هل اقترب العالم من نهايته، هل تكون نهايتنا على يد الامريكيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في سعيهم الدؤوب لاكتشاف أسرار الطبيعة تمكن علماء الفيزياء الامريكيين من صنع آلة في غاية القوة, لدرجة أنها أثارت المخاوف من أن تغدو سببا لنهاية العالم. فقد ادعت صحيفة الصنداي تايمز اللندنية في مقالة نشرتها مؤخراً على صدر صفحتها الأولى أن كوكبنا الأرضي في خطر عظيم، من مسرّع جزيئات أمريكي جديد وهائل موجود على جزيرة لونج ايلند ويدعى المصادم النسبي للأيونات الثقيلة (RHIC) وهو قادر على جعل ازواج انوية الذهب تصطدم بطاقة هائلة مما قد يحفز وقوع حدث كارثي كظاهرة تشكل الثقب الاسود أو ما شابه, بحيث تستطيع ابتلاع الارض بأكملها. وفي غضون 24 ساعة أصدر مختبر بروكهيفن الامريكي رده على المقالة الصحفية قائلا: إن مخاطر وقوع مثل هذه الكارثة معدومة تماما. وقد أنشأ مدير المختبر لجنة دولية من الخبراء لمعرفة مدى خطورة هذا الابتكار الرهيب على الرغم من اصراره على أنه تم استبعاد أية أخطار وقال إن تكوين اللجنة جاء ليثبت مدى وثوقه بسلامة الارض ولكي تضع استنتاجاتها على الانترنت. وعلى الرغم من ذلك سوف يذهل قطاع عريض من الناس عندما يعلمون ان علماء الفيزياء يشعرون بالقلق بدرجة كافية حتى على الرغم من استبعاد قيام هذه الآلة بتدمير الارض. وفي الحقيقة يشعر العلماء بالقلق من هذه المسألة منذ أكثر من نصف قرن. وأول عالم شعر بالقلق من تصادم الجزيئات المرتعشة في هذه الألة الجهنمية كان ادوار الجزئيات تيلير أبو القنبلة الهيدروجنية. ففي يوليو 1942 كان ضمن مجموعة صغيرة من المنظرين الذين دعوا الى اجتماع سري في جامعة كاليفورنيا للاطلاع على مخطط لقنبلة ذرية عملية. وقد أذهل تيلير الذي كان يدرس التفاعلات النووية زملاءه بافتراضه القائل ان درجات الحرارة الهائلة المتولدة عن الانفجار قد تحرق الغلاق الجوي للأرض. وفي حين ان بعض زملاء تيلير استبعدوا هذا الامر ووصفوه بأنه هراء. إلا أن روبرت اوبنهايمر مدير مشروع مانهاتن لصناعة القنبلة الذرية, أخذ الأمر على محل الجدّ لدرجة أنه طالب بإجراء لدراسة عليه لم تنشر تفاصيلها إلا عام 1973. وقد ركزت الدراسة على التفاعل الممكن حدوثه فقط لتدمير الأرض والذي ينشأ عن اندماج ذرات النتروجين ـ 14. وأكد التقرير الصادر بهذا الشأن على ما أصرت عليه الشكوك: فالكرة النارية النووية الناجمة عن التفاعل تبرد بسرعة قبل أن تحفز اندلاع حريق في الغلاق الجوي يُغذى ذاتيا. ومع ذلك ادعت نشرة علماء الذرة الصادرة عام 1975 ان العالم آرثر كومبتون وهو عضو بارز في مشروع مانهاتن, اعترف بوجود اخطار حقيقية باشتعال الغلاف الجوي. وتعتبر دراسة مختبر لوس آلاموس المنشورة سابقاً حدا فاصلا للحكم على هذه القضية اذ أن العلماء لم يستبعدوا على الإطلاق تفجير الكرة الأرضية عرضا في حادث نووي. ولا يزال هذا الموضوع يطل علينا بوجهه القبيح. وفي السنوات الاخيرة تركز الخوف على آلة عملاقة استخدمها علماء الجزيئات الذرية. وتساءل الناس: هل يمكن للاصطدام العنيف بين الجزئيات في داخل هذه الألة أن يتسبب بكارثة مخيفة؟ ففي كل مرة يتم فيها صناعة آلة لصدم الجزيئات وتسريعها يثار هذا السؤال. وبهذا يجب ألا نتغاضى عن إمكانية نشوء ثقب اسود في داخل مسرح نووي يستطيع ابتلاع الأرض. ولكن حسبما يؤكد العالم جون ويلر من جامعة برينستون فإنه لا سبيل لذلك, موضحاً أنه عند تفجير قنبلة هيدروجينية فإن الضغط المتولد عن ذلك يستطيع تحطيم المادة الى الحد الذي يجعل كثافتها كافية لدرء احتمال تشكل ثقب اسود. ولكن يقدر ويلر أن قنبلة هيدروجينية ملائمة لتدمير الغلاف الجوي تتطلب استهلاك كافة المياه الثقيلة في المحيطات وتزن عدة بلايين من الاطنان وهذا شيء يستحيل تحقيقه في التكنولوجيا الحالية. وأكثر العلماء جنونا قد يميل عوضاً عن ذلك لالتقاط ثقب اسود (عن الرف) . كأحد الثقوب السوداء المهجورة والناجمة عن الانفجار الاعظم الذي نشأ عنه الكون بحسب اعتقاد العلماء, أو نجم متفجر على سبيل المثال. وكما اظهر عالم أكسفورد روجر بنروز قبل 30 عاما, فإن الثقوب السوداء تعتبر مصدر نظيفاً للطاقة. ومجرد رمي قطعة من الخردة على ثقب أسود بطريقة صحيحة كما اكتشف بنروز يعرض هذه القطعة للالتهام. ثم ترتد هذه المقذوفة بطاقة أكبر من التي كان تحملها. ولحسن الحظ لاتوجد فرصة كبيرة لجلب ثقب اسود الى الارض في وقت قريب وأقرب واحدة تبعد عنا عشرات السنين الضوئية. وفي حين استبعد العالم الامريكي فرانك ويلزيك لتهديد الثقب الاسود إلا أنه أشار الى شكل آخر أكثر غرابة وفتكاً مصنوع من مادة تدخل في الكوارك وهو أحد مكونات الذرة الافتراضية. هذا بالاضافة الى بعض المواد العادية. ويمكن وضعها في سرعات الجزيئات مما يجعلها تلتهم انوية الجزيئات العادية وتحويلها الى مادة أكثر غرابة, وهذا يحول الارض الى كوكب غريب. ومع إثارته لهذا الاحتمال المخيف سرعان ما استبعد ويلزيك حدوثه. ولكن علماء الطبيعة اشاروا منذ عام 1983 إلى أن الاشعة الكونية (جزيئات مشحونة ذات طاقة عالية كالبروتون) تتحطم في ردح طويل من الزمن متحولة الى اشياء أخرى. ويؤدي اصطدام جزيئات الاشعة الى اطلاق طاقة هائلة أعلى بمئات ملايين المرات من أية طاقة اخرى يمكن تسجيلها. ومع ذلك لم يحدث أي انهيار فراغي ولا يزال الكون موجوداً بقدرة الخالق عز وجل. إعداد ماري الصايغ

Email