الفنانة السورية واحة الراهب : السينما فن خالد والتلفزيون لا ذاكرة له

ت + ت - الحجم الطبيعي

«واحة الراهب» مخرجة وممثلة سورية أثبتت مع التجارب والأيام قدرتها على التلوين في أدائها وأدوارها، كذلك قدرتها على ابداع المواضيع والأفكار التي تختارها كمخرجة للعديد من الأعمال السينمائية والسهرات التلفزيونية الناجحة. وفي السينما أتيحت لها فرصة اخراج فيلم سينمائي بعنوان «جداتنا» نالت عليه الكثير من الجوائز والتقدير، كما انها اليوم تستعد لبدء تصوير فيلمها الذي طال انتظاره وهو بعنوان «رؤى حالمة» وذلك من خلال المؤسسة العربية للسينما في سوريا، وفي هذا الحوار نفتح مع «واحة الراهب» صفحات مشوارها الفني لنقرأ طموحاتها وأحلامها مع الاخراج والتمثيل والرسم والعديد من المشاريع الفنية مستقبلا: ـ في البداية ما هي أخبار فيلمك الجديد «رؤى حالمة» ومتى ستبدأ عمليات التصوير فيه؟ ـ انتهيت مؤخرا من استطلاع مواقع التصوير، وإن شاء الله ستبدأ الكاميرا بالدوران في شهر مارس المقبل مع بداية فصل الربيع، أما بالنسبة للتحضيرات والتجهيزات الفنية، فأعتقد ان كل شيء أصبح جاهزا ولم يعد هناك أي معوقات أو مشاكل فنية وادارية. ـ هل تعتقدين ان فيلمك هذا ظلم كثيراً؟ ـ بالتأكيد، خاصة وانني تقدمت بسيناريو هذا الفيلم منذ عدة سنوات، وكان كل أعضاء لجان قراءة النصوص يؤكدون ألا مشكلة في هذا السيناريو وليس هناك ما يمنع من انتاجه على صعيد المضمون الفكري للعمل.. لكنني كنت أفاجأ دائما ان التأجيل والتأخير والمماطلة هي الأسباب الكثيرة لتأخير انتاج هذا الفيلم حتى أصبحت أعتقد انه لا مجال لذلك.. ولا أبالغ اذا أخبرتك انه في احدى المرات قال لي أحد الزملاء ويعمل كعضو في لجنة قراءة النصوص في المؤسسة العامة للسينما في سوريا ان هذا السيناريو لو تقدم به مخرج رجل لكان أنتج منذ زمن بعيد. ـ ألهذه الدرجة؟ ـ للأسف كان للادارة القديمة في المؤسسة العامة للسينما نظرتها الخاصة تجاه هذه الأمور الى ان تغيرت هذه الادارة وجاء محمد الأحمد واستلم الادارة الجديدة وكان على علم بمشكلة سيناريو فيلم «رؤى حالمة» وقد تفضل مشكورا بتشكيل لجنة قراءة نصوص جديدة أعادت قراءة السيناريو من جديد واكتشفت ايضا أن ليس هناك ما يمنع من انتاجه وعلى هذا الأساس أدرج في الخطة الانتاجية للمؤسسة. ـ برأيك.. هل ستقدمين لمسة اخراجية أنثوية كونك المخرجة الوحيدة في المؤسسة العامة للسينما؟ ـ هذا الكلام سمعته أكثر من مرة، وأنا حقيقة أتمنى ذلك، ولا أقول هذا الكلام من منطق المبالغة، بالعكس هناك الكثير من المخرجين تركوا بصمات اخراجية لا تنسى ولمسات فنية طبعت أعمالهم بطابع خاص ومميز، وبالنسبة لي أسعى دائماً لتحقيق معادلة ما هو انساني وواقعي، لأن الفن في النهاية يحاول ان ينقل صورة الواقع وهموم المواطن ويساهم بالتالي في تشكيل وعي متطور وهذا كله يصب في مصلحة الانسان. ـ لكنك تكررين دائماً ان هناك تفرقة بين الرجل والمرأة في العمل الفني.. لماذا؟ ـ لأن هذا واقع لا يمكن تجاهله ونكرانه، فهناك منظومة متكاملة من الموروثات والمحرمات تكرس استسلام هذه المرأة لهذا الأمر الواقع، فتتعايش معه وتستسيغه وتدافع عنه أحيانا عن جهل وسلبية وخضوع وأصبح أي خروج لها عن ذلك يسمى معصية أو تمرداً في الوقت الذي لا تدرك المرأة ذاتها ولا الرجل المشجع لهذا المجتمع الذكوري، إن هذه التركيبة الذكورية ليست فقط ضد انشاء أسرة سورية متوازنة وضد انشاء أبناء أحرار، بل هي تشكل خطرا كما على اللحمة الداخلية للوطن المجسد بنواته الصغرى وهي الأسرة بسبب التفرقة واللاعدالة واللامساواة. ـ هل تحقق السينما بشكل خاص والتلفزيون عدالة ومساواة في هذا الاطار بالنسبة لاعادة تشكيل المجتمع بطريقة واعية؟ ـ في النهاية السينما تعكس ثقافة وتاريخا وذاكرة، ويجب ان نفهم ذلك عاجلاً أم آجلاً، وبرأيي ان السينما فن خالد بعكس التلفزيون الذي لا ذاكرة له، فعلى الرغم من الانتشار الكبير للتلفزيون فلاتزال السينما هي الأشمل والأكثر اختزالاً والأبعد نظراً والجسر الذي يخلق تواصلاً بين الشعوب العربية والعالمية، ففي السينما هناك حرية أكثر بدءاً من كتابة السيناريو الى الطرق والأساليب الفنية، مع ان السينما فن مكلّف لأن المشاهد يدفع من جيبه لحضور فيلم ما، وكل هذه الشروط لا تتحقق في التلفزيون، لأن الرقابة تفرض فيه مراعاة الذوق العام للمشاهدين بحيث لا يتجاوز أية اشكالية أو تقليد بحجة خدش هذا الذوق الجمعي. وفي الوقت الذي يحتاح فيه الفيلم السينمائي الى شهرين كاملين من التصوير والدقة والعناية، نجد ان السهرة التلفزيونية لا تحتاج لأكثر من عشرة أيام تصوير، وهذا بحد ذاته فرق واضح بين ما هو إبداعي وما هو استهلاكي. ـ قبل أن ننهي حديثنا عن السينما لم لا تخبرينا عن الأفكار التي سيطرحها فيلمك الجديد؟ ـ يمكنني القول ان أفكار فيلم «رؤى حالمة» متنوعة ومتشعبة حيث تبدأ بالهم التفصيلي اليومي للعلاقة الشائكة بين الآباء والأبناء مروراً بالعلاقة بين تجارب الأجيال وما يتخلله من علاقة المرأة بالرجل انتهاء بعلاقة المرأة بالوطن. وبالنسبة لي أرى ان المضمون الفكري فرض الأشكال الفنية المناسبة والتي تعمق البعد الإنساني والنفسي، وهذا هاجس بالنسبة لي بلاشك، لذلك أرى ان «رؤى حالمة» يناقش هذه الأفكار من خلال شخصيات حالمة تفتقد للتجربة وتعوض عنها بأحلام اليقظة والأحلام والكواليس مما ترك لي هامشاً للمخرج بين أسلوبية واقعية وتخيلية ضمن رؤية لونية وتشكيلية تحددها طبيعة كل مشهد ولقطة فنية. دمشق ـ محمد عبدالعال

Email