تاريخ الاحتلال البرتغالي للقطيف

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيان الكتب: عن المجمع الثقافي في أبوظبي، صدر مؤخرا كتاب تاريخ الاحتلال البرتغالي للقطيف لمؤلفه علي بن ابراهيم الدرورة. يستعرض الكتاب تاريخ الاحتلال البرتغالي الذي دام نصف قرن تقريبا لمنطقة القطيف خلال القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) وذلك بعد ان ازداد «نشاط الاستكشاف الجغرافي والتجاري للبرتغال في مناطق آسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية وهو الأمر الذي أدى الى تكوين امبراطورية برتغالية كبرى خلال خمسين عاما وأصبحت تسيطر على العديد من الموارد الاقتصادية والزراعية والتجارية المهمة في العالم آنذاك». ويرى المؤلف ان البرتغاليين بعد ان احتلوا جزيرة هرمز في منطقة الخليج اتجهوا شمالا الى القطيف التي احتلوها عام 927ه/1521م بسبب موقعها الجغرافي المهم حيث كانت ميناء وحاضرة ذات حضارة عريقة كما انها كانت تتميز بوفرة وتنوع الثروات والمحصولات الحيوانية والزراعية، اضافة الى المستخرجات البحرية كاللؤلؤ والسمك والمصنوعات اليدوية كالسيوف والرماح وبذلك أصبحت محطة للبضائع الواردة والصادرة وسوقا تجارية يرتادها ابناء القبائل لأغراض البيع والشراء ومركزا يربط بين شمال الخليج وجنوبه. ويؤكد المؤلف ان القطيف كانت المنطقة الوحيدة بين دويلات شمال الخليج التي مكث فيها الاحتلال البرتغالي فترة أقل حيث انتصر الأهالي فيها على المحتل الغازي وأخرجوه معتمدين في ذلك على عنصري الدين والوطنية لمواجهة هذا الاحتلال الذي تكرر خمس مرات خلال تلك الفترة وجابهه الأهالي بست ثورات. وإذا كان المؤلف يقرّ بأن الاحتلال البرتغالي لمنطقة القطيف أدى الى «تقارض لغوي» برتغالي بصفة خاصة ضمن لهجة أهل القطيف الذين استفادوا ايضا من تجارب المحتلين البرتغاليين في التجارة وزادوا بذلك من خبراتهم، الا انه يؤكد ان هناك آلاف الصفحات التاريخية التي تحوي أحداثا وصراعات في المنطقة لم يتم نشرها وتحقيقها حتى الآن، اضافة الى آلاف الوثائق التي تراكم عليها الغبار، مشيرا الى انه شخصيا واجه صعوبة كبيرة في سبيل تأليف كتابه هذا تمثلت في قلة الوثائق والمصادر مما جعل بعض فترات تاريخ القطيف مجهولة كما سيلاحظ القاريء. وقد قسم المؤلف كتابه الى ستة أبواب تحدث في الباب الأول منها عن القطيف جغرافياً وتاريخياً مشيرا في ذلك الى الموقع والخرائط وسبب التسمية التاريخية والمدن وما الى ذلك. أما الباب الثاني فتناول فيه التاريخ الاسلامي الموجز للقطيف منذ صدر الاسلام حتى مجيء البرتغاليين (من سنة واحد هجرية/622 م وحتى سنة 927ه/1521م). وفي الباب الثالث تحدث عن البرتغاليين.. الجغرافيا العامة واللغة وتكوين الامبراطورية والدوافع لذلك، كما تحدث عن الغوص واللؤلؤ في نظر البرتغاليين وتأثر سفن العرب بهم ووضع القطيف تحت الاحتلال والاحوال السائدة قبل قدومهم والاسلحة المستخدمة في ذلك العصر وقلاع القطيف ومقاومة الاهالي للمحتلين وذلك من خلال بعض التقارير الاجنبية التي أوردها، ثم ينتقل المؤلف في الباب الرابع الى الحديث عن التواجد العثماني في المنطقة قبل واثناء الاحتلال البرتغالي حيث حكم الولاة العثمانيون الاحساء والقطيف حوالي 125 عاما ظلت فيها المنطقة ولاية مستقلة منذ الحاقها بنفوذهم عام 957ه/1550 الى ان خرجوا منها سنة 1082ه/1668م ويشير ايضا الى الصراع على القطيف بين البرتغاليين والصفويين في ايران (فارس). وخصص المؤلف الباب الخامس للغزو والاحتلال البرتغالي وتفاقم الصراع الذي احتدم بين القوى الكبرى الثلاث في ذلك الوقت: البرتغاليون، العثمانيون والصفويون، ووصول الاسطول البحري المصري الموالي للعثمانيين الى المنطقة واسترداد الأهالي للقطيف بعد ان دحروا البرتغاليين اضافة الى ايراده للعديد من الاسماء والشخصيات الفاعلة في الحياة السياسية لمنطقة القطيف وبعض مناطق الخليج الأخرى. وركز المؤلف في هذا الفصل على الثورات المتكررة والمقاومة المستمرة للأهالي ضد المحتل الغازي وغير ذلك من الاحداث الداخلية والمؤامرات التي كان بعضها يهدف الى كسب صداقة البرتغاليين خاصة وان القوة العثمانية في نظر بعض القائمين بالأمر آنذاك وقفت موقف المتفرج مما يحدث وخيّبت آمالهم في ان تفعل شيئا قبل ان يتم دحر البرتغاليين نهائيا. وفي الباب السادس والأخير يتناول المرحلة الجديدة بعد الاستعمار البرتغالي وانهيار القوة البرتغالية، مشيرا الى أسباب ذلك ومنها ظهور القوى البحرية المنافسة الاوروبية (الهولنديون والانجليز) وتنامي القوة العربية العمانية في عهد اليعاربة وكذلك تنامي القوة الاسلامية العثمانية وتوافق الصفويين مع التجار الانجليزي للاطاحة بالبرتغاليين وقلة العنصر البشري البرتغالي في المناطق المحتلة والتعصب والجشع والقسوة في معاملة البرتغاليين للشعوب المستعمرة والى جانب كل ذلك بطبيعة الحال الثورات الوطنية والتمردات داخل صفوف جيش الاحتلال وغير ذلك من الأسباب الأخرى. كما يشير الى دور اليعاربة العمانيين في هزيمة البرتغال اعتبارا من عام 1632م مما اضطر البرتغاليين الى توقيع معاهدة صلح كانت شروطها لصالح اليعاربة ومنها تنازلهم عن الأراضي والمباني التابعة لهم في منطقة صحار الى اليعاربة ودفعهم الجزية السنوية للإمام وتعهدهم بمعاملة مسلمي مسقط ومطرح معاملة حسنة، وذلك قبل مجيء المرحلة الحاسمة التي شهدت في عام 1648 تحرير السواحل العمانية والقضاء على القاعدة الرئيسية للبرتغاليين في مسقط وتوقيع اتفاقية صلح جديدة كانت بداية النهاية للوجود البرتغالي هناك. سالم محمد الأغبري

Email