وجهة نظر في ندوة الكاريكاتير بدبي ، هل ينطلق اتحاد الرسامين من دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

فن الكاريكاتير كان تحت الاضواء طوال الاسبوع الماضي في اول تجمع من نوعه اتاح فرصة اللقاء بين الفنانين ولوحاتهم, والجمهور, والزملاء الصحافيين المتفاعلين يوميا مع تطورات المهنة, وفي القلب منها (دور الكاريكاتير) الاعلامي والجماهيري. واذا كانت ايام (الملتقى العالمي الاول للكاريكاتير) هي ميدان التفاعل الاوسع بكل نشاطاته المتعددة, فإن مساء الاثنين الماضي كان (ىوم الذروة) من حيث طرح الكاريكاتير كقضية وفرصة للمواجهة بين الفنانين بعضهم بعضا, بمدارسهم المتعددة, وفي تفاعل مع جمهور غلب عليه الاعلاميون المحترفون, ما ادى لاثارة حوارات مفيدة اقرب الى المواجهات والاعترافات عبر ندوة (الكاريكاتير مرآة الانسان العربي) . القضية الاولى دارت حول سؤال استهلالي ملخصه: هل الكاريكاتير جزء تجميلي مكمل للعمل الصحفي ام هو جزء جوهري لا غنى عنه لأي صحيفة جادة وملتزمة بالمعايير المهنية؟ كانت الاجابة متناغمة بين المنصة التي ضمت الفنانين جمعة فرحات, وعلي فرزات, وعبدالله المحرقي, وبين جميع رسامي الكاريكاتير المحتشدين بين الجمهور وبين الحضور الاعلامي للندوة, وهي ان: الكاريكاتير حاجة ماسة في قلب العمود الفقري للعمل الصحافي, وان رسما مبدعا منطلقا من افق فكري واسع قد يختزل مقالات عديدة وصفحات مليئة بالفكر والارقام والمعلومات.. فالنظرة الانطباعية الى عمل معبر متكامل قد تغنى عن جهود ساعات من القراءة, فضلا عن ان اثر الرسم قد يتجاوز الفكر والعقل الى القلب والمشاعر فيزداد بذلك عمقا وتأثيرا. ايضا كانت هناك حالة اجماع بين كل المشاركين في الندوة حول قضية ان (الحرية) هي الوعاء الاهم لتطور فن الكاريكاتير وابداعاته, وانها شرط لازم لتطوره تقنيا وفكريا حتى يستطيع القيام بوظيفته المأمولة في القاء انوار كاشفة على نقاط وزوايا وتجسيدات الضعف والخلل في المجتمع على كافة المستويات سياسيا واجتماعيا واقتصاديا واخلاقيا, وانه بقدر ما يتسع هامش الحرية بقدر ما يتطور هذا الفن وينطلق من اسره. ولا شك ان قضية الحرية التي لم يختلف عليها وعلى دورها احد من الحضور هي شرط لازم لتطور كل اشكال العمل الاعلامي مقروءا كان ام مسموعا ام مرئيا, بل هي شرط لازم لتفجير الابداعات الانسانية في كل حقول النشاط الاجتماعي. لكن ذلك لم يمنع الاشارة الى دور هذا الفن النبيل الهام حتى في اجواء غياب الحرية, حيث يتحول حينها الى شكل من اشكال المخاطرة والريادة والتضحية وارتقاء المصاعب من اجل فعل يخدم الحق والحقيقة وحاضر ومستقبل الانسان. وفي بيئة شهدت كثيرا من حالات وأجواء عدم الاستقرار كالبيئة العربية فإن الفنانين من رسامي الكاريكاتير, مثلهم في ذلك مثل العديدين من زملائهم الاعلاميين, كان عليهم ان يواجهوا خلال حياتهم المهنية مصاعب ومخاطر عديدة تفننوا في عرض بعضها خلال ندوة (الكاريكاتير مرآة الانسان العربي) . بعد ذلك جرى حوار مهني رفيع بين الفنانين حول مدارس الكاريكاتير وادواته, وبينما انحاز رأيي الى ان هذا الفن هو في الاساس ريشة ورسم وبالتالي فليس من حقه الاستعانة بالكلام.. رأى اخرون ان هذا التوجه مجرد مدرسة من المدارس وهي تصلح للتعبير عن المجردات والقضايا الكبرى مثل: الحرية, الظلم, الجوع, الفقر.. باعتبارها قضايا انسانية عريضة تهم الانسان في كل مكان.. لكن هذه الوسيلة قد لا تتسع لمتابعة الهموم اليومية ومخاطبة جمهور عريض اوسع من النخب السياسية والاعلامية. واصحاب هذا الاجتهاد الثاني رأوا ان الكاريكاتير في الاساس فن مباشر يضرب بقوة على موضع الوجع, ويضخم الهم والظواهر, ويبرزها مجسدة كما هي في الحياة العادية واشد قسوة ووضوحا, وبالتالي فإن لهم ومن حقهم, بل ولعله من واجبهم, ان يستخدموا الريشة والكلمة.. حتى اللون لتوصيل الفكرة.. فالكاريكاتير ليس مجرد فن تشكيلي, انه فكرة وعمل اعلامي قبل كل شيء. وباختصار يمكن القول ان الحوار كان خصبا وامتد على اكثر من ساعتين في هذه الندوة المفيدة, والتي لم تنته قبل تعبير جميع الفنانين عن تقديرهم الشديد لمبادرة مؤسسة (البيان) للصحافة والنشر, ومعها مهرجان دبي للتسوق, والمؤسسات الاخرى المشاركة والمساندة والتي جعلت هذا (الملتقى العالمي الاول للكاريكاتير) وجودا حيا ومجسدا او اتاح الفرصة للقاء بين الفنانين العرب الذين يتابعون نتاج بعضهم عن بعد لكنهم لم يكونوا ليحلموا بلقاء حميمي يجمعهم ويتيح لهم فرصة الحوار والتفاعل الفكري والمهني. ولعلنا في الختام لا نذيع سرا اذا قلنا ان الاتصالات ستتواصل بعد الملتقى على قدم وساق, وان هناك سعيا دؤوبا لإنشاء اتحاد لرسامي الكاريكاتير العرب. وهكذا نصدق دائما قاعدة ان في الحركة بركة, خاصة اذا كانت الحركة مسئولة وهادفة وتسعى الى الفعل الايجابي وتتمتع بدور ريادي. كتب فؤاد زيدان

Email