ابداع ونكران للجميل، سيرة حياة سترافنسكي ، إعداد ـ ضرار عمير

ت + ت - الحجم الطبيعي

مؤلف هذا الكتاب هو ستيفين والش, الناقد والعالم بالموسيقى الذي كتب كثيراً عن ايجور سترافنسكي والمؤلفين الموسيقيين المعاصرين الاخرين. ويعمل ستيفين الان مدرسا للموسيقى في جامعة كارديف بويلز البريطانية. يلقي الجزء الاول من مشروع الكتاب المؤلف من مجلدين والذي يحمل عنوان (سترافنسكي: نبع خلاّق: روسيا وفرنسا 1882 ـ 1934) الضوء على حياة هذا المؤلف الموسيقي الكبير الذي ارتبط اسمه بظهور ما يسمى بالموسيقى الكلاسيكية المعاصرة, ويبرز جوانب خفية من شخصيته استناداً الى وثائق باللغة الروسية لم يكشف النقاب عنها الا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. يغطي الكتاب الفترة الزمنية من عام 1882 ـ 1934 التي ألف خلالها سترافنسكي معظم اعماله الخالدة وابرزها (طقس الربيع) التي برزت الى حيز الوجود في عام 1913. يعتبر ايجور سترافنسكي الذي يدور هذا الكتاب حول سيرة حياته من اعظم المؤلفين الموسيقيين في القرن العشرين. وقد لعب دوراً مركزياً في تطوير الحداثة في الفن. واشتهر بألحانه الشعبية والايقاعات النشطة في موسيقاه الخاصة برقص الباليه. وعلى الرغم من انكار سترافنسكي لذلك, الا انه تأثر كثيرا بجذوره الروسية وتدريبه الموسيقي الذي تلقاه في بلاده قبل ان يغادرها هرباً من البلشفية ليستقر في سويسرا ثم فرنسا فيما بعد. يعتقد والش في كتابه انه بقدر ما عمل سترافنسكي جاهداً على تطوير موسيقاه, فقد عمل كذلك على تشكيل واعادة تشكيل شخصيته العامة. واعتبر سترافنسكي ايضا ان جوانب حاسمة من حياته المبكرة وتدريبه خالية من المعنى. وكذلك انكر اي تأثر له بمعلمه ديمسكي كورساكوف واعتبر اعماله عديمة القيمة. يتتبع والش في كتابه مسيرة سترافنسكي من وطنه روسيا الى سويسرا وفرنسا وكذلك جولته لمدة عشرة اسابيع في امريكا في العام 1925. ويبرهن في كتابه على ان جهود سترافنسكي في اعادة تعريف نفسه كانت هوساً غريباً ويأساً استحوذ على شخص عاش حياته تحت الاضواء قبل ان يكمل الثلاثين من عمره. ومما يزيد من اهمية الكتاب ذلك الجهد الذي بذله والش في القاء الضوء على ذلك الجانب الغامض من حياة سترافنسكي الذي لا يجده القارئ في كتاب السيرة الذاتية لسترافنسكي الذي صدر في عام 1934 ولا في المجلدات العديدة من الاحاديث التي نشرها مساعد سترافنسكي روبرت كرافت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ويمتاز كتاب والش بأنه موّجه لجمهور اقل تخصصاً. فهو لا يحوي نماذج موسيقية, والحديث عن الموسيقى الذي يحتويه يتجنب المصطلحات الفنية. ويقدم الكتاب في فصوله الاولى تفاصيل كافية عن الاجواء المحيطة بسترافنسكي لاعطاء القارئ فكرة واضحة عن مدينة سانت بطرسبرج في اواخر القرن التاسع عشر. ويبدو ان والش يتعمد في معظم اجزاء كتابه اذلال سترافنسكي مع انه لا يملك المرء الا ان يشعر ان سترافنسكي هو من جلب ذلك على نفسه. ففي نهاية المطاف, تظهر الادلة ان الذكريات البغيضة لسترافنسكي كانت في اغلب الاحيان غير صحيحة ومخادعة, ويبدو والش عاقد العزم في كتابه على انقاذ ضحايا المؤلف الموسيقي الشهير. يتحدث الفصل الثاني من الكتاب عن التفاصيل المتعلقة بترتيب الاحداث في حياة سترافنسكي وفقا لتسلسلها الزمني. اما الجانب الانساني من القصة فلا يظهر في حياة سترافنسكي الا بعد بلوغه الثلاثين من عمره, حيث يعكس رقة في المشاعر وشفافية بالغة في علاقته مع زوجته الاولى يكاترينا نوسنكسو, والتي كانت نابعة بشكل اساسي من شعور بالتعاطف مع هذه الزوجة التي صاحبها مرض مزمن طوال حياتها. وعلى الرغم من ان والش كان صريحاً في انتقاده لسلوك سترافنسكي وصفاته الشخصية, الا انه لم يكن قاسياً جدا لدرجة تجعله يهمل الجوانب الايجابية في حياة سترافنسكي وعمله. فهو يذكرنا في كتابه بان (اغنى الشخصيات هي التي تستحوذ على تفكيرنا بشكل كامل) . الكتاب: سترافنسكي: ربيع خلاّق: روسيا وفرنسا, 1882 ـ 1934 تأليف: ستيفين والش الناشر: نوف ـ نيويورك 1999 الصفحات: 720 صفحة من القطع الوسط

Email