طرق دائرية لانهاء التكدس المروري في مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيان 2: القاهرة ــ مكتب (البيان): أعلنت وزارة الاسكان والمجتمعات العمرانية المصرية أنها بصدد بدء تنفيذ مشروع ضخم لإنشاء طريق دائري يربط القاهرة بالمحافظات .. الهدف منه إتاحة الفرصة للحافلات العملاقة التي تنقل البضائع بين هذه المحافظات لكي تتحرك بحرية بينها خاصة أن هذا الطريق يمر حول المحافظات ولا يقترب من المناطق السكنية التي يمثل مرور السيارات العملاقة فيها أزمات عديدة سواء للسكان أو لحركة المرور .. المشروع الجديد يستغرق تنفيذه حوالي خمس سنوات ويتكلف ملياري جنيه ويعتبره الخبراء نهاية لعصر التكدس المروري داخل المحافظات ..وثورة في نقل البضائع بينها. في البداية يقول المهندس محمد ابراهيم سليمان وزير التعمير والاسكان : الحقيقة إن هذا المشروع ليس جديدا من نوعه .. و قد اعلن عنه منذ سنوات حيث خططنا لإنشاء الطريق الدائرى حول محافظة القاهرة .. يبدأ هذا الطريق من مدخل القاهرة من الناحية الشمالية أو بعبارة أدق يبدأ من حدود محافظة القليوبية مع القاهرة .. ويمتد ليعبر نهر النيل متجها الى مدينة الوراق بالجيزة ثم يتقاطع مع محور 26 يوليو المتجه الى طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي ويمر بالهرم وترعة المريوطية ليصل عبر كوبري المنيل الى ضاحية المعادي .. وكان الهدف من إنشاء هذا الطريق الدائري حول القاهرة هو إتاحة الفرصة للسيارات القادمة من المحافظات للوصول الى أي منطقة داخل القاهرة مباشرة دون الدخول في شوارع العاصمة وإحداث مشاكل مرورية فظيعة بسبب التكدس الشديد للسيارات في الشوارع , وقد كان التخطيط الذي وضعناه عند بدء إنشاء هذا الطريق.. هو أن يتم إنشاء طرق دائرية حول المحافظات خاصة في الوجه البحري ( الدلتا ) وربطها ببعضها البعض بحيث يكون الطريق الدائري بالقاهرة هو نواة هذه الطرق , ندرس الأخطاء والعيوب ونستفيد من التجربة لنطبقها بأحدث الوسائل العلمية . *استغرق تنفيذ الطريق الدائري حول القاهرة ما يقرب من 7 سنوات .. فهل يحتاج كل طريق بالمحافظات الى الفترة الزمنية نفسها ؟ ـ يقول الوزير : الظروف مختلفة , فالطريق الدائري حول القاهرة استغرق تنفيذه كل هذه الفترة لأن هناك عقبات واجهت التنفيذ لم نتوقعها أثناء التخطيط والاعداد له .. فمشاكل القاهرة متعددة أهمها حرصنا على ألا يمر الطريق بالقرب من أي تجمعات سكنية مما أدى الى اتخاذ قرارات بنزع ملكية العديد من الأراضي والعقارات القريبة من مسار الطريق , وذلك لتجنب أية أضرار قد تحدث للسكان من جراء مرور هذه السيارات العملاقة بالقرب منهم .. وقد استغرق إصدار أوامر نزع الملكية وتعويض المواطنين فترات زمنية طويلة .. لكن المشكلة الأهم التي عطلت استكمال هذا الطريق هي تقرير منظمة اليونسكو الذي أكد أن مسار الطريق بالقرب من منطقة الأهرامات .. يمر فوق آثار مدفونة وقد يؤثر على الآثار الموجودة بالمنطقة بسبب الاهتزازات التي تحدثها السيارات على الطريق .. وتوقف المشروع فترة للدراسة واقتراح أماكن بديلة ومسارات أخرى .. وصادف اللجنة التي تم تشكيلها لهذا الغرض عقبات شديدة خاصة من جانب خبراء الآثار بالمنطقة , كل هذا أدى الى تعطيل إنشاء الطريق.. لكن الطرق الجديدة حول المدن والمحافظات لن يستغرق تنفيذها كل هذه السنوات . خطة خمسية الخطة الموضوعة تستند الى مدة خمس سنوات فقط كحد أقصى لتنفيذ أربعة طرق دائرية حول دمياط والغربية والمنوفية والشرقية والحقيقة أن مكاسب إنشاء هذه الطرق متعددة.. أولها تسهيل حركة النقل بين المحافظات وهو ما ينعكس على سعر البضائع .. لأنه من المعروف أن سعر البضائع والمنتجات يرتفع بسبب صعوبات النقل بينما تقل عندما تكون وسائل النقل متاحة .. والطرق سهلة . ثانيا : القضاء على مشاكل التكدس داخل الكتل السكنية بالمحافظات .. فسيارات النقل الثقيل كان محظورا عليها المرور داخل المدن في أوقات الظهر .. وحتى الليل.. أي أن الوقت المتاح لها كان يبدأ من الثانية عشرة مساء وحتى السادسة صباحا .. وكان هذا يقلل فرصة التوزيع الجيد للمنتجات وأحيانا كانت سيارات النقل لا تستطيع الوصول في مواعيدها المحددة فتضطر للإنتظار خارج حدود المدن حتى يسمح لها بالتحرك داخلها ليلا. كذلك الربط الحقيقي للقاهرة بالمحافظات المختلفة بعد أن كان المسافر يضطر لدخول قلب المحافظات بينما يكون هدفه الوصول للأطراف .. فيضيع وقته ومجهوده . أما المهندس فتحي قوزمان رئيس الجهاز المركزي للتعمير فيشرح مراحل تنفيذ هذا المشروع قائلا : سوف يتم تنفيذ هذا المشروع من خلال اربع مراحل تتكلف الملياري جنيه ويستغرق تنفيذها قرابة الخمس سنوات . والحقيقة أن هناك مرحلة بدأ العمل فيها بالفعل منذ فترة قصيرة وهي الطريق الدائري حول دمياط .. وقد بدأنا في تنفيذها مبكرا نظرا لأنها مرتبطة بتنفيذ الطريق الساحلي الدولي الذي يمر من مدينة السلوم غربا حتى مدينة رفح شرقا . وقد وجدنا أن تنفيذ الطريق الدائري حول دمياط من خلال الطريق الدولي يقلل في التكاليف ويحقق معدلات إنجاز عالية وبالفعل بدأنا في إنشاء الطريق الدائري حول دمياط منذ سنة ونصف وإنتهى العمل في جزء كبير منه حيث يتقاطع مع الطريق الساحلي الدولي ويرتبط بالميناء مباشرة .. وذلك لأن سيارات النقل القادمة من الميناء بحمولات السفن كانت تضطر للتحرك داخل المدينة وشوارعها الضيقة للوصول الى باقي المحافظات وخاصة القاهرة . ويمر الطريق الدائري ببحيرة البرلس حيث قمنا بعد الاتفاق مع علماء هيئة الثروة السمكية بردم أجزاء منها لكي يعبر الطريق فوقها . أما باقي المراحل فسوف تتم تباعا حيث يتم تنفيذها بعد ذلك في وقت واحد لسرعة الانجاز .. حيث يلي طريق دمياط طريق محافظة الشرقية . ثم محافظة الغربية وأخيرا محافظة المنوفية ينتهي العمل في هذه الطرق جميعا بنهاية عام 2005 .. أي في نفس توقيت إنتهاء العمل في الطريق الساحلي الدولي وقرب الانتهاء من مشروع كوبري قناة السويس المعلق .. مما يحقق ربطا متميزا وتجاريا لكل محافظات مصر . خصخصة الطرق * هل هناك اتجاه لبيع هذه الطرق الدائرية للقطاع الخاص على اعتبار انها طرق تجارية تتحرك عليها شاحنات تحمل بضائع ومنتجات محلية أو مستوردة؟ ــ أجاب رئيس جهاز التعمير قائلا : الحقيقة أن هذه الفكرة تم طرحها في البداية بعد أن وجدنا أن تكلفة إنشاء هذه الطرق مرتفعة للغاية ..لكن بعد دراسات عديدة تم تخفيض هذه التكلفة وأصبحت الدولة قادرة على الاستثمار فيها .. ولا يوجد سوى أسلوب واحد لبيع الطرق وهو BOT حيث يقوم المستثمر بإنشاء الطريق والاستفادة منه ثم إعادته للدولة .. مثلما الحال في طرق الإسكندرية أسوان وغيرها .. إذن نحن لا ننشىء طرقا ثم نبيعها .. لكننا نعطي رخصة إنشاء طرق فقط . * لكن ماذا عن رأي الخبراء في هذه الخطوة؟ ــ د. محمود الشربيني عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة .. يؤكد أن هذا المشروع يمثل نقلة حضارية هائلة لحركة النقل بين المحافظات ويضيف قائلا : ليس هذا فقط .. بل أنه نهاية لعصر التكدس المروري داخل القاهرة وباقي المحافظات .. لكنني سوف أتحدث عن القاهرة كمثال .. فسيارات النقل العملاقة عادة ما تخالف قرارات حركتها داخل العاصمة ومن الطبيعي أن تجد هذه السيارات وهي تتحرك داخل شوارع جانبية صغيرة هربا من الشوارع الرئيسية التي يتواجد بها رجال المرور .. ولك أن تتخيل أي كارثة مرورية قد وقعت عندما تتحرك هذه السيارات العملاقة داخل شوارع ضيقة .. لكن وجود طرق بهذا النوع يقضي على هذا التكدس ويشجع سائقي السيارات على أن يتحركوا وينتقلوا للمدن من خلالها بعيدا عن زحام العاصمة .. ولهذا فإنني أتوقع أن تنتهي مشاكل مرور القاهرة بنسبة 50% بعد تنفيذ هذه الطرق . لكن د. صالح يوسف أستاذ التخطيط بكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة يؤكد على ضرورة مراعاة عدة عناصر عند إنشاء هذه الطرق قائلا : الصورة الذهنية عن الطرق الخاصة بسيارات النقل الثقيل .. هي عادة ما تكون عبارة عن كافتيريات عشوائية أشبه بالمناطق المشبوهة يدخلها السائقون لتناول المخدرات وبالتالي ارتكاب الحوادث المميتة .. لهذا السبب فإن إنشاء طريق لا ينتهي برصفه واعداده لكي تتحرك عليه السيارات .. بل أيضا تجهيزه بالاستراحات الجيدة والكافتيريات المجهزة بشكل راق وكذلك توفير نقاط اسعاف على الطريق لمسافات قريبة .. كل هذه النقاط من الضروري مراعاتها لأن الطريق ليس مجرد أرض مرصوفة .

Email