محطات اماراتية في الارث التاريخي

ت + ت - الحجم الطبيعي

رأس حصان يوضح آثار لجام من الذهب تم العثور عليه في حفريات موقع مليحة الاثري بالشارقة, وعلى الجانب الآخر اربعة أوانٍ من الحجر الطري ترجع الى عصر الحديد (300-1300 قبل الميلاد) عثر عليها عالم الآثار كارل فيليبس بجامعة لندن، اثناء الحفريات التي قام بها في احدى المقابر الجماعية في وادي القور جنوب رأس الخيمة وتمثل هذه الاواني الطرز التي كانت مستخدمة في اوائل عصري ام النار ووادي سوق. واناء آخر من الحجر الطري من احدى المستوطنات في مدينة العين يرجع الى الفترة (500-1000 قبل الميلاد) , وكذلك آلاف اللقي التي اكتشفتها البعثات الاثارية في مناطق متفرقة من الامارات... انهار العصر الجليدي الأخير قبل حوالي عشرة آلاف عام ونيف وكانت الاحوال المناخية رطبة وصفت في احيان كثيرة على انها ظروف مناخية مثلى, وخلال هذه الفترة بالتحديد ظهرت اول مستوطنات بشرية مؤرخة في المنطقة وتم العثور على ادوات حجرية متعددة تعود الى ما كان يسمى (تراث الجزيرة العربية المتعددة الاوجه) في عدد كبير من المواقع في مناطق بيئية واسعة النطاق في جميع انحاء الامارات, وتشهد رؤوس السيوف الحادة والرقائق والصفائح المعدنية والانصال والمدي والأدوات الاخرى على تنوع الأدوات التي كان يستخدمها المستوطنون الاوائل الذين ربما كانوا رعاة يمارسون الصيد احياناًً لتكملة وجباتهم اكثر مما هم صيادون لايملكون الكثير من الحيوانات الاليفة المنزلية. وفي اواخر العصر الالفي الرابع ومطلع القرن الالفي الثالث قبل الميلاد ظهرت ولأول مرة مدافن جماعية في شكل مقابر فوق الارض مشيدة من حجارة غير مصقولة في موقعين هما: جبل حفيت وجبل املح, وعلى الرغم من انه لا يوجد دليل مادي بعد, الا انه يفترض بأن تجارة النحاس كانت دافعا وراء اتصال تلك الحضارة في الامارات بجنوب وادي الرافدين. والمنتقل في الارث التاريخي لدولة الامارات انه في اواخر العصر الالفي الثاني قبل الميلاد حدثت عدة ابتكارات ادت الى احداث ثورة في اقتصاديات جنوب شرق شبه الجزيرة العربية وغني عن القول ان ترويض الجمل الذي شهدته نهاية العصر الالفي الثاني قبل الميلاد في تل ابرق كان فاتحة لامكانيات جديدة في مجال النقل البري, بينما ادى اكتشاف نظام الري بالافلاج الى امكانية التوسع في ري الجنائن والاراضي الزراعية. وباستثناء مدفن السماح في رأس الخيمة والذي يحتوي على مواد من العصر الحديدي الاول, فان جميع الادلة الخاصة بالعصر نفسه تأتي من المواقع الساحلية الخليجية في موقعي شمل وتل ابرق وسلسلة من ركام المحار في موقع الحمرية بالشارقة... وقد تواصلت اهمية السمك والمحار في طعام سكان العصر الحديدي الاول على الرغم انهم يربون الضأن والماعز والماشية الاليفة, كما انهم استغلوا ايضاً الغزلان والمها العربية والاطوم والسلاحف وطيور الغاق, الى جانب ما كانوا يقومون بزراعته من قمح وشوفان, ويقيت اشجار النخيل هامة كالعادة... ان رحلة البحث في الارث التاريخي للامارات تحمل في ثناياها اكتشافات مشوقة للباحثين والدارسين وعند الوقوف على اول المؤشرات لوجود اتصالات بالمناطق الخارجية نكتشف من خلال العثور على قلادة حجرية ناعمة في تل ابرق ان هناك اعتقاداً ساد اهل تلك الحضارة بأن هذه القلادة تحمي صاحبها من الامراض وتدل المؤشرات ايضاً على وجود اتصال خارجي فعلي بالعالم الخارجي من خلال قلادة اخرى على هيئة قارب وهو الاثر الوحيد الذي يصور العصر الحديدي في الامارات, ويبدو القارب مربع الشكل في المؤخرة مع زوايا حادة وشراع مثلث الشكل, ومن الواضح انه يشبه القارب الشراعي العربي المثلث الشكل الذي لم تشهده المنطقة الا في فترة الساسنيين, كما لم يكن معروفا في منطقة البحر الابيض المتوسط حتى العام 900 ميلادية, ويستنتج من ذلك ان قلادة تل ابرق كانت اقدم صورة للقارب الشراعي يتم اكتشافها حتى الآن. وبالقفز على محطات الارث التاريخي للامارات نصل الى واقعها في عصر صدر الاسلام, حيث تشير الاكتشافات الاثرية ان منطقة الجميرا في دبي كان لها شأن كبير في عصر صدر الاسلام فالموقع الاثري في هذه المنطقة يمثل بقايا مدينة اسلامية من العصر الاموي كانت تتحكم بطرق التجارة آنذاك, ومن مرافق هذه المدينة التي اكتشفت, والمطلة على ساحل الخليج العربي بيت الحاكم وسوق تجارية صغيرة ومرافق سكنية, ومن المدن الاسلامية الكبيرة المعروفة في الدولة كذلك مدينة جلفار الواقعة شمال مدينة رأس الخيمة, وكانت ذائعة الصيت منذ القرن الرابع للهجرة (العاشر الميلادي) واشتهرت بعلاقتها التجارية مع الصين ومناطق اخرى من شرق آسيا حتى أفل دورها في القرن السابع عشر الميلادي..

Email