الفظ .. حيوان قطبي حنون على صغاره
تعيش حيوانات الفظ العملاقة الشبيهة بحيوان الفقمة في المناطق القطبية قاسية الظروف، وهي تقتات على الاحياء البحرية كالبطلينوس (حيوان من الرخويات) والمحار بنهم شديد، ويساعدها في تحديد اماكن تلك الاحياء شواربها القاسية . وبسبب البيئة القاسية التي تعيش فيها، كان من الصعب على الدوام التعرف اليها من خلال عيون الكاميرا بالتقاط صور لها توضح عاداتها والاخطار المحدقة بها . وقد حاول كثيرون القيام بهذه المهمة، لكن النجاح لم يكن حليف اغلبهم . واخيرا تمكن المصور البارع نوربرت روزنج من الوصول اليها بعد محاولات عديدة فاشلة والتقاط صور نادرة لهذا المخلوق الضخم . يقول روزنج: كانت اشعة الشمس القطبية تحمم حوض فوكس في كندا، حيث تسبح حيوانات تسير بشكل فرق على اليابسة برشاقة متناهية . لم يكن من السهل على روزنج التقاط هذه الصور لحيوانات الفظ الاطلسية فقد باءت محاولاته الاولية لتصويرها بالفشل نتيجة لخراب في المعدات وبسبب الطقس الرديء جدا وفي عام 1994، لم تسفر اربع رحلات الى القطب الشمالي الا عن يوم تصوير ناجح واحد، لكن روزنج ارتأى في عام 2000 ان يذهب الى اجلوليك في منطقة نونافوت الكندية، حيث المياه المصقولة كالزجاج الازرق اللون . وفي رحلته هذه، اصطحب معه دليلين من قبائل الانويت، وهم السكان الاصليون للمنطقة، اللذين ساعداه في ابقاء قاربه الذي يبلغ طوله 23 قدما بعيدا عن التيارات الخطرة التي كان يمكن ان تحشرهم بين قطع الجليد الطافية على سطح الماء والقادرة على سحقهم . يقول روزنج: حصلت على مناظر مصورة نادرة لدببة قطبية تهاجم قطعان الفظ ولاناث الفظ وهي تمنح رعايتها الحنونة لجرائها التي لايزيد عمرها على ساعات معدودة . ويذكر ان حيوان الفظ الذي يزن حوالي 2000 رطل يمكنه الغوص حتى عمق 300 قدم ليتغذى على الكائنات الحية الموجودة على قاع المحيط ويبقى هناك لمدة 12 دقيقة قبل ان يصعد الى السطح مجددا، والطريف في الامر ان الفظ يلتقط الرخويات والمحار بشفتيه ويمتص النسيج الطري داخلها . يهاجم المفترسون بمن فيهم الانسان والحيتان القاتلة والدببة القطبية، حيوان الفظ ولكن على مسئوليتهم، فهذه المخلوقات مزودة بأنياب يصل طولها الى ثلاثة اقدام وهي بارزة بشكل مخيف مما يجعل الدببة القطبية تتجنب الهجوم على الحيوانات البالغة .لم يكن الوجود بالقرب من الدببة القطبية شيئا يدفع على الاطمئنان بالنسبة لروزنج، فهي حيوانات مفترسة ومخيفة ويقول روزنج بهذا الصدد: «لم تغب الدببة ابدا عن بالنا، وفي احدى المرات، فوجئت بدب ابيض عملاق يركض نحوي، فامسكت بكاميرتي وركضت نحو خيمتنا التي تبعد 900 قدم، لكن الدب مر عني وغاص في قطيع من حيوانات الفظ وخرج منه بفريسة . كانت حيوانات الفظ في المحيط الاطلسي قد استنزفت اعدادها بشكل كبير بعد قرون من الذبح بالجملة الذي مارسته السفن التجارية، التي كانت تأخذ الدهون للزيت والانياب من اجل عاجها، واليوم يتراوح عدد حيوانات الفظ بين 10000 و 50000 وهو عدد اقل بكثير من عددها في المحيط الهادي الذي يبلغ 200000 وبفضل قانون حماية الثديات البحرية الامريكي الذي سن في عام 1972، فان اعداد الفظ الاطلسي في تزايد مستمر . وبمقدور سكان المنطقة من «الانويت» ان يصيدوه بشكل قانوني، ولكن كل عائلة مسموح لها صيد اربعة حيوانات في السنة . يرتبط حيوان الفظ بشكل متين بثقافة شعب الانويت، حيث يوفر الطعام والجلد والعظام للملابس والمأوى والادوات والاسلحة، واذا قام الصيادون بقتل فظ خلال اشهر الصيف، فانهم يقطعون المعدة يدفنونها حتى قدوم الشتاء، حيث يخرجونها بعد ذلك ويأكلونها كوجبة مترفة . تمتاز العلاقة بين انثى الفظ وصغارها بالمتانة والقوة، فهي تعتبر من الحيوانات الحنونة والرؤومة .ومما يعزز تلك العلاقة هو قيام الام بتمسيد دقيق لجسد رضيعها باستخدام شواربها واستنشاق رائحته المميزة التي ستجعلها قادرة على التعرف عليه من بين الآلاف الاخرى من الصغار . ويكتسب الرضيع وزنا كبيرا بسرعة من حليب امه الدسم جدا، ويستطيع الصغير ان يتعلم السباحة في غضون ساعات من مولده لكن رعايته من جانب الأم تستمر عامين تقريبا . ويذكر ان ذكور الفظ تنتظر الاناث في الماء لتتزاوج معها وتحدث معارك بينها على الاناث والنفوذ تخلف ندوبا وجروحا في اجسامها وتستمر فترة الحمل 15 شهرا تلد بعدها الانثى مولودا واحدا فقط . تتجمع حيوانات الفظ بقطعان تعد بالآلاف وتظل في اغلب الاحيان على قطع الجليد الطافية على سطح الماء لان المناطق القريبة من الماء تعطي فرصة افضل للهرب من المفترسين عن طريق الغطس في البحر الاكثر امانا من ناحية نسبية . ضرار عمير
