مقاصد السور ـ سورة «ص»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبيه الامين وبعد: سورة «ص» من السور المكية وهي السورة الثامنة والثلاثون في اعداد نزول السور نزلت بعد سورة اقتربت الساعة وقبل سورة الاعراف وعدد أياتها ست وثمانون آية وحرف، «الصاد» الذي ابتدئت به السورة القول فيه كالقول في نظائره من الحروف المقطعة والواقعة في اوائل بعض السور بدون فرق انها مقصودة للتهجئة تحديا لبلغاء العرب ان يأتوا بمثل هذا القرآن وتوركا عليهم اذا عجزوا عنه واتفق اهل العد على ان «ص» ليس بآية مستقلة بل هي في مبدأ اية الى قوله «ذى الذكر» وانما لم تعد «ص» آية لانها حرف واحد كما لم يعد «ق» و «ن» أية. وقد جاءت فاتحتها مناسبة لجميع اغراضها اذ ابتدئت بالقسم بالقرآن الذي كذب به المشركون، وجاء القسم عليه ان الذين كفروا في عزة وشقاق وكل ما ذكر فيها من احوال المكذبين سببه اعتزازهم وشقاقهم ومن احوال المؤمنين سببه ضد ذلك مع مافي الافتتاح بالقسم من التشويق الى مابعده فكانت فاتحتها مستكملة خصائص حسن الابتداء لان القرآن الكريم عظيم في اوله واخره مستكمل جميع جوانب بلاغه المعاني ومفردات الجمل وضوابط الامور التي تهم المسلم في دينه ودنياه وسورة «ص» وضحت مقصدها من خلال اياتها التي جاءت لمناقشة المشركين في عقائدهم والرد عليهم وذكر قصص الانبياء التي تؤيد هذا المعنى وخاصة قصة داود وسليمان وايوب، والتعرض للمشركين وبيان حالهم يوم القيامة مع ذكر قصة خلق آدم وسجود الملائكة له، وعودا على بدء فإن مقاصد اسماء السور له مدلولاته التي تستخدم قضاياه واسم سورة «ص» جاءت لتكمل مسيرة القرآن الكريم في تنوع عرض القضايا الايمانية والغيبية والواقعية ولما اراد المولى عز وجل لفت نظر المشركين في هذه السورة جعل اول مبتدئها حرف تهجّ وهو «ص» وهذا شيء جديد في لغة العرب وهذا الذي نحاول ان نشير اليه في علاقة اسم السورة بموضوعها لتبيان اهمية اسماء السور واذا نظرنا الى مبدأ السورة نجد قوله تعالى «ص، والقرآن ذى الذكر» فكان المراد، لفت النظرالى بلاغة القرآن فقال، صاد واقسم بالقرآن ذى الذكر السامي والشرف العالي انه لحق، وان محمداً صلى الله عليه وسلم لصادق في دعواه، نعم انه القرآن كلام الله ذو الذكر الحكيم، والبيان الجامع لكل ما يهم العالم اجمع، وما به صلاح الدنيا وقوام الاخرة لهذا كان على المؤمن امر واجب معرفة هذا القرآن الكريم ومعرفة اسرار علومه اللامتناهية وفي «ص» جوانب مضيئة مرشدة الى صلاح القلوب من خلال ضربها للأمل بمن سبق من الامم وذكرت الناس، بخلق أبيهم آدم عليه السلام وكل ذلك المراد منه توجيه ابصار الناس الى حسن الايمان بالله والعمل الصالح الذي من خلاله يفوزون برضوان الخالق سبحانه وتعالى وكثرة ضرب القصص للناس المراد منه العبرة وتحريك الوازع الايماني الخفي لتحقيق مراد الله من هداية البشرية من خلال ايمانهم بخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم ولكن سبحان الله الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى نجد الناس منذ الزمن الاول الى زماننا هذا الى يوم القيامة في نقاش حول معرفة الله ودلالاته وصدق الله القائل «وكان الانسان اكثر شيء جدلا» لذا كان من اسباب نزول سورة «ص» هو ان اشراف مكة اجتمعوا عند ابي طالب وطالبوه بالكف عن آلهتهم وذمها وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فقال ابو طالب يا ابن اخي ماتريد من قومك، قال اني اريد منهم كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدي اليهم العجم الجزية، قال: كلمة واحدة. قال ياعم: يقولون: لا اله الا الله، فقالوا آإلها واحدا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ان هذا الاختلاق، قال فنزل فيهم القرآن «ص والقرآن ذي الذكر». فهذا السبب الذي ذكره المفسرون في سبب نزول سورة «ص» يدعونا الى التفكير في هذه المحادثة بين ابي طالب وقريش وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد ان المجادلة لم تنته منذ ذلك الزمن الى اليوم لماذا؟ لان الايمان لابد له من معارض، والمعارضون في هذا الزمن هم اشد من ذلك واليوم عندهم الوسائل الكثيرة لصد المسلمين عن الاسلام ولتضيع اوقات المؤمنين عن الاركان من خلال افساد الوقت الذي قيد لهم به العبادات ونحن هنا في هذه الزاوية اليومية ومن خلال الشهر الكريم المبارك نحاول لفت انظار المسلمين الى اهمية المحافظة على الطاعات والتمسك بالعبادات وعدم تضييع الاوقات لان الوقت يمر على الانسان وهو زاده الحقيقي فمتى استطاع ان يحافظ على وقته فإنه يكون من السعداء كما قال الحكيم: ولست ارى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد. د.سيف الجابري

Email