القرآن والغذاء ـ لحم الماعز

ت + ت - الحجم الطبيعي

يختلف الماعز قليلا عن الضأن لأن الله فرق بينهما فقال (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) لكن الفقهاء اعتبروهما شيئا واحدا في الزكاة فقط، فمن وجد عنده عشرون شاة وعشرون من الماعز اعتبرت اربعين وأصبحت نصابا ووجبت فيه الزكاة.

والماعز مبارك كالضأن وقد ورد فيه في السنة ما ورد في الضأن فقال رسول الله «صلى الله عليه وسلم: «الماعز فيه البركة فامسحوا برغامها وصلوا في مراحها) لكن لحم الماعز أقل فائدة من لحم الضأن، ولكن الماعز كثير الحركة، وذلك يقول: الاطباء: احسن الحيوانات ما كانت كثيرة الحركة وأحسن الاعضاء منها ما كان كثير الحركة، فالذراع اطيب ما في الحيوان وخاصة الماعز لأنه كثير الحركة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع وكذلك الكراع فقد قالت عائشة رضي الله عنها: «إنا كنا لنخبيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم الكراع» ومع انه طيب الطعم ولكنه اقل هضما، وينصح الاطباء بطبخه بالأباريز الحارة والخل والزعتر، ثم لحم الرقبة ايضا من اطيب القطع الموجودة في الماعز وخاصة اذا كان جديا صغيرا فهو أسرع هضما وهو ملين للطبع موافق لأكثر الناس لقلة دهنه، والدم المتولد عنه معتدل.

اما التيس الكبير فلا يأكله إلا من اعتادت معدته عليه وإلا فهو عسر الهضم شديد اليبس، وإن كان جبليا فهو أفضل، وليس كل الماعز درجة واحدة في الفائدة، ولا كل اللحوم، المتشابهة تعطي نفس الفائدة، فالحيوان يتبع المرعى، فأطيبه ما كان طيب المرعى وأطيب الماعز الشامي وهو كثير اللبن.

والاسراف في اكل لحم الماعز او اي لحم آخر مضر بالجسد، ولذلك نهانا القرآن عن الاسراف فقال تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين) الاعراف: 31.

فالاعتدال في الاشياء هو اقرب للمراد، فلا نحرم أنفسنا مثلا من اكل اللحم بدعوى الزهد فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل اللحم ويحب اشياء معينة في اللحم، وكان الصحابة رضي الله عنهم يأكلونه حتى الزهاد منهم فابن عمر رضي الله عنهما كان من زهاد الصحابة، لكنه كان اذا دخل رمضان لم يفته يوم الا وفيه لحم إلا قليلا.

ومن كان فقيرا فقد كان المسلمون يتواصون دائما بالجار، واللحم معروف برائحته اذا طبخ او شوي، ومن الآداب الاسلامية التي طبقها المسلمون المهاداة فيما بينهم في الطعام خاصة في اللحم ولو من المرق كما مر سابقا، فكان الناس ولا يزالون قبيل المغرب خاصة في رمضان تجد أطفالهم داخلين بطبق من الطعام خارجين بطبق من هنا وهناك، فإذا ارسل الجار الى جاره هدية من طعام في طبق لا يعود فارغا، ولم يكن الفقير ليبخل من ان يرسل شيئا من طعامه المتواضع، فالمسلمون عندهم قاعدة عامة في هذا الشأن تقول: الجود من الموجود وهذا يشكل اروع مثل للتكافل الاجتماعي والتعاون على البر في الحياة.

Email