في دراسة لباحثة سعودية: ابتكار بديل لاستنساخ الأجنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

القاهرة ـ ضياء الدين أحمد: نجحت الدكتورة الهام أبو الجدايل الباحثة السعودية فى ابتكار بديل لاستنساخ الأجنة للأغراض العلاجية من خلال استنباط ، ما يعرف بالخلايا الجذعية من خلايا أشخاص بالغين دون الوقوع فى الورطة الاخلاقية التى تحيط باستنساخ الأجنة واستخدامها فى الاغراض العلمية والعلاجية. وتشير الباحثة الى أن التقنية الجديدة تستطيع علاج العديد من الامراض المستعصية مثل الشلل الرعاش واللوكيميا والزهايمر. وكان مجلس اللوردات البريطانى قد وافق على تشريع جديد يسمح للعلماء باستنساخ الاجنة للاغراض العلمية الا ان العلماء والاطباء يشعرون بالقلق نظرا لاستخدام الأجنة كقطع غيار. وقد توصلت الدكتورة الهام أبوالجدايل الى هذا الاكتشاف بمحض الصدفة حيث كانت تجرى بحثا لقتل خلايا الدم البيضاء ووجدت أن هذه الخلايا الكاملة النمو والتي تختص بعمليات الدفاع عن الجسم يمكن عند ملامستها لمادة حيوية أن تعود الى مرحلة بدائية من مراحل التكوين وهى مرحلة النشأة أو مايعرف بالخلايا الجذعية وهي خلايا بدائية غير متخصصة وظيفيا، وهذه الخلايا قادرة على تعمير أنسجة وأعضاء عديدة فى الجسم بما فيها الخلايا العصبية. وتؤكد الباحثة ان عملية التحول فى الخلايا المتخصصة الى خلايا جذعية أو أولية بأنها عملية تميز ارتجاعى وترجعها الى حدوث محو لبرنامج الخلية المتخصصة إلى أن يصبح برنامجا مبسطا كما هو الحال فى الخلايا الجذعية ومن ثم يمكن برمجة الخلايا ثانية للقيام بوظائف متعددة مشيرة الى أن ذلك كله يمكن أن يحدث خلال ساعات كما أن تكاليف هذه العملية بسيطة للغاية. وقد تم تحويل بحث الدكتورة الهام الى مستشفى هامر سميث والكلية الملكية فى لندن للتحقق منه علميا ومعمليا ومن ناحية أخرى تم توقيع عقد احتكار تجارى بين الدكتورة الهام وبين شركة أمريكية والاتفاق على بدء مراحل التجربة والعلاج على متطوعين خلال الشهور الستة المقبلة. ومن ناحية أخرى توصل العلماء الى اكتشاف جديد يفتح أبواب الأمل لمرضى الكبد وذلك باستخدام خلايا الدم الأولية الموجودة بالنخاع العظمى حيث اثبت العلماء تحول تلك الخلايا بعد زراعتها فى شخص ما الى خلايا كبدية وقد لاحظوا وجود خلايا كبدية ذكرية فى كبد امرأة تم زرع نخاع عظمى من رجل فيها، وهذا الاكتشاف يمكن استخدامه لعلاج كثير من الحالات التى تعانى من فشل كبدى سواء نتيجة للاعراض الجانبية للأدوية أو نتيجة للأورام السرطانية، وبزرع الخلايا الاولية من النخاع العظمى للمرض نفسه يمكن تلافى مشكلة رفض الجسم للانسجة الغريبة. استنباط خلايا هل يستطيع اكتشاف الدكتور الهام استنباط خلايا جذعية وبالتالى وقف عمليات استنساخ الأجنة واستخدامها كقطع غيار وهى مسألة غير اخلاقية وكذلك وقف عمليات نقل الأعضاء البشرية؟ وماتفسير العلماء لهذا الاكتشاف؟ وماتأثيره فى مجالات الطب والعلاج و الهندسة الوراثية؟ يقول الدكتور أحمد مستجير مدير مركز الهندسة الوراثية بكلية الزراعة جامعة القاهرة ان الخلايا الجذعية هى خلايا غير متخصصة وبالتالى من الممكن أن نعمل منها جنينا أو أية اعضاء بشرية مثل الكبد أو المخ أو الكلى وغير ذلك. والجنين الذى يأتى بهذه الطريقة لا يأتى نتيجة تلقيح بويضة بحيوان منوى مشيرا الى أن الخلايا الجذعية وهي غير متخصصة يمكن أن تتميز بأى عضو. ويمكن أن توجه لعمل نسيج معين أو لعمل أى عضو فهي خلايا جنينية أى بدائية كأنها مرحلة البداية. ويتوقع الدكتور مستجير النجاح لاكتشاف الدكتورة الهام أبوالجدايل مشيرا الى انه تم اجراء تجارب مماثلة على الفئران منذ عدة سنوات وتم توجيه الخلايا باستخدام مواد كيمياوية الى اعضاء معينة ونجحت هذه التجارب واعتقد ان مافعلته الدكتورة الهام هو تطبيق هذه الفكرة على الإنسان وليس الفئران. وبالتالى فنجاح هذه التجارب مضمون. ويرى أن هذه الفكرة سوف تمكننا من استنساخ الأعضاء وبالتالى لا تصبح فى حاجة الى عمليات نقل الأعضاء سواء بين الأحياء والأحياء أو بين الأموات والأحياء. ويشير الى أن هذه العملية سوف تكون بسيطة ورخيصة بالمقارنة بعمل جنين بالطرق المعتادة لاستخدامه كقطع غيار موضحا انه يمكن أخذ الخلية من نفس الشخص المريض لعلاجه وهذا سيكون أنجح وأفضل مما لو تم نقل الخلايا من شخص آخر لأن النقل من نفس الشخص مضمون وسيكون العلاج أسرع أيضا لأن الخلية توجه لانتاج عضو معين مباشرة وليس بالطريقة التى تتم الآن حيث يتم تخليق جنين من بويضة وحيوان منوى. ويوضح أن عمليات العلاج باستخدام الخلايا غير المتخصصة ليست جديدة تماما لأن هناك عمليات تجرى منذ سنوات طويلة مثل أخذ خلايا من الجلد لترقيعه أى نقله من منطقة الى أخرى. أيضا بنفس الطريقة يمكن أخذ خلية لتصبح قرنية تستخدم فى اعادة الابصار لكثير ممن يحتاجون الى قرنيات كذلك يمكن توجيه الخلية لعمل كلية وهكذا. حل مشكلة ويرى الدكتور أحمد شوقى استاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق أن الخلايا الجذعية اذا ما تم تطبيق التجارب الحالية فى العلاج. يمكن أن تحل مشكلة نقل الأعضاء البشرية وعلاج الكثير من الامراض مشيرا الى أن هذه الخلايا يمكن أن تتحول الى حل طرز الخلايا الخاصة بالكائن الحى. لكن الطريق لتحقيق ذلك لايزال طويلا وليس ممهدا تماما للتطبيق. وهو طريق يتطلب العمل الجاد لتحقيق أفضل النتائج. ويشير الى أن مجلس اللوردات البريطانى سمح باستخدام الأجنة كقطع غيار فى الأغراض العلاجية والعلمية وهذا أوجد مشكلة اخلاقية فهناك مؤيدون وهناك معارضون لهذا الاجراء لكن القرار اتخذ من خلال اعمال الآليات الديمقراطية حيث رأى المؤيدون ان القرار سيكون فى صالح التقدم التكنولوجى. ويضيف أما بالنسبة للدول العربية فمن الأجدر بها أن تهتم بهذا التطور الرامى الى استخدام الخلايا الجذعية فى العلاج خاصة وأن عمليات نقل الأعضاء البشرية لا تزال مرفوضة فى مصر ولم يستطع مجلس الشعب اقرار قانون لنقل الأعضاء حتى الآن مشيرا الى ضرورة مراعاة الجوانب الدينية والاخلاقية بحيث لا تنتهك القيم والاخلاق وفى نفس الوقت لا نكون معادين للعلم. ويجب أن نأخذ بآخر المكتشفات العلمية ونطبقها بطريقتنا وقد أقرت منظمة اليونسكو بأن كل ماهو عام وبشرى وتتفق فيه جميع الشعوب يؤخذ به على مستوى العالم مع مراعاة أن تطبق كل ثقافة ماتراه. ويؤكد أن الباحثة السعودية أرادت أن تحظى بتطبيق يحظى بقبول شعوب العالم وتقديم حل علمى يرضى العلماء لأنه لا ينتهك القيم والاخلاق لأنه حتى بالنسبة لحيوانات التجارب فإن هناك العديد من القواعد والضوابط الاخلاقية بحيث لا يتم قتل هذه الحيوانات الا عند الضرورة واذا أمكن استبدال هذه الحيوانات بالتعامل مع الميكروبات فهذا أفضل. وعلى ذلك فإن التعامل مع الخلايا الجذعية أفضل من نقل الأعضاء البشرية. ويخلص الى القول أن ماتوصلت اليه الباحثة السعودية هو انجاز كبير وعلينا أن نستفيد منه على المستويين العربى والاسلامى مشيرا الى أنه يؤكد بعدا حضاريا حيث استطاعت المرأة العربية ان تسهم اسهاما فعالا فى المجالات العلمية من خلال تقديم حلول علمية لمشكلة تؤرق البشرية. ويحذر الدكتور شوقى من التسرع فى اعطاء آمال كبيرة للمرضى لأن العلاج بالخلايا الجذعية قد يستغرق سنوات طويلة حتى يحقق النجاح لأن هذا التسرع حدث بالنسبة للعلاج بالجينات واكتشاف التسلسل الوراثى لبعض الامراض وكان الاطباء يتحدثون وكأن الحل قاب قوسين أو أدنى خاصة بالنسبة لمرضى التكيس الحوصلى فعندما تم اكتشاف الجين الخاص به فى الثمانينيات اقيم احتفال جمع آباء المرضى وأقربائهم والأطباء ورغم ذلك لم يتحقق ماقاله الأطباء حتى الآن. ويشير الى أن العلاج بالجينات حقق بعض النجاحات وحقق تقدما لا بأس به لكن علينا بالنسبة للعلاج بالخلايا الجذعية. علينا الا نتسرع فى الاعلان عن النتائج أو اعطاء آمال كبيرة لأن التجارب والتطبيقات قد تستغرق سنوات طويلة لأن التعامل مع الانسان يجب أن يحاط بحذر شديد. المحظور ويشير الدكتور صفوت حسن لطفى الاستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة ورئيس جمعية الاخلاقيات الطبية الى أن المبدأ الذى يجب أن يتبع فى العلاج بالخلايا أن تؤخذ من نفس الشخص الذى يتم علاجه، وهذا لا غضاضة فيه من الناحية العلمية والاخلاقية أما محاولة التدخل فى الخلايا وتغيير تركيباتها الجينية ونقلها من انسان الى آخر فهذا مرفوض. ويرى ان استخدام خلايا المريض لعلاجه هو نفسه أمر مشروع من الناحية الطبية والعلاجية. أما أخذ الخلايا وتغيير مواصفاتها الجينية للحصول على أعضاء بشرية للآخرين فهذا يدخل فى دائرة المحظور لأن الخلايا التى تستخدم لانتاج اعضاء تكون خلايا جينية فيها بويضة مخصبة أى انها تدخل فى المراحل الأولى لتكوين الجنين ولذلك تسمى خلايا أولية. ويضيف أن انجلترا تعتبر من أوائل الدول التى سمحت باجراء التجارب العلمية والطبية على الخلايا الجينية رغم معارضة كثير من الدول الغربية، لأن هذه التجارب وأن كانت ستؤدى الى نتائج علمية محدودة الا انها غير مقبولة من الناحية الاخلاقية موضحا انه لا يعول على أى بحث جديد الا اذا اجريت عليه تجارب علمية ونشر فى احدى المجلات الطبية المتخصصة المعروفة وكتبت عليه التعليقات. ويؤكد أن انجلترا سلكت هذا المسلك لوقوع بعض الجرائم الخاصة بنقل الأعضاء مثل لجوء بعض الأطباء الى أخذ اعضاء الأطفال مصابى الحوادث دون استئذان أولياء أمورهم كما أن أحد الأطباء البريطانيين قتل 268 سيدة تتراوح أعمارهن بين 40 و 78 عاما بدعوى موت الرحمة مشيرا الى أن العالم كله يتجه الآن فى علاج الفشل الوظيفى للأعضاء خاصة بالنسبة للأعضاء الحيوية. بأخذ الخلايا السليمة من نفس العضو المصاب لدى المريض واستزراعها خارج الجسم ثم اعادة زرعها فى المريض مرة أخرى بعد استئصال الأورام أو الجزء المصاب من هذا العضو، وهذا التوجه لا يمثل أية مشكلة اخلاقية. ويشير الى أن بعض البحوث الجديدة توضح انه بالنسبة لخلايا المخ غير المميزة اذا استطاع الأطباء تنشيطها وتحويلها الى خلايا مميزة فانها تستطيع أن تؤدى نفس الوظيفة التى كان يؤديها العضو المصاب وهذا تحقق من خلال اجراء بحوث على مرضى الشلل النصفى بعد أن لوحظ أن كثيرين من هؤلاء المرضى يستعيدون بعض وظائف اليد أو الرجل التى أصيبت وهذا الاكتشاف الجديد تنعقد عليه آمال كبيرة لعلاج الأمراض. الاضطرار ويشير الدكتور محمد أبوليلة استاذ الدراسات الاسلامية بكلية اللغات والترجمة جامعة الازهر الى أن اكتشاف الباحثة السعودية اذا ما تم التحقق منه يصبح طريقة علاجية وليس تدخلا فى الادارة الالهية وليس فيه اعتداء على جثث الموتى أو انتهاك حرمتها. مؤكدا انه افتى بجواز نقل الاعضاء بشروط اخلاقية وضوابط قانونية صارمة حتى لا تصبح الجثث مجالا للتجارة والاستثمار كما حدث فى بعض بلاد العالم. ويوضح أن هذه الفتوى جاءت من منطلق الحرص على حياة الانسان ومحاولة انقاذه وهذا من باب الاضطرار فالاسلام كما أباح للمسلم أكل الميتة وأكل لحم الخنزير وحتى لحم الإنسان الميت عند الضرورة. فإن باب الاضطرار هو المدخل للاجتهاد فى مثل هذه الحالات وغيرها من الحوادث المستجدة التى لم تكن موجودة اثناء نزول الوحي. لكننا مع ذلك نؤمن بأن استنساخ الأجنة علمي. واستدراج للإنسان الى مناطق محرمة. ويرى أن اكتشاف الدكتورة الهام أبوالجدايل اذا ماتم استخدامه وتطبيقه فى المجالات العلاجية فإنه يحل مشكلة ليست اخلاقية فحسب وانما عقيدية أيضا لأن الخلق والتكوين والتصوير من صنع الله عز وجل. وممااختص به كما تشير الى ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مشيرا الى أن استخدام الخلايا الجذعية فى علاج الأمراض سيرفع كثيرا من الحرج الذى تواجهه الانسانية فى عمليات نقل الأعضاء. ويؤكد أن الخلايا التى تستخدم فى العلاج يجب أن تكون من نفس الانسان المريض اذا كان يعاني من اختلال جزئى فى العضو المصاب وأمكن للأطباء التقاط خلايا من جسمه فإن ذلك يكون أفضل وأقرب للشرع. ويحقق الطمأنينة للمريض. لأنه لن يعانى من دخول خلايا شخص آخر الى جسمه. أما اذا كان الشخص يعاني من اختلال كلى لوظائف الخلايا فإنه يجوز نقل خلايا انسان آخر اليه وذلك من باب انقاذ روح انسانية حفاظا على حياة الإنسان والتزاما بالنهى الالهى عن أن نلقي بأنفسنا الى التهلكة. أو أن نقتل أنفسنا لأن الله رحيم بنا.

Email