شوارع لبنان، وكأنني اسير في شوارع الاردن فاللبنانيون لهم عقلية الاردنيين نفسها ويحبون الحب والحياة. اما المرأة اللبنانية تحديداً، فأنا احترمها كثيراً واكن لها كل محبة وتقدير. تحب الاميرة هيا السياسة لكنها غير متحمسة لمزاولتها والعمل فيها كسياسة، ولعبت تربيتها ونشأتها في بيت سياسي قيادي عربي عريق دوراً في ميولها نحو السياسة، لهذا درست العلوم السياسية والاقتصادية في جامعة اوكسفورد وتخرجت منها حوالي العام 1994. تقول معلقة: احب ممارسة السياسة من زاوية واحدة فقط، وهي كوني مواطنة احصل على حقوقي واقوم بواجباتي على اكمل وجه، ولايبدو غريبا حبي للسياسة، فأنا عربية، والعرب سياسيون أو «مسيسون» في طبعهم، يحبون السياسة وفي حال لم يتعاطوا فيها كثرت احاديثهم بشأنها ومتابعة اخبارها، انا رياضية، أليست الرياضة هي سياسة من نوع آخر بدورها؟ ـ كيف تصف الاميرة الاردنية علاقتها بسياسة الفروسية، لماذا اختارتها؟ كيف تختار حصانها سواء لجهة اللون او الشكل او الاصل؟ كيف تكتشف نظافة قلبه وعقله؟ تجيب بقولها: هذه الرياضة هي التي اختارتني ولست انا التي اخترتها، تابعت منذ الصغر مختلف الرياضات ولكني عشقت الفروسية لانها رياضة صعبة تولد الطموح في النفس. ـ احب التحدي ولا يمكن ان يمر يوم من دون ان امارس هذه الرياضة التي تحتاج الى مقدرة وجهد وطول أناة. واحياناً ابقى عشرة ايام لاختار واحداً من بين ستين أو سبعين حصاناً اشاهده، امتطيه، استشير المدرب ثم اقرر، واحياناً اخرى وبمجرد ان اشاهد حصاناً معيناً، اقرر انني أريده. لونه وشكله لا يهماني بل الاحساس بالارتياح عندما امتطيه، كذلك نظافة قلبه وعقله والتي أستطيع ان اكتشفها عندما امتطيه، أحياناً يشد الحصان قليلاً ليراقب ردة فعل الفارس، فإذا لم يلحظ أي ردة فعل منه يشد الحصان أكثر، الحصان شبيه بالانسان الذي يجرب الآخرين ليكتشفهم على حقيقتهم. ـ تقول الأميرة هيا عن والديها الراحلين الملك حسين والملكة علياء: ـ شرف عظيم لي ان اكون ابنة المرحومين الملكة علياء والملك حسين، وأتشرف ان يشاركني الناس محبتهما، ولكنني أعرف جيداً انه لا يمكن مقارنة شخصيتي بشخصيتيهما. أحاول كل يوم وكل دقيقة أو أؤدي واجباتي على أكل وجه وان أرفع اسميهما عالياً. ـ «لا أخاف هذه المسئولية، والأمر ليس صعباً علي لأنه يسري في دمي، بل أتشرف بذلك، أعرف جيداً ان والدي كانا يرغبان في أكون «هيا» لأتابع مسيرتهما وأسير على الخط الذي انتهجاه في الحياة، وهذا ما أفعله». ـ «الأحب منها إلى قلبي هو متابعة الأمور الانسانية في المستشفيات والدتي الملكة عالية ـ رحمها الله ـ اهتمت كثيراً بهذا الموضوع وأحبت التعاطي مع الأطفال والصم والبكم والمعاقين والاهتمام بهم، مثابرتي على هذه الأنشطة وورثتها عن والدتي ويسعدني ان أكون مع الأطفال والمعاقين وان أساعدهم». ـ ان الملكات: منى، دينا، علياء، ونور اتبعن توجيهات والدي بالنسبة إلى تربية الأبناء والبنات، فقد أراد والدي ان ينشيء أولاده بطريقة طبيعية جداً، بعيدة كل البعد عن الامتيازات، أي انه لم يشأ ان يفسد أبناءه، لقد ذكر لنا مراراً انه يجب علينا ان نعمل جاهدين ونكدح ضعف الأولاد الآخرين حتى نكون أهلاً للمسئوليات الملقاة على عاتقنا وكرر ان ما وصلنا إليه هو نتيجة عملنا الدؤوب وليس بسبب ألقابنا الملكية. لا بل أضيف إلى ذلك انه ان كان لابد من الحديث عن وجود مدرسة في القصر، فهي أولاً وأخيراً دراية والدي، والدي كان المدرسة، فمجرد النظر إليه والتعلم منه كيفية تعامله مع الناس والحياة يومياً كان كافياً، بالنسبة إلي كان علي ان أعمل جاهدة لفهم دروس والدي العديدة ومعانيها الكثيرة». ـ «عندما غابت والدتي الملكة علياء في حادث الطائرة في العام 1977 كنت في الثالثة من العمر، وقد أدركت منذ ذلك الوقت ان خسارة الأشخاص الذين نحبهم لا تقاس بلحظة واحدة، لأننا نعيش بقية حياتنا دون وجودهم، الكلمات قد لا تكفي للتعبير عما نشعر به، في الحقيقة ان الخسارة تسبب فراغاً هائلاً وسؤالاً دائماً وملحاً: كيف كانت سارت الأمور لو انهم لم يرحلوا عنا؟ أما ما اعرفه معرفة اليقين ان هناك أشخاصاً كانوا وما زالوا يحاولون اسعادنا ومنحنا حنان الأم، فجلالة الملك عبدالله، الأميرة عالية، الأمير فيصل، والأميرتان عائشة وزين لم ينسوا ليلة واحدة تقبيلنا قبل الذهاب للنوم. ـ عن العاهل الأردني شقيقها الملك عبدالله وعقيلته الملكة رانيا تقول الأميرة هيا: ـ «عبدالله يحمل صورة والده وحركاته وسياسته ومواقفه ورجولته ووقفته وحبه للشعب، ولكنني كابنة للحسين وكأردنية اشتقت إلى والدي كثيراً، وكذلك الاردنيون الذين اعتادوا عليه كوالد، وهم يفتقدونه كشخص». «جلالة الملك عبدالله والملكة رانيا وقفا إلى جانبي وجانب اخوتي واعطيانا الكثير من المحبة والعطف والحنان وأنا سعيدة جداً بوقوفهما إلى جانبنا». «رانيا هي فعلاً ملكة ولا تحتاج إلى تاج، وتستحق لقبها بجدارة، لا تنتظر من يدلها إلى أمر يحتاج إلى اهتمام، بل تبحث بنفسها عن أسباب المشاكل وتحاول ايجاد حلول لها، تحب شعبها وتحب أولادها، انها أم حقيقية تعطي من دون مقابل، ولا تنتظر كلمة شكر، هي بنت الشعب ولا تجتذبها الأضواء، وتتميز بشخصيتها الخلاقة». ـ «تقارب السن ليس هو السبب الرئيسي، منذ بداية زواجها لاحظت هذه المواصفات في شخصيتها فأعجبت بها وأحببتها». لدى الأميرة هيا تقدير خاص بالطفلة التي سبقتها بالتبني إلى القصر الملكي في الأردن هي الأميرة عبير، قليلون يعرفون ان للأميرين هيا وعلي شقيقة بالتبني، توضح الأميرة الفارسة، وبفروسية أخلاقية أيضاً، ذلك فتقول: «لقد قررت والدتي تبني عبير بعد حادث تحطم طائرة سوفييتية «توبيلوف» على منزل ذويها. وقد نجت عبير ووالدها فقط من هذا الحادث وكانت تبلغ من العمر أشهر عدة. لقد أمضت ساعات عديدة تحت الانقاض الى ان عثر عليها رجال الانقاذ الذين لم يفطنوا الى انها مازالت على قيد الحياة حينها. إن عبير لإنسانة مذهلة. بدأت حياتها بعذاب وألم جسدي ومعنوي، عذاب قد لا يشعر به العديد من الناس في حياتهم. بعدها عانت عبير من موت والدتنا، ثم تلتها بعد أشهر قليلة مربيتنا التي كانت تمثل حينها بالنسبة الينا صمام أمان الامومة، كما عانت عبير من موت والدي ايضاً. الأهم من ذلك، ان وجود عبير بيننا سبب حسداً غير مبرر وغير مرئي طوال حياتها من قبل الأشخاص المحيطين بالعائلة المالكة. سبب هذه الغيرة هو اختيار والدتي لها وتمكنها من العيش والسكن الى جانب والدي. كما ان حب وعطف والدي لعبير جعلا هذه الغيرة تتفاقم وتزداد حدتها وقد تمكنت عبير من مواجهتها بكل عزة نفس وحسن تصرف وابتسام للذين سببوا لها الألم من دون اللجوء الى تعظيم الأمور. بل على العكس من ذلك، كانت ولاتزال تهب ما عندها من اجل اسعاد الآخرين، انا فخورة جداً كوني اخت عبير. كما ان والدتي لم تتبن فتاة عادية بنظري، بل اختارت أميرة حقيقية كي تكون اختي. كلنا نعتمد عليها، فأنا، عبير وعلي لسنا فرعاً على حدة، بل كلنا مجموعة واحدة. جلالة الملك عبدالله، الملكة رانيا وكل اخواتي واخواني يعاملون عبير كواحدة منا. ليس من ناحية المعاملة الحسنة فقط، ولكنها بالفعل واحدة منا بكل ما في الكلمة من معنى. أنا أشعر دائماً بالامتنان لهذه الهدية هي عبير. انها من أطيب وأروع وأحنّ وأحب الاشخاص الذين قابلتهم في حياتي

Email