الكتاب الفلسطيني في اروقة المعرض, انتفاضة الاقصى تطرح سؤال اعادة تشكيل المواجهة الفكرية العربية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يكون العنوان العريض والضمني لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته التاسعة عشرة هو الكتاب الفلسطيني ان جاز لنا التعبير, وقد جسد ذلك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة بتوقيعه في مراسم افتتاح الدورة كتاب (فلسطين اليكم الحقيقة), واذ يترقب ان يشهد المعرض اقبالا واسعا من قبل رواده على الكتب المعنية بالقضية الفلسطينية والصراع العربي, الاسرائيلي, يبقى التساؤل هل وصل مستوى الخطاب الايديولوجي والثقافي المطروح من خلال الكتاب العربي الفلسطيني موازيا لمثيله من المؤلفات الاسرائيلية والغربية المتصهينة؟, وعبر السنوات الطويلة لتأزم القضية الفلسطينية وتداعيات الصراع في المنطقة الى اي مدى كان الكتاب حاضرا في معالجته لواقع وابعاد الصراع؟ وأين الكتاب المختص بالشأن الفلسطيني من الموضوعية والمنهجية الرصينة في البحث والتقصي؟ ومع الانتفاضة الراهنة هل هناك بوادر لاعادة تشكيل فكر عربي متنصل من واقع التطبيع المفروض وموازيا لتحديات عصر العولمة؟. البيان تجولت في اروقة المعرض ورصدت الآراء التالية. الناشر دسوقي شحاته من مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لوكالة الاهرام المتخصص بقضايا الوطن العربي والقضية الفلسطينية اشار الى ان هذا الاهتمام من قبل المركز ليس وليد اللحظة بل هو متابعة متواصلة للقضايا الحساسة منذ عقد الخمسينيات, وهذه الاصدارات مستمرة وفقا لسياسة نشر معتمدة, وهي غير خاضعة لتداعيات الاحداث كالانتفاضة التي تشهدها الاراضي الفلسطينية الآن, واضاف (شحاته) ان المركز التابع لوكالة الاهرام للنشر استقطب كبار الكتاب السياسيين والعسكريين في مصر واكد (شحاته) ان النتاج الفكري المتمثل في الكتاب والمتعلق بالقضية الفلسطينية والقضايا العربية, تطور في خطابه عن المراحل السابقة واصبح الكتاب رديفا اعلاميا لاظهار الحقائق, وغطى النتاج الفكري والابداعي مجمل مجالات القضية الفلسطينية. وبدوره اكد نبيل محمد شحاته من وكالة الاهرام ان الاقبال على الكتب المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الاسرائيلي ازداد بصورة لافتة للنظر هذا العام مبررا هذا السلوك بالاحداث الراهنة في فلسطين مشيرا الى ان القارئ الاماراتي يميل الى انتقاء موضوعاته بعناية بالغة وتابع حديثه حول المعرض قائلا: ان التنظيم الذي يحظى به معرض الشارقة الدولي للكتاب يرقى لمستوى العالمية وهو سبب استمرارية نجاح المعرض وتقدمه. وتحدث الناشر محمد عياد من الهيئة المصرية العامة للكتاب والتي تمثل قطاعا حكوميا للنشر في مصر عن اهتمام الهيئة بشكل كبير بنشر كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والنزاع العربي الاسرائيلي واستشهد بذلك بصدور كتاب ازمنة ورجال في اسرائيل للمؤلف حسين شريف, قبل اسبوعين من ابتداء فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب لهذا العام, واكد (عياد) ان القضية الفلسطينية كانت دائما مصب اهتمام الناشر المصري, الذي ينتمي الى الجسد العربي الواحد, ورغم ان الهيئة تعنى بكافة حقول النشر, التراثية والعلمية والثقافية والبيئية, لكن تبقى للقضية الفلسطينية خصوصية في النشر, واذا لم نقم بدورنا في هذا الخصوص, فإن آلية او منهجية النشر ستنطوي تحت تصنيف الاعاقة والعجز, لأن الشأن الفلسطيني هو عضو من كيان الامة ذات اللغة الواحدة والمصير الواحد, وبالتالي فإن اي قصور في النشر في هذا الشأن هو احباط لتكامل مشروع النشر العربي المتكامل, فهدف الهيئة هو الخروج من دائرة الظلام الى دائرة المعرفة والمعرفة نور والنور هو الله سبحانه وتعالى. ومن دار الشروق ـ الاردن ـ اكد محمد احمد شحادة ان الدار معنية بالقضية الفلسطينية, فهناك قرابة عشرين كتابا تضم عدة حقول ابتداء بالسياسة والتاريخ والفكر والاقتصاد والتعليم والمشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الفلسطينيون في الداخل, يتجسد اهتمام الدار بانتشار فروع لها للتوزيع في الاراضي الفلسطينية في غزة ورام الله ونابلس, والدار كذلك بصدد انشاء مشروع لطباعة كتب في داخل الاراضي الفلسطينية وبالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية وكذلك عدد من المؤلفين والكتاب الفلسطينيين بهدف تنشيط الحركة الثقافية, ونشر الانتاج الفكري الفلسطيني في الخارج, وعن اقبال القارئ العربي على الكتاب المعني بالقضية الفلسطينية اوضح (شحادة) انه شهد في الآونة الاخيرة تراجعا نظرا لحالة الاحباط التي اصابت الشارع العربي لكن الانتفاضة الحالية استثارت عودة القارئ بكثافة على القضايا السياسية. وعن نشر الكتاب الذي يحمل الهم الفلسطيني الى الخارج اشار (شحادة) ان حالة عقم مستعصية تسود مناخ نشر نتاجنا وفكرنا العربي في الخارج, والانتفاضة الفلسطينية الحالية تشهد على ذلك فهي لم تجير اعلاميا لخدمة القضية كما يجب, وذلك للدور الفاعل الذي لعبه الاسرائيليون لترويج وجهة نظرهم تجاه القضية الفلسطينية عبر وسائل الاعلام والكتاب هو احد الركائز الذي اعتمد عليه الاسرائيليون لتدعيم موقفهم في الغرب, وعزا ذلك الى ان العرب قاصرون على تسخير الامكانيات المتاحة لترويج فكرهم وثقافتهم لدى الاخر. وتحدث مهند حلوة من دار اسامة للنشر ـ الاردن ـ بأن الدار اخذة بالاتجاه نحو اصدار مطبوعات تعنى بالشأن الفلسطيني وهنالك خمسة كتب قيد الطبع وستطرح في معرض الشارقة الدولي للكتاب بعد بضعة ايام ومن هذه العناوين (كنوز القدس) للمؤلف الدكتور محمد خولدة وعنوان اخر (القدس قضية) وهناك مؤلف للدكتور نبيل محمد يبحث في علاقة فلسطينيي الداخل مع الاسرائيليين, واكد (حلوة) ان رواد معرض الشارقة الدولي للكتاب يندرجون تحت تصنيف القارئ الواعي, الذي يبحث عن المادة العلمية والادبية المميزة, وهو نموذج مثالي لسوق الكتاب العربي الذي بحاجة الى الكثير من الجهد التراكمي من كافة القطاعات المعنية بالكتاب للوصول الى مستوى حضاري يليق بالعرب بين الامم الاخرى. ومن دار الجليل للدراسات والنشر بالاردن تحدث بسام سركيس عن الدار التي تعد من الدور المتخصصة بالشأن الفلسطيني ومضى على تجربتها في حقل النشر عشرين عاما ولها قرابة اربعمئة اصدار في هذا الخصوص تتناول عدة ابواب كترجمات لمذكرات قادة دولة اسرائيل تحت مبدأ افهم عدوك, وترجمات للبحوث والكتب السياسية التي تعالج الابعاد الاستراتيجية للصراع العربي الاسرائيلي, وقدمت الدار مذكرات لقادة سياسيين فلسطينيين, وارشفت منشورات الدار للنضال عبر الفترات الزمنية المتلاحقة لهذا النضال, كسيرة القائد الفلسطيني عبدالقادر الحسيني, واكد ان اقبال القارئ على الكتاب المعني بالقضية هو اقبال مستمر وليس موسمي كون القضية الفلسطينية تشكل محورا مركزيا للقارئ العربي لكن لا يمكن نفي اشتداد الاقبال في حالة تصاعد وتيرة الاحداث المتعلقة بالقضية, وطالما حافظ الكتاب على حضوره, فإن الاقبال سيبقى حاضرا, وعن مواكبة الخطاب الايديولوجي للكتاب العربي الفلسطيني لمثيله في دولة اسرائيل والغرب, اعتبر (سركيس) ان الكتاب والنشر في هذا الخصوص من الجانب العربي مازال تحت تصنيف المحاولات التي لم تصل الى مستوى نظيرها لدى الجانب الاخر, وقد قطع الجانب الاسرائيلي شوطا كبيرا في مجال الاعلام المرئي والمسموع والكتاب وهناك فجوة كبيرة تفصلنا عن قدر الانجاز الذي وصل اليه الاسرائيليون في هذا الصدد, لكن تبقى تجربة النشر افضل من الاعلام, وقد قدم الكتاب رؤية واضحة حول حقيقة الصراع لكن لا نستطيع ان نضفي انطباع الرضى على النشر. الناشر احمد ابو طوق من دار الاهلية للنشر والتوزيع, الاردن قال: ان الدار منذ ان اسست في عام 1988 عنيت بالصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص ولديّ قرابة ثلاثين عنوانا تتعلق بالقضية الفلسطينية من بعدها التاريخية والجغرافي والعسكري والاستراتيجي والسياسي, وهناك جانب اخر تهتم الدار في طرح منشورات حوله وهو تكوين المجتمع الاسرائيلي بدءا من الصراع الحزبي في اسرائيل والصراع العلماني الديني كذلك وكافة القضايا التي تتعلق بتركيبة المجتمع الاسرائيلي. واشار (ابو طوق) ان نسبة كبيرة من اصدارات الدار في هذا الشأن هي من الترجمات التي تهم القارئ العربي ككتاب (الشرق الاوسط الجديد) لشمعون بيريس الذي يطرح من خلاله رؤية الصهيونية في السيطرة الاقتصادية على منطقة الشرق الاوسط وكذلك كتاب (مكان بين الامم) لبنيامين نتانياهو الذي يكشف عن حتمية استمرار الصراع العربي الاسرائيلي, واوضح (ابو طوق) ان النتاج الفكري بكافة الشأن الفلسطيني مازال دون المستوى المطلوب او بحجم اهمية القضية, واضاف ان انتفاضة الاقصى الحالية سيكون لها دورها في اعادة انتاج الفكر العربي تجاه الصراع العربي الاسرائيلي الامر الذي سيرمي بظلاله على آلية النشر وطبيعة الكتاب المختص بالقضية الفلسطينية, واشار (ابوطوق) انه لحظ اهتماما كبيرا في دورة هذا العام بالكتاب الفلسطيني وتجلى ذلك بتوزيع دائرة الاعلام والثقافة في الشارقة كتاب (فلسطين اليكم الحقيقة) الذي وقع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عليه في مراسم افتتاح المعرض, وترقب (ابوطوق) ان تشهد الفترة المقبلة صدور العديد من المؤلفات التي ستعالج القضية الفلسطينية برؤى اكثر موضوعية وعمقا والتي ستعمل على اعادة تشكيل الفكر العربي عموما. وتحدث الناشر مأمون الكيالي من المؤسسة العربية للدراسات والنشر ــ لبنان ـ عن دور الدار في هذا المجال, حيث اسست هذه الدار في عام 1968 من قبل الدكتور عبدالوهاب الكيالي والذي استشهد في عام 1982, بلبنان وربما يجسد شخص المؤسس استراتيجية الدار الملتزمة بالقضية الفلسطينية ولدى المؤسس عدة مؤلفات من اهمها (تاريخ فلسطين الحديث) وكان في صدد تقديم الجزء الثاني قبل استشهاده, ورغم ان منشورات الدار قد اقتصرت على الشأن الفلسطيني والصراع العربي الاسرائيلي, الى ان خطا الدار قد تتحول نحو اصدار موضوعات متنوعة لمواكبة تطلعات القارىء والمحافظة على الاستمرارية في سوق النشر, لكن بقيت القضية الفلسطينية هي العنوان العريض لمجمل منشورات الدار, وأكد (الكيالي) ان الدار تتوخى نشر المخطوطات التي تصل الى مستوى جيد في معالجتها الادبية والفكرية, ومن خلال تجربة الدار التي امتدت لقرابة 32 عاما لم يكن تطور معالجات الكتب المتخصصة في الشأن الفلسطيني على القدر المطلوب, وهذه احدى اشكاليات الدار, التي ترفض نشر العديد من المخطوطات التي تقدم لها وذلك لخلو هذه المخطوطات من المضمون. وأكد (الكيالي) ان خطوط نشر المؤسسة تصل الى كافة الحقول الثقافية والتراثية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتعلقة بالشأن الفلسطيني, وتستقطب الدار العديد من الكتاب العرب الهامين كمحمد جابر الانصاري والدكتور عبدالرحمن بدوي والدكتورة مي خليفة. وأكد (الكيالي) ان الخطاب الايديولوجي المواكب للكتاب العربي لم يصل الى المستوى المطلوب نهائيا, رغم توافر الامكانيات ووجود عدد كبير من المفكرين العرب كادوارد سعيد, القادر بن علي تقديم نتاج فكري يدحض النتاج الفكري المضاد, لكن افتقار هذه الخامات الابداعية الى الى التجيع والدعم, لان الدراسات المنهجية والاكاديمية بحاجة الى مؤسسات بحثية متخصصة ترفد الباحث بالدعم اللازم في كافة المجالات, وتحديدا اذا كان محور البحث التاريخ وقضية معقدة وذات اشكالية عميقة كالقضية الفلسطينية. واشار (الكيالي) ان هناك العديد من دور النشر التي تتجه الى تقديم الترجمات المتخصصة بالقضية الفلسطينية ورغم القيمة الفكرية الموجودة في بعض هذه الكتب, فإن هذا التوجه يندرج تحت المفهوم الربحي, وفي المقابل يتوجب على دور النشر التوجه نحو النتاج الفكري العربي,. فنحن اصحاب القضية ونحن الاجدر بالكتابة وعنها وتقديمها. وعن انتفاضة الاقصى الحالية, استبعد (الكيالي) ان تنتج منحى جديدا للنتاج الفكري, فقد سبقها العديد من المنعطفات الهامة في التاريخ النضالي الفلسطيني وكان التجاوب مع هذه الاحداث خاملا مقننا ومتأخرا. واضاف ان اهتمام القارىء بالكتاب الفلسطيني ما زال محدودا وهذا بدوره يؤثر سلبا على اهتمام الناشر. وتحدث الناشر كاظم خليل من مركز دراسات استراتيجية ــ لبنان ــ عن اهتمام المركز في تقديم المؤلفات التي ترصد كافة ابعاد الصراع العربي ــ الاسرائيلي سواء كانت سياسية او اقتصادية او ديمغرافية واستراتيجية واشار (خليل) ان اقبال القارئ العربي على الكتاب المعني بالقضية الفلسطينية يتفاوت من بلد عربي الى آخر, وتحديدا في معرض الشارقة الدولي للكتاب فإنه يعد سوقا خصبا لهذه النوعية من الكتب, وعموما فإن رواد المعرض يمتازون بحساسية بالغة في انتقاء العناوين. تغطية: مرعي الحليان _ اشرف الشكعة

Email